حملت ساعات فجر أمس (الأربعاء)، تباشير انتهاء الأحداث الأليمة، التي شهدها مخيّم المية ومية، وتمثّلت بمغادرة أمين عام "أنصار الله" جمال سليمان و19 شخصاً إلى سوريا، وهم: زوجاته الأربع و6 من أولاده و9 من حرّاسه الشخصيين، إضافة إلى سحب مسلّحي حركة "فتح" من المنازل التي كانوا قد وصلوا إليها في محيط مربعه الأمني، وإزالة المظاهر المسلّحة وعودة الأهالي إلى المخيّم واستئناف الحياة فيه، بما في ذلك عودة الطلاب إلى مدارسهم.
جاء ذلك تنفيذاً لبنود الاتفاق التي تمَّ التوصّل إليه، بمشاركة قيادات وجهات وأطراف لبنانية وفلسطينية، لوقف الاقتتال الذي شهده المخيّم بين حركة "فتح" و"أنصار الله" في جولات عدّة، وأسفرت عن سقوط 4 ضحايا وأكثر من 30 جريحاً وخسائر مادية جسيمة في الممتلكات والمنازل والسيارات، وفي خطوط التيار الكهربائي، واضطرار الآلاف من أبناء المخيّم لمغادرته ووصول القذائف والرصاص إلى خارج المخيّم، وصولاً إلى مدينة صيدا والجوار، ما أدّى إلى موجة استياء عارمة في صفوف الأهالي والفاعليات، ودعواتها لوقف الاقتتال، حيث انتشر الجيش اللبناني للمرة الأولى على المدخل الغربي للمخيّم.
ويُعتبر خروج سليمان من المخيّم الأوّل منذ اتخاذه مقراً رئيسياً لتواجده أواسط تسعينيات القرن الماضي، بعد خروجه من جبل الحليب في مخيّم عين الحلوة.
وغادر سليمان وبرفقته زوجاته الأربع وأبنائه الستة: محمد، خالد، حمزة، مصطفى، حسن وماهر، و9 من مرافقيه والعناصر التابعة له، هم، ناصر غضبان، محمود حسنين الملقب "البطل"، عمر غالي، محمود عباس (مرافقه)، فتحي غالي، محمد غالي، خالد، جمال ومصطفى السعدي.
وسبق خروج سليمان استلام حوالى 25 عنصراً من الحركة لمربّعه الأمني يتقدّمهم نائبه ماهر عويد، الذي أكد أنّ "الأمين العام للحركة جمال سليمان غادر المخيّم، وذلك من أجل منع الفتنة وللحفاظ على أمن المخيّم وقاطنيه".
وإذ لم يشر عويد أو ينفي خروج سليمان من المخيّم إلى خارج الأراضي اللبنانية، أوضح أنّه "انتقل إلى منطقة أكثر أمناً".
وقال: "بعد الحادث المأساوي الذي حصل في مخيم المية ومية وبجهود إخوتنا في حركة "أمل" و"حزب الله"، تمّت إزالة كل العقبات التي حصلت في المخيّم واتفقنا على موضوع سحب المسلحين وازالة الدشم لتعود الحياة الى طبيعتها".
وختم عويد: "نحن نعتذر من شعبنا الفلسطيني على الأحداث التي حصلت، والتي يجب أن تكون البندقية موجهة نحو فلسطين من أجل تحرير كل فلسطين من بحرها الى نهرها. يدنا ممدودة إلى أي اتفاق فيه مصلحة لشعبنا وقضيتنا وأهلنا، وليس لدينا مصلحة إلا المحافظة على أمن المخيّمات".
اجتماع الفصائل
في غضون ذلك، ترأس أمين سر حركة "فتح" وفصائل "منظّمة التحرير الفلسطينية" في لبنان فتحي أبو العردات اجتماعاً لفصائل المنظّمة، في مقر الاتحادات الشعبية في صيدا، حيث جرى التداول في أوضاع المخيّم، وسُبُل عودة الحياة الى طبيعتها، منوّهاً بـ"الجهود اللبنانية التي بُذِلَتْ من أجل سحب فتيل التوتير".
وحضر الاجتماع عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية عدنان يوسف "أبو النايف"، عضو المكتب السياسي لـ"جبهة التحرير الفلسطينية" صلاح اليوسف، مسؤول "جبهة التحرير العربية" في لبنان حسين الرميلي، مسؤول حزب فدا في لبنان مصطفى مراد، عضو قيادة حزب الشعب الفلسطيني عمر النداف، عضو قيادة حركة "فتح" في لبنان سعد الله القط، وحضر الإجتماع أيضا أمين سر إقليم حركة "فتح" في لبنان حسين فياض "أبو هشام"، أمين سر حركة "فتح" وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في منطقة صيدا العميد ماهر شبايطة، مسؤول المكاتب الحركية والإتحادات الشعبية أكرم بكار، أمين سر اللجان الشعبية في لبنان أبو إياد الشعلان.
كما جرى بحث عام في آخر تطورات القضية الفلسطينية، وأوضاع المخيمات الفلسطينية في لبنان.
