تعتبر "القوات اللبنانية" أنّ هناك سيناريو وُضع منذ لحظة إعلان نتائج الإنتخابات النيابية لشطبها من المعادلة السياسية، من خلال تحجيمها في الحكومة أو إحراجها لإخراجها من التركبية الوزارية، بعدما أثبتت صناديق الإقتراع أنّ حجم "القوات" التمثيلي وازن بما يكفي ليقلق الوزير جبران باسيل. فعمل الأخير على تحجيم "القوات" حكومياً وكأنّ الإنتخابات النيابية لم تحصل، وفق مصدر مراقب، وتصدّى لكلّ الصيغ التي تعكس حجمها النيابي في السلطة التنفيذية. من هنا تقف "القوات" موقفاً مدافعاً عن وجودها ودورها كفريق مسيحي ثان.
كما أنّ باسيل، وبحسب مصادر قواتية، لم ينسَ تصدّي "القوات" لمشاريعه داخل مجلس الوزراء وعلى رأسها صفقة البواخر، من هنا تقول المصادر"يريدون إسكاتنا وإبعادنا ليتسنى لهم تمرير الصفقات، ومن هذا المنطلق قابلوا كل تسهيلاتنا وتنازلنا عن مطلب الوزارة السيادية ونيابة رئاسة الحكومة بالسلبية، لأنّ الهدف من البداية هو تشكيل حكومة أمر واقع، من دون القوات والإشتراكي".
في المقابل يدافع " تكتل لبنان القوي" عن مقاربته لحصّة "القوات" داخل الحكومة وفق مصدر نيابي "هي ثلاثة وزراء، أمّا محاولات تكبير حجمهم ورفع سقوفهم فتعني بمنطقهم وجوب حصول "التيار" على عشرة وزراء من خارج حصة الرئيس. وفي الصيغة الأخيرة لم تُمنح "القوات" وزارة دولة ، فيما مُنح "التيار" أكثر من وزارة من دون حقيبة ما أخلّ بمبدأ عدالة التمثيل".
كذلك يعتبر "التيار" أنّ حصّته داخل الحكومة يجب أنّ تكون وفق نتائج الإنتخابات النيابية، وهو الفائز بأكبر كتلة نيابية. وعن تمسكه بالحصول وحده على الثلث المعطل مع حصة رئيس الجمهورية، ما يشكل عقدة أساسية في مسار التأليف، يقول المصدر نفسه "هذه الحصة وأكثر منها عكستها نتائج الإنتخابات، وسواء سُميت بالثلث المعطل أو بتسميات أخرى لا فرق، هذا حجمنا التمثيلي".
هذه المقاربة تجافي الواقع، وفق مصدر مراقب، "لأنّها تعكس ذهنية الصيف والشتاء تحت سقف واحد"، ويسأل المصدر "إذا كان الحال كذلك، لماذا حُرم تيار "المستقبل" من الثلث المعطل عندما كانت لديه حصّة نيابية من 35 نائباً يمثلون مختلف الطوائف، في حين أنّ نواب "التيار" تسعة وعشرون نائباً، وأكثريتهم الساحقة من الطائفة المسيحية. هذا التعاطي الإستنسابي لطالما مارسه "التيار الوطني" في الحياة السياسية، بدليل أنّه عطّل تأليف حكومة الرئيس تمام سلام أحد عشر شهراً، واليوم يتحدثون عن مهل للتكليف في الشهر الرابع".
انطلاقاً من الصورة التي رُسمت بعد تقديم الرئيس المكلف سعد الحريري المسودة الحكومية إلى بعبدا، وما تلاها من بيان نُسب إلى مصادر بعبدا، وصولاً إلى خطاب رئيس حزب "القوات" سمير جعجع بمناسبة ذكرى شهداء "القوات"، مشهد يؤشر إلى أنّ ولادة الحكومة لن تكون قريبة، وأنّ العقدة المسيحية هي أمّ العقد كما سماها الرئيس نبيه بري منذ البداية، "ولا سيّما أنّ الفريقين المارونيين يتطلعان إلى معركة رئاسة الجمهورية التي فتحت باكراً، ولو أنّ باسيل هو المجتهد الأكبر في هذه الحسابات، الأمر الذي دفع "حزب الله" إلى توجيه رسالته العلنية لحليفه قبل سواه بوجوب فصل الإستحقاقين الحكومي والرئاسي، لأنّ للإنتخابات الرئاسية حسابات أخرى".