حسم النائب العام المالي في لبنان الدكتور علي إبراهيم، إثر زيارته المفاجئة صباح أمس (الأربعاء) إلى معمل معالجة النفايات في صيدا أنّ «كمية النفايات التي تنقل إلى المعمل من أجل معالجتها أكثر بكثير من طاقته الاستيعابية».
وأكد لـ «اللواء» أنّه «تم استدعاء نبيل زنتوت (نائب رئيس شركة IBC ومديرها العام) وسامي بيضاوي (مدير المعمل)، من أجل الاستماع إلى إفادتيهما بخصوص ما يجري، لتحسين سير العمل ومعالجة المشكلات».
وتكوّنت صورة كاملة للقاضي إبراهيم عن المعمل وطريقة عمله وما يجري في حرمه.
والقاضي إبراهيم، المشهود له بنزاهته، وحرصه على المعاينة الميدانية لأي ملف أو قضية، فاجأ الإدارة والعاملين في معمل معالجة النفايات الصلبة، جنوبي مدينة صيدا، في محلة سينيق، بوصوله عند الثامنة صباحاً، حيث جال على مختلف أقسامه، وعاين آلية سير العمل، قبل الانتقال إلى حرم المعمل، حيث تجري عمليات الطمر، فشاهد بأم العين ما يجري، حيث هاله المشهد.
ووُضِعَ طلب القاضي إبراهيم الاستماع إلى إفادتي زنتوت والبيضاوي، في إطار معالجة ما يجري ويساهم في تحسين سير العمل في المعمل.
كما استحوذت «أزمة النفايات في صيدا» على حيز كبير من لقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وأمين عام «التنظيم الشعبي الناصري» النائب الدكتور أسامة سعد، خلال استقباله أمس في القصر الجمهوري في بعبدا، مع ملف الصرف الصحي، وتراجع معدل التغذية بالتيار الكهربائي في صيدا وارتفاع ساعات التقنين.
وأشار سعد إلى أنّ «وزارة الطاقة تتحدّث عن معدل 280 ساعة تقنين في الشهر تقريباً، في كل المناطق، في حين تبلغ في صيدا 400 ساعة».
وبعد إثارة أزمة النفايات في صيدا، فإنّ شركة «IBC» المشغّلة للمعمل، ستكون أمام مرحلة جديدة من التعاطي، ما يرتّب عليها دفع مبالغ مالية كانت تضيفها على أرباحها وتوفرها منذ أشهر عدّة، ومن المال العام، أو اضطرارها لتخفيض كمية النفايات التي تنقل إلى المعمل والتي تفوق 500 طن يومياً، ما يخسرها بدلات تتقاضاها من أجل معالجتها، والتي تبلغ 104 دولارات أميركية عن كل طن، من دون TVA.
وكذلك طمر العوادم مما تتم معالجته من نفايات في حرم المعمل دون نقله إلى «معمل سوكومو» في البقاع، بعدما كانت إدارة المعمل قد أعلنت بتاريخ 5 كانون الثاني 2016 عن أنّه تمّ التوصّل إلى zero Land fill، وهنا ينطبق عليها المثل القائل: «على نفسها جنت براقش».
والمواطن الذي سُد أنفه من الروائح الكريهة والنتنة، وزادت لديه الأمراض، لن تكون حاله في المرحلة المقبلة أصعب مما مرّ به، بعدما كان قد ارتاح من مكب النفايات الذي تحوّل إلى حديقة حملت إسم رئيس البلدية المهندس محمّد السعودي.
فقد أصبح هذا الملف متابعاً بشكل أكثر فاعلية من قِبل: الرئيس عون، رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال طارق الخطيب، وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال سليم جريصاتي والقاضي إبراهيم.
هذا فضلاً عن المتابعة المستمرة من قِبل النائبين بهية الحريري والدكتور أسامة سعد، محافظ الجنوب منصور ضو، النائب العام الاستئنافي في الجنوب القاضي رهيف رمضان ورئيس «اتحاد بلديات صيدا – الزهراني» وبلدية صيدا المهندس محمّد السعودي ومهتمين.
وجاء التحرّك الذي قامت به «هيئة متابعة قضايا البيئة» في صيدا، يتقدّمها النائب سعد، يوم الجمعة الماضي عند معمل معالجة النفايات، للاطلاع على سير العمل فيه، وتداعيات ما جرى ليفتح الباب على مصراعيه بشأن العمل في المعمل، بما لا يمكن الاستمرار بالتجاوزات التي كانت تحصل، خاصة استقباله كميات تفوق قدرته، خلافاً لما تضمّنته بنود العقود الموقّعة.
وفشلت إدارة الشركة المشغّلة للمعمل بذر الرماد في العيون، من خلال محاولة نقل الأزمة من التفلت داخل المعمل، إلى تكديس النفايات في الشوارع، تهديداً لسلامة المواطنين الذين سيكون عليهم السير بين النفايات وتنشّق رائحتها في المستوعبات، وفي الوقت ذاته المنبعثة من أكوام النفايات المردومة في حرم المعمل، فكان قراراً حاسماً من رئيس البلدية المهندس السعودي بالطلب من الشركة المشغّلة إعادة فتح المعمل.
ولم تتوقّف القضايا التي ستواجهها إدارة المعمل عند ذلك، وتحريض العمال المهيئين مسبقاً لمواجهة المواطنين، حيث ظهر ذلك بتجهيز القضبان الحديدية والعصي، فضلاً عن استخدام الجرافات والشاحنات لرمي النفايات باتجاه المواطنين، إضافة إلى رشّهم بمواد تُستخدم بمكافحة الحرائق، والتي لم يسلم منها عناصر القوى الأمنية.
كما قرار وضع نقطة لقوى الأمن الداخلي عند مدخل المعمل لمنع أي اعتداءات قد تطاله، أيضاً تشمل منع نقل نفايات من خارج ما هو مقرّر.
كذلك قرار الوزير الخطيب بتكليف أحد مندوبي وزارة البيئة ليكون في إقامة دائمة بالمعمل، مشرفاً على سير عمله من الناحية البيئية والتقنية مع مَنْ ينتدبه المحافظ ضو من دائرة الصحة الإقليمية، والحرس الذي فرزته بلدية صيدا ليتواجد بشكل دائم في المنطقة.
وهذا يعني أنّ الكميات التي كانت تستقدم إلى المعمل وثبت أنّها أكثر من طاقته لن تستمر بعد الآن، وأن المطلوب تحسين الأداء والرقابة.