الجمعة 25 كانون الثاني 2019 05:45 ص

نصرالله على مدرّجات مطار دمشق!


* جنوبيات

تكرار إطلاق الشائعات حول صحّة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله مرّتين خلال أسبوعين متتاليين إستدعى لفت الإنتباه إلى مؤشرات تبلغ إطار التوظيف في معادلاتِ الحرب النفسية. هذا الإعتقاد يبدو راسخاً لدى من يقرأ في الأشكال، لكن أولئك الذين يقرأون في الأبعاد، تلهجُ ألسنتهم بتكهنات حول احتمال وجود منظومة إستهداف كاملة تتجاوز الأمين العام.

الأسلوب الذي استخدم على نحوٍ تعمّد تجاهل الوقائع الكثيرة التي لها القدرة على دحضِ الرواية، أرخى عن تساؤلات بالغة لدى جانب معني، ذهب في اعتقادهِ نحو توفّر نيّة لدى إسرائيل تكاد تكون أبعد من خلق دائرة جدل حول صحّة نصرالله بل تريد بها إلهاء حزب الله بأمر ما من أجلِ تغطية أمر آخر، وربما إستخدام ما يجري تسويقه بنية إدخال أنماط إرباك جديدة إلى صفوفِ الحزب.

اللّافت للانتباه، أن إعادة تعميم خبريّة "المرض" بعد أن جرى دحضها في المرّة الأولى، أتى قبل ساعات من الضرباتِ الإسرائيلية التي استهدفت مطار دمشق الدولي ثم استكملَ تسويقها، بشكل أكبر وأكثر تنظيماً، خلال الساعات التي تلت الضربات وصولاً إلى تكبير الخبر إلى مستوى "وفاة نصرالله"، مما دلّ إلى وجود رابط حيوي بين الأمرين وتوفر إحتمال أن يكون الإسرائيلي "يُنيشن" على أمرٍ ما.

أكثر من ذلك، الضربات التي وجّهت إلى مطار دمشق، بدت هذه المرة مختلفة عن الشكل والسّياق ومقدار القوة الذي اعتمدَ سابقاً، إلى حدٍ دفع بمتابعين للميدان، للاعتقاد بتبدّل قواعد الإشتباك الجوي ولجوء إسرائيل إلى الفرار من التزاماتها السّابقة في هذا المجال، ما قاد إلى تبدّل الوضعيات القتالية والانتقال إلى مرحلة جديدة.

أمرٌ آخر تكوّن لديهم، هو أن الإسرائيلي الذي فتح النار طوال ٤٥ دقيقة كاملة بضربات مركزة على أهداف محددة، بدا وكأنه يبحثُ عن شيء، أو أنه يريد من وراء تكثيف عملية الإستهداف هذه، أن يقول شيء أو يوجه رسالة ما.

إضافة أخرى، أن ما وضع قيد الإحتساب عند المعنيين، أن الغارات الجديدة حصرت الإستهداف في نقاطٍ وأهداف عسكرية، بشرية في غالبيتها، تابعة لكل من الجيش السوري على نحوٍ هام، وأخرى تتبع للقوات الإيرانية، على نحوٍ متساوٍ؛ أما الجديد اللّافت، فكان غياب المعلومات عن إستهداف مصانع أو مخازن صواريخ كما درجت العادة.

وفي أمرٍ أعد بالغاً، حضر الإعلام الاسرائيلي في تغطية كاملة للضربات على نحو انفصلَ عن السياق الذي اعتمد سابقاً في التعتيمِ والتغطية، بل وأن مصطلحات إستهداف مخازن الصواريخ وعربات النقل التي دائماً ما تدعى تل أبيب ملاحقتها، غابت هي الأخرى عن عناوين التغطية، ما زاد الإعتقاد حول سعي إسرائيل خلف أمر آخر ينفصلُ عن سياق "الدوريات الجوية"، وترك مجالاً لتساؤلات عميقة حول الهدف الذي كان يسعى إليه الإسرائيلي.

من البديهي، أن تل أبيب تنطلق في اعتداءاتها على سوريا، من مظلة أمنية إلى جانبٍ أخرى استخباراتية تحصل عليها من جراء خدمات دورياتها الجوية على مدار السّاعة. إلى جانبِ ذلك تحظى بمظلة تفاهمات أنتجتها تحت حجة "الدواعي الأمنية". ما يعنيه ذلك أن إسرائيل لا تنطلق في ضرباتها واعتداءاتها، إن كان في تعزيز قوتها أو تقدير مستواها، الا من ظروف محددة.

وفي عودةٍ على بدء وتحديداً قبل فترة قصيرة، ادّعى الإسرائيليون أن الأمين العام لحزب الله قام بزيارة سرّية إلى طهران عبر مطار دمشق الدولي، التقى خلالها أركان الدولة والعسكر إلى جانب زيارات طبّية خاصة. بعض المستويات لديهم انتقلت إلى محاولة ربط مطار دمشق بنصرالله شخصياً، وادعاء أن المطار بات أحد "رئات" حزب الله وأمينه العام! ولتأكيد الدلالة إلى ذلك، أشاروا إلى أنه مكان إستشهاد القائد مصطفى بدر الدين!

بعد ذلك بوقت قصير، سرت شائعات كالنار في الهشيم، ادّعت حضور أطباء ايرانيين إلى بيروت من أجل معاينة نصرالله وتقديم العلاج له من مرض أصابه مؤخراً. أما ما أخذ على قاعدة الارتباط والاتصال، هو تزامن المسألتين.

ثمّة إعتقاد، أن الاسرائيلي يبحث عن نصرالله على مدارج مطار دمشق، وهو للغاية نشط خلال تلك الليلة في ممارسةِ إفراط في القوة استهدفَ فيه منشآت لوجستية تخص المطار، إلى جانب أخرى عسكرية تتبع للجيش السوري، ما أوحى أن ثمة معلومات لديه تتصل في هذا الجانب، وأنه يتحرك ويزيد من وتيرة هجماته بالاستناد إليها. وبصرف النظر إن كانت حقيقة أم لا، الثّابت يبقى أن نصرالله يصيب الإسرائيليين بصداع يكاد يوصلهم إلى مرحلة الجنون!

عموماً سيبقى قول الفصل من صالح السّيد نصرالله الذي سيطل يوم السبت، وسط إحتمالات تشيرُ إلى أن الإطلالة هذه ستحمل معها رسائل ومواقف لا تقل سخونتها عن سخونة الأجواء المحيطة.

المصدر : جنوبيات