تتسارع الأحداث المتعلّقة بالقضية الفلسطينية، في ضوء خارطة الطريق التي حدّدها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في كلمته التي ألقاها خلال "القمة العربية" الـ30، التي عُقِدَتْ في تونس.
هذه الخارطة تنطلق من ركيزة أساسية للثوابت الفلسطينية، لاتخاذ خطوات عربية - إسلامية، وبدعم من الأصدقاء، لمواجهة جنوح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الملتقي مع فساد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يبذل كل جهد، ويقوم بتسويات ويُقدّم إغراءات ووعوداً بالصفقات والاتفاقات لحصد أكبر عدد ممكن من مقاعد "الكنيست" الإسرائيلي، في استحقاق الانتخابات العامة في 9 نيسان الجاري، التي سيكون فيها مُذعناً للصوت اليميني الأكثر تطرّفاً لتشكيل حكومته المقبلة.
ويواصل نتنياهو حصد الجوائز الأميركية، بما يُساهم في تكريس يهودية الدولة، خاصة بعد اعتراف ترامب بالقدس الموحّدة عاصمة للكيان الإسرائيلي، ومن ثم إعلان السيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل، وهو ما رفضه المجتمع الدولي، وأكدت "القمة العربية" أنّ الجولان أرض عربية محتلة، ليتم كشف النقاب عن مخطّط لبناء عشرات آلاف الوحدات الاستيطانية في الجولان لاستيعاب 250 ألف يهودي بحلول العام 2048، بما يُعزّز يهودية الدولة، وفقاً لما تضمّنه القانون العنصري.
فقد تمَّ أمس، الكشف عن أنّ وزارة الإسكان الإسرائيلية تُعدّ مع جهات أخرى، خطة لتشجيع الاستيطان في الجولان السوري المحتل، تشمل بناء 30 ألف وحدة استيطانية في مستوطنة "كتسرين"، وإنشاء مستوطنتين جديدتين في الجولان، وتوفير عشرات الآلاف من فرص العمل، إلى جانب الاستثمار في البنية التحتية المتعلّقة بالمواصلات والسياحة، وربط الجولان بشبكة المواصلات.
كما كُشف النقاب عن تفاصيل الخطة الاستيطانية بالجولان، بأنّ الحديث يدور عن خطة حكومية مُدرجة تهدف إلى تعزيز وتدعيم الجولان، وقد أُنجِزَتْ بالتعاون والتنسيق ما بين وزارة الإسكان والمجلس الإقليمي الاستيطاني "جولان" ومجلس مستوطنة "كتسرين" وحركة "أور".
وتتضمّن التفاصيل، استحداث 45 ألف وظيفة للمستوطنين بالجولان، وتطوير قطاعات العمل المتقدّمة، وشبكات المواصلات بما في ذلك القطارات والمطارات.
وتهدف الخطة إلى تنمية المشاريع السياحية وتشجيع السياحة، والعمل على إخلاء 80 ألف دونم من حقول الألغام، وتجهيزها لمشاريع التطوير والبناء السياحي والتجاري والإسكاني، وسيتواصل تطبيق الخطة بحلول عام 2048، حيث من المتوقع أنْ يتم توطين 250 ألفاً من اليهود.
في غضون ذلك، وعلى صعيد الجهود التي يقوم بها الوفد الأمني المصري، لتحقيق تهدئة بين "حماس" والكيان الإسرائيلي، فقد غادر الوفد في ساعة متأخرة من ليل أمس (الاثنين) قطاع غزّة، بعدما التقى قائد حركة "حماس" في قطاع غزّة يحيى السنوار، لمتابعة ملفات التهدئة ورفع الحصار.
وكان الوفد المصري قد وصل بعد الظهر إلى غزة، عبر حاجز بيت حانون "إيرز" - شمالي القطاع، قادماً من تل أبيب، بعدما التقى مسؤولين إسرائيليين.
وترأس الوفد مسؤول الملف الفلسطيني في جهاز المخابرات العامة المصرية اللواء أحمد عبد الخالق، وبرفقته وكيل وزارة المخابرات العميد أحمد فاروق والعميد محمد طوصن.
والتقى الوفد المصري في تل أبيب، مسؤولين إسرائيليين، وتسلّم منهم جداول زمنية لتحديد آلية تنفيذ التفاهمات، بعدما كان قد التقى أمس الأوّل (السبت) السنوار.
هذا في وقت غادر فيه منسّق عملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف والوفد المرافق له، قطاع غزّة، عبر معبر بيت حانون "إيرز"، بعد لقاء جمعه ورئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" اسماعيل هنية.
في حين كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية عن أنّ "التفاهمات بين "حماس" و"إسرائيل" بوساطة مصرية وأممية، يُديرها 4 أشخاص مركزيين، هم: مسؤول الملف الفلسطيني في المخابرات المصرية اللواء أحمد عبد الخالق، مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف، قائد حركة "حماس" في غزّة يحيى السنوار، في المقابل يديرها من الجانب الإسرائيلي رئيس مجلس الأمن مئير بن شبات، الذي بذاته يُعطي الأوامر بشأن معابر قطاع غزّة وتجديد ضخ الوقود لتشغيل محطة توليد كهرباء غزّة عبر "معبر كرم أبو سالم" التجاري الوحيد إلى القطاع".
