«إنها كارثة». من دون تردد، يصف مسؤول اللجنة الشعبية في التجمعات الفلسطينية في الزهراني محمد البقاعي، نتائج التلامذة الفلسطينيين في امتحانات الدورة الأولى من الشهادة المتوسطة. بين مدارس مخيمات وتجمعات صيدا والزهراني وصور، لا تتجاوز نسبة النجاح بين الطلاب الفلسطينيين 49 في المئة، سواء منهم المسجلون في مدارس الأونروا، أو المدارس الرسمية أو الخاصة. إلا أن نسبة الرسوب الكبرى سُجلت في مدارس «وكالة الغوث» المختصة بتعليم اللاجئين الفلسطينيين حصراً. يجزم البقاعي بأنّ رسوب أكثر من نصف المتقدمين، ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ الشتات الفلسطيني في لبنان. في مدرسة العوجة الواقعة ضمن تجمّع العرش في عدلون (قضاء الزهراني) نجح ستة طلاب من أصل 17 في صف البريفيه. وفق البقاعي الذي يشغل منصب رئيس مجلس الأهل فيها، فإن ستة من الراسبين كان رسوبهم متوقعاً، في مقابل ستة آخرين نالوا مجموع علامات بفارق أقلّ من خمس علامات عن معدل النجاح. علماً بأنّ المدرسة نفسها حققت العام الماضي على غرار السنوات السابقة معدل نجاح فاق 90 في المئة. وفي مدارس «أونروا» صور، بلغ معدل النجاح 60 في المئة. فما الذي استجد هذا العام؟
يقول مدير إحدى مدارس الأونروا في صور لـ«الأخبار» إن الترفيع الآلي للطلاب من المرحلة الابتدائية، وحتى الصف المتوسط الثالث والاكتظاظ داخل الصفوف (يصل عدد طلاب الصف الواحد إلى 50) هما السببان الرئيسيان لظاهرة الرسوب، فضلاً عن إلغاء مبدأ الوظائف الثابتة للأساتذة، واستبدال التعاقد بها، «ما قلّل من حماسة الأستاذ على بذل الجهد والعطاء، ما دام سيغادر بعد عام أو أكثر». ومن الأسباب أيضاً، صرف «الأونروا» مبالغ طائلة على دورات تدريبية للطاقم التعليمي والوظيفي على الأنشطة اللاصفية وحقوق الإنسان «بدلاً من صرفها على تطوير المناهج والصفوف وتحسين المدارس». تلك الأسباب تتلاقى مع سياسة الأونروا بإلغاء مدارس ودمج أخرى وصرف موظفين وأساتذة، «ما خلق جواً من عدم الاستقرار بين الطلاب والأساتذة على السواء». لم يُعفِ المدير مسؤولية الواقع الفلسطيني في لبنان وانعكاسه على الطالب الفلسطيني. «انعدام الأفق والتضييق في مجالات العمل والبطالة المتفشية، دفع الكثيرين إلى التعليم المهني أو التسرب المدرسي». تلك العوامل «إذا لم تتغير، فستقدم نتائج أسوأ في الأعوام المقبلة»، كما أكد المدير. مع ذلك، لم تقف المدارس موقف المتفرج. وفق البقاعي، وُضعت خطط طوارئ لإعداد الطