تكثر في عالمنا العربي عمليات الشفط والتنحيف وعمليات النفخ والرفع والتكبير... بالإضافة لعمليتي الزرع والقلع ...وكلها عملياتٍ جراحية تنقل الإنسان من شكلٍ الى اخر لربما من شخصٍ الى اخر ، وبالتالي يفقد الهوية الربانية التي حباه الله بها .
انه جهاد التصابي الذي يلاحقه الرجال اليوم كما السيدات، الجهاد الذي يُبذل من أجله الكثير من المال والمحفوف بالكثير من المخاطر.
الجهاد الذي لم يكن له حاجة أو ضرورة منذ ما يقارب العقدين من الزمن ، واليوم أصبح للبعض حاجة كالماء والدواء .. الجهاد الذي بات موضة أفقدت البعض هويته حيث أراد التشبه بهذا أو ذاك ليس إلا ، الجهاد الذي أودى بحياة البعض وغيّر الصورة الطبيعية الجميلة للبعض ، الجهاد الذي تخطى الحاجة وبات هواية أو حتى إدمان ،الجهاد الذي وحّد الملامح فيما بين الكثيرات لا بل الكثيرون ، الجهاد الذي يظن البعض انه من خلاله سيخفون سنون العمر ويعودون لريعان الشباب، الجهاد الذي الغى أو شوه الملامح الطبيعية وغيّر الهوية وأعطى للبعض صورة موحدة وإنما غير سوية ، فالأخطاء الطبية من خلال الجراحة التجميلية تظهر يوماً بعد يوم، حيث باتت عمليات التجميل البسيطة تجرى في "الدكاكين والأكشاك" وبات أي مزين يجيز لنفسه أن يمتهن مهنة النفخ والرفع والوخز والشفط ...دون حسيب أو رقيب .
ومما لا شك فيه أن هذا الحقل الواسع في عالمي الجراحة والتجميل ساعد في النهضة الإقتصادية للبنان وقد تم تصنيفة بين الدول الأوائل لصناعة الجمال وبات بوصلة العرب للسياحة التجميلية، ولكن من المؤسف ان يصل الإفراط بعمليات التجميل الى ما وصلنا له اليوم .
ونقول ان جورجينا رزق التي فازت بلقب ملكة جمال العالم ولم تٌجري اي من العمليات الجراحة التجميلية ولم تحقن اي من تفاصيل وجهها بمادتي "البوتوكس والفيلر".
وعلى الرغم من أن الكثير من الرجال يخضع لعمليات الجراحة التجميلية إلا أن معظمهم وبشهادة الكثير منهم يؤكدون على انهم يفضلون السيدة الطبيعية التي لم تجري اي من عمليات التجميل او حتى السيدة التي لم تضع اي من مساحيق التجميل.
للأسف لقد أصبحت عمليات التجميل الشغل الشاغل للكثيرين في المجتمعات العربية بمختلف أنواعها، وإن إختلفت نسبتها من مجتمع لآخر.
يعتبر علماء النفس أن هذا الإفراط يعود لعدم الثقة بالنفس وعدم الرضا عن الذات ، وقد أصدر بعض المفتين فتاوى تنص على أن الإسلام يُحرّم إجراء هذه العمليات دون وجود سبب طبي.
وبالطبع فهذا يعود لكثرة المخاطر الصحية
التي تتعلق بأخطار العمليات التجميلية وفشل بعضها مما يجعلها سبباً في هدر صحة الإنسان التي أنعم الله بها علينا.
موضة مجتمعية
هي موضة مجتمعية ليس إلا ، لربما تنجم عن أوقات الفراغ التي لا يُحسن إستغلالها كما يجب فضلاً عن سطحية تفكير بعض النساء اللواتي يبحثن دائما عن التغيير الظاهري، وقد تأثرت الكثيرات بهذه العادات الدخيلة على المجتمع، خاصة مع عصر الإنفتاح الذي نعيشه وكثرة السفر خارج البلاد، فضلاً عن التأثر بالإعلام وبرامج الموضة.
ويبقى الجمال مصطلح مطاط لا يمكن ربطه بصفات محددة ، تتوقف نسبته على الرضا النفسي والقناعة الشخصية.
والإهتمام بالجمال يجب أن يكون في حدود المعقول وأن لا يتحوّل إلى الهوس.
فهناك من يكرر العمليات لدرجة الإدمان، وهناك بعض الحالات تحتاج لتدخل الطبيب النفسي للعلاج من الإضطرابات التي تدفع البعض للإدمان كونه لا يشعر بالرضا النفسي.
ونؤكد أخيراً على أنه مهما كانت الحاجة ملحة لعمليات التجميل علينا أن نتقي الله بها كي لا نأثم بتغيير خلقه ، كما يجب على الأطباء عدم مشاركتهم في المعصية وإقناع المدمنين على ضرورة الحفاظ على الهوية الأصلية.