تجاوز مجلس الوزراء، في جلسته الاستثنائية امس، ملفات مناقصات النفايات ومديرية امن الدولة، وركز على البند الاساسي وهو مشاريع مجلس الانماء والاعمار التي خضعت لمناقشة نقدية تفصيلية من قبل الوزراء، من دون ان تخلو من مطالبات مناطقية خاصة، وتم نتيجتها تكليف المجلس تقديم دراسة تحليلية مالية لأرقام المشاريع، من حيث توزيعها وكلفتها.
وقرر المجلس عقد جلستين اسبوعيا واحدة استثنائية للمواضيع ذات الطابع السياسي واخرى لجدول الاعمال، وعليه ستُعقد الثلاثاء المقبل جلسة مخصصة لمناقشة الوضع المالي والخميس جلسة عادية. وقال وزير الاتصالات بطرس حرب ان تقرير الاتصالات سيكون جاهزا ليطرح في جلسة الخميس المقبل.
غاب عن الجلسة وزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي لاسباب صحية.
بدأت الجلسة بترحيب وزاري بالوزير العائد عن الاستقالة سجعان قزي، حيث صفق له بعض الوزراء فرفع يديه الاثنتين شاكرا، وألقى الرئيس سلام كلمة رحب بها ايضا بقزي، الذي ألقى كلمة وصفت بالوجدانية، واكد فيها انه فضّل المسؤولية الوطنية على الانضباط الحزبي، وغمز من قناة رئيس حزب «الكتائب» سامي الجميل بالقول انه لا يمكن اتهام كل الوزراء بالفساد.
وقال سلام، حسب المعلومات الرسمية التي تلاها وزير الإعلام رمزي جريج بعد الجلسة: إن هذه الجلسة تندرج ضمن انطلاقة جديدة لعمل الحكومة التي ستعقد، بالاضافة الى الجلسات العادية المخصصة لبحث المواضيع العادية الواردة على جدول أعمالها، جلسات استثنائية دورية لبحث الامور الطارئة التي تحتاج الى معالجة سريعة.
بعد ذلك دُعي رئيس مجلس الانماء والاعمار سمير الجسر وأحد مسؤولي المجلس، لحضور الجلسة لاستيضاحهما حول بعض النقاط الواردة في التقرير المقدم من المجلس، فتمت مناقشة عامة للتقرير أدلى خلاله الوزراء بوجهات نظرهم بصدد مضمون التقرير والأرقام والاحصائيات الواردة فيه، وتبلغ كلفتها بما يقارب 262 مليارا و499 مليون ليرة لبنانية، ومن أبرز هذه المشاريع مشروع اوتوستراد نهر الكلب ـ طبرجا ـ جونية.
مصادر وزارية أشارت إلى ان النقاش كان تقنيا وهادئا وموضوعيا ولم يتخذ أبعادا طائفية او مذهبية حادة، وان كان اتخذ اتجاهات مناطقية، حيث لمح بعض الوزراء المسيحيين الى ان بعض المشاريع غير متوازنة وجاءت على حساب المناطق المسيحية، عدا عن تفاوت قيمة المشاريع المنفذة في هذه المنطقة او تلك.
وابرز ما سجل من ملاحظات ان وزير الخارجية جبران باسيل استغرب كيف ان مجلس الانماء والاعمار وحده نفذ ما نسبته 81 في المائة من مشاريع الجمهورية على حساب باقي الوزارات المختصة. وحمل باسيل معه تقريرا يبين عدم التوازن في تنفيذ المشاريع في المناطق اللبنانية، مشيرا الى ان بعض المشاريع وهمية مثل مشروع جسر جل الديب.
وسأل وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب عمن يقرر أي مشاريع تنفذ وأخرى تؤجل؟
وتحدث وزير الثقافة روني عريجي مشيرا الى ان منطقة زغرتا ـ الزاوية حظيت بعدد قليل ومحدود من المشاريع، وكذلك قال الوزير حسين الحاج حسن عن منطقة بعلبك ـ الهرمل، معتبرا ان موازنة وزارة الاشغال العامة اقل بكثير من موازنة مجلس الانماء والاعمار، وايده في ذلك وزير الاشغال غازي زعيتر.
واشار وزير السياحة ميشال فرعون الى الشغور الحاصل في تركيبة مجلس الانماء والاعمار، داعيا الى اجراء تعيينات لملء الشغور، وقال: هناك هواجس كبيرة من خلال بعض الارقام الواردة، هذا عدا عن المشاريع الجديدة. واوضح ان هناك تعويضات تفوق الـ 12 مليار ليرة للمستحقات والاستملاكات والاحكام القضائية، وهناك حاجة الى اعتمادات كبيرة من دون احتساب الاستملاكات والمشاريع الجديدة، ولاستكمال تنفيذ قرارات سابقة. واعلن الحاجة الى انجاز ثلاثة مشاريع سياحية جديدة هي انشاء مرفأ سياحي في جونية، ومطار حامات احتياطيا، وطريق الشمال ـ طبرجا ـ بيروت، عدا عن حاجة زحلة وجزين وجرود جبيل وجرود عكار والبقاع الغربي لمشاريع سياحية. وطالب ايضا بتقارير تنفيذية لمجلس الاعمار كل ثلاثة اشهر تشمل القرارات والتنفيذ والحاجات.