وشدّد المجتمعون على أهمية عودة الأمن وتعزيز الاستقرار في المخيّم، بما يسمح بعودة الحياة الطبيعية إلى المخيّم، والعمل والتواصل مع الجهات المعنية للبدء الفوري بإصلاح وترميم شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والبنى التحتية.
وخلال الاجتماع أجرى أبو العردات سلسلة اتصالات مع قادة القوى الإسلامية الفلسطينية وقوى التحالف الفلسطيني.
وتم الإتفاق على إصدار بيان بإسم الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية، جاء فيه: "استناداً إلى الجهود المبذولة الفلسطينية واللبنانية، التي أفضت الى إيجاد الحلول الجذرية في أحداث مخيّم المية ومية المؤلمة والمؤسفة، قرّرت الفصائل الفلسطينية والقوى الوطنية والإسلامية عودة الحياة الطبيعية إلى مخيّم المية ومية، إزالة المظاهر المسلّحة والمربعات الأمنية، فتح المدارس والعيادات والمحال التجارية، عودة الأهالي إلى منازلهم، وبلسمة جراح الأهالي والبدء بورشة إصلاح الأضرار".
وتابع البيان: "كما توجّهت الفصائل في بيانها بالتحية لأهلنا الصامدين في المخيّم المية ومية والتحية لأشقائنا في بلدة المية ومية ومدينة صيدا والجنوب، ونترحم على أرواح الشهداء الأبرار وولادعوة بالشفاء العاجل للجرحى المصابين".
أبو عرب
وقام قائد "قوّات الأمن الوطني الفلسطيني" في لبنان اللواء صبحي أبو عرب قد قام بجولة تفقدية في المخيّم، يرافقه مسؤول الارتباط العميد سعيد العسوس، حيث أشرف على عملية إزالة الدشم والسواتر الترابية في المخيم، تنفيذاً للاتفاق اللبناني - الفلسطيني، الذي جرى التوصل إليه، كما تم سحب المسلّحين، وإعادة الحياة الى طبيعتها.
وإثر الجولة وصف اللواء أبو عرب الوضع في المخيم بالممتاز، وأشار إلى "ارتياح أهالي المخيّم لخطوة ما بعد خروج سليمان ومن معه"، لافتا إلى "المباشرة بإزالة الدشم لتعود الحياة الطبيعية إلى المخيّم وتفتح المدارس والعيادات أبوابها".
وأكد أنّه "ليس لدينا توجّه لأي انتقامات، بل نحن نريد أن نحافظ على هذا المخيّم وأهله، وبعد الاجتماعات التي حصلت في سفارة دولة فلسطين بين السفير أشرف دبور والإخوة في "حزب الله" وحركة "أمل" والدولة اللبنانية نؤكد أنّ الأمور ممتازة".
وتابع: "التقينا رئيس بلدية المية ومية رفعات بوسابا، وفي وقت سابق التقينا بالنائب بهية الحريري والنائب الدكتور أسامة سعد، وإن شاء الله الأمور ممتازة، ونقول للإخوة اللبنانيين نحن وأنتم واحد، كما نريد ان نحافظ على مخيّمنا وأنفسنا نريد أن نحافظ عليكم وستبدأ صفحة جديدة بل ممتازة، ونطالب الاهالي الذين نزحوا بالعودة الى بيوتهم، كما ستباشر الإونروا عملها غدا (اليوم)، ليقوموا بإزالة الركام والأشياء الموجودة داخل المدارس حتى تفتح المدارس ابوابها باذن الله يوم الاثنين المقبل".
حمود
إلى ذلك، استقبل رئيس "الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة" الشيخ ماهر حمود في مكتبه بصيدا، وفداً من "رابطة علماء فلسطين في لبنان"، ضمًّ: رئيس الرابطة الشيخ بسام الكايد، الشيخ حسين قاسم، الشيخ حسن دياب، محمد بركة، وبحضور المفتى الشيخ احمد نصار والشيخ عبد الغني مستو.
وتمَّ خلال اللقاء استعراض الاحداث الاخيرة في مخيم المية ومية، والتأكيد على ضرورة توحيد الصفوف في مواجهة العدو الصهيوني في كافة المجالات، وينبغي مراجعة الاخطاء كلها حتى لا تتكرر مثل هذه الحوادث المؤلمة.
نفي الجيش
هذا، وأصدرت قيادة الجيش - مديرية التوجيه بياناً جاء فيه: "تناقل بعض وسائل الإعلام خبراً مفاده بانعقاد اجتماع أمني بين مسؤولين أمنيين وحزبيين في ثكنة محمد زغيب ـــ صيدا، بهدف التحضير لمغادرة جمال سليمان مخيم المية ومية. يهم قيادة الجيش أن تنفي صحة الخبر جملةً وتفصيلاً، وتدعو وسائل الإعلام إلى التأكد من أي معلومات قبل نشرها من مراجعها المختصة".
جمال سليمان قبل مغادرته المخيّم
ماهر عويد.. أميراً لـ"أنصار الله"