لم يعد هناك أي تفسير لما يتعرض له مرفأ طرابلس من إهمال متمادٍ على كل صعيد، ومن محاولات لتشويه سمعته وتعطيل حركته، سوى أن ثمة مؤامرة كبرى تحاك ضد هذا المرفأ لإقفاله أو تعطيله وتحويله الى مرفأ ثانوي بعدما كلف الدولة نحو 150 مليون دولار لتطويره وتعميق غاطسه، وإنجاز مشاريع البنى التحتية، وتشغيل رصيف الحاويات فيه.
وأكثر ما يثير الاستغراب هو إصرار من يعنيهم الأمر على عدم إرسال كشافين جمركيين الى المرفأ ليعاونوا «الكشاف اليتيم» الذي يعمل ساعات طويلة بمفرده من أجل تسيير أمر الشركات لتخريج بضائعها، وذلك بالرغم من مرور أكثر من ثلاثة أشهر على المراجعات السياسية والمطالبات المدنية والتحركات العمالية شبه اليومية، فيما أنعم المعنيون على المرفأ بإرسال رئيس دائرة جمركية، قبل أن يفاجأ الجميع بأنه سيحال على التقاعد بعد أشهر قليلة، الأمر الذي يؤكد أن مرفأ طرابلس ليس بخير، وأن كل أصحاب القرار يديرون ظهرهم عن معالجة أوضاعه.
وما يزيد الطين بلة، هو إصرار رئيس الحكومة تمام سلام على عدم إدراج بند تعيين العضو السني في المجلس الأعلى للجمارك، على جدول أعمال مجلس الوزراء، الأمر الذي ينعكس سلبا على المجلس، وشللا على كثير من الدوائر الجمركية التي تنتظر التحاق موظفين جدد، وصرف المنح المدرسية والمساعدات الطبية لهم، وإجراء التعيينات والمناقلات.
وتشير المعلومات الى أن الرئيس سلام ما يزال ينتظر أن يتوافق «تيار المستقبل» على اسم العضو السني، خصوصا في ظل ما يتم تداوله في الأوساط الجمركية مؤخرا، عن تباينات بين الرئيس فؤاد السنيورة الذي يدعم تعيين لؤي الحاج شحادة، والأمين العام لمجلس الوزراء السابق سهيل بوجي الذي يدعم وصول هاني الحاج شحادة، فيما يسعى بعض الوسطاء الى إيجاد تسوية تقضي بتعيين رجاء الشريف لهذا المنصب، في وقت تشير فيه معلومات الى أن عدم إسراع سلام في تعيين العضو السني من شأنه أن يؤثر على الإيرادات المالية للجمارك، في ظل توقف كل صلاحيات المجلس الأعلى.
وإذا كان عدم تعيين العضو السني في المجلس الأعلى، ينعكس مزيدا من المعاناة على مرفأ طرابلس الذي يحتاج الى قرار منه لتعيين عدد من الكشافين الجمركيين، فإن المرفأ يواجه سلسلة قرارات جمركية جائرة تضعها مصادر مرفئية في إطار محاربته وتعطيلة وشل حركته.
وتشير هذه المصادر الى أن بعض كبار المسؤولين في الجمارك يواظبون على إطلاق التهم بحق مرفأ طرابلس بهدف تشويه سمعته وصورته، وأن ذلك اقترن أيضا، بتخفيض ساعات العمل الى الساعة السادسة مساء، فيما يقول القانون باستمرار العمل حتى غروب الشمس، ما يعني إهدار ساعتين من العمل يوميا في المرفأ، الأمر الذي ينعكس سلبا على الايرادات. وتلفت هذه المصادر الانتباه الى أن الجمارك لا تتوانى عن رفع الرسم الجمركي عن بعض البضائع التي تنطلق بقوة في المرفأ، وذلك لإجبار أصحابها على اعتماد مرفأ بيروت، مشيرة الى أن جهاز «السكانر» معطل منذ ثلاثة أشهر، ولم يبادر أحد من المعنيين الى إصلاحه، علما أن هذا الجهاز كشف قبل مدة نحو مليوني حبة كبتاغون كانت مهربة وتم ضبطها.
وتتساءل هذه المصادر: لماذا يحاول البعض تشويه صورة مرفأ طرابلس؟ ولمصلحة من؟ ولماذا عندما تنشط حركة البضائع تخفض ساعات؟ ولمَ عندما تأتي بضائع بكثرة يصار تلقائيا الى رفع الرسم الجمركي عليها؟ لماذا لا تواكب الادارة الجمركية تطور المرفأ؟ ولأي سبب؟ لماذا لم يتم إرسال كشافين حتى الآن؟
من جهته، يقول النائب محمد كبارة: إن ما يجري في المرفأ يؤكد أن فصول المؤامرة عليه وعلى طرابلس عموما مستمرة، مشددا على أننا لن نسكت عما يجري، وسنواجه كل من يحاول تعطيل عمله، ونحمل المسؤولية الى كل المعنيين وفي مقدمتهم رئيس الحكومة الذي من حق طرابلس عليه أن يسارع الى حماية مرفئها والسعي الى تطويره وتأمين كل المقومات لتأمين ذلك، بدءا من الكشافين الجمركيين وصولا الى كل الدوائر والمصالح.
ويضيف كبارة: إننا اليوم نكتفي بلفت النظر الى أن ما يحصل بحق المرفأ هو جريمة موصوفة، لكننا لن نسكت طويلا، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه، فعندها سيكون لنا موقف آخر، وقد أعذر من أنذر.