مُنح ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، فرصة اللقاء مع الرئيس الأميركي باراك أوباما بعدما أثيرت شكوك حول إمكانية اجتماعهما. وبذلك، لم تصب الجولة الاميركية للمسؤول السعودي بنكسة كانت ستعني تراجع فرصته لطرح نفسه المحاور السعودي الأول مع الإدارة الأميركية، خصوصاً لجهة ترميم العلاقات المتوترة، والدخول من الباب العريض إلى دوائر القرار في واشنطن.
واستقبل أوباما محمد بن سلمان في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، الأمر الذي يعتبر نادراً لغير رؤساء الدول، وبحث الجانبان خلال اللقاء «العلاقات الثنائية التاريخية المتميزة بين البلدين»، بحسب ما أعلنت وكالة الأنباء السعودية «واس»، إلى جانب «الرؤية السعودية 2030»، حيث «رحّب أوباما بخطة» الأمير الشاب لتقليص اعتماد بلاده على النفط.
وكان ولي ولي العهد السعودي التقى على مدار الأسبوع منذ وصوله إلى الولايات المتحدة كبار مسؤولي الإدارة الأميركية، من بينهم رئيس مجلس النواب الأميركي بول راين وعدد من قادة وأعضاء الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديموقراطي. كما عقد مساء أمس الأول لقاء مع وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر في البنتاغون.
كذلك اجتمع الأمير السعودي في البيت الأبيض أمس الأول بالفريق الاقتصادي للرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي ضم جيف زينست مدير المجلس الاقتصادي الوطني للرئيس الأميركي، ووزير الخزانة جاك لو، ووزيرة التجارة بيني بريتزكر، ووزير الطاقة إرنست مونيز.
وأكد بن سلمان قبل لقائه أوباما أن «المنطقة تعيش مخاطر كبيرة، أبرزها الإرهاب والتدخلات الخارجية»، وأن الرياض» تعمل مع حلفائها، لا سيما واشنطن على مواجهة الأخطار».
وأضاف بن سلمان «أنا اليوم في بلد حليف لنا، في وقت حساس جداً، في منطقة نحن نعيش فيها اليوم مخاطر كثيرة جداً، سواء من عدم استقرار بعض الدول، أو التدخل في شؤون بعض الدول، أو الإرهاب»، معتبراً أن «الولايات المتحدة وحلفاءها لديهم دور مهم جدا لمجابهة هذه المخاطر التي قد تؤثر على العالم بشكل عام، ونحن نعمل بجد لمجابهة هذه المشاكل».
ووصف وزير الخارجية الـسعودي عادل الجبير خلال مؤتمر صحافي اللقاء بـ «الإيجابي»، وأن الرئيس «الأميركي اطلع على رؤية المملكة للسنوات القادمة من خلال رؤية 2030».
وأضاف الجبير أن «الطرفين ناقشا الرؤية والعلاقات الثنائية بين البلدين، وتم التركيز على العلاقات الإستراتيجية بين البلدين، وسبل تعزيز وتوطيد هذه العلاقات».
وأكد الجبير أن «السعودية طالبت واشنطن بنشر تقرير هجمات 11 أيلول 2001»، مشدداً على أن لا دور لبلاده في تلك الهجمات، مضيفاً أن الممكلة هي أصلاً «هدف رئيسي لهجمات تنظيمي القاعدة وداعش»، وأنها «تحارب الإرهاب بجميع الوسائل والطرق».
وكرر الجبير دعوة بلاده الى الولايات المتحدة لتوجيه ضربات جوية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، قائلاً إن الرياض «تدعو واشنطن منذ وقت طويل الى ان تقود حملة عسكرية لتقويض سلطة الأسد».
