الاثنين 8 نيسان 2019 08:34 ص

نتنياهو وغانتس في سباق انتخابي على الحساب الفلسطيني لصالح "القومية اليهودية"


* هيثم زعيتر

ساعات قليلة تفصل عن اختيار الناخب الإسرائيلي ممثليه الـ120 في "الكنيست" لولاية السنوات الأربع المقبلة.
والتنافس بين الأحزاب الرئيسية نحو قاسم مشترك، مَنْ يخدم بصورة أفضل الكيان الإسرائيلي، و"قومية الدولة اليهودية"، وليس أي مصلحة أخرى، ومن دون شك، فإنّ ذلك يكون على حساب الفلسطينيين.
التنافس على أشدّه بين 13 تحالفاً لأحزاب، ستكون مهمتها الأولى، اجتياز نسبة الحسم 3.25% من عدد المقترعين، التي تمثّل الحد الأدنى للتأهّل لدخول "الكنيست".
وأظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة، تقارباً بين رئيس حكومة الإحتلال وحزب "الليكود" بنيامين نتنياهو ورئيس حزب "أزرق أبيض" رئيس الأركان السابق بيني غانتس، المتحالف مع وزير المالية السابق يائير لابيد.
ومن المستبعد أنْ يحسم أي من الأحزاب الكبيرة الفوز بأغلبية مقاعد "الكنيست"، بل سيكون مضطراً إلى إجراء مباحثات مع الأحزاب الأخرى.
ويسعى نتنياهو مع حلفائه في اليمين المتطرّف، إلى حصد 61 مقعداً، تؤمّن له تشكيل الحكومة لولاية خامسة، فيما سيكون غانتس ملزماً بالتشاور مع أحزاب اليسار والوسط، وحتى الكتلة العربية لتشكيل الحكومة.
وفي ضوء النتائج، فإنّ رئيس الكيان الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، سيُجري تشاوراً مع زعماء الأحزاب الممثّلة في "الكنيست"، قبل تكليف رئيس لتشكيل الحكومة، سيكون ملزماً تقديمها في مهلة 42 يوماً (28 يوماً للتشكيل، يتم تمديدها 14 يوماً، إذا لم يُنجز التشكيل).
ويقدّم رئيس الحكومة حكومته لتمثل أمام "الكنيست" خلال 7 أيام، وإذا فشل في تشكيل الحكومة، يضطر ريفلين إلى تكليف عضو "كنيست" آخر لتشكيلها، وأمامه مهلة 28 يوماً فقط، وإذا لم يتمكّن من ذلك، تُعاد انتخابات "الكنيست".
وكان لافتاً موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أغدق بالهدايا على نتنياهو، بما لم يُقدِم عليه أي رئيس أميركي سابق، بالاعتراف بالقدس الموحّدة عاصمة للكيان الإسرائيلي، ونقل سفارة الولايات المتحدة الأميركية، من تل أبيب إلى القدس، وإعلان سيادة الاحتلال على الجولان السوري المحتل، وتنفيذ رغبات وأمنيات نتنياهو، وممارسة الضغوطات ضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس والسلطة الفلسطينية.
فقد سُئل ترامب، خلال خطاب له مساء أمس الأوّل (السبت)، أمام الائتلاف اليهودي الجمهوري في لاس فيغاس، بمشاركة متبرّعين بارزين لـ"الحزب الجمهوري": "مَنْ الذي تعتقدون بأنّه سيفوز في الانتخابات الإسرائيلية"، فهتف الجمهور "بيبي" في إشارة إلى نتنياهو.
لكن ردّ ترامب قائلاً: "بنيامين نتنياهو وبيني غانتس رجلان صالحان، وستكون المنافسة متقاربة جداً".
ونتنياهو معني بكسب الوقت، وتجميد القائم، خاصة في ما يتعلق بقطاع غزّة وملف الأسرى، حتى لا تنعكس نتائج أي قرار سلباً عليه، لأنّه لا تبدو مهمته سهلة، بعدما توقّعت استطلاعات الرأي حصول حزب "الليكود" على 26 مقعداً، ما يُعتبر غير مريح لضمان تكليفه تشكيل الحكومة.
وهذا الأمر دفع نتنياهو إلى تحذير اليمين من أنّه "سباق متقارب بين اليمين واليسار"، وسيكون مضطراً إلى استمالة أصوات ناخبي المستوطنات، الذين كانوا دائماً يصوّتون لصالح حزب "العمل".
وركّز نتنياهو في المقابلات، التي أجراها خلال الساعات الماضية، على ما وصفه بـ"فرض السيادة الإسرائيلية" على مناطق في الضفة الغربية المحتلة، ملحماً إلى أنّ "أفضل تنفيذ لذلك يكون بالاتفاق مع الأميركيين، وقد تحدّثتُ حول ذلك مع الجهات ذات العلاقة، والتنسيق يستغرق وقتاً. وأنا لا أتحدث عن كل المنطقة، وإنّما في المرحلة الأولى، على المستوطنات، ليس على الكتل (الاستيطانية)، وإنّما على الكتل وعلى المستوطنات المعزولة أيضاً، ولن أتخلّى عنها، ولن أنقلها إلى سلطة فلسطينية، الأمر الذي سيؤدي لانهيارها".
في المقابل، فإنّ حزب "أزرق أبيض" شكّل منافسة بارزة، على الرغم من الدخول المتأخّر للجنرال المتقاعد غانتس إلى المعترك السياسي، وأظهرت استطلاعات الرأي احتمال فوزه بـ30 مقعداً.
وقد أعلن غانتس في برنامجه الانتخابي "الانفصال عن الفلسطينيين في الأراضي المحتلة".
وفي ضوء نتائج الانتخابات، وإجراء رئيس الكيان الإسرائيلي المشاورات، من المتوقّع أنْ يُكلّف مَنْ يحصل حزبه على مقاعد أكثر في "الكنيست".
وفي حال فوز حزب "الليكود" في الانتخابات، سيكون بإمكانه تشكيل ائتلاف حكومي قوي، كما جرى في الحكومة الماضية، وضم أحزاب يمينية متطرّفة جديدة إلى التشكيلة.
أما في حال فوز حزب "أزرق أبيض" بالانتخابات، فعندها قد ينجح غانتس بمهمة تشكيل الحكومة في الفترة المحدّدة، رغم أنّ هناك صعوبة، لأنّه بحاجة إلى إقناع بعض أحزاب اليمين والأحزاب العربية للمشاركة في الائتلاف الحكومي.
وهذا يعني أنّ نتنياهو قد يتوجّه إلى قيادة المعارضة في "الكنيست"، أو سيكون نهاية مشواره السياسي، لأنّه سيكون في مواجهة مع ملفات فساد ورشاوى.
وإذا أخفق غانتس في تشكيل الائتلاف الحكومي في الفترة المحدّدة، خاصة أنّ أحزاب اليمين تسعى إلى إفشاله، عندها سيكون رئيس الكيان الإسرائيلي مضطراً لنقل التكليف إلى شخص آخر، وغالباً ما قد يكون نتنياهو.
وقد يُبادر رئيس الكيان الإسرائيلي إلى تكليف نتنياهو، على الرغم من خسارته أمام غانتس، إذا ما حظي بتأييد غالبية رؤساء الأحزاب الممثّلة كتلها في "الكنيست"، وهو ما جرى في العام 2009، عندما تمّ اختيار نتنياهو لتشكيل الحكومة، على الرغم من أنّ حزبه "الليكود" حلَّ ثانياً بعد حزب "كاديما".
في غضون ذلك، يسود استياء في أوساط الناخبين الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة منذ العام 1948، لجهة القوانين العنصرية الإسرائيلية، التي تُكرّس "يهودية الدولة"، وتجعل أصحاب الأرض الأصليين مواطنين من الدرجة الثانية، وتقدّم عليهم اليهود المستجلبين من أصقاع العالم.
وقد أظهرت استطلاعات الرأي أنّ ما يقارب نصف الناخبين الفلسطينيين لن يصوّتوا في انتخابات الغد، حيث يُعتبر هذا الإحجام، سيفاً ذا حدّين، وينعكس سلباً بتراجع تمثيلهم في "الكنيست" مقابل زيادة قوّة المتطرّفين.
من جهته، دعا رئيس قائمة "الجبهة" - "العربية للتغيير" النائب في "الكنيست" أيمن عودة الناخبين الفلسطينيين إلى "ضرورة المشاركة بكثافة بالاقتراع، والتصويت لإسقاط نتنياهو، لأنّ "صفقة القرن" ستُعرض خلال الفترة المقبلة، والمنحى للتمييز العنصري ضد الفلسطينيين".
وأكد أنّنا "في تحالف حقيقي مع أحمد الطيبي، وسيستمر، فنحن أقرب بالرأي من وجهة النظر السياسية والاجتماعية، وسنفوز بمقاعد ستشكّل مفاجأة للكثيرين، ونحن لسنا جزءاً من ائتلاف غانتس ولسنا في جيبه، بل سيضطر إلى المجيء إلينا والتحدّث معنا".
هذا ولم تقتصر الحملات الانتخابية على وسائل الإعلام، التي كانت تعتمد سابقاً من خلال التلفزيون والراديو والصحف، بل اضطرت الأحزاب لمواكبة الوسائل الحديثة عبر الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي لاستمالة الناخبين.
في وقت، أظهرت الاستطلاعات أنّ هناك عدم حماس لدى الكثير من الناخبين للاقتراع، والبعض يتريّث لحسم قراره بانتظار أي تطوّرات قد تؤثر على خياره.
وعلى الرغم من ذلك، فإنّ الأنظار تبقى مشدودة إلى كافة المناطق الفلسطينية لحصول أي تطوّر أو عمل أمني، من دون استثناء الوضع على حدود قطاع غزّة، الذي نجحت الجهود المصرية في التوصّل إلى تفاهمات بشأنه بين الاحتلال و"حماس".
وقد التزمت الفصائل الفلسطينية بما هو مطلوب منها للتهدئة، مقابل تنفيذ الاحتلال بنود التفاهمات التي تتمثّل بفتح المعابر وتوسيع مساحة الصيد المسموح به أمام الصيادين في بحر غزّة.
 
لكن إحدى النقاط الرئيسية هي سماح الاحتلال بدخول الأموال إلى القطاع، والبالغة قيمتها 40 مليون دولار أميركي، وطلب نتنياهو صراحة "تأجيل ذلك إلى ما بعد الانتخابات"، بذريعة أنّ إدخالها سيؤثر عليه في نتائجها، ويعرّضه لانتقادات حادّة، على حدٍ سواء، من معارضيه في اليسار، ومؤيديه في اليمين، فضلاً عن عائلات جنود الأسرى الإسرائيليين لدى "حماس"، وسكان مستوطنات قطاع غزّة".
وهو ما تزامن مع تنظيم طلاب من مستوطنة سديروت، بمنطقة غلاف غزّة، تظاهرة في رسالة قوية إلى نتنياهو، احتجاجاً على ما أسموه الوضع الأمني المتردّي، عبر وضع "دمية" لنتنياهو نفسه، في قلب ميدان "هبيما" بمدينة تل أبيب، وقالوا له: "شكراً".
 وأوضحوا من خلالها أنّهم سيشتاقون إلى نتنياهو، بدعوى أنّ فرصه بالفوز في انتخابات "الكنيست" ضعيفة، وليس جديراً بتولّي منصب رئاسة الوزراء.
ورأوا أنّ "نتنياهو يتصوّر أنّه يوفّر الأمن لبلاده، لكنه أمر خيالي".
وقررت سلطات الاحتلال، فرض حصار شامل على الضفة الغربية وإغلاق المعابر مع قطاع غزة إبتداءً من منتصف ليل الاثنين - الثلاثاء، وحتى منتصف ليل الثلاثاء - الأربعاء وفقاً لتقييم الوضع وساعات فتح المعابر بسبب الانتخابات الإسرائيلية.

المصدر :اللواء