تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بدأت اليوم في أبوظبي باكورة جلسات المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية الذي ينظمه مجلس حكماء المسلمين، بمشاركة واسعةلقيادات دينية وشخصيات فكرية وإعلامية من مختلف دول العالم،تحت عنوان "منطلقات الأخوَّة الإنسانية"الداعية إلى إرساء ثقافة السلم، وترسيخ مفهوم المواطنة، ومواجهة التطرف الديني من منطلقات واقعية لتحقيق الأخوة الإنسانية المنشودة.
وترأس الجلسة النقاشية الأولى التي حملت عنوان "منطلقات الأخوة الإنسانية" معالي نورة الكعبي، وزير الثقافة وتنمية المعرفة في دولة الامارات العربية المتحدة، وشارك فيهاكل من معالي د. نبيلة مكرم، وزير الدولة للهجرة وشؤون المصريين في الخارج من جمهورية مصر العربية، وسعادة د. فاديا كيوان المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية، وسعادة د. تشونغ أوك لي رئيسة المركز الإسلامي في هامبورغ سابقا، إلى جانب الكاهنة" كوشونيوانو" ، رئيس منظمة كوسي كاي من اليابان والكاهنة "ماري سول فيلافون، راعي الكنيسة المثيودية الاتحادية.
وفي مستهل الجلسة رحبت معالي الدكتورة نورة الكعبي بالمتحدثات المشاركات في الجلسة في دولة الامارات العربية المتحدة موطن التسامح، وأشادت بجهود المشاركات في خدمة مجتمعاتهن والثقافات التي يمثلنها لنشر مفهوم الأخوة الانسانية، وبينت الكعبي أن الهدف من النقاشات اليوم هوإطلاق مشروع إعادة بناء الجسر الإنساني الحقيقي حتى يسود الحب والسلام والوئام والحكمة، كما شددت على أهمية التعامل مع القضايا الخلافية بشكل شمولي كونه سيساعدنا في بناء عالم يسوده الحب والسلام مؤمناً بالأخوة الانسانية.
من جانبها تحدثت معالي د. نبيلة مكرم عن أهمية بناء مجتمعات آمنة قائمة على التسامح والأخوة الإنسانية،من خلالسن قوانينترسخ قيمة الترابط والتعاضد بين الجميع، وتضع حداًللتجاوزات التي تطال البشر لاعتبارات دينية وعرقية مستذكرة دور المرحوم له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه،في إرساء قواعد التسامح والمحبة.
كما تطرقت إلىدور المجتمع في نشر مفهوم التسامح بدءاً من الأطفال في المدارس عبر غرس فكرة قبول الآخر ونشر ثقافة التآخي واحترام وحب الأخرين من مختلف الثقافات والديانات،مؤكدة على دور كل من القيادات السياسية والدينية والإعلامية والفكرية في ترسيخ قيم التسامح وإحلال ثقافة التعايش والسلام بين الجميع.
بدورها أشارت د. فاديا كيوان المدير العام لمنظمة المرأة العربية إلى أهمية دور المرأة في لجم التطرف الناتج عنالاضطراباتوالصراعات التي تعصفبالمنطقة بشكل عام، حيث أكدت على أهمية الأسرة في نشر ثقافة التسامح والتفاهم، داعيةً في الوقت نفسه إلى تمكين المرأة عبر توفير التعليم والرعاية الصحية والحماية القانونية التي من شأنها أن تساهم في إعادة التوازن للمجتمع وللمرأةجنباً إلى جنب مع شريكها الرجل لتعزيز الاخوة الإنسانية.
وأشادت بأهمية زيارة قداسة البابا فرنسيسوفضيلة الإمام الأكبر الى دولة الامارات العربية المتحدة موضحة أن هذه الزيارة تعد مناسبة مثالية لتستعيد الأديان السماوية دورها الحقيقي في القيادة المعنوية للعالم، عبر تسليط الضوء على القيم الأخلاقية في هذه الأديان ولعب دور مشترك يساهم في محاربة التطرف وتعزيز أواصر الاخوة بين البشر.