وقدم الوزير قزي مداخلة مطولة ابرز ما قال فيها: البعض يفضل مقاربة مناطقية للمشاريع، لكن يسهو عن بال البعض ان لا فارق بين المقاربتين المناطقية والوطنية لأن المشاريع وان تمت في منطقة معينة فهي لكل المواطنين، وحان الوقت الا يكون همنا انماء منطقة على حساب منطقة أخرى. ان توزيع المشاريع لا يجب أن يخضع لمعيار الحرمان فقط بل لمعيار الحاجة الانمائية أيضاً.
واشار قزي الى ان في التقرير الذي قدمه مجلس الانماء والاعمار عرضا للمشاريع وكأنها تحصيل حاصل، في حين انها لا تزال مشاريع نظرية. ومثال على ذلك ان التقرير يشير الى ان منطقة كسروان حصلت على مشاريع بقيمة 341 مليون دولار، لكن حين ندرس التقرير نرى أن هذه المشاريع غير منفذة، ولا تزال اما في طور الدراسات أو الاستملاك، أو وضع دفتر الشروط او الحصول على اعتمادات وقروض. ولفت قزي الى ان المشاريع التي عملنا على اقرارها في هذه الحكومة بين عامي 2014 و 2015 لا تزال وعوداً برغم انه سبق ان تم التأكيد على تنفيذها بين عامي 2016 و2017.
وعدد الوزير قزي المشاريع وهي: طريق درعون ـ حاريصا (8 ملايين دولار)، طريق حارة صخر ـ درعون (6 ملايين)، توسعة وتأهيل طريق ميروبا ـ نهر الذهب، جورة الترمس ـ حدثات ـ يحشوش (27 مليون دولار)، التقاطعات الرئيسية على طريق جعيتا ـ فاريا (12 مليونا)، إنشاء محطتي معالجة الصرف الصحي والخطوط الرئيسية الساحلية والشبكات لساحل كسروان (14 مليونا)، انشاء محطة تكرير وشبكات المياه المبتذلة في بلدة حراجل والقرى المجاورة (19 مليونا)، مشروع حماية مياه نبع جعيتا من التلوث (36 مليونا)، مشروع تطوير قدرات مستشفى البوار الحكومي (8، 1 مليون)، انشاء مرفأ سياحي في جونية (16 مليونا).
وقال: كل هذه المشاريع تحتاج الى قرارات تنفيذية والخروج من الوعود. وشرح قزي صعوبة التنقل بين بيروت والشمال بسبب وضع أوتوستراد نهر الكلب ـ جونية ـ طبرجا. وطالب قزي ببدء تنفيذ توسعة هذا الطريق الدولية طالما التمويل الاوروبي مخصص لها.
الوزير محمد فنيش طالب بتوضيح كيفية اعطاء المناقصات للمشاريع واسماء الفائزين فيها، وابلاغ مجلس الوزراء بذلك.
وتحدث الوزير رشيد درباس معتبرا «اننا في رحلة قنص وصيد، كل يبحث عن طريدته، بينما الحاجة الى انماء الاطراف لا المركز»، وقال: كلنا عرفنا ما عاناه المركز نتيجة احزمة البؤس حوله. لذلك الحاجة الى مشاريع وطنية لا مناطقية.
القرارات الرسمية
بنتيجة المناقشة قرر مجلس الوزراء:
1 ـ الطلب من جميع الوزارات تزويد مجلس الانماء والاعمار خلال خمسة عشر يوماً بما لديها ولدى المؤسسات العامة المرتبطة بها، من مشاريع تم تنفيذها أو هي قيد التنفيذ ووضعيتها القطاعية والمناطقية وذلك اعتباراً من العام 2008 حتى تاريخه.
2 ـ تكليف مجلس الانماء والاعمار وضع دراسة تحليلية مالية للمشاريع موضوع تقريره ولمشاريع الوزارات والمؤسسات العامة، واقتراح مشروع خطة عامة مبنية على المعطيات كافة التي كانت موضوع هذه الدراسة وذلك خلال مهلة شهر.
3 ـ تكليف مجلس الانماء والاعمار إعداد تقرير عما تم تنفيذه من قرار مجلس الوزراء رقم 99 تاريخ 22/5/2014 من مشاريع وكيفية تنفيذه واستكمال ما تبقى من تلك المشاريع.