تحوّلت قضية الخان الأحمر - شرقي القدس، إلى حلبة صراع بين قوّات الإحتلال الإسرائيلي، المدعومة من الإدارة الأميركية، والفلسطينيين الذين يواجهونهم بصدورهم العارية وإرادتهم، مدعومين من عدد من المتضامنين والدول الأجنبية.
فمع انقضاء المهلة التي حدّدتها "المحكمة العليا" الإسرائيلية، لهدم قرية الخان الأحمر، حال تواجد الفلسطينيين والمتضامنين، دون تنفيذ قوّات الإحتلال للمخطّط بهدم القرية، واقتلاع أهلها البدو منها.
وقد حاصرت قوّات الإحتلال أمس (الجمعة) القرية، وأقدمت على إغلاق الطُرُق الفرعية المؤدية إليها، مع فرض شرطة الإحتلال غرامات مالية على جميع السيّارات المتّجهة إليها.
وتصدّى المتضامنون المرابطون في القرية لقوّات الإحتلال المعزّزة بآلياتها، والتي رافقتها جرافات، واشتبكوا معهم لمنعهم من توسيع مساحات الإغلاق وتجريف الأراضي.
وتسابق الفلسطينيون والمتضامنون بأجسادهم لمواجهة الجرافات، منعاً لمتابعة عملها، حيث أقدم الإحتلال على اعتقال 3 مواطنين ومتضامن أجنبي، ممَّنْ حاولوا منع جنود الإحتلال من إغلاق الطُرُق، والمعتقلون هم: إبراهيم حسين موسى أبو داهوك، سليمان عيد يمين هذالين، عمر عبدالله أحمد الحج والمتضامن الفرنسي فرانك رومانو.
وردّاً على ذلك، قام المواطنون والمتضامنون بالاعتصام في الطريق الموصل إليها، حيث اعتدى جنود الإحتلال عليهم لمنعهم من الوصول إلى الشارع، فوقع عراك بالأيدي بين المعتصمين وقوّات الإحتلال التي استخدمت الهراوات والقمع.
وبعد صلاة الظهر، التي أُقيمت في خيمة الاعتصام في قرية الخان الأحمر، انطلق مئات المتضامنين في مسيرة باتجاه الشارع الرئيسي لها، وهم يرفعون الأعلام الفلسطينية، ويردّدون هتافات رافضة لقرار الإحتلال هدم القرية وترحيل أهلها، مؤكدين مواصلة اعتصامهم لإفشال هذه المخطّطات.
وقام المواطنون بقطع الشارع الرئيسي لبعض الوقت، قبل أنْ تُقدم سلطات الإحتلال على قمعهم، وتُعيد فتح الشارع.
وفي تطوّر هام، سلّمت "هيئة مقاومة الجدار والاستيطان"، أمس، قوّات الإحتلال وأصحاب شركات الجرّافات والسائقين، بياناً باللغتين العبرية والإنكليزية، تحذّرهم فيه من "المشاركة في ما يُخطّط من جريمة هدم لقرية الخان الأحمر، باعتباره انتهاكاً لميثاق روما الأساسي، وجريمة تدخل ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية".
وجاء في البيان، الذي تسلّمه جنود الإحتلال: "كون دولة فلسطين عضواً بـ"المحكمة الجنائية الدولية"، فإنّ أي جريمة تقع على أراضيها تخضع لولاية "المحكمة الجنائية الدولية"، فإنّ الهيئة، ستلاحق كل مَنْ خطّط وأشرف وشارك وحرّض على ارتكاب أي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في ميثاق روما الأساسي، أيّاً كانت صفته ورتبته العسكرية أو الوظيفية".
وأكدت الهيئة أنّها "ستستخدم كافة الوسائل المتاحة لمنع استكمال تنفيذ هذه الجريمة في قرية الخان الأحمر".
