الخميس 16 حزيران 2016 12:44 م

يحلُّ ضيفاً على مدينة طرابلس والتي لها مع الشهر الكريم نكهات خاصة وذكريات لا تنتسى


* روعة الرفاعي

تحتضن مدينة طرابلس اليوم شهر الخير والبركات، شهر رمضان المبارك والذي له مع أبناء المدينة وأسواقها الداخلية نكهات خاصة تتناقلها الأجيال ويرويها الأجداد، فطرابلس «أم الفقير» كانت في السابق تستقبل الزبائن من كل المناطق اللبنانية، البعض يجول ليتسوّق والبعض الآخر «يتفرّج» على طريقة عرض البضائع الشهية داخل الأسواق لا سيما منها سوق العطارين والذي يشتهر بمحلات الخضار والفواكه واللحوم والأسماك وكل ما لذّ وطاب من منتجات وأصناف تزدان بها «سفرة رمضان»، اليوم الأوضاع تغيّرت وتبدّلت بفعل الاكتفاء الذاتي الذي وفّرته المناطق لنفسها حتى داخل مدينة طرابلس، مما إنعكس سلباً على عدم اهتمام البائع داخل السوق بالحفاظ على نظافته إضافة الى أن حالة الفوضى والتي تعصف بكل المناطق طالت الأسواق فغاب عنها الزبون والذي بات يفضّل «لو يدفع تكاليف أكثر» على أن يزور الأسواق الداخلية.
هذا، وفي الوقت عينه فان المواطن الذي «ينعم بالأمن» يتمنى لو ينعم بوضع اقتصادي ناشط، يمكنه من مجابهة الأسعار التي ترتفع كتقليد سنوي مع بداية شهر رمضان المبارك، فلسان حاله داخل سوق العطارين كان واحداً «نأمل أن لا ترتفع الأسعار وأوضاعنا الاقتصادية المهترئة لا تحتمل المزيد من الضغط»، إلا اننا نعلم علم اليقين بأن الازدياد الحاصل في أعداد النازحين السوريين سينعكس سلباً على الأسعار والتي سترتفع حتماً مع ازدياد الطلب على البضائع وبالطبع لن يكون للتاجر الدور «الرحوم» بالعكس فهو لطالما انتظر «المواسم» فكيف شهر رمضان؟ الجولة داخل سوق العطارين لا تشبه غيرها من الأسواق، فهنا الأصوات ارتفعت لتبشّر بقدوم شهر الخير وهنا الإعلان عن تدنّي السعر بحيث أكد أحد التجار على أن سعر باقة «البقدونس» سيبقى على ما هو عليه رافضاً كل الشائعات التي تطلق حول ارتفاع الأسعار مع بداية شهر الخير والبركات.
أما ما يميّز شهر رمضان المبارك هذا العام عن الأعوام السابقة، هو أن مدينة طرابلس بكافة شوارعها قد ازدانت بأبهى حلّتها، والإنارة قد طغت على كل الطرقات دون إستثناء حتى قبل حلول الشهر الكريم وهذا ما لم يكن معهوداً من قبل، مما يبشّر بأهمية الاستعدادات لاستقبال الشهر في مدينة لطالما تميّزت بالأجواء الرمضانية الباهرة والتي تساهم في جذب الزائرين من كافة المناطق اللبنانية.
{ حلوم حامد، بائعة في سوق العطارين، تقول «شهر رمضان المبارك من أفضل الشهور على قلوبنا، أعاده الله على الجميع بالخير والبركات، كيف لا؟! وهو شهر الخيرات.
ورداً على سؤال حول ارتفاع الأسعار تقول: هي ترتفع مع بداية الشهر كون التجار في الأساس يسلّموننا البضائع بأسعار مرتفعة، ثم ما تلبث هذه الأسعار أن تعود الى طبيعتها والمواطن اعتاد الأمر.
{ محمود البياض، بائع (بقدونس) والتي تُعد من مستلزمات الشهر الكريم، يقول: الغلاء غير موجود بالعكس الكل يسعى الى تحريك عجلة البيع والشراء لا سيما بعد الأزمات الأمنية المتواصلة والتي شهدناها سابقاً، نتوقع خلال الشهر الكريم أن تتحسّن الأوضاع ويعود الزبائن ليقصدوا الأسواق الداخلية لمدينة طرابلس والتي كانت تعجُّ بهم قبل الأوضاع الأمنية التي عصفت بالبلاد.
{ الحاج أبو عمر، صاحب محل داخل سوق العطارين، روى الأهمية القصوى التي كان عليها السوق في السابق والذي كان يشهد زحمة منظورة في شهر رمضان، اليوم الموضوع تبدّل بسبب الاكتفاء الذاتي في كل المناطق والأوضاع الأمنية التي عصفت بالبلاد والعباد، على كل حال رمضان كريم بعطاءاته، من هنا فاننا نأمل كل الخير على كافة الصعد.
{ محمد برغل صاحب ملحمة قال: ليس صحيحاً بأن الأسعار ترتفع خلال شهر رمضان المبارك، بالعكس كتجار نسعى الى تنشيط حركة البيع والشراء بعد فترة من الأسواق الجامدة، نحن نعوّل على هذا الشهر الكريم ونناشد الجميع إبعاد الضرر والضرار عن العباد، مدينتنا تستحق منا التطوير فلنضع أيدينا مع بعضنا البعض من أجل أن يعم الخير في شهر الخيرات.
{ أما سامر جميل رمضان فرأى بأن كل ما يعصف بالدول العربية سببه بُعد الناس عن الدين، فالكذب بات شعاراً وكذلك الغش والخداع، لا يمكننا الاستمرار بهذا الشكل لذا الكل مطالب بالعودة الى دين الحق. أما فيما خصّ الأسواق الداخلية لمدينة طرابلس فيمكن القول بأن التشويه الذي أصابها ساهم الى حد كبير في منع الزبائن من النزول إليها، وهنا أقول ان لهم كل الحق في ذلك فهناك من لا يحترمهم داخل السوق.
ورداً على سؤال قال: أنا في هذا السوق منذ حوالى الثلاثين عاماً ولم أشهد مثل هذه الأيام العجاف من قبل، على كل حال نعلّق كل الآمال على شهر الخير والبركات، ورمضان كريم والله أكرم.
{ الحاجة أم محمد أكدت على أن الأسعار ترتفع مع بدايات شهر رمضان ومن ثم تعود الى سابق عهدها، نحن لا نخشى من جنون الأسعار مع بداية الشهر والذي نتمنّاه خيراً للجميع.
{ باسم هنداوي قال: الأسعار في طرابلس من أرخص الأسعار في لبنان فهي أم الفقير والكل يعلم ذلك، كفى تشويهاً لهذه المدينة وأسواقها العريقة والتي لم تعد لتشهد اقبال الزبائن بسبب الإشاعات التي تطالها من كل حدب وصوب. الأسواق الداخلية تعجّ بالزبائن خلال شهر رمضان حتى ان البعض يأتون من خارج المدينة ليشهدوا الحركة فيها، وكل عام وأنتم بخير.
وختاماً يمكن التأكيد على أنه وخلال الجولة التي قمنا بها داخل الأسواق لمسنا مدى الاهتمام بحلول الشهر الكريم، والاستعدادات لاستقباله بروح المحبة والتي يحض عليها الدين الإسلامي، وتبدّل النفسيات التي تسعى الى توطيد العلاقات بين جميع الأطراف، الأمر الذي من شأنه أن يعيد لمدينة طرابلس وحدتها وصورتها الحقيقية التي تجلّت بها منذ عقود طويلة، مدينة محبة للعيش الوطني الواحد وفي نفس الوقت مدينة «التقوى والسلام».

المصدر : جنوبيات