من جهتها، اعتبرت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" أنّ "الحديث عن تحسين الوضع الإنساني في قطاع غزّة، ذريعة لتمرير مخطّطات التصفية".
وأكد عضو مكتبها السياسي غازي الصوراني في تعليق له عبر مواقع التواصل الاجتماعي على صفحته "فايسبوك"، أنّه "ليس هناك مخرج سوى تنفيذ اتفاق القاهرة 2".
ويحاول الاحتلال الاستفادة من الأيام الفاصلة عن الانتخابات، بذريعة الخشية من تنفيذ أعمال ضد أهداف إسرائيلية أو مستوطنات في غلاف غزّة.
فقد أصدرت قوّات الاحتلال، مساء أمس (الاثنين)، تعليمات إلى سكان مستوطنات غلاف غزّة وأفراد الأمن، بالبقاء في حالة تأهّب قصوى، عقب تحذيرات من احتمال تنفيذ هجوم من قِبل بعض الفصائل في قطاع غزّة، ضد القوّات والمستوطنين، بالقرب من مستوطنات الغلاف.
وكانت مصادر إسرائيلية قد زعمت، أمس، بأنّ "حركة الجهاد الإسلامي" "تُحضّر لشن هجوم كبير خلال الساعات والأيام المقبلة".
وحدّدت أنّ "نشاطاً غير اعتيادي، قام به أعضاء الجناح العسكري لـ "الجهاد" على طول الحدود مع غزّة، وهذه التحرّكات، يُمكن أنْ تكون استعداداً لإطلاق الصواريخ، مثل صاروخ "كورنيت" ضد هدف إسرائيلي، أو زرع عبوات ناسفة على طول السياج، أو قد يكون محاولة لاقتحام السياج الحدودي لتنفيذ عملية جدية، بهدف المس بالتقدّم الجدّي في جهود التسوية التي تجري بين "إسرائيل" و"حماس" بواسطة الأمم المتحدة ومصر، وهذا النشاط يأتي بدون علم الوسطاء المصريين، ولا حماس".
وفي أوّل تعليق لـ "حركة الجهاد الإسلامي" على هذه المعلومات، اعتبر عضو مكتبها السياسي نافذ عزام أنّ "إسرائيل تُحاول دائماً اختلاق الأخبار، وتواصل التحريض على المواطنين، ولا صحة لهذه الأخبار التي تروّجها "إسرائيل"، وهي تهدف إلى المزيد من التحريض ضد شعبنا وحقوقه، و"إسرائيل" تُحاول بين الفترة والأخرى، نشر التشويش والبلبلة في الساحة الفلسطينية، وهي ستفشل في هذه المخطّطات".
وفي خطوة مهمّة، تعزّز مكانة فلسطين، وكجزء من مهامها ومسؤولياتها، في رئاسة "مجموعة 77 والصين"، انطلقت في رام الله، أمس (الاثنين) أعمال اجتماع الطاولة المستديرة الدولي حول الإدارة العامة، بمشاركة وزراء من 35 دولة، إضافة إلى ممثّلي 10 منظمات إقليمية ودولية، في مؤتمر دولي تستضيفه فلسطين.
افتتح أعمال المؤتمر، الذي يستمر يومين، ممثّل الرئيس الفلسطيني محمود عباس رئيس حكومة تسيير الأعمال الدكتور رامي الحمد الله.
وقال الحمد الله: "تحتضن فلسطين، بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، اجتماع الطاولة المستديرة الوزاري الدولي الأوّل للإدارة العامة، وهو فعالية متميّزة".
فيما وصف رئيس ديوان الموظفين العام موسى أبو زيد الاجتماع بأنّه "حدث هام، ليس على صعيد فلسطين فحسب، وإنّما على الصعيد الإقليمي والدولي، لم يكن ليرى النور لولا جهود ودعم الرئيس محمود عباس".
وتعاقب على الكلام العديد من ممثّلي المنظّمات الإقليمية والدولية المشاركة.
إلى ذلك، ما زالت "مصلحة السجون" الإسرائيلية ترفع من ممارساتها ضد المعتقلين، بإجراءات قمعية وتنكيلية واقتحامات واستفزازات وتضييق على مختلف الصعد، وتركيب أجهزة تشويش في العديد من السجون، ما يُشكّل خطراً على صحة الأسرى على المديين القريب والبعيد، وهو ما ظهر بحالة التوتّر وعدم الاستقرار التي تشهدها سجون عدّة منذ أشهر.
فقد أقدمت إدارة سجن "عوفر" على رفع درجة التشويش المثبتة في أقسام المعتقل، ما ضاعف من حالات أوجاع الرأس والصداع المستمر وسط الأسرى الأطفال، وذلك بذريعة تعطيل الاتصالات من الهواتف الخليوية الموجودة لدى الأسرى.