واعتبرت الهيئة أنّ "جميع القرارات الصادرة عن المحاكم الإسرائيلية في قضية قرية الخان الأحمر هي قرارات منعدمة، ولا يترتّب عليها أيّ أثر قانوني، لأنّها صادرة عن محاكم دولة الإحتلال الاستعماري، التي تضرب بعرض الحائط، قواعد القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان".
وفي قطاع غزّة، استمر توافد الآلاف من الفلسطينيين أمس، في مسيرات العودة في جمعتها الـ25، باتجاه مخيّمات العودة على طول الحدود الشرقية لقطاع غزّة، التي حملت شعار "المقاومة خيارنا"، فيما ستحمل جمعة الأسبوع المقبل شعار "كسر الحصار".
وسقط 3 شهداء، هم: محمد شقورة (21 عاماً) بعد إصابته بطلق ناري في الصدر - شرق البريج بالمحافظة الوسطى، شادي عبد العزيز محمود عبد العال (12 عاماً) في جباليا وهاني رمزي عفانة (30 عاماً) في خان يونس.
وأُصيب 30 مواطناً برصاص الإحتلال والقنابل الغازية، وتمّت إحالة 20 منهم للمستشفيات، بينهم 11 بالرصاص، وتمَّ تسجيل انتهاكين ضد الطواقم الطبية أُصيبت خلالها مسعفة.
وأشعل المتظاهرون إطارات مطاطية على طول الحدود الشرقية لقطاع غزّة، حيث انطلقت عشرات الدرّاجات النارية، في موكب كبير يحمل مئات إطارات "الكاوتشوك" من وسط المحافظة الجنوبية، رفح، باتجاه الحدود ومخيّمات العودة.
وأطلقت قوّات الإحتلال قنابل الغاز بشكل مباشر تجاه سيارات الإسعاف وتجمّع الشبان قرب السياج الفاصل.
وتمكّن عدد من الشبان من اجتياز الشريط الشائك الفاصل في منطقة ملكة - شرق غزّة، ورفع العلم الفلسطيني عليه، حيث قابلتهم قوّات الإحتلال بإطلاق كثيف للرصاص.
وأطلق شبّان فلسطينيون، أكبر طبق ورقي من قطاع غزّة باتجاه المستوطنات الإسرائيلية، منذ بدء مسيرات العودة،
إلى ذلك، ردَّ الناطق الرسمي بإسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة على التصريحات التي أدلى بها صهر الرئيس الأميركي وكبير مستشاري البيت الأبيض جاريد كوشنير، معتبراً أنّها "تنمُّ عن جهل بواقع الصراع، وهي محاولة للتضليل وتزييف التاريخ الخاص بالقدس ومقدّساتها الإسلامية والمسيحية".
وشدّد على أنّ "السلام لن يمر إلا من خلال حل الدولتين والقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، وفق قرارات الشرعية الدولية وقرارات القمم العربية، والاستمرار بإنكار الحقائق التاريخية والدينية للشعب الفلسطيني، سيضع المنطقة في مهب الريح".
وأشار إلى أنّ "الفهم الأميركي للأمور، يعبّر عن سياسة غير مسؤولة، ستؤدي إلى فراغ مدمّر، وتشكّل خطراً حقيقياً على نظام القانون الدولي، والشعب الفلسطيني لن يرضخ للضغوط أو العقوبات وسياسة الابتزاز".
ورأى أنّ "التوجّهات الأميركية دليل على انحياز أعمى لمفاهيم مزيفة، وهي بمثابة فشل كامل لمساعٍ أميركية لا تستند إلى الحقائق التي يمكن أنْ تؤدي إلى تحقيق سلام حقيقي ودائم".
وختم أبو ردينة بالقول: "بصمود الشعب الفلسطيني وتمسّك قيادته بالثوابت الوطنية وبمصالح شعبها، سوف تسقط كل المؤامرات، لأنّ هذا زمن عابر ولن يطول".