ان كنت من ابناء قرى الشريط الحدودي فأنت حتما تعرفهم؛ سمعت عنهم، تواصلت معهم او استنجدت بهم. إنهم أفراد مجموعة صيد الخنازير البرية التي لا تنفك تتلف مزروعاتك.
هذه المجموعة الجنوبية المشهورة تضم صيادين محترفين، أعمارهم متفاوتة وبعضهم مارسها منذ الصغر ( سن الثانية عشر).
ورغم ذلك لا يسمحون لأبنائهم او احد المتواجدين معهم بالاقتراب من “بارودة الصيد” او حملها حرصا على سلامتهم. واصطحابهم لهم هو لارضائهم ولتعريفهم على آلية الصيد والخطوات المفترض اتباعها للظفر بالطريدة. عند افتتاح مواسم الصيد، يمارسون هوايتهم باصطياد الفري والطيور المسموح بها قانونا، وفي الاوقات الأخرى يكتفون باصطياد الخنازير البرية.
“نتلقى اتصالات استغاثة من الاهالي والسكان لتخليصهم من الخنازير وضررها. يشكروننا في حين أننا نحن من يجب أن نشكرهم لأننا نمارس هوايتنا عند اتصالهم بنا”.
غالبا ما يتواصل معهم الجنوبيون لتخليصهم من خنزير يقصد حدائقهم، يعبث بها، يتلف زرعهم ومحاصيلهم الزراعية ويتسبب بأضرار في شبكات مياه حقولهم.
ليس بالضرورة “أن يكون أفراد المجموعة هم نفسهم في كل رحلة، وعند تخلّف احدهم لا تُلغى بل تُستكمل بمن حضر”.
تتألف المجموعة من عدة افراد يتراوح عددهم بين 15 و20 صيادا، اقارب واصدقاء، من مناطق متجاورة او متباعدة كالصيادين الكسروانيين (من كسروان).
يتم التواصل بين الافراد القريبين جغرافيا من بعضهم عبر اللاسلكي، ومع البعيدين عبر تطبيق الواتساب.
يتوافدون من عدة مناطق للالتقاء في العامرية على طريق الناقورة، ومنها تبدأ رحلاتهم إلى المعلية، القليلة، العزية، العامرية، المنصوري، الناقورة، علما الشعب، الضهيرة، علما أو يارين.
أما المدة الزمنية للرحلة فهي ليست ثابتة وترتبط بوجود الخنزير تحت مرمى النار. فتتراوح بين ساعتين و5 ساعات.
تتواجد الخنازير عادة “شتاء في أعالي الجبال وعند جفاف المياه صيفا تنزل إلى البساتين والحقول”. غير أن الجديد هو تواجدها بكثرة على طول الشريط الحدودي، ويعود السبب بحسب المواطنين الجنوبيين إلى أن “العدو الاسرائيلي بفلتون لعنا” والنتيجة تفاقم خطره. فيعمد الصيادون الى ارسال الكلاب اولا لتعريف عناصر العدو الاسرائيلي بصفتهم (الصفة:صياد) وكي لا يعرضوا انفسهم للخطر. لأنه بمجرد الاقتراب من الشريط الحدودي يستنفر العدو ويأخذ احتياطاته لكنه ما يلبث أن يهدأ ويكتفي بالمراقبة عندما يرى الكلاب فيدرك أن الغاية هي الصيد. “عندها يزول الخطر”.
بداية يتم اطلاق الكلاب في الأحراج للبحث عن الخنازير وفي نفس الوقت يعمل الصيادون على تطويق المكان. بعد دقائق معدودة “تتجه الخنازير نحونا هربا من كلابنا”. فيقومون باصطيادها مع مراعاة المسافة الفاصلة ووضعية الحيوان. ف “لقتل الخنزير يجب اطلاق النار على رأسه تحديدا، لان اصابته في جسده لا تميته”. وبما أن “هذا الحيوان لا يموت بالفراش او 9 حبات، نستعمل بارودة اوتوماتيك مخمسة”. وأحيانا تتطلب المهمة أسلحة حربية يستعملونها إذا توافرت.
بشكل عام لا تواجه هذه الفرقة المحترفة أية صعوبات غير أن الأمر الوحيد الذي قد يعيق عملية الصيد هو تواجد الخنزير في منطقة وعرة.
ارتبطت ممارستهم لهواية الصيد مع قيمة انسانية فاكتسبت بعدا اخلاقيا. واذا كان بعض الصيادين يتعمّدون صيد الخنزير لبيعه وتحقيق الربح من عملية قتله، يكتفي صيادو هذه الفرقة بكلمة شكر ويترفعون عن قبول لقاء بدل مادي. اما الطريدة التي يغتنمونها فيتركونها للشخص الذي يتصل بهم او يقدمونها هدية لأحد ما.