الأحد 20 أيار 2018 09:20 ص |
جلسة انتخاب الرئيس بري.. “اختبار ثقة” بين الأطراف |
* جنوبيات يَدْخل لبنان أسبوعاً تَزْدَحِم فيه الاستحقاقات «المُتمِّمَة» للانتخابات النيابية التي جرتْ في 6 مايو الجاري، ما يضع البلاد أمام مرحلةٍ جديدة تطغى عليها محاولة المواءمة بين الوقائع الداخلية المتكئة على التوازنات التي أفرزتْها صناديق الاقتراع وبين الوقائع الخارجية التي أطلّت أخيراً من بوابة رزمة الإجراءات الأميركية – الخليجية «العقابية» على «حزب الله» وقيادته.
فيوم غد الاثنين يعقد مجلس الوزراء اللبناني جلسة وداعية قبل ساعات من تحوّل الحكومة الى تصريف الأعمال مع انتهاء ولاية البرلمان منتصف ليل 21 – 22 الجاري، في حين يوجّه رئيس السنّ لبرلمان 2018 أي النائب ميشال المر دعوة لجلسة تلتئم الأربعاء لانتخاب رئيس مجلس النواب الجديد ونائبه وهيئة المكتب، ما يفتح الباب أمام انطلاق مسار تشكيل الحكومة الجديدة بدءاً من تحديد موعد استشارات تكليف رئيس للوزراء وبعدها مشاورات التأليف.
ولن تحمل الجلسة الأخيرة للحكومة أي مفاجآتٍ وسط توقُّع أن تَخْرُجَ، إلى جانب إقرار جدول الأعمال، بجردةٍ لما حققتْه على مدى نحو 17 شهراً من إنجازاتٍ ارتكزتْ على التسوية السياسية التي وُلدت من رحمها هذه الحكومة والتي كان حجر الزاوية فيها انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وعودة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري إلى رئاسة الوزراء، قبل أن يضاف إليها «ملحق» النأي بالنفس الذي عاد على أساسه الحريري عن استقالته الصادمة التي أعلنها من الرياض في 4 نوفمبر الماضي والتي كانت «القطوع» الأخطر الذي تجاوزتْه الحكومة والبلاد.
وعلى «جسر» التسوية نفسها، يَعبر لبنان إلى «روزنامة» ما بعد الانتخابات والتي يشكّل أولى محطاتها الأربعاء الذي سيشهد معاودة انتخاب الرئيس نبيه بري على رأس البرلمان الذي «يتربّع» عليه منذ ربع قرن ونيّف (1992)، وهو الاستحقاق الذي سيمرّ، كما العادة، من دون «معركةٍ» يمنعها عدم قدرة أيّ طرفٍ على القفز فوق «الإجماع» الشيعي على ثنائية بري – «حزب الله» التي اكتسحتْ في الانتخابات مقاعد هذا المكوّن بـ 26 من أصل 27 مقعداً.
وإذا كان انتخاب بري محسوماً، فإن الأنظار تتّجه إلى ما إذا كان سيفوز بمنصبه للمرة السادسة على التوالي بما فوق المئة صوت، في ظلّ حسْم عدد من الكتل الوازنة التصويت له مثل «تيار المستقبل»، وسط إشارات إلى أن تكتل «لبنان القوي» (التيار الوطني الحر وحلفائه) سيترك حرية الاختيار لنوابه بعدما كانت ثمة خشية من أن يعمد الى «ردّ الصاع» لرئيس مجلس النواب بـ «كتلة من الأوراق البيض» رداً على تصدُّر بري «جبهة الرفْض بالأبيض» لانتخاب عون رئيساً في جلسة 31 اكتوبر 2016.
ويأتي هذا التوجّه من «التيار الحر» تحت سقف «الصفحة الجديدة» في العلاقة بين عون وبري التي أُعلن عنها بعد زيارة الأخير للقصر الجمهوري قبل أيام، في ظل انطباعٍ بأن مسار جلسة معاودة انتخاب بري ستشكل ما يشبه «امتحان ثقة» يؤشر لمسار الاستحقاقات التالية وأبرزها تكليف رئيس الحكومة ثم انطلاق مشاورات التأليف. علماً أن رئيس البرلمان الذي سينال أصوات كل حلفاء الثنائي الشيعي وأيضاً كتلة النائب وليد جنبلاط (القوات اللبنانية لم تحسم بعد قرارها) وعدد من المستقلين، كان حاز سنة 2009 غالبية 90 صوتاً من أصل 128 نائباً (صوّت منهم حينها 127) مع تسجيل 28 ورقة بيضاء. وأحدثتْ تلك النتيجة آنذاك إرباكات سياسية بعدما اعتُبرتْ بمثابة «رسائل متعددة الاتجاه» الى رئيس البرلمان من بعض حلفاء المعارضة آنذاك (عون لبروز 3 أصوات لأحد نواب تكتله) كما من الأكثرية الفائزة حينها (14 آذار) ولا سيما تيار «المستقبل» الذي تسرَّبت العديد من أصواته وغرّدت خارج سرْب الوعد بالتصويت لبري.
وفي موازاة انتخابات رئاسة البرلمان فإن «مواجهة» ستدور على منصب نائب الرئيس، الذي سيتنافس عليه مرشّح تكتل «لبنان القوي» الذي يرجّح ان يكون النائب ايلي الفرزلي ومرشح حزب «القوات اللبنانية» أنيس نصار. ورغم أن «لغة الأرقام» تشير الى فوز الفرزلي (أو النائب الياس بو صعب عن «لبنان القوي» ايضاً بحال حملت الساعات المقبلة مفاجأة بترشيحه) المدعوم من كل حلفاء التكتل وفي طليعتهم «الثنائي الشيعي»، فإن اختيار «القوات» خوض هذه «المنازلة» يأتي في سياق تأكيد أنها باتت في «ثنائية حقيقية» مع «التيار الحر» في ضوء نتيجة الانتخابات، وان هذه «المعركة» ستثبّت وزنها في سياق مفاوضات تشكيل الحكومة كما تعطيها هامشاً للتفاوض على منصب نيابة رئاسة الحكومة (تتولاه حالياً)، ناهيك عن أن ترشيح نصار يقدّم بديلاً للعديد من القوى غير الراغبة في عودة الفرزلي الى موقع سبق أن تولاه بين 1992 و2005، أي إبان فترة الوصاية السورية.
وبعد جلسة الأربعاء الانتخابية، وقبل الإفطار الرئاسي الذي يقيمه عون في قصر بعبدا في اليوم نفسه، يفترض أن يحدد رئيس الجمهورية مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الوزراء المكلف والذي سيكون حكماً الحريري الذي تردّد أنه قد يستبق تكليفه بزيارة للرياض التي أقامت أمس عبر سفارتها في بيروت حفل إفطار على شرفه. علماً أن قطار مشانورات التأليف لن تكون سكّته خالية من تعقيدات متشابكة ذات صلة بعملية إسقاط الأحجام على الحقائب وضبط الشهية المفتوحة على التوزير الى جانب «ألغام» عدة بعضها يتصل بحقيبة المال التي يتمسك بها المكوّن الشيعي وبعضها الآخر بكيفية «مداراة» العين الحمراء الأميركية – الخليجية التي عادت على «حزب الله».
الراي
المصدر : جنوبيات |