الأحد 20 كانون الثاني 2019 09:58 ص |
لبنان والـ#10yearschallenge: إنه تشوّه غير خلقي! |
لبنان أيضاً يخوض تحدي العشر سنوات، بسواعد أبنائه. لم يكتف هؤلاء بنبش صورهم الشخصية لمقارنتها مع أخرى حديثة، ضمن ظاهرة الـ 10 years challenge" التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم، بل أرادوا إشراك بلدهم فيها، فكانت الصدمة.
ينشر أحدهم صورتيه ويفاخر بالنتيجة التي أظهرها هذا التحدي الافتراضي: لقد خسر نصف شعره، وتسلل بعض التجاعيد إلى الوجه. أما "الكرش" فهو ضيفٌ جديد. ليس هناك ما يزعج في هذا التحوّل. العمر غفلة، وهذه الحياة حلوة، تستحق أن تُعاش. "يبدع" اللبنانيون وهم يحوّلون التحدي الافتراضي "المهضوم" رمحاً يطلقونه لتحرير وجعهم وغضبهم. هنا من ينشر صورة لـ "عواميد الزوق" في العام 2009 وإلى جانبها الصورة نفسها والعواميد ذاتها في العام 2019. لم يتغيّر دخان الموت ولا رائحة الفساد والإهمال. الحفاظ على الوجه نفسه، ليس إيجابيا دائماً، ولا جمالاً عنيداً. إنه أيضاً نوعٌ من التراجع والاهتراء.
عقدٌ من الزمن، لم يُغيّر واقع المرأة اللبنانية المرير في ظلّ منظومة حكم الطوائف والذكورية والفزاعات. من قبل، لم تستطع المرأة اللبنانية المتزوجة من أجنبي منح أولادها الجنسية...ولا تزال. لبنان اليوم يُشبه نفسه، ولا يشبهه. المشكلة أنه، في الحالتين، قبيح. بل مشوّه. والتشوّه ليس خلقياً، بل متعمداً وطارئاً. المشكلة الأكبر أن لبنان لم يضع نفسه تحت مشرط جرّاح تجميل. بل عقد صداقة مع القبح. التشوّه، عند الإنسان، ليس عيباً. ولا القبح. لكنهما، إن أصابا وطناً، ولم يثر، أردياه.
بالأمس القريب، تداول اللبنانيون، بحرقة قلب، مقتطفات من كتاب "قصتي...50 قصة في خمسين عاماً"، حيث يقول حاكم دبي ورئيس مجلس وزراء دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن راشد عن بيروت:"حلم تردد في ذهني أن تكون دبي كبيروت يوماً ما". يكتشفون أنّ الصور التي يخرجونها من "جارور" الماضي ليقارنوها بتلك المنتشرة على رفوف الحاضر، هي أيضاً قبيحة. هناك، في "تتخيتة" لبنان الحلم، كانت الصور من ذهب. ماذا لو كان التحدي يتخطى السنوات العشر؟ ستكون الصدمة أكبر. ويكون الوجع أكبر. آنذاك، حين كانت بيروت، أي لبنان بالمختصر المفيد، أحلى من دبي التي يتمنى شعب هذا البلد أن يعيش فيها ويلجأ إليها متى أراد عطلة سياحية ممتازة. آنذاك، حين كانت بيروت، ستّ الدنيا، وكان لبنان إنساناً. وكان لبنان كلمة. وكان نغمة. وفناً. وعشقاً. وأدباً. وسينما. وقطاراً. وينابيع متدفقة. وطفلاً يركض خلف طائرة ورقية. ومساحات خضراء. وتاريخاً غير مسجون بكتاب. وأفقاً مشرقاً. وسياسيين غير أنانيين.
من الأجدى ربما، أن نكتفي، كلبنانيين، بخوض التحدي الفايسبوكي مستخدمين صورنا الشخصية وحيواتنا. أما لبنان، فلم يعد ينقذه "نق" افتراضي ولا نكات وإبداعات محصورة بشبكة الانترنت. علينا أن نغيّر الصورة. أن نجملّها. المعضلة، أن هذا الإجراء يستحيل تحقيقه بالأدوات والخيارات المتوافرة أمامنا على "السوشيل ميديا" والتطبيقات. لا "فلتر" ولا "بوميرانغ" ولا مؤثرات ولا تعديلات...يمكن أن يحقق الهدف. أيها الشعب، الصورة قد لا تتغيّر إلا بارتكاب الأمل، فالثورة. المصدر :وكالات |