الاثنين 6 أيار 2019 03:25 ص

نتنياهو يصرف دمويته بتشكيل الحكومة وتحسين شروط التهدئة


* هيثم زعيتر

وسّعت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها الجديد على قطاع غزة جواً وبراً وبحراً، في يومه الثالث، ما رفع حصيلة الشهداء إلى 25 وإصابة العشرات بجراح، فضلاً عن الدمار الهائل الذي أحدثته الغارات والقصف.
فيما قتل 4 مستوطنين إسرائيليين وجرح العشرات بصواريخ أطلقتها المقاومة رداً على العدوان.
فقد استقبل أبناء غزة استعداداتهم لشهر رمضان المبارك بالعدوان الإسرائيلي، حيث  خاض رئيس حكومة الاحتلال المكلف بنيامين نتنياهو، جولة جديدة من الـ "سيناريوهات" المرسومة لتساعده على الإسراع بتشكيله الحكومة مع اقتراب انتهاء الأسبوع الثالث للمهلة الدستورية المعطاة له.
والجميع يُدرك أن ما يجري هو تصعيد، لا يصل إلى حدود الحرب، ويتوقف في ضوء وساطات جديدة تؤدي إلى تهدئة قديمة - متجددة، والتي ستكون السمة الأبرز لوقف العدوان على القطاع، وصولاً إلى التهدئة، وهو ما يعطي مبرراً لأكثر من طرف بتحقيقها.
وتكثفت الاتصالات المصرية ومن الأمم المتحدة مع الجانب الإسرائيلي والفصائل في قطاع غزة من أجل تحقيق وقف لاطلاق النار.
لكن ثبت أن نتنياهو لا يتقيّد بتنفيذ بنود التهدئة، بل يُسارع إلى النكث بها، وفقاً لمصالحه التي تضمن له البقاء على رأس الحكومة الإسرائيلية، ليصبح رئيس وزراء لأطول فترة زمنية في تاريخ تشكيل الحكومات في الكيان الإسرائيلي.
ويحاول الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، فرض شروطه تحت وابل النيران، بتعديل على ما كان جرى التوافق عليه قبل خوضه استحقاق الانتخابات العامة لـ "الكنيست" الإسرائيلي، والاستفادة من العدوان بتحصين إئتلاف أحزاب اليمين المتطرف، التي سمّته لتشكيل الحكومة. فيما المقاومة تُدرك جيداً محاولات نتنياهو بالتطويع، فتقابل القصف بالقصف والتهدئة بالتهدئة، رافضة تغيير قواعد الاشتباك.
في المقابل، إذا كانت لدى نتنياهو مصالح شخصية، فإن هناك مصالح متعددة، في طليعتها:
- تعهد نتنياهو إلى رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان، عدم الالتزام بالتهدئة مع الفصائل في قطاع غزة، بل أن المصلحة هي أمن الكيان الإسرائيلي.
- توقيت زيارة مسؤولين من حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" إلى القاهرة، للقاء المسؤولين في المخابرات العامة المصرية، وهذه ليست المرة الأولى، التي تتزامن فيها لقاءات مسؤولين من "حماس"، خاصة قائدها في قطاع غزة يحيى السنوار والمخابرات المصرية، مع التصعيد في قطاع غزة.
- إن بدء رد "حركة الجهاد الإسلامي" في فلسطين تضمن رسائل تزامناً مع بدء تنفيذ العقوبات الأميركية على إيران.
- عدم إيصال قطر الأموال التي تقدمها إلى قطاع غزة، والتي كانت تحولها سابقاً عبر الكيان الإسرائيلي، وأصبحت لاحقاً بشكل مباشر.
فقد صعّدت قوات الاحتلال من عدوانها على قطاع غزة، حيث أطلقت طائرات من دون طيار صواريخ على عدد من المباني السكنية، قبل أن تُغير الطائرات الحربية الإسرائيلية عليها وتسوّيها بالأرض، وتستهدف أيضاً أراضي زراعية، فتعالت سحب الدخان وغطت سماء قطاع غزة، ما أدى إلى سقوط 25 شهيداً وعشرات الجرحى.
وبين الشهداء الطفلة صبا محمود أبو عرار (سنة وشهران) ووالدتها فلسطين صالح أحمد أبو عرار  (37 عاماً) وهي حامل، متأثرة بجراحها التي أصيبت بها في الرأس جراء الاستهداف الإسرائيلي شرق غزة.
