فرضت الصواريخ التي أُطلقت من قطاع غزّة مساء أمس الأوّل، وسقطت في منطقة تل أبيب "غوش دان"، معادلة جديدة انطلاقاً من أنّها:
- المرّة الأولى التي يسقط فيها صاروخ من قطاع غزّة في منطقة تل أبيب، خارقاً محيط التوتّر الذي كان يصل إلى المستوطنات الإسرائيلية في غلاف قطاع غزّة.
- كشفت هشاشة المنظومة الأمنية للإحتلال، حيث فشلت بطاريات "الباتريوت" بإسقاط الصواريخ، التي تمّ العثور على شظايا منها.
- لم تكن لدى أجهزة استخبارات الإحتلال أي معلومات مسبقة عن إطلاق الصواريخ، أو ما يُشير إلى توتّر، خاصة أنّ الاتصالات التي كانت جرت بين الإحتلال وقيادة "حماس" بوساطة مصرية، كانت تعمل على التهدئة.
- وقعت تزامناً مع الاجتماع، الذي كان يعقده الوفد الأمني المصري مع مسؤول حركة "حماس" في قطاع غزّة يحيى السنوار، حين انطلقت صفارات الإنذار، فتلقّى مسؤول الوفد المصري اتصالاً يبلغه بضرورة مغادرة القطاع، لسقوط صواريخ في منطقة تل أبيب، ما أدّى إلى استهجانه أمام السنوار، متسائلاً: "كيف تجلس معنا، وتضرب الصواريخ؟".. فردَّ السنوار نافياً أنْ تكون "حماس" هي مَنْ أطلقتها.
وقد نجحت جهود الوفد المصري في لجم التوتّر، بعد اتصالات مع الجانبين الإسرائيلي و"حماس"، بعدما تبيّن أنّ الصواريخ من نوع M75، بعيدة المدى، وتملكها حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، ومن صنع "كتائب عز الدين القسّام" - الجناح العسكري لحركة "حماس"، التي سبق وأطلقتها باتجاه تل أبيب في معركة "حجارة السجّيل"، في 15 تشرين الثاني 2012، بعد جريمة اغتيال نائب القائد العام للكتائب أحمد الجعبري، ويصل مدى الصاروخ إلى 75 كلم، وهو ما يرمز إليه بتسميته مع (M)، إشارة إلى القائد الحمساوي المفكر إبراهيم مقادمة.
وقصفت قوّات الإحتلال، ليلة أمس الأوّل وفجر أمس قرابة 100 هدف في قطاع غزّة، ردّاً على إطلاق الصواريخ، لكنها عادت لتعلن عن أنّ إطلاق هذه الصواريخ لم يكن بشكل مقصود من قِبل حركة "حماس".
وتردّد أنّ الصواريخ أُطلِقَتْ عن طريق الخطأ، ودون أي أوامر مسبقة، وأنّ "حماس" أمرت باعتقال أحد المقاتلين المسؤولين عن الصواريخ - وفقاً لما ذكرته بعض وسائل إعلام العدو.
هذا، في وقت أرجأ رئيس حكومة الإحتلال بنيامين نتنياهو اتخاذ أي قرار بشأن ما جرى، بعد ترؤسه اجتماعاً أمنياً في وزارة الدفاع، التي يتولّى حقيبتها منذ استقالة أفيغدور ليبرمان منتصف تشرين الثاني الماضي، حيث تقرّر أنْ يبحث "الكابينيت" الإسرائيلي الوضع على حدود قطاع غزّة في اجتماعه يوم غدٍ (الأحد)، في وقت واضح فيه مصلحة نتنياهو بعدم التصعيد مع اقتراب الانتخابات العامة لـ"الكنيست" في 9 نيسان المقبل.
لكن، كان لافتاً نشر عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" الدكتور موسى أبو مرزوق، مساء أمس، تغريدة أخرى على "تويتر"، وجّه فيها رسالة إلى حركة "الجهاد الإسلامي"، قال فيها: "وصلني عتاب إخوتي في الجهاد، وأنا أعتبر نفسي واحداً منهم، لا منتقداً لهم، وقد يكون مقصدي لم يصلهم بالطريقة التي عبّرت بها. كنتُ لا أريد تصعيداً بأي حال من الأحوال، حتى لا تكون غزّة ضحية عدوان جديد في ظل صراع إنتخابي إسرائيلي محموم يتسابقون فيها على الحرب".
