برحيل عضو قيادة «الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين» في لبنان ومسؤولها في مخيم برج البراجنة أحمد مصطفى مصطفى، تخسر حركة النضال الفلسطيني والوطني والقومي رُكناً بارزاً من المناضلين وهاجسه الرئيسي فلسطين.
لم يتوانَ أحمد عن تقديم الغالي والنفيس من أجل أقدس القضايا، وهو الذي وُلِدَ في العام 1961 في برج البراجنة - بيروت، حيث حطّت عائلته الرحال، بعدما أُجبِرَتْ على النزوح من بلدة ترشيحا - قضاء عكا في فلسطين، إثر إحتلالها من العدو الصهيوني في العام 1948.
بكّر أحمد بالانخراط في صفوف «الجبهة الديمقراطية» منذ نعومة أظفاره، فبرز بدفاعه وتفانيه، وتبوّأ العديد والمهام والمراكز.
وأعاد أحمد تظهير الصورة النقية للقادة الكبار الذين رحلوا، كان على تواصل دائم مع مختلف الفصائل الوطنية والإسلامية الفلسطينية والأحزاب اللبنانية.
فلا يمكن أنْ يكون هناك نشاط أو تحرّك عنوانه فلسطين، أو ما يتعلّق بالمقاومة الوطنية والإسلامية في لبنان، أو مطالب للطلاب والعمال والموظّفين، إلا ويكون أحمد في طليعة المشاركين، وإنْ لم يكن مَنْ ينظّمه «الجبهة الديمقراطية»، بل كان يعتبر نفسه شريكاً في أي من هذه النشاطات.
ولا يمكن أنْ يحل وفد أو زائر على مخيّم برج البراجنة، إلا ويكون أحمد في طليعة المستقبلين والمرافقين في الجولة والنشاط، شارحاً لمعاناة أبناء شعبه، وعارضاً لكل شاردة وواردة في المخيّم، ونصيراً ومدافعاً ومساعداً لأبناء المخيّم بمواجهة شظف العيش، فتراه يتنقّل من مكان إلى آخر من أجل تأمين مساعدة لطالب، أو لتأمين كتبه، أو لحل قضية، أو تأمين دواء وعلاج، خاصة للمرض العضال، الذي قاومه قبل أنْ يفتك به.
عرفتُ الراحل عن كثب، شعلة في النشاط، وفي أكثر من مناسبة، ومنها حين إقامة احتفالات لتوقيع كتبي، فكان حاضراً رئيسياً، ويتولّى عن طيب خاطر دعوة مَنْ يعتبر أنّه يجب أنْ يوجّه إليه الدعوات.
ولدى إثارة قضية الفتى خالد وليد الشبطي، خلال شهر آب 2016، الذي تمكّن من الصعود إلى الطائرة، والسفر إلى تركيا على متن طائرة تابعة لـ»شركة طيران الشرق الأوسط»، الرحلة رقم «267 MEA» المتّجهة من بيروت إلى اسطنبول من دون حيازته جواز سفر، وبطاقة صعود إلى الطائرة، لم يكن أمامنا، للوصول إلى الفتى خالد وعائلته إلا أحمد، الذي ساعدنا في لقاء جدّته «أم خالد الشبطي»، واستمعنا إلى شرح مفصّل من الفتى خالد وعائلته عن حقيقة ما جرى، وكيفية تحقيق حلمه بركوب الطائرة، التي يشاهدها على مدار الساعة من منزله في المخيّم، وهي تطير وتهبط من وإلى «مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي».
يرحل أحمد، في شهر رمضان المبارك، شهر الخير، الذي كان فيه مثل «خلية النحل»، يعمل على تأمين المساعدات الغذائية، والإفطارات إلى العائلات المحتاجة في المخيّم وهي كثيرة، فنفتقد هذا النموذج الطيب العاشق والعامل من أجل فلسطين، والحالم بحق العودة.
وأمس الاثنين شيع جثمان الراحل من مسجد الفرقان في المخيم إلى مقبرة الشهداء في المخيم في موكب حاشد شارك فيه الآلاف ممن عرفوه عن كثب وحمل همومهم، فحملوه على الأكف ملفوفاً بالعلم الفلسطيني الذي ناضل لأجل قضيته بمشاركة الشيوخ والفتية والنساء والشباب والقيادات الفلسطينية واللبنانية وفرق الكشافة وحملة الإعلام والرايات وسط حداد واقفال تامين في المخيم.
أحرُّ التعازي برحيل أحمد، إلى عائلته وأبناء بلدته ترشيحا و«الجبهة الديمقراطية» التي نعته، و«منظّمة التحرير الفلسطينية» وأبناء مخيّم برج البراجنة والشعب الفلسطيني، وكل من عرفه أو سمع عنه.