ارتفعت وتيرة التحرّكات والاتصالات واللقاءات لحلحلة بعض الملفات المتعلّقة بالقضية الفلسطينية.
ولم تؤتِ محاولات عقد اتفاقات ثنائية ثمارها، نظراً إلى تداخل وترابط العديد من الملفات ببعضها البعض.
ويتمحور الحراك حول بحث التهدئة بين المقاومة في قطاع غزّة والإحتلال الإسرائيلي، وإيجاد حل للحصار الصهيوني ضد القطاع، وأسرى الإحتلال لدى "حماس"، لكن ذلك لا يمكن فصله عن المعابر، والميناء والمطار، وصولاً إلى المصالحة الفلسطينية، ما يعني إلزامية التعامل مع "منظّمة التحرير الفلسطينية" برئاسة الرئيس محمود عباس، وإلا سيكون مصير أي اتفاق أو مشروع الفشل، كما حصل بشأن "صفقة القرن".
هذا في وقت، يستعد فيه "المجلس المركزي الفلسطيني"، لاتخاذ قرارات - وصفت بالهامة - في دورته التي يعقدها يومي الأربعاء والخميس في 15 و16 آب الجاري، في رام الله، بالضفة الغربية، والتي تحمل إسم "الشهيدة رزان النجار.. والانتقال من السلطة إلى الدولة".
ويُسجّل أكثر من تحرّك تشهده ساحات معنية بهذه الملفات، تتوزّع بين رام الهة، غزّة، القاهرة، عمان، الدوحة، وصولا إلى موسكو، وقناة تواصل مصرية ومن مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط نيقولاي ملادينوف، مع تل أبيب.
وفي إطار الاتصالات، يلتقي الرئيس عباس بالعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني اليوم في قمة أردنية - فلسطينية، تُعقد في عمان، بهدف تنسيق المواقف مع القادة العرب والقضايا ذات الاهتمام المشترك.
ويأتي عقدها بعد الزيارة الطويلة التي قام بها العاهل الأردني إلى واشنطن، والتي التقى خلالها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وعدداً كبيراً من المسؤولين الأميركيين.
هذا قبل أنْ يطير الرئيس الفلسطيني إلى العاصمة القطرية، الدوحة، للقاء أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في زيارة رسمية تستمر ليومين.
وأمس، توجّه عضو اللجنة التنفيذية لـ"منظّمة التحرير الفلسطينية" ومسؤول ملف العلاقات الوطنية عزام الأحمد إلى القاهرة، للقاء المسؤولين المصريين، وبحث قضايا تتعلّق بالمصالحة والمساعي المصرية بشأن التهدئة في قطاع غزّة.
في هذا الوقت، كانت حركة "حماس" تُنهي عقد اجتماع مطوّل في غزّة، جمع قيادتها كافة في القطاع والخارج، برئاسة رئيس المكتب السياسي اسماعيل هنية ومشاركة نائبه صلاح العاروري، الذي كان قد وصل إلى القطاع على رأس وفد يوم الخميس الماضي.
وأشار هنية خلال لقاء جمع قيادة "حماس" مع قادة الفصائل والوجهاء ظهر أمس (الثلاثاء) في غزّة إلى أنّ "المكتب السياسي لـ"حماس"، ناقش خلال الأيام الماضية كل التطوّرات المحيطة بالقضية الفلسطينية، من الحوارات مع القاهرة، والأمم المتحدة، وقطر، وغيرها من الدول، واتخذنا جملة من القرارات".
وأوضح أنّ "قيادة "حماس" راعت في قراراتها، أنّ القضايا لا تخص حركتنا وحدها، إنّما هي قضايا وطنية"، مؤكداً أنّ "وفد "حماس" سيعود إلى القاهرة حاملاً رؤية الحركة وتصوّراتها حول المصالحة وكسر الحصار، والحديث عن التهدئة، ومواجهة اعتداءات الإحتلال، وإعادة بناء المشهد الفلسطيني على أسس قوية".
وألمح إلى أنّ "نقاشات المكتب السياسي لحركة "حماس"، استعرضت القرار الأميركي المتعلّق بالاعتراف بالقدس "عاصمة للإحتلال"، ونقل السفارة الأميركية إليها، ومسيرات العودة الكبرى وحصار قطاع غزّة".