كما قصفت طائرات الاحتلال،  مبنى سكنياً مكوّناً من 6 طوابق  قرب "مول الأندلوسية" غرب مدينة غزة، ويضم مكاتب وكالة "الأناضول" للأنباء حيث دُمر بالكامل،  من دون وقوع إصابات. 
وفي تطوّر لافت، اغتالت قوات الاحتلال القائد الميداني في حركة "حماس" حامد أحمد الخضري (34 عاماً) من سكان مدينة غزة، باستهداف سيارته بصاروخ موجّه خلال قيادته لها في منطقة السدرة، وسط مدينة غزة، ما أدى إلى إصابة 3 مواطنين بجروح.
وهذه هذ العملية الأولى لاغتيال نشطاء وسط مدينة غزة منذ بدء التصعيد الحالي.
وأطلقت المقاومة وابلاً من الصواريخ تجاه المستوطنات، ووسّعت رقعة قصفها حتى وصلت إلى كريات جات وكريات ملاخي والنقب وأسدود وسديروت، أي إلى مسافة تجاوز 40 كيلومتراً من غزة. فيما فتح الاحتلال الملاجئ في غالبية مناطق غلاف غزة، التي أطلقت فيها صفارات الإنذار وتعطلت الحياة فيها، واضطر كثر للنزوح إلى أماكن أخرى أكثر أماناً.
واستهدفت المقاومة الفلسطينية بعد ظهر أمس (الأحد) سيّارة جيب عسكرية إسرائيلية - شمال قطاع غزة بصاروخ موجّه "كورنيت" عن بعد.
وأعلن مصدر في المقاومة أن "أفراداً من المقاومة أطلقوا صاروخاً، أصاب سيّارة الجيب بشكل مباشر"، مؤكداً أن "لدى المقاومة مفاجآت عديدة للاحتلال".
ونقلاً عن شهود عيان أن "طائرة مروحية حطت في المكان وقامت بنقل الجرحى".
وأعلنت "كتائب القسام" مسؤوليتها عن استهداف مركبة عسكرية إسرائيلية شمال قطاع غزة بصاروخ موجّه مطوّر، وقالت "إن القذيفة أصابته بشكل مباشر".
وهددت غرفة العمليات المشتركة للمقاومة في قطاع غزة، بتوسيع دائرة القصف، الذي وصل إلى الخضيرة وعسقلان، مع التهديد بأن تصل إلى بئر السبع، ميناء أسدود، ومطار بن غوريون ومفاعل ديمونا.
وقال مصدر في الغرفة المشتركة للفصائل الفلسطينية: "إن مواصلة العدوان على قطاع غزة، يوجب علينا مسؤولية الردّ وتوسيع دائرة الاستهداف للمغتصبات الصهيونية، بعد استشهاد الرضيعة صبا أبو عرار".
وأضاف: "إن فصائل المقاومة الفلسطينية أرادت مراقبة سلوك الاحتلال، إلا أنه لم يلتزم بالهدوء، وقصف منزلاً، أدى إلى استشهاد رضيعة شرق مدينة غزة، وهو ما يستوجب على فصائل المقاومة الرد والتصعيد.
من جهته، أعلن نتنياهو أنه أمر جيش الاحتلال الإسرائيلي بمواصلة العدوان على قطاع غزة.
وقال: "أعطيت أمراً للمدفعية وسلاح الجو بمواصلة قصف غزة، و"حماس" ليست مسؤولة عن هجماتها فحسب، بل عن هجمات "الجهاد الإسلامي" أيضاً، وهي تدفع لها. سنواصل العمل لاستعادة الأمن لسكان الجنوب".
وأصدر مجلس الوزراء المصغر "الكابينيت" تعليماته إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي، بتكثيف الهجمات وتعزيز القوات على الحدود.
فيما دفعت قوات الاحتلال بتعزيزات عسكرية إلى الحدود مع قطاع غزة.
كما قرّر الاحتلال وقف تزويد القطاع بالوقود مع إقفال المعابر المؤدية إليه.
من جانبه، أدان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، العدوان الإسرائيلي المتصاعد في قطاع غزة، وطالب المجتمع الدولي بتوفير الحماية لشعبنا الفلسطيني.
وأكد الرئيس على أن "هذا الصمت على جرائم "إسرائيل" وانتهاكاتها للقانون الدولي، يشجعها على الاستمرار في ارتكاب المزيد من الجرائم بحق أبناء شعبنا الفلسطيني".

 

 

 

 

 

 

 

المصدر :اللواء