وأشار الجبير إلى أنه «منذ بداية الأزمة، دفعت الرياض من أجل تبني سياسة أقوى تشتمل على شن هجمات جوية وإقامة مناطق آمنة ومناطق حظر طيران ومناطق حظر الآليات»، مضيفاً أن السعودية «ارادت تسليح المعارضة المعتدلة بصواريخ أرض جو، وكررت عرضها بنشر قوات سعودية خاصة في اي عملية تقودها الولايات المتحدة».
وجاءت تصريحات الجبير بعدما اضطرت وزارة الخارجية الاميركية الى تأكيد أن العديد من ديبلوماسييها وقّعوا برقية تدعو الى شن ضربات عسكرية ضد النظام السوري.
وقال الوزير السعودي إن بلاده «تؤيد اتباع منهج أكثر قوة وحزماً «ضد حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، معتبراً أنه «إذا شعر نظام بشار أن بإمكانه الاستمرار في حالة جمود، فلن يشعر بأي ضغط لاتخاذ خطوات ضرورية لتحقيق انتقال في سوريا».
وتطرق الوزير السعودي إلى الملف اليمني، مؤكداً أن «موقف الإمارات العربية المتحدة لم يتغير من التحالف العربي، وهو واضح جداً منذ البداية، والإمارات دولة أساسية في التحالف لإعادة الشرعية في اليمن، ودولة أساسية في الحرب ضد الإرهاب، وإنها لم تغير أياً من مواقفها»، وذلك بعد إعلان أبو ظبي أن مشاركتها في الحرب على اليمن «انتهت» ثم تراجعها لاحقاً عن هذا الإعلان.
ولم يفوت الجبير التشديد على موقف بلاده من إيران، قائلاً إن «هذا الموقف لم يتغير»، وأن المملكة «تنظر لإيران على أنها دولة تتدخل بشؤون دول المنطقة وتدعم الإرهاب».
واعتبر الجبير أن «الفرق بين موقف السعودية والولايات المتحدة بالشأن السوري ليس كبيراً، فالبلدان يدعمان الحل السياسي، والبلدان يدعمان المعارضة السورية المعتدلة، وكلا البلدين لا يريان لبشار الأسد أي دور في سوريا المستقبل، ويحاولان الحفاظ على مؤسسات الدولة».
إلى ذلك، أعلن متحدث باسم الأمم المتحدة أن ولي ولي العهد السعودي طلب عقد اجتماع مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وذلك بعدما أثارت المنظمة الدولية حفيظة الرياض بإدراج «التحالف» الذي تقوده في حربها على اليمن على القائمة السوداء لمنتهكي حقوق الأطفال.
وقال مصدر ديبلوماسي إن من المتوقع أن يصل الأمير محمد إلى نيويورك يوم الثلاثاء المقبل لعقد لقاءات مع عدد من رؤساء الشركات بعد زيارة لكاليفورنيا.
وقال المتحدث الأممي ستيفان دوجاريك «وصل طلب رسمي إلى مكتب الأمين العام لعقد اجتماع مع ولي ولي العهد وعندما نتمكن من تأكيد شيء سنفعل»، موضحاً ان «الأمم المتحدة لم ترد حتى الآن على خطاب أرسله في الثامن من حزيران السفير السعودي لدى المنظمة عبد الله المعلمي نيابة عن التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن». ويطلب الخطاب من الأمم المتحدة تفاصيل عن مصادر المعلومات التي وردت في تقريرها الخاص بانتهاكات حقوق الأطفال في الصراعات المسلحة.
يذكر أن الكونغرس الأميركي صوّت يوم الثلاثاء الماضي بفارق بسيط ضد إجراء يمنع البلاد من تزويد الرياض بالقنابل العنقودية، بعدما كانت إدارة أوباما حثت على التصويت ضد الإجراء بحجة أنه «يضع وصماً» على هذه القنابل التي هي «أداة حرب ضرورية». لكن الفارق البسيط في التصويت لصالح صد الإجراء يعكس انتقاداً متزايداً داخل الكونغرس للحرب السعودية على اليمن.