ووصف هنية العودة الرمزية لقيادة "حماس" إلى غزّة، بأنّها "تأكيد على حق العودة، وأنّ قدومهم إلى القطاع سيكون مقدّمة للعودة إلى القدس والضفة الغربية والأراضي المحتلّة عام 1948".
من جهته، أوضح العاروري أنّ "حراك أعضاء المكتب السياسي الأخير له سببان مركزيان، هما: المصالحة واستعادة الوحدة، وكسر الحصار عن قطاع غزّة".
وشدّد خلال اللقاء على أنّ "الحركة ستظل تبذل جهداً حقيقياً للوصول إلى المصالحة، واستعادة الوحدة الوطنية"، آملاً "من الكل الفلسطيني أنْ يسير في هذا الاتجاه".
وتابع: "نحن نبادر وندعو للقاءات من أجل المصالحة، وكلّما دُعينا من أي كان من أصحاب النوايا الطيبة من أبناء شعبنا، فنحن نستجيب".
وأكد العاروري "جدية "حماس" وإدراكها بأنّ الوحدة الوطنية هي السبيل الوحيد للتصدّي لمؤامرات الإحتلال، وهي السبيل لتحقيق الإنجازات".
وأوضح أنّه "لا يمكن التنازل عن المصالحة واستعادة الوحدة، وإنهاء الانقسام، والاتفاق على برنامج وطني موحّد لمواجهة الإحتلال، والمخاطر المحيطة بالقضية الفلسطينية، وهي قضايا لا توضع جانباً".
وختم العاروري قائلاً: "إنّ "حماس" والكل الوطني الفلسطيني نسيج واحد وإخوة لا فرق بينهم، وأهدافنا استراتيجية بعيدة وواعدة، وغزّة هي قاعدة الوطنية الفلسطينية، وقاعدة المقاومة في وجه الغزاة عبر التاريخ، ونحن نريد أنْ تكون خطوتنا الأولى من غزّة، ونريد أنْ نعود لكل فلسطين".
في هذا الوقت، كان وفد "حركة الجهاد الإسلامي" برئاسة نائب الأمين العام زياد النخالة، يلتقي ظهر أمس (الثلاثاء) في موسكو، بوفد موسّع من وزارة الخارجية الروسية برئاسة مستشار الرئيس فلاديمير بوتين لشؤون الشرق الأوسط والدول الإفريقية وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف.
وأوضح بيان صادر عن "الجهاد" أنّ "الجانبين بحثا مجمل المسائل المتعلّقة بالقضية الفلسطينية، خاصة موضوع التهدئة، واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية الداخلية".
وأشار وفد "الجهاد" إلى "أهمية إنجاز المصالحة الفلسطينية، وإعادة بناء "منظّمة التحرير الفلسطينية" على أسس ديمقراطية وسياسية، كمدخل لاستعادة الوحدة ومواجهة التهديدات التي تواجه شعبنا الفلسطيني".
وعرض وفد "الجهاد" "المشاريع التي تُطرح لتصفية القضية الفلسطينية، وفي مقدّمتها ما يُعرف بـ"صفقة ترامب" التي يجري تطبيقها على أرض الواقع، وأهمية التصدّي لها".
من جانبه، أكد الجانب الروسي "حرص روسيا الاتحادية على ترتيب البيت الفلسطيني، وعلى أهمية بناء مجلس وطني فلسطيني توحيدي، يكون مدخلاً لإعادة بناء "منظّمة التحرير"، وكذلك حل القضية الفلسطينية على أساس عادل".
وشدّد على "أهمية دور "الجهاد" في الساحة الفلسطينية، وإنجاز ملف المصالحة، كونها طرفاً فاعلاً، وعلاقتها متوازنة مع جميع الأطراف، حتى لا تتحوّل الأنظار عن ممارسات الإحتلال إلى مشاكل أخرى تعصف بالمنطقة".
وأوضح بوغدانوف "وقوف روسيا الاتحادية إلى جانب الشعب الفلسطيني، ودعمها لحقوقه المشروعة، وعلى أهمية استمرار التواصل مع الحركة، والاستماع إلى موقفها في هذه المرحلة الهامة".
هذا، ويعقد المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر "الكابينيت"، جلسة أخرى له يوم غدٍ (الخميس)، وُصِفَتْ بالمهمة، لمناقشة التهدئة مع قطاع غزّة.
وكان "الكابينيت" قد عقد جلسة له يوم الأحد الماضي، للغاية ذاتها، من دون الإفصاح عن معلومات أو نتائج الاجتماع.