قبل أشهر، رصد العلماء للمرة الأولى موجات تسمّى موجات #الجاذبية، تعود إلى انصهار ثقبين أسودين في أعماق الكون، واليوم توصل باحثون إلى خريطة للأحداث السابقة على هذا الحدث، منذ تشكّل نجمين قبل مليارات السنوات، ثم تحوّلهما إلى ثقبين أسودين، وانصهارهما.
في الحادي عشر من شباط، رصد علماء الفضاء للمرة الأولى موجات الجاذبية التي تنبأ بوجودها نظريا عالم الفيزياء الشهير ألبرت آينشتاين قبل مئة عام ضمن نظريته المعروفة بنظرية النسبية العامة.
وقال آينشتاين في العام ١٩١٥ إن جاذبية المادة تؤدي إلى تشوّه في ما سمّاه «الزمكان» أي الكون بأبعاده الأربعة، الطول والعرض والعمق والزمان.
وشبّه آينشتاين هذا التشوه بذلك الذي تسببه قطعة حجرية تلقى في الماء، فتولد تموجات فيها، وأثبت أن وجود الأجرام يؤدي إلى تموجات يمكن التقاطها.
وتبيّن للعلماء الذين رصدوا موجات الجاذبية فعلاً في الأشهر الماضية، أن الموجات التي التقطوها تشكّلت في الجزء الأخير من الثانية التي سبقت انصهار ثقبين أسودين. والثقب الأسود هو جرم هائل الكثافة والجاذبية يبتلع كل ما حوله في الفضاء حتى الضوء، وهو يتشكّل بعد انتهاء حياة النجوم الكبيرة وتصدّعها على نفسها.
لكن لم يكن معروفاً ما الذي جرى قبل الانصهار، إلى أن كشف الباحثون في الدراسة الجديدة ملابساته.
وقال كرزيستوف بيلسينسكي الباحث في جامعة وارسو وأحد معدّي الدراسة «لقد صممنا نموذجاً معلوماتياً يضم كل أنواع النجوم، وجعلنا النجوم فيه تتطوّر وتشكّل ثقوباً سوداء ونجوما نيوترونية، ونجوماً من فئة الأقزام البيضاء، وكل الأنواع الأخرى».
بعد ذلك بحث العلماء عن الثقوب السوداء المشابهة للثقبين الأسودين اللذين التقطت المراصد أخيراً موجات الجاذبية من انصهارهما.
ورجحوا أن يكون الثقبان الأسودان تشكّلا من نجمين كبيرين، بكتلة تعادل ٤٠ إلى ١٠٠ مرة كتلة الشمس، أي أنهما من النجوم الأكثر وميضاً وكتلة في الكون.
وتشكّل النجمان، على الأرجح، بعد تشكّل الكون بملياري سنة، علماً أن الكون تشكّل قبل ١٤ مليار سنة في ما يعرف بالانفجار الكوني الكبير «بيغ بانغ».
وبعد 5 ملايين سنة على تشكّل النجمين، انتهى عمرهما وفرغت طاقتهما، فانهارا متحوّلين إلى ثقبين أسودين متقاربين، تعادل كتلة الواحد منهما ثلاثين مرة كتلة الشمس.
بعد ذلك بـ 10 مليارات و٣٠٠ مليون سنة، وقع الانصهار بينهما، ولم يصلنا خبر ذلك الحدث عن طريق موجاته إلا بعد مليار و٢٠٠ مليون سنة، بسبب البُعد الشاسع في الكون.
وقال الباحث «تثبت دراستنا أن النجوم يمكن أن تؤدي بسهولة إلى انصهارات بين ثقوب سوداء كبيرة».
ويتوقع معدّو الدراسة أن يتمكنوا من رصد ٣٠٠ انصهار بين ثقوب سوداء، كتلتها بين عشرين إلى ثمانين مرة كتلة الشمس، سنوياً اعتباراً من العام 2020.