تنشط الاتصالات لإعطاء جرعة تفعيلية لدفع المصالحة الفلسطينية الداخلية قُدُماً، مع ملامح يؤمل أنْ تكون أكثر جديّة على مسار إنجاز تنفيذ بنود ما اتُّفِقَ عليه من آليات في اجتماعات القاهرة، بين حركتَيْ "فتح" و"حماس" (12 تشرين الأوّل 2017)، استناداً إلى "اتفاق المصالحة" الموقّع بين الفصائل الفلسطينية كافة (4 أيار 2011).
وتتوزّع الاتصالات المتعلّقة بالمصالحة والقضية الفلسطينية على 3 عواصم في آنٍ واحد، وهي: القاهرة، دمشق وموسكو.
هذا في وقت يلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، بعدما التقى الأخير، أمس الأوّل، رئيس وزراء حكومة الإحتلال بنيامين نتنياهو، وقبل لقاء القمة، الذي يجمعه بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، الإثنين المقبل، في العاصمة الفنلندية، هلسنكي.
وسيبلغ الرئيس الفلسطيني نظيره الروسي بالقرار الفلسطيني الواضح برفض "صفقة القرن"، التي تثبت الانحياز الأميركي لصالح الكيان الإسرائيلي، ما جعل إدارة البيت الأبيض غير مؤهّلة للقيام برعاية تفاوضية في المنطقة، حيث بات مطلوباً مشاركة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
الرفض الفلسطيني لـ"صفقة القرن"، واستمرار الجنوح اليهودي لحكومة اليمين المتطرّف بقيادة نتنياهو بمواصلة القتل العمد والاعتقال، وهدم المنازل والممتلكات، واقتلاع الأهالي من أرضهم، والتوغّل الاستيطاني وسن القوانين والتشريعات نحو تكريس يهودية الدولة، ذات التمييز العرقي، يستدعي توحيداً للبيت الداخلي الفلسطيني، انطلاقاً من تفعيل ما اتُّفِقَ عليه من بنود في المصالحة الفلسطينية.
وهنا يبرز دور جمهورية مصر العربية، المفوّض إليها من جامعة الدول العربية، رعاية هذا الملف منذ سنوات، حيث أثمرت جهودها التوصّل إلى اتفاق للمصالحة وآليات لتنفيذها، لكن اصطدمت بعقبات تطبيق ذلك على أرض الواقع، وهو ما حال دون تمكين "حكومة الوفاق الوطني" من ممارسة صلاحياتها كاملة في قطاع غزّة، ما أخّر استكمال باقي بنود الاتفاق.
ويُتوقّع أنْ يكون هناك حسم بشأن إمكانيات نجاح المصالحة من عدمه، وهي مسؤولية مصرية بتحديد مَنْ يعرقل تنفيذ ما اتُّفِقَ عليه، خاصة أنّ فتح "معبر رفح" البري بين قطاع غزّة ومصر، يستوجب بعض الترتيبات، وأيضاً فإنّ مصر ترفض أنْ تكون هناك أي مباحثات بشأن العلاقات الفلسطينية دون مشاركتها، خاصة في ظل الحديث عن تسوية لقطاع غزّة، تتمثّل بالجانب الإنساني وإعادة الإعمار، يجري ترتيباتها باتصالات غير مباشرة بين "حماس" والكيان الإسرائيلي بوساطة قطرية وتغطية أميركية، وتشمل أيضاً صفقة لتبادل أسرى.
في المقابل، كان الرد الفلسطيني على لسان الرئيس عباس، بالتوجّه إلى "حماس" بأنّه عليها "إمّا أنْ تسلّم السلطة الفلسطينية كامل الصلاحيات في غزّة أو تتحمّل مسؤولية كل شيء".
وفي العاصمة المصرية، التقى أمس، رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل في مقرّها بالقاهرة، وفداً من "حماس" برئاسة نائب رئيس المكتب السياسي صالح العاروري وعضوية: الدكتور موسى أبو مرزوق، عزت الرشق، حسام بدران وروحي مشتهى.
ووصل أعضاء وفد "حماس" من قطاع غزّة عبر "معبر رفح" البري، من الخارج.
