الأحد 16 كانون الأول 2018 15:01 م |
"الطائف" خطّ أحمر... والإخلال به يقوّض أركان دولة القانون |
* جنوبيات
في بيان له بعد جلسته الدورية برئاسة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، في دار الفتوى، في حضور الرئيس نجيب ميقاتي اكد المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى انه "ليس ما يقلقنا ويأتي في أولوياتنا صلاحيات رئيس الحكومة، على أهميتها، فالقضية بالنسبة إلينا ليست قضية طائفة بل قضية وطن وبناء دولة، ما يقلقنا وما يأتي في أولوياتنا، وما يجب أن يكون شاغل اللبنانيين جميعا، هو احترام الدستور والالتزام بأحكامه، لأنه القانون الأسمى والناظم لحياة الناس والضابط لمؤسسات الدولة، وكل خروج على أحكامه أو إخلال بنصوصه، من شأنه أن يقوض أركان دولة القانون، ويعيق بناء الدولة ويضرب الثقة في مؤسسات الدولة، ويدخل البلاد في صراعات وانقسامات وفي حالة عدم استقرار دائم". واضاف: "إن أحكام الدستور الواضحة والصريحة قد أناطت برئيس الحكومة المكلف وضع تشكيل الحكومة على أن يصدر رئيس الجمهورية مرسوم تشكيل الحكومة بالاتفاق مع رئيس الحكومة، بمعنى ان الدستور أولى صلاحية تشكيل الحكومة إلى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بالاتفاق، ولا يجوز بالتالي تخلي اي منهما عن صلاحياته الدستورية أو مخالفة أحكام الدستور بما هو واضح وصريح". هذه الصرخة التي أطلقها المجلس بالأمس جاءت ردًّا على محاولات البعض تجاوز الخطوط الحمر، التي رسمها إتفاق الطائف، الذي يتعرّض منذ أن أبصر النور لشتى أنواع محاولات الإنقلاب عليه بطريقة أو بأخرى، سواء من بعض الداخل أو الخارج، في مقابل من لا يزال يتمسّك به كإطار موحِد لجميع اللبنانيين، على رغم مطالبة هذا البعض بتطبيق ما جاء في متنه، نصًّا وروحًا، قبل تعديل ما يجب تعديله من مواد تحتمل شتى أوجه التفسير والإجتهاد، وذلك من أجل قطع الطريق على محاولات الإنقلاب عليه، خصوصًا أن ثمة من يتحيّن الفرص للعب على وتر التوازنات، التي يحافظ عليها الطائف، وهي من خصائص المجتمع اللبناني بتكويناته الطائفية، التي قد تقود إلى متاهات لا يعرف أحد خطورة ما تخبئه من مفاجآت غير سارة من شأنها أن تعيد الأجواء نفسها التي كانت سائدة قبل الطائف.
وما لم تُلغَ الطائفية السياسية من النفوس قبل النصوص فإن أي محاولة للمساس بجوهر الطائف سيؤدي حتمًا إلى ضرب أسس العيش المشترك القائم على إحترام الخصوصيات وعدم تجاوزها تحت أي ظرف أو مسمّى، وإن كانت بعض مواد وثيقة الوفاق الوطني تحتاج إلى تعديل مدروس وغير متهور، وبخاصة تلك التي أدّت في الماضي إلى إلتباسات في التفسير والتطبيق مما خلق أجواء غير مريحة في العلاقة بين السلطات الثلاث القائمة على توازنات دقيقة وحسّاسة.
ولا يخفى على أحد أن المشهد الحكومي المتأزم يُختصر بعنوان عريض لا يحتمل الإجتهاد أو التأويل أو التفسير، وهو أن المعركة اليوم هي بين فئة تريد تطبيع إتفاق الطائف مع الواقع الجديد، الذي فرضه ميزان القوى بفعل التطورات الحاصلة في المنطقة، وبين فئة لا تزال تتمسك بهذا الإتفاق وبمندرجاته ما دام هو النص الدستوري القائم حاليًا، مع ما فيه من حفظ للتوازنات السياسية القائمة في البلاد، وما تتمتع به السلطات الدستورية من صلاحيات لا يمكن التنازل عن حرف واحد منها. المصدر : جنوبيات |