لم يرَ "حزب الله" في ما قاله وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، من على منبر وزارة الخارجية، في المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره الوزير جبران باسيل، أي جديد يضاف على ما قاله في الكويت وتل أبيب، لأنه يدرك تمام الإدراك أن المسؤولين اللبنانيين، الذين ألتقوا الدبلوماسي الأميركي، قاموا بمهمة الدفاع عنه كونه مكّونًا أساسيًا من مكونات الحياة السياسية في لبنان، خصوصًا أنهم يتطلعون إلى الإستقرار الداخلي، بغض النظر عن التهديدات التي حملها معه بومبيو إلى بيروت، وهي ليست جديدة، ولكنها كانت هذه المرة بعيدًا عن اللغة الدبلوماسية، حين قال للبنانيين: "تخّلوا عن "حزب الله"، وإلاّ فلبنان سيكون في خطر"، بإعتبار أن العقوبات المفروضة على الحزب، والتي من المتوقع أن ترتفع وتيرتها، بعد عودته إلى واشنطن، والتي ستطاول هذه المرّة شخصيات لبنانية على علاقة وثيقة مع المقاومة، وكذلك بالضغط في كل الإتجاهات لإجهاض أي مسعىً قد تقوم به روسيا لتأمين عودة آمنة للنازحين السوريين، هي أقصى ما يمكن أن تقوم به واشنطن.
 
وفي رأي بعض القوى القريبة من سياسة "حزب الله" أن تهديدات بومبيو تتناقض مع ما تحاول واشنطن الإيحاء به لجهة إبداء حرصها على الإستقرار الداخلي في لبنان، وهو سمع كلامًا مسؤولًا، سواء من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي أكد له أن "حزب الله" لا يقوم بأي عمل داخل لبنان من شأنه تهديد الإستقرار الداخلي، فيما سمع من رئيس مجلس النواب نبيه بري كلامًا شبيهًا بكلام رئيس الجمهورية، فأكد له أنّ المجلس النيابي سنّ قوانين تُعتبر مطابقة ومتشددة، وقال إنّ "العقوبات التي تفرضونها تطاول كل لبنان واللبنانيين وتؤثّر سلباً على الوضع الاقتصادي والمالي". وحاول بومبيو القول إنها موجهة ضدّ إيران والحزب حصراً، فأكد بري أنّ "حزب الله" هو حزب سياسي لبناني له شعبية كبيرة ووجود في الحكومة والمجلس، وإذا كنتم تريدون لهذا البلد أن يكون مرتاحاً فاضغطوا على إسرائيل كي تلتزم قرار الـ 1701 وتنسحب من الأراضي اللبنانية".

وهذا الكلام سمعه بومبيو من الوزير باسيل، الذي أكد له أن "حزب الله" "هو حزب لبناني غير إرهابي ونوابه منتخبون من الشعب اللبناني وبتأييد شعبي كبير. وتصنيفه بالإرهاب يعود إلى الدولة التي تصنفه، ولا يعني لبنان. من جهتنا، نتمسك بوحدتنا الوطنية وبالحفاظ على علاقاتنا الجيدة مع الولايات المتحدة ولا نريد أن تتأثر بذلك، ونود العمل معاً لحلّ المشاكل، ومن بينها مسألة "حزب الله" والنظرة إليه والتعاطي معه، لأننا نعتبر أنّ استقرار لبنان والحفاظ على وحدته الوطنية هما مصلحة لبنانية ومصلحة أميركية ومصلحة إقليمية ودولية".
 
وفي ظن الأوساط القريبة من "حزب الله" أن بومبيو، الذي عبّر عن إستيائه من الردّ الرسمي اللبناني الحاسم حول كلامه من "حزب الله"، ربما سمع كلامًا مغايرًا في لقاءاته غير الرسمية، وهو كلام يتماهى مع التوجهات الأميركية، التي تعّول كثيرًا، وفق هذه الأوساط، على إقامة "جبهة داخلية" في وجه "حزب الله"، من خلال وتيرة متصاعدة ستظهر قريبًا من قبل الأطراف، التي تعتبر أساسًا أن السلاح غير الشرعي هو علة العلل وسبب كل المشاكل التي يعاني منها لبنان.