أماتشونغ أوكلي، رئيسة مؤسسة ون البوذية الدولية من جمهورية كوريا فقد أكدت على أهمية تعزيز القيم الروحية بين أفراد العائلة والبشر بشكل عام والعمل على تطويرها وممارستها على مستوى الافراد والجماعات وصولاً الى عالم يتسع للجميع، مضيفةً أن القيم الروحية يجب أن تغرس في الأطفال وحثهم على أن الأشياء المادية سعادتها مؤقتة والسعادة الحقيقة هي السعادة الروحية.
وفي معرض تعليقها على زيارة قداسة البابا فرنسيس وفضيلة الإمام الأكبر،قالت إنهازيارة هامة ورمزية تجمع قادة الإسلام والمسيحية، فيإشارة هامة للعالم بجدية الدعوة إلى مزيد من التفاهم والتآخي بعيدا عن الصراعات وخطابات الحقد والكراهية.
وبدورها، قالت ماري سول فيلافون راعي الكنيسة المثيودية الاتحاديةأن الحب والتسامح والسلام متجذر في شخصية المرأة فهي الأم التي تعلم قيم الحب والسلام والمشاركة واحترام الاخرين، مؤكدة أن النساء في مختلف أنحاء العالم مثال يحتذى به في جمع الناس وتقريبهم وسط أجواء يسودها المحبة والوئام.
وأكدت أيضاَ على أهمية تمكين المرأة واعطائها حقوقها من التعليم والصحة والعدالة من أجل المحافظة على نشر السلام وتجذير ثقافة التسامح،مشيدة بالدور المتميز الذي تلعبه سموالشيخة فاطمة بنت مبارك في إعطاء المرأة الإماراتية فرصة حقيقية لكي تنمو وتصبح من القادة المشاركين في بناء المجتمع وغد أفضل للجميع.
وتحدثت الكاهنة" كوشونيوانو"رئيس منظمة كوسيكايحول أهمية منح الأطفال الفرصة لكي يتشربوا فكرة الأخوة بين الجميع، مشيرةً إلى الحملة التي نفذتها مؤخراً تحت عنوان"حملة الحلم" حيث قام طلاب المدارس بتجهيز حقائب ونقلها الى الدول التي تشهد صراعات ونزاعات وحروب لمساعدة الأطفال المحرومين،مؤكدة على أن هذه النشاطاتتصب في تعزيزالتواصل الإنساني وأواصر الصداقة مشددة في الوقت ذاته على دور الأهل في غرس مفهوم فكرة الأخوة الانسانية.
وتعليقا على الجلسة الأولى، قال سعادة الدكتور سلطان فيصل الرميثي أمين عام مجلس حكماء المسلمين أن المجلس ارتأى أن تكون جلسة نسائية خاصة خلال المؤتمر أولا للدور الكبير الذي تلعبه المرأة خاصة وهي الأم والمربية في غرس ثقافة التسامح وقبول الآخر في المجتمع، مؤكدا أن من هذه الجلسة هناك رسالة خاصة إلى العالم، وهي أن المرأة هي معلم التسامح الأول على هذه الأرض، وعليه يتوجب منحها الفرصة الكاملة والحرية لتقوم بمهمتها بأكمل وجه.
جدير بالذكر أن مؤتمر الأخوة الإنسانية الذي يستمر على مدار يومين وسط حضور محلي وإقليمي ودولي، سيتخلله سلسلة من جلسات النقاش وورش العمل التي تجمع مختلف الأديان السماوية، بالتزامن مع الزيارة التاريخية لقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية إلى الدولة في الفترة من الثالث وحتى الخامس من فبراير 2019، وهي الأولى من نوعها إلى شبه الجزيرة العربية، كما أنها المرة الأولى التي تتزامن فيها زيارة باباوية إلى أي بلد في العالم مع زيارة أخرى لشخصية دينية كبيرة بحجم فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، إذ اختار الرمزان الدينيان الكبيران أرض الإمارات لعقد "لقاء الأخوة الإنسانية" بينهما، والتباحث في سبل تعزيز التعايش بين الأديان والعقائد المختلفة.