الثلاثاء 21 حزيران 2016 12:10 م

الحكومة أمام استقالات غير مسبوقة ثلاث وزارات "لا معلّقة ولا مطلّقة"


في الخامس من شباط ٢٠٠٦، استقال وزير الداخلية حسن السبع على خلفية أعمال الشغب في الأشرفية، ولم تُقبل استقالته، إذ لم يرفع آنذاك رئيس الحكومة فؤاد السنيورة كتاب الاستقالة الى رئيس الجمهورية اميل لحود لتوقيعه وتعيين وزير جديد. ولكن وزير الشباب والرياضة أحمد فتفت حل مكانه وزيرا للداخلية بالوكالة. وبعدما استقال الوزراء الشيعة في تشرين الثاني ٢٠٠٦، استجاب السبع لدعوة رئيس الحكومة بالتراجع عن استقالته، وعاد الى ممارسة مهماته في الحكومة وفي وزارة الداخلية.
ورغم تأمين السبع نصاباً مريحاً لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة بعدما قدم كل الوزراء الشيعة استقالتهم من الحكومة في تشرين الثاني ٢٠٠٦، استمرت الحكومة، لكنها اعتبرت فاقدة للشرعية والميثاقية من كل من لحود ورئيس مجلس النواب نبيه بري.
وفي شباط ٢٠١٢ قدّم وزير العمل شربل نحاس استقالته من الحكومة واضعاً إياها بتصرّف رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون. أرسل كتاب الاستقالة الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وبعد التشاور بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية ميشال سليمان صدر مرسوم بقبولها، كما صدر مرسوم بتعيين سليم جريصاتي وزير عمل مكان نحاس.
وفي كانون الاول ٢٠١٣ أعلن وزير الاشغال العامة والنقل غازي العريضي توقفه عن مهماته في حكومة مستقيلة تصرف الاعمال، وتولى مكانه في الوزارة الوزير بالوكالة أحمد كرامي.
كل هذه الاستقالات الحديثة لا تشكل سابقة يمكن البناء عليها في ما تشهده حكومة الرئيس تمام سلام في استقالة ثلاثة من وزرائها اليوم. فلبنان لم يشهد سابقاً هذه المدة التي تجاوزت السنتين من الشغور في موقع الرئاسة، ولا وضعت في دستوره قواعد ترعى هذه المدة من الشغور الرئاسي.
في شباط الماضي قدم وزير العدل أشرف ريفي استقالته من الحكومة بكتاب سلَّمه الى رئيس الحكومة تمام سلام الذي قال بالأمس انه لم يتخذ في شأنها قراراً ولم يكلف أحداً مكانه. وما زال ريفي يسيّر عمل الوزارة من دون الحضور اليها، ومن دون المشاركة في جلسات مجلس الوزراء.
أما استقالة وزيريْ حزب الكتائب، فلا قدمت خطية ولا وزير العمل سجعان قزي مقتنع بها، ويتم التعاطي من الأمانة العامة لمجلس وزراء على أن الاستقالتين موقف سياسي، وأن الوزيرين غير مستقيلين ويمارسان مهماتهما رسمياً.
أكثر من مرجع قانوني انكفأ عن التعليق على استقالة وزيري الكتائب، لأنها اعتُبرت موقفاً افتراضياً طالما لم يقدّمها الوزيران خطية. ويستغرب مرجع كبير كيف قبل حزب الكتائب بأن يحلّ مجلس الوزراء مكان رئيس الجمهورية في كل القضايا الاخرى، وكيف سيروا الاعمال في غياب رئيس، في حين يمتنعون عن تسليم كتاب استقالة ليس فيه صلاحيات أساسية، بل مجرد تسلم. فالدستور نصّ على ان مجلس الوزراء يحلّ مكان رئيس الجمهورية، ومن أبسط الصلاحيات تسلّم مكتوب، فكيف لا يقدّم اليه كتاب الاستقالة؟ ويصرّ المرجع على أن الاستقالة، إذا كانت جدية ولا تخفي أعذار عدم تقديمها أموراً أخرى، فيجب أن تُرسل في كتاب الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء وليس الى شخص رئيس الحكومة. أما أن يقبلها مجلس الوزراء أو يرفضها فمسألة أخرى.
ويصرّ المرجع على ان الاستقالة تعتبر نافذة لمجرد تقديمها، ولا تحتاج الى من يقبلها، ويصبح الوزير مستقيلاً ويتولى مكانه الوزير الرديف. فليس في القانون ما يمكن وصفه بـ"نصف مستقيل"، والوزير المستقيل لا يحق له ممارسة أي صلاحية، لا تصريف أعمال ولا غيره.
ويستغرب المرجع القانوني التفسيرات السياسية الخاطئة والمتناقضة التي يفصّلها كل طرف على قياس الموقف الذي يريد، كأن يقاطع المستقيل جلسات مجلس الوزراء ويعلن أنه قد يعود للمشاركة فيها اذا استدعت الحاجة، بحيث لا يعود معروفاً اذا كان استقال أو لم يستقل.
ويخلص المرجع القانوني الى أن الاشكالية الكبرى تتمثّل بالاستقالة وبالاستمرار بما يسمى "تصريف الاعمال في الوزارة"، بحيث يسيّر الوزير الأصيل أعمال وزارته من دون أن يحضر جلسات مجلس الوزراء، ولا يمكن الوزير بالوكالة أن يتابع شؤون الوزارة بالحضور اليها ولا في مجلس الوزراء. ومجلس الوزراء لا يبحث في أي بند اذا لم يكن الوزير المعني به وصاحب العلاقة حاضراً في الجلسة. وبذلك تنقطع العلاقة بين مجلس الوزراء والوزارات التي استقال وزراؤها، وتصبح لا معلٰقة ولا مطلٰقة".

المصدر : جنوبيات