ويأتي هذا الاجتماع تلبية للدعوة المصرية لاستئناف الحوار الفلسطيني ومناقشة تطوّرات المنطقة.
وتمحورت المفاوضات المصرية مع وفد "حماس" حول دراسة لجنة غزّة، التي شكّلها الرئيس "أبو مازن" برئاسة عضو اللجنتين التنفيذية لـ"منظّمة التحرير الفلسطينية" والمركزية لحركة "فتح" عزام الأحمد، الذي سلّمه إلى المسؤولين المصريين خلال زيارته الأخيرة إلى القاهرة، والذي وصفوه بـ"الموضوعي".
وفي دمشق يواصل الأحمد زيارته الرسمية إلى العاصمة السورية، حيث التقى فيها عدداً من المسؤولين الرسميين، ووفداً من الفصائل الفلسطينية المنضوية تحت لواء "منظّمة التحرير"، وهي: "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، "الجبهة الشعبية - القيادة العامة" ومنظّمة "الصاعقة"، في اجتماع عقد مساء أمس الأوّل (الأربعاء) في مقر سفارة فلسطين في دمشق.
وحضر اللقاء أعضاء وفد المنظّمة إلى سوريا، إضافة إلى الأحمد، عضوا اللجنة التنفيذية الدكتور واصل أبو يوسف وأحمد أبو هولي، عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" الدكتور سمير الرفاعي، سفير دولة فلسطين لدى لبنان أشرف دبور وسفير دولة فلسطين لدى سوريا محمود الخالدي.
وخلال اللقاء أطلع الأحمد المجتمعين على نتائج لقاءاته والقيادات السورية الإيجابية، والأخطار التي تتعرّض لها القضية الفلسطينية، والتحضيرات لعقد المجلس المركزي الفلسطيني وإنهاء الانقسام.
وفي موسكو، التقى وفد مركزي من "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" ضمَّ: نائب الأمين العام للجبهة أبو أحمد فؤاد وعضو المكتب السياسي ومسؤول دائرة العلاقات السياسية الدكتور ماهر الطاهر، نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف.
وتمَّ التطرّق خلال الاجتماع إلى الأوضاع على الساحة الفلسطينية داخل فلسطين وخارجها، واستعراض الأوضاع في المنطقة العربية والشرق الأوسط.
وأكد وفد "الجبهة الشعبية" إصرار الشعب الفلسطيني على مواصلة نضاله وكفاحه بمختلف الأشكال، ومواجهة ما يُسمّى "صفقة القرن"، التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية.
وأشار وفد الجبهة إلى "استمرار الجهود من أجل توحيد الساحة الفلسطينية، وإنهاء الانقسام عبر مجلس وطني فلسطيني شامل، يضم القوى الفلسطينية كافة للحفاظ على "منظّمة التحرير" وإعادة بناء مؤسّساتها".
وأوضح الطاهر أنّ "وفد الجبهة اقترح على روسيا أنْ تلعب دوراً بجمع الأطراف الفلسطينية، من أجل إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية".
من جهته، أكّد الجانب الروسي لأهمية إنهاء الانقسام، وتحقيق الوحدة الوطنية، وتوحيد الصفوف والحفاظ على "منظّمة التحرير الفلسطينية".
في غضون ذلك، أثمر الضغط الفلسطيني بشأن وقف هدم الخان الأحمر - شرقي القدس، بإصدار "المحكة العليا" الإسرائيلية قراراً يقضي بتأجيل النظر في الملف، وتجميد الهدم حتى النظر فيه يوم 15 آب المقبل.
إلى ذلك، ودعماً لأهالي الخان الأحمر في مواجهة الهجمة الإسرائيلية الشرسة، عقد المجلس الثوري لحركة "فتح" اجتماعه مساء أمس، على أرض تجمّع الخان الأحمر، حيث أدان ممارسات الإحتلال، التي تستمد التشجيع من إدارة الرئيس ترامب.
كما جرى افتتاح مسرح للأطفال في التجمّع، بحضور المشرف العام على الإعلام الرسمي الفلسطيني الوزير أحمد عسّاف ورئيس "هيئة مقاومة الجدار والاستيطان" الوزير وليد عسّاف، وذلك في إطار تعزيز صمود أهالي تجمّع الخان.