الجمعة 14 كانون الأول 2018 08:46 ص |
جريمة زواريب مخيم صبرا إلى الواجهة: هكذا قُتل "سامر".. والمشتبه به "انتحر"؟! |
تجلس إمرأة مسنة متشحة بالسواد في قاعة محكمة الجنايات في بيروت، سوادٌ انعكس على وجهها الكالح عندما سمعت رئيس المحكمة القاضي طارق البيطار ينطق بحكم البراءة على المتهم الفلسطيني محمود الصادق بقتل ابنها. خرجت تلك السيدة من القاعة تجرّ وراءها ذيول الخيبة مما آل إليه حكم القضاء بعد انتظار دام لنحو سنتين على جريمة قتل ابنها سامر سولاق، كان مسرحها أحد زواريب مخيم صبرا في 16 آذار من العام 2016، على أثر خلاف بدأ على بسطة خضار ليتطور إلى إطلاق النار لم يصب بنتيجته أحد، وإنما بسبب شحن النفوس لدى طرفي النزاع، حيث كان كل فريق يسعى إلى فرض أمر واقع على المنطقة الفاصلة بينهما من خلال استعراض قوته وهيمنته، عاد الإشكال ليتجدد على خلفية توجيه الشتائم من فريق إلى آخر، ويسقط سولاق بطلق ناري أحدث تمزقاً في الشريان الرئيسي في فخذه الأيمن ويفارق الحياة بعد 19 يوماً في المستشفى. النفوس المشحونة بين الطرفين في ذلك الزاروب، انتقلت إلى قاعة محكمة الجنايات في بيروت التي كانت تشهد، على مدى الجلسات التي تعدت العشرة، «استنفاراً أمنياً» يبدأ من مدخل قصر العدل إلى الطبقة الثانية منه حيث قاعة المحكمة، وسط تدابير استثنائية كانت تتخذها القوة الضاربة في قوى الأمن الداخلي. وشكّل حكم المحكمة، الذي صدر أمس بإجماع أعضائها رئيساً القاضي البيطار والمستشارتين القاضيتين ميراي ملاك وفاطمة ماجد، مفاجأة لدى الطرفين، عندما أثار في حيثياته «شبهة على أحد الأظناء بارتكابه جريمة قتل سولاق»، وما ذلك الظنين سوى علي القعقور الذي تبين بأنه قضى انتحاراً «وفقاً لما هو مرجّح» أثناء جلسات المحاكمة، مستندة المحكمة في ذلك إلى «توافر أدلة جدية من شأنها أن تثير الشبهة على ارتكاب القعقور لجريمة قتل سامر سولاق»، مسقطة الدعوى عنه بسبب الوفاة، وبالتالي إعلان براءة المتهم الصادق فيما اكتفت بمدة توقيف باقي الأظناء الاحتياطية باستثناء الفارين منهم اللذين قضى الحكم بحبسهما مدة ثلاث سنوات. في 30 صفحة «فولسكاب»، علّلت المحكمة وبإسهاب ما خلص اليه حكمها، منطلقة من اتهام الصادق الذي استند إلى إفادات عشرة شهود وخمسة أظناء بينهم علي القعقور. في تلك الإفادات وردت كلمة «سمع» أكثر من عشر مرات أن محمود الصادق كان يحمل بندقية بومب أكشن، قابلها كلمة «شاهد» التي وردت ست مرات. وفي ضوء التناقضات والتضارب في تلك الإفادات، فإن المحكمة عملت على «تشريحها» والتدقيق فيها وتمحيصها توصلاً لتقويمها لتخلص إلى قناعة بأن بعضاً منها قد جاء مشوباً بالتناقض والبعض الآخر لم يحدد بشكل دقيق الفاعل، فضلاً عن أن أقوالاً أخرى بُنيت على الشائعات وتواتر الأحاديث المتداولة، وفي مقابل ذلك، رأت المحكمة أن ثمة أدلة أخرى توافرت في الملف، جاءت لتبدد الشبهة عن المتهم محمود الصادق بارتكابه جريمة القتل، ولتقيم بعضها شبهة أخرى جدية بحق الظنين علي القعقور بارتكابها. واستعرضت المحكمة إفادات 11 شاهداً وثلاثة أظناء بينهم علي القعقور وإفادة المتهم الصادق، أضف إلى ذلك عدم تحديد الجهة المدعية هوية مطلق النار إذ أوردت في شكواها أن «أحد الشبان» بادر إلى إطلاق النار. لتنتهي إلى إعلان براءة الصادق وتوافر شبهة على القعقور في ارتكاب جريمة قتل سولاق.
المصدر :المستقبل - كاتيا توا |