وكان أبو مرزوق قد تحدّث، ظهر أمس، عن جولة التصعيد خلال الليلة الماضية، بين جيش الإحتلال و"حماس"، وقال في تغريدة عبر "تويتر": "أحسنت كتائب القسّام ببيانها المسؤول، وما كان هناك داعٍ لأحبتنا في سرايا القدس من بيانهم التصعيدي، وذلك لتفويت الفرصة على المتربّصين بكل اتفاق والذين يدفعون في اتجاه حرب ضد غزة بشراء ذمم واختراقات في صفوف المقاومة".
وختم أبو مرزوق: "فهذه الصواريخ السياسية، والتي أُطلقت والوفد الأمني في غزّة، يجب أنْ تتوقّف".
من جهتها، أعلنت شرطة الإحتلال الإسرائيلي، مساء أمس، العثور على شظايا أحد الصواريخ، التي أُطلِقَتْ من قطاع غزّة ليلة أمس الأول، بالقرب من مدينة حولون - القريبة من تل أبيب.
وذكرت الشرطة الإسرائيلية أنّه "عقب عمليات التمشيط بحثاً عن مكان سقوط 3 صواريخ، أُطلِقَتْ من غزّة باتجاه منطقة تل أبيب "غوش دان"، تم العثور على شظايا صاروخ في منطقة مدرسة زراعية بالقرب من حولون، واستُدعيت إلى المكان قوّات من الشرطة وخبراء المتفجّرات لفحص الشظايا وبقايا الصاروخ".
وقالت مصادر إسرائيلية: "إنّ الصاروخ من نوع "M75"، وهي صواريخ بعيدة المدى، تملكها "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في قطاع غزّة، وسبق أنْ أُطلِقَتْ باتجاه تل أبيب ومنطقة "غوش دان" خلال العدوان الإسرائيلي على القطاع".
وفي ضوء التصعيد الإسرائيلي على قطاع غزّة، أعلنت "الهيئة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار" عن إلغاء فعاليات الأسبوع الـ51 لـ"مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار"، بعنوان: "المسيرات خيارنا" على الحدود الشرقية لقطاع غزّة، "بشكل استثنائي".
وقالت الهيئة في بيان صادر عنها: "تقديراً للمصلحة العامة، قرّرت الهيئة تأجيل فعالياتها المقرّرة بشكل استثنائي، حرصاً على أبناء شعبنا، واستعداداً لمليونية الأرض والعودة في الثلاثين من آذار الجاري".
وأضافت: "نؤكد لأبناء شعبنا استمرار المسيرات، وعدم تراجعها والسعي الدؤوب من أجل تحقيق أهداف المسيرات، المتمثّلة بالعودة وإنهاء الحصار الظالم".
وأعلنت "الهيئة الوطنية" عن "تواصل مسيرة العودة للعام الثاني على التوالي؛ وذلك عشية الذكرى الأولى لانطلاقها في 30 آذار 2018، الذي يصادف ذكرى "يوم الأرض" الخالدة، وانطلاق مليونية جديدة في ذات الذكرى"، داعيةً إلى "اعتباره يوم إضراب شامل في كل محافظات، وأنْ يشارك أبناء شعبنا في أماكن تواجدهم كافة في تلك الفعاليات".
ومنذ 30 آذار الماضي، يشارك الفلسطينيون بمسيرات سلمية قرب السياج الأمني، الفاصل بين قطاع غزّة وأراضي الـ48، للمطالبة بعودة اللاجئين إلى مدنهم وقراهم، التي هُجّروا منها في العام 1948، وكسر الحصار عن غزّة.
وأسفرت اعتداءات الإحتلال ضد المشاركين في مسيرات العودة، إلى استشهاد 256 مواطناً، وإصابة نحو 29 ألف فلسطيني بجراح مختلفة، وفق إحصائية وزارة الصحة في غزّة.
وعلى الرغم من التطوّرات، فإنّ الفلسطينيين أدّوا صلاة الغائب على ضحايا المجزرة بنيوزيلاندا في المسجد الأقصى ومساجد الضفة الغربية وقطاع غزّة.
وقد أدّى أكثر من 40 ألف فلسطيني من القدس والأراضي المحتلة منذ العام 1948، صلاة الجمعة في رحاب المسجد الأقصى المبارك، بما فيه مصلّى الرحمة، على الرغم من فرض قوّات الإحتلال إجراءات أمنية مشدّدة في مدينة القدس وبلدتها القديمة ومحيطها.
هذا في وقت، أدّى عشرات المُبعدين عن "الأقصى" صلاة الظهر في منطقة باب الأسباط (من أبواب القدس القديمة) أمام مدخل مقبرة باب الرحمة، الملاصقة للجدار الشرقي للأقصى المبارك.
وقامت قوّات الإحتلال الخاصة، عقب صلاة الجمعة، باقتحام مُصلّى الرحمة في المسجد الأقصى، وتصوير كافة المصلّين المتواجدين فيه، في حين حلّقت طائرة مسيرة صغيرة تابعة للإحتلال في سماء الأقصى لملاحقة المصلّين بهدف تصويرهم، في وقت أقدمت فيه قوّات الإحتلال على اعتقال كل موظّف من الأوقاف يفتح مصلّى باب الرحمة، الذي خلع المصلّون أبوابه بالكامل.
واحتجزت قوّات الإحتلال مئات البطاقات الشخصية للمصلّين من فئة الشبان خلال دخولهم إلى المسجد الأقصى من بواباته الرئيسية "الخارجية".
واعتلت مجموعة من أشبال القدس، سطح مصلّى الرحمة، ورفعت أعلاماً فلسطينية في المكان.
وفي تطوّر خطير، اعتقلت قوّات الإحتلال شاباً في الشارع الرئيسي قبالة باب الأسباط، وحوّلته إلى أحد مراكزها للتحقيق.
وشهدت مناطق عدّة في الضفة الغربية، مواجهات بين المواطنين الفلسطينيين وقوّات الإحتلال، التي أطلق جنودها الرصاص والرصاص المغلّف بالمطاط وقنابل الغاز المسيل للدموع باتجاههم.
وفي المواجهات التي وقعت في مخيّم الجلزون - شمال مدينة رام الله، بعد اقتحام قوّات الإحتلال له، أُصيب 15 مواطناً بالرصاص المعدني المغلّف بالمطاط، والعشرات بحالات اختناق، قدّم العلاج الميداني لهم.
وفي مسيرة بلعين الأسبوعية، التي انطلقت عقب صلاة الجمعة من وسط القرية باتجاه جدار الفصل العنصري الجديد في منطقة أبو ليمون، أُصيب عدد من المشاركين بالاختناق الشديد، خلال قمع جنود الإحتلال لهم بإطلاق القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع بكثافة.
نُفّذت المسيرة بدعوة من "اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان" في بلعين، وفاءً للقدس والمقدّسات الإسلامية، ودعماً للمرابطين في ساحات المسجد الأقصى، وللرئيس محمود عباس في مواجهة "صفقة القرن"، بمشاركة أهالي القرية، ونشطاء سلام إسرائيليين ومتضامنين أجانب.
وخطف الأضواء، ما شهدته مختلف محافظات قطاع غزّة، لليوم الثاني على التوالي، من تظاهرات للحراك الشبابي "بدنا نعيش"، المندِّدة بغلاء الأسعار وتعدّد الضرائب، مطالبين بوقفها، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة يعيشها أهالي القطاع.
وأمس، خرجت تظاهرات "جمعة الترنس الكبرى ورفع الضرائب"، حيث بدت مدينة دير البلح - وسط القطاع، المنطقة الأبرز في التظاهرات، وشهدت صدامات بين أنصار حركتي "فتح" و"حماس"، تخلّلها تراشق بالحجارة بين الطرفين.
ونُشِرَتْ مقاطع فيديو عديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ظهر خلالها عناصر من الشرطة التابعة لحركة "حماس" وأجهزتها بملابس مدنية و"شرطية" يقومون بقمع المتظاهرين، ومهاجمتهم بالهراوات واعتقال بعضهم، وإطلاق النار في الهواء، حيث سُجّلت إصابة عدد منهم بجروح.