برعاية وحضور معالي وزير الداخلية والبلديات ريا حفّار الحسن والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم أطلقت المديرية العامة للأمن العام حملة التوعية من مخاطر الفضاء السيبراني "حتى ما تكون ضحية" في حفل أقيم قبل ظهر اليوم في فندق الكورال بيتش.
حضر الحفل وزير الإتصالات محمد شقير ممثلاً بمدير عام الإستثمار والصيانة باسل الأيوبي، أمين عام المجلس الأعلى للدفاع اللواء محمود الأسمر، رئيس المجلس الأعلى للجمارك العميد أسعد طفيلي، مدير عام وزارة الإتصالات ناجي أندراوس ممثلون عن قادة الأجهزة العسكرية والأمنية وعدد من الإختصاصيين والأكاديميين والإعلاميين وطلاب الجامعات والمدارس وضباط من الأمن العام.
بعد النشيدين الوطني اللبناني والأمن العام عرض رئيس دائرة الإتصالات في المديرية العامة للأمن العام العقيد جمال قشمر لمخاطر الفضاء السيبراني والذي يأتي في مقدمها خطر التجنيد لصالح العدو الإسرائيلي والتجنيد لصالح الإرهاب وباقي المخاطر كالمخدرات الرقمية وتجارة وترويج المخدرات إضافة إلى الإبتزاز الإلكتروني عبر قرصنة الحسابات وسرقة المعلومات والبيانات الشخصية واستغلال الصور أو مقاطع الفيديو الشخصية.
ثم تناول قشمر موضوع أمن المعلومات وكيفية المحافظة عليها معدّداً الإجراءات الواجب اتخاذها للمحافظة على أمن المعلومات والبيانات الشخصية وعدم التعرض للإبتزاز.
بعدها كانت كلمة للواء عباس ابراهيم قال فيها:
تطلق المديرية العامة للامن العام مبادرتها هذه عن التوعية من مخاطر الفضاء السيبراني، الذي صار يختزن حياة البشر ونمط عيشهم ومناهج تفكيرهم، وذلك لهدفيْن:
الاول: توعوي ـ تربوي
والثاني: أمني
بحيث يتقاطع الهدفان عند ثالث رئيسي وهو حماية لبنان بمؤسساته وشعبه من هذه المخاطر.
الاهم في اجتماعنا هذا، هو ما سيليه من مبادرات يتلاقى فيها قطاع التربية والمجتمع المدني مع مؤسسة الامن العام، لمتابعة حملة التوعية والارشاد حول كيفية حماية الانظمة الالكترونية وخوادمها والشبكات من الهجمات المنظمة، التي تستهدف الأفراد والمؤسسات، ومن خلالهما لبنان الذي يقف منتصرا على الارهاب، صامدا متماسكا بوحدته الوطنية أمام هجمة تهويلات وضغوطات لم يشهد بمثل قسوتها حتى ايام الحرب المشؤومة.
ان التهديدات السيبرانية موجهة لتطال كل شيء دون استثناء، بدءا من الحياة الشخصية اليومية، وصولا الى تجنيد عملاء وارهابيين، وكلها مخاطر تتطور بشكل خطير وسريع. لذا صار ضروريا إطلاق حملة توعوية تطال مختلف الفئات العمرية. كما ان الرأي العام بحاجة لمعرفة مفاهيم الجريمة الالكترونية التي يقتضي وضع اسس قانونية لها وبلورة مفاهيمها. لذلك عملنا على إصدار كتيب "امن المعلومات والتوعية من المخاطر" ضمن خطة التوعية لا سيما في المدارس والجامعات.
ايها الحضور الكريم،
لقد أحبطت المديرية العامة للامن العام خلال السنوات الماضية العشرات ممن تم تجنيدهم لصالح الجماعات الارهابية والعدو الاسرائيلي، هؤلاء جندوا عبر الفضاء السيبراني بمختلف وسائله. إن هذه الحرب الصامتة بيننا وبين أعدائنا ستظل مستمرة لحماية مجتمعنا، وما هذه الحملة إلا جزء من استراتيجيا المديرية العامة لتحصين لبنان من أخطار الفضاء السيبراني.
هذا بالاضافة الى حماية مواردنا الالكترونية من الهجمات السرية التي تنطوي على سرقة معلومات التعريف الشخصية، الابتزاز المادي والجنسي، الحسابات المصرفية، بطاقات الائتمان والمراسلات الالكترونية التي تباع على شبكات الانترنت المظلمة المعروفة بـ Dark Web .
في ظل هذا العمل، الموجه لكافة شرائح الفئات العمرية، لا يمكننا أن نغفل ماهية الأخطار المحدقة بالاطفال في عالم الانترنت، بدءا من العُنف وصولا الى الابتزاز الجنسي. وقد اوقفت الاجهزة الأمنية جميعها عددا كبيرا من مهددي أمننا الإجتماعي.
من الواضحِ في عالمنا اليوم أن كل شخص مهدد في الوقوع في دائرة الاستهداف الامني السيبراني، الذي اصبحت مخاطره متقدمة جدا في ميادين تقنيات سرقة البيانات ذات القيمة العالية، مستهدفة الامن الوطن والقطاعات المالية والمصرفية والاقتصادية والتجارية والتعليمية. لذا، صار لزاما علينا، وبما نمثل، اطلاق اكبر عملية توعية لتشكل مشروع إطار امان مستدام للمجتمع، وحماية لسيادتنا في العالم الالكتروني. وهنا الدور الاهم والاكبر للاختصاصيين في هذه الحقول للتعاون من أجل توعية اللبنانيين على وسائل الحماية من البريد الاحتيالي، واجراء التحديثات التي قد تكون ضرورية لما تحتويه من تصحيحات مهمة لاصلاحِ مشكلات الخلل المحتمل. الحماية والمعالجة ضروريتان، ولا يجب ان نكتفي بالتوعية التي تقف عند حدود التحذير لأن الامن السيبراني وعملياته يتطوران باستمرار وبشكل مطرد.
من هنا كان اختيارنا لشعار "حتى ما تكون ضحية"، لأننا نعلم، إنطلاقا من عملنا اليومي، أن كثيرين كانوا ضحية أعمال جرمية من دون حتى علْمهم، وهنا يكمن دورنا.
ان التوعية على مخاطر الامن السيبراني باتت ضرورية، لأن يومياتنا ووسائل عيشنا وميولنا الفكرية واتجاهاتنا السياسية، صارت في هذا الفضاء الدقيق والحساس، الذي بات ملازما لنا في كل شيء، ومن الاستحالة القطع مع هذا العالم. ولأنه كذلك، فإني أدعو إلى وضعِ معايير في اطار تحديث المناهج التربوية بحيث ينخرط فيه اللبنانيون جميعا بما يحقق أمرين:
الأول: الغوص علميا في هذا العالم لتعزيز مواردنا وحضورنا في هذا الفضاء
أما الثاني: هدفه توفير الحماية والحيلولة دون استباحة خصوصياتنا في كل المجالات وعلى مختلف المستويات. وبما يؤدي، إلى معرفة مكامن القوة ونقاط الضعف.
هذان الامران بحاجة الى ورشة عمل علمية تنهض على عملية تشريعية تقنية تعليمية. ولم يعد ينفع ترك الامور لمبادرات عشوائية او انتقائية، لأن الاجدى والاسلم جعل مبادرتنا اليوم مبادرة وطنية شاملة.
العصرنة والحداثة هما الفضاء السيبراني بما هو بنـية متجددة متطورة، جعلت ايقاع الحياة يمضي على التحولات الرقمية في الهواتف الذكية والالواح الاكترونية. حتى الحروب صار العالم الرقمي أساسها وعنوان فظاعاتها. والحال هذه، كيف يمكن لمجتمعنا وطلابنا ان يبقوا بمنأى عن هذا الواقعِ المحفوف بالمخاطر والتي ترافقهم ليل نهار؟ كيف يمكن لمؤسساتنا الامنية ان تنتصر في الدفاعِ عن لبنان وتحميه من الاختراقات الارهابية والصهيونية التي لا تتوقف يوميا، على مدار الساعة؟
لذا صار التشابك الوطني، بالتعاون بين الجميع، ذا أهمية بالغة لتعزيز أُطر التوعية من جهة، وبناء فضاء سيبراني آمن من جهة اخرى.
القطاع التربوي أمام تحدي الانخراط أَكثر فأكثر في الفضاء السيبراني، إستدراكا لما يحمله المستقبل من متغيرات تكنولوجية متسارعة، ستكون هي الحكم الفيصل في سوق العمل، لأن فرص العمل ستقوم على التقنيات الناشئة اليوم، واقتصاد المعرفة والطاقة المستدامة في كافة القطاعات التي سيتم ربطها بالدرجة الاولى بالذكاء الاصطناعي.
العالم يسبقنا وليس من صالحنا الانتظار على ناصية التطور.
ثم ألقت الوزيرة الحسن الكلمة التالية:
للمرة الثانية في اقلّ من شهر،أقف على منبر حَدَثٍ ينظّمُهُ جهازٌ أمنيٌّ رسميّ، لِكَي أتحدثَ عن موضوع الأمن السَيبَراني.
إن الأنشطةَ المتزايدة المتعلقةَ بهذا الموضوع، تُظهِرُ إلى ايِّ مدى أصبح آنياً،ومطروحاً في يومياتِنا،بِقَدرِ ما أصبح الإنترنت حاضراً في حياةِ كلِّ واحدٍ منّا، كباراً وصغاراً.
وإذا كان العنوانُ التقنيّ للموضوع هوَ الفضاءُ السَيبرانيّ، فإن المشاكِلَ والمخاطِرَ التي نناقشُها، ونبحثُ عن حلولٍ لِمُواجَهَتِها، هي مشاكِلٌ ومخاطِرٌ نلمسها على الأرض، وليس في الفضاء.
إنها مشاكِلٌ فعليّة، عمليّة، قد يُواجِهُها أيٌّ منّا، في أيّة لحظة، وقد يقعُ ضحيَتَها. لقد غيّرت شبكة الإنترنت العالم، والغَت المسافات، وسهّلت الأعمالَ والمعاملات، ودَخَلَت كلَّ بيت، لكنّها في الوقت نفسه، وَلّدَت أنواعاً جديدة من الجرائم، وأساليبُ هذه الجرائم تتطورُ بسرعة كبيرة، كسرعةِ التقدّم التكنولوجي، وكوتيرةِ تطوّر شبكة الإنترنت.
إن الجميعَ، مِن مؤسساتٍ وجهاتٍ حكوميةً وحتى أجهزةٍ أمنية، وكذلك الافراد، من كل الأعمار، معرّضون لمخاطر الفضاء السيبراني.
لكنّ الجميع قادرون على حماية أنفسهم، بالوعي، أو بالتدابير الوقائية، إلاّ الأطفال. هم الفئةُ الأضعف، والأكثُر هشاشة...أمام الشاشة.
إن أهميّة حملة #حتى_ما_تكون_ضحية # التي ينظّمها الأمنُ العام، تكمن في أنها تتعلّق بهذه الفئة. فالإنترنت مش لعبة، كما تشدّدُ هذه الحملة، بل قد يكون أداةً للتلاعب بعقول أطفالنا ومشاعرهم، ووسيلةً لابتزازهِم واستغلالِ براءتهم. والأهمّ في هذه الحملة أنها تقوم على مقاربةٍ إنسانية، لا أمنيّة، لحمايةِ هؤلاءِ الأطفال.
فتحصينُ صغارِنا مِن مخاطِر الشبكة، يتطلبُ، أولاً وقبلَ كلّ شيء، إحاطَتَهم بشبكة توعية، وأفضلُ وسيلة للتوعية هي بناءُ الأهل صداقةً مع أبنائهم.
إن نشرَ ثقافةِ التوعية بين في المجتمع حول المخاطر السيبرانية، وكيفية حماية المعلومات الشخصية والبيانات، هو أحد العناصر الرئيسية في توفير الحماية من هذه المخاطر.
والتوعيةُ تأتي لتكمّل ورشة تطويرَ التشريعات والقوانين، بحيث تشمل بأحكامِها الأنواعَ المبتكرة والجديدة من الجرائم، وتفرضُ العقوباتِ على مرتكبيها.
ومن أبرز ما تحقَّقَ في هذا الإطار، صدورُ قانون المعاملات الإلكترونية وحماية البيانات ذات الطابع الشخصي.
ايها السيدات والسادة،
إنَّ حكومتَنا التي تضعُ نُصْبَ عينَيها الانتقالَ إلى عصر الحكومة الإلكترونية، تتعاطى باهتمام كبير وبجدّية مطلَقَة مع موضوعَ الأمن السيبراني، وقد أدرجَتْهُ ضمنَ بيانِها الوزاريِّ، الذي ينصُّ على تعزيز التدابير اللازمةِ لحمايةِ الفضاء السيبراني اللبناني والبنى التحتية المعلوماتية وحمايةِ البياناتِ الشخصية للأفرادِ والمؤسسات.
ويعملُ الفريقُ الوطنيّ للأمن السَيبراني على وَضْعِ إستراتيجيةٍ وطنيةٍ للأمن السيبراني في لبنان وإنشاءِ هيئةٍ وطنيةٍ تُعنى بهذا الأمر.
وهذه الاستراتيجية التي يُفترض إنجازُها في أيار الجاري، تتضمن مجموعة بنودٍ، من ابرزِها ﺗﻌﺯﻳزُ ﺩﻭﺭِ ﺍﻻﺟﻬﺯةِ ﺍﻻﻣﻧيةِ ﻭﺍﻻﺳﺗﺧﺑﺎﺭﺍﺗﻳﺔ، ﻭﺗﻭﺳيعُ نطاقِ التنسيقِ في ما بينها، ومأسَسَةُ ﺍﻟﻌﻣﻝ ﺍﻟﻣﺭﻛﺯﻱّ ﻷﻣﻥ ﻭﺃﻣﺎﻥ ﺍﻟﻣﻌﻠﻭﻣﺎت، عن طريق إستحداثِ مؤسسة عامة على مستوى عالٍ.
نعم، إلى هذه الدرجة، نعتبرُ أن الإنترنت والفضاء السيبراني مسألةٌ جديّة وخطيرة...ومش لعبة، ونعمل لحمايةِ الأفراد، ولضمان أمنِ إداراتِنا الحكومية، المدنيةِ منها والعسكرية، أو المؤسساتِ الخاصة،لكي لا يتعرضّ أيّ منها لاي اختراق، ولكي لا تكونَ الضحية...البلدَ واقتصادَه ككلّ.
شكراً على كل جهودكم.
وفي الختام أقيم حفل كوكتيل بالمناسبة.