الحراك السياسي واللقاءات المتبادلة على أكثر من صعيد، هي سمة المشهد الانتخابي في مدينة صيدا، ففي الوقت الذي حسمت فيه قوى صيداوية خياراتها، لا تزال الأخرى تناقش البدائل المتعدّدة...
عودة ترشّح رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي، أعاد خلط الأوراق الصيداوية، وحسم خيارات "تيار المستقبل" و"الجماعة الإسلامية" اللذين أعلنا صراحة بأن السعودي هو مرشّحهما، حيث أعلن الأخير ترشحيه خلال "اللقاء التشاوري" في دارة النائب بهية الحريري في مجدليون، وهو ما أثار العتب لدى أطراف أخرى ومنها الدكتور عبد الرحمن البزري على هذا الإعلان، والإبقاء على جميع الخيارات، فيما "التنظيم الشعبي الناصري" و"التيار الوطني الديمقراطي" أعلنا صراحة عزمهما خوض المعركة الانتخابية...
"لـواء صيدا والجنوب" التقى ممثلي التيارات الصيداوية للوقوف على حيثياتها، وعاد بهذه الانطباعات...
النائب الحريري
* رئيسة "لجنة التربية والثقافة النيابية" النائب بهية الحريري التي بدأت منذ أسبوعين سلسلة لقاءات تشاورية مع مختلف الهيئات والقطاعات والأحياء في المدينة أكدت "أننا نتعاطى مع الاستحقاق البلدي على أنه محطة ديمقراطية هامة لتعبّر الناس عن رأيها وتقول ما تريده وما تحلم به للمدينة من مشاريع وبرامج وأفكار ولتطرح وتطالب بحلول لمشاكل تعانيها، ليشكّل كل ذلك البرنامج الانتخابي للمجلس البلدي المقبل".
وقالت: "الاستحقاق البلدي، هو مناسبة لمراجعة ما تحقق خلال المرحلة الماضية وما لم يتحقق، ومناسبة أيضاً لكي تعبّر الناس عن هواجسها ومشاكلها ووجعها وهذا من حقها، ونحن كما عوّدنا الناس على التشاور معهم في كل قضايا المدينة سواء في زمن الاستحقاقات وفي المحطات الصعبة أو حتى في الأيام العادية، نهدف من اللقاءات التي نعقدها اشراك الناس في وضع برنامج العمل الذي سيحمله المجلس البلدي المقبل، لأننا نعتبر أن هذه مسؤوليتنا تجاههم".
ورأت "أن التعدّدية الموجودة في المدينة حق ديمقراطي والناس هي التي تختار البرنامج الذي تراه الأفضل للمدينة، ولا أحد يفرض شيئاً على أحد، واللقاءات مع الناس تتمحور حول العنوان والبرنامج، وعندما نقول أننا نخوض انتخابات بلدية، فهذا يعني أن مرشّحنا هو المهندس محمد السعودي الذي سيختار فريقه البلدي الذي سيشتغل معه، وندعو الشباب لأن يشاركوا في صياغة مستقبل مدينتهم".
وأشارت إلى أن "البلدية الحالية، هي أول بلدية تنجز استراتيجية إنمائية حقيقية مبنية على قواعد علمية وبالشراكة مع المجتمع المدني لتحملها الناس وتشعر بها وتعيشها وتتابع تنفيذها مع المجلس البلدي المقبل، ونحن حريصون على أن يبقى دور البلدية إنمائياً وتبقى بلدية لكل الناس كما كرّسها محمد السعودي".
وختمت النائب الحريري: "صيدا تستحق أن تكون مدينة نموذجية بكل مرافقها وقطاعاتها وتطمح وتعمل على أن تكون نموذجية بإنمائها وبيئتها، كما هي نموذجية بموقعها ودورها كعاصمة للجنوب وكمدينة للاعتدال والعلم والانفتاح والثقافة متمسّكة بمشروع الدولة وحدها دون غيرها، فخورة بتاريخها ورجالاتها، مؤمنة ومصرّة على تنوّعها وعيشها المشترك، واثقة من حاضرها، وتخطو بثبات في بناء المستقبل الأفضل الذي يحلم به أبناؤها وصيدا بحاجة إلى تكاتف ايدي الجميع فيها، لخبرات كبارها وطاقات شبابها وأحلامهم بصيدا الغد لأنهم هم من سيحققها".
عبد الرحمن البزري
* بدوره الدكتور عبد الرحمن البزري، الذي التقى عدداً من التيارات والسياسيين، شدّد على "أن الانتخابات البلدية هي استحقاق مهم، وهي عبارة عن اختبار يتعرّض له أي تيار سياسي مع جمهوره، والانتخابات لديها شق إنمائي وآخر اجتماعي، تختلف عن الانتخابات النيابية، من حيث تشعّبات اللائحة وتمثيلها وتعدّديتها، وأي انتخابات وإن كانت انمائية يبقى لها شقا سياسيا".
وقال: "نحن كتيار نواكب هذا الحدث عن كثب ونعتبر أنه من حقنا أن نتمثل في البلدية، رغم أنني اتخذت قراراً شخصياً منذ أواخر العام 2008 بعدم الترشح للبلدية، وذلك بعد اتفاق الدوحة والطريقة التي وضع بها القانون الانتخابي لاستبعادي من الانتخابات النيابية، ولا أزال عند هذه الرغبة، ولا يمنع ذلك أن يكون تيارنا مرشحاً، وهو ممثل ضمن لائحة المهندس محمد السعودي بثلاثة أعضاء، ولكن لدينا ملاحظات على بعض الأمور، حيث كنا نأمل أن تفتح الانتخابات البلدية النقاش الجدّي حول الملفات الانمائية والاجتماعية، فإدارة شؤون الناس تتطلب تفعيل مختلف شؤون الحياة الاجتماعية في المدينة، لأن البلدية ليست مجرد انجاز مكب أو طريق، بل هي أيضاً تفاعل ديناميكي".
وأضاف: "من هنا أهمية الحوار الجدّي حول المشاريع التي أنجزت، فالجيد نؤكده ونمدح من أنجز على أيامه، رغم أن كل المشاريع هي استمرارية لعمل من السنوات الطويلة، ومناقشة التقصير في المدينة ليس من البلدية وحسب، بل من القوى السياسية أو العناصر الأخرى، لأن دور صيدا يتراجع ضمن محيطها، فيما المحيط يتطوّر، وربما ارتبط ذلك ببعض الأحداث الأمنية، ولكنه ارتبط أيضاً بغياب الرؤية للمدينة، فكانت المفاجأة بأن المهندس السعودي الذي يملك مواصفات التوافق عليه أكثر من طرف في المدينة، أطلق ترشيحه من عند النائب بهية الحريري، وذلك ليس تقليلاً من الموقع الذي لديه مكانته وتقديرنا له، ولكن ذلك جعل السعودي كأنه مرشّح لطرف سياسي دون أطراف أخرى، كما يجب مناقشة الدور المطلوب من صيدا خلال السنوات الست المقبلة".
ورأى "أن الأمور اتخذت منحى مختلفاً عما كنا نتمناه، فإعلان ترشيح السعودي فتح باب المناورة الانتخابية في المدينة، وقد زارني السعودي وتقبّل فكرة أنه أخطأ وكان الأفضل أن يعلن ترشيحه في مكان آخر دون أن يحسب على طرف، لأن علاقته جيدة بالأطراف الأخرى، وهو شخصية انمائية وليست سياسية، ونحن كجهة سياسية ندرس موقفنا في دور التطوّرات التي حصلت، ونتشاور مع القوى السياسية الأخرى ومنها الدكتور أسامة سعد، والحوار استعرض التطوّرات واتفقنا على تواصل الحوار وشرحنا وجهات نظرنا، وتواصلنا مع تيارات سياسية أخرى، والتشاور مع اصدقائنا وحلفائنا في المدينة متواصل، وخصوصاً عقد جلسات مع الشباب الصيداوي الذي نحثّه على لعب دوره في المدينة".
وقال: "الماكينات الانتخابية لا زالت محركاتها حتى هذه اللحظة منخفضة، وتعود إلى 3 أسباب، الأول قناعة لدى البعض أن السلطة غير جادّة في إجراء الانتخابات، ولكن قناعتي أن احتمال الإجراء أصبح شبه محتوم، ثانياً رغم مشاركة الناس انتخابياً لكن ليس لدى المواطن حماس لهذه الانتخابات بسبب الانشغال بالأوضاع الاقتصادية والتطوّرات في المنطقة وغياب القضايا الحياتية ومنها الكهرباء والمياه، والثالثة أن القوى السياسية في حالة شح في الموارد، ما يجعل تحرك الماكينات الانتخابية باكراً أمراً مكلفاً، فجعل الماكينات على نار باردة، خصوصاً أن القوى التي تلتزم بالمصادر الكبرى ولديها علاقات اقليمية، لا ترى أن الانتخابات البلدية مفصلية، لأنه في النظام اللبناني يمكن تعطيل عمل البلديات من خلال موظف ذي مستوى عالٍ في وزارة الداخلية، فالبلديات على أهميتها ليست أداة للأمساك بالقرار، ومع اقتراب موعد الاستحقاق تشتعل وطيس المعركة، فبعد مرور أسبوعين سنرى معالم انتخابات أكثر وضوحاً".
وأضاف: "نحن في مرحلة الدراسة واستمزاج الرأي، ولكن الرأي الغالب لدينا أصبح شبه مكتمل، ونحاول ترجمة ذلك إلى مرحلة التنفيذ، من ضمنها تأليف لائحة أو دعم لائحة أو دعم أعضاء في لائحة، وبالتالي إما التأييد السياسي أو الشراكة في الماكينة الانتخابية مع ماكينات الآخرين أو العمل كمنفصلين، وقد يكون هناك أكثر من لائحتين في المدينة وإن كانوا غير مكتملين أو وجود لائحتين أو لائحة توافقية، فالحراك المدني ترجم صورته في بعض المناطق ولم يترجم ذلك في صيدا لأنه يعتبر أنه مرتاح لوجود بعض الشخصيات في المدينة وأنا أحدهم، وهناك قوى إسلامية تريد أن تتمثل ولا تعتبر أن آل الحريري هي ممثلها، فيما الجماعة أعلنت التزامها بلائحة السعودي".
وختم البزري: "هناك ديناميكية وسنرى كيف نتفاعل معها، وبالطبع هناك مشرح واحد هو محمد السعودي ومعه لائحة شبه متكاملة، ففي حال اتجاه المدينة إلى نوع من التسوية يمكن أن يعاد النظر بتركيبة هذه اللائحة لإستيعاب التسوية، وإذا صارت باتجاه المواجهة، فهناك من سينحسب من اللائحة، ونحن ندرس كل الخيارات من بقاء الوضع على حاله إلى الشراكة مع لائحة أو الانتقال إلى المواجهة الكاملة، وهي انتخابات صيداوية تخضع للقوى السياسية في المدينة وكل فئة تعرف ما لديها ولذلك لا تحتاج الماكينات إلى فترة حراك كبيرة".
الجماعة تعلن موقفها
* أما "الجماعة الإسلامية" فقد حسمت خيارها بترشيح الرئيس الحالي للبلدية المهندس محمد السعودي، وفق ما أعلن المسؤول السياسي للجماعة في الجنوب الدكتور بسام حمود بالقول: "إن الانتخابات البلدية استحقاق أساسي ومهم يعكس الحيوية الصيداوية بشأن له علاقة بالبُعد التنموي والبيئي والثقافي والاجتماعي للمدينة وأبنائها".
وأضاف: "من هذا المنطلق تخوض "الجماعة الإسلامية" هذا الاستحقاق وتضع نصب عينيها مصلحة صيدا وتدرس كل المعطيات بواقعية، لأنها تدرك أن هذا الاستحقاق ورغم أنه تنموي وبيئي إلا أن للسياسة ومناكفاتها وحساباتها الضيقه حظا فيه، مما يشوّه ديمقراطية المنافسة على مصلحة المدينة، ليتحوّل إلى منافسة المصالح الحزبية والفئوية بشعاراتها الرنّانة لحشد المؤيّدين".
واعتبر "أن الجماعة إذ تذكر أنها كانت من أصحاب مشروع التوافق في العمل البلدي الحالي والقادم انطلاقاً من حرصها على مصالح المدينة، إلا أنها اصطدمت بالحسابات السياسية للبعض، والتي كانت عائقاً امام التوافق، مع قناعتنا باحترام خيارات الجميع وانفتاحنا للحوار مع الجميع. لذلك فـ "الجماعة الإسلامية" أعلنت تأييدها للمهندس محمد السعودي انطلاقاً من معطيات واقعية ونتيجة لتجربة سابقة مضى عليها 6 سنوات من عمر المجلس البلدي الحالي، كان لممثلي الجماعة فيها دور إيجابي وفاعل ومشهود، وكانت نتائج العمل البلدي إيجابية وحققت نجاحات على المستوى التنموي والبيئي لمدينة صيدا، ولا يعني ذلك أنه لم يكن هنالك ثغرات وأخطاء يجب الوقوف عندها والعمل على تصحيحها وعدم الوقوع بها أو بمثلها، ولكن من الناحية النسبية فإن ما حققه المجلس البلدي يعتبر إنجازات لمس المواطن الصيداوي آثارها عندما عاش لبنان أزمة نفايات خانقه لم نشعر بها هنا في صيدا، فضلاً عن أعمال البنى التحتية والمشاريع التنموية المتعددة".
وختم حمود: "الجماعة الإسلامية" إذ أعلنت تأييدها للرئيس محمد السعودي، فهي انكبت على دراسة المرحلة القادمة والبحث بتشكيلة اللائحة مع الرئيس السعودي انطلاقاً من رؤيتها لكيفية العمل والتعاون وخوض الانتخابات، ولهذا فقد أنهت "الجماعة" تشكيل الماكينة الانتخابية الخاصة بها، وباشرت العمل على استنهاض قواعدها وجمهورها استعداداً لهذا الاستحقاق".
عصمت القواص
* أما موقف "اللقاء الوطني الديمقراطي" فقد عبّر عنه الدكتور عصمت القواص بالقول: "إن اللقاء يجد في الانتخابات البلدية فرصة للتجديد والتغيير وانتخاب مجلس بلدي يعمل على معالجة الأزمات العديدة التي يعاني منها المواطنون، ويعتبر هذه الانتخابات حافزاً لاستنهاض الحركة الشعبية في مواجهة حلف قوى الطائفية والمذهبية والمهيمن على مقاليد الحكم منذ الطائف حتى اليوم، وهو الحلف الذي أزكمت روائح فساده الأنوف، ولم يقدّم للبنانيين إلا الأزمات الاقتصادية والمعيشية، وإلا الفراغ في رئاسة الجمهورية، وإلا التمديد للمجلس النيابي مرة بعد الأخرى".
وأضاف: "مما لا شك فيه أن مدينة صيدا تعاني من كل الأزمات التي يعاني منها لبنان عامة، كما تعاني من الإهمال الحكومي وحرمانها من مشاريع التنمية الحقيقية التي تعود بالفائدة على أبناء المدينة، ومن غياب الاستثمارات التي توفر فرص العمل لجيل الشباب، زيادة على ذلك يعاني أبناء صيدا من تراجع دورها "عاصمة للجنوب" بسبب خطاب التعبئة المذهبية الذي اعتمده "تيار المستقبل"، وبسبب رعايته للجماعات الإرهابية التي مارست كل أنواع الإساءة ضد الجنوبيين، بمن فيهم الصيداويون أنفسهم، فضلاً عن الجرائم التي ارتكبتها تلك الجماعات بحق الجيش اللبناني الباسل".
ورأى "أن كل ذلك كان له انعكاساته السلبية على كل أوجه النشاط في صيدا، ومن بينها النشاط التجاري والحرفي والسياحي وغير ذلك من أوجه النشاط، وكان من الطبيعي ألا يكون المجلس البلدي الحالي الذي جاء به "تيار المستقبل" وحلفاؤه قادراً على تعزيز دور صيدا، أو تحريك عجلة الاقتصاد فيها، أو تحسين أوضاعها في أي مجال من المجالات، وذلك بسبب تبعية هذا المجلس للنيار المذكور واتباعه سياساته وأساليب عمله التي تشكل سبب أزمات صيدا ومعاناة الصيداويين، وبالمقارنة بين الازدهار النسبي الذي عرفته صيدا في عهد المجلس البلدي السابق الذي كان مدعوماً من "التيار الوطني" وترأسّه الدكتور عبد الرحمن البزري، وبين التراجع الحالي الحاد في مختلف المجالات، تظهر جليّاً الفوارق الجوهرية بين النهجين. ويكفي أن نشير، على سبيل المثال لا الحصر، إلى تحوّل صيدا في عهد البلدية السابقة إلى مقصد للبنانيين من مختلف المناطق، ولا سيما خلال السهرات الرمضانية، وخلال الاحتفالات المتعددة والمتنوّعة، فضلاً عن تنامي في مختلف المجالات".
وختم القواص: "نحن نتطلع إلى مجلس بلدي متجدّد على المستويات كافة، كما نتطلع إلى احتلال جيل الشباب مواقع أساسية في هذا المجلس، وسنؤيّد وندعم المرشحين الوطنيين والمستقلين غير التابعين لقوى السلطة، كما سنشارك في تشكيل اللائحة التي تحمل برنامجاً للتجديد والتغيير، كما تعمل بعد وصولها إلى المجلس البلدي من أجل تعزيز موقع صيدا ودورها في مختلف المجالات، وتبادر للتفاعل مع أبنائها لمواجهة المشاكل الخدماتية، مثل: المياه، الكهرباء... وسائر الأزمات التي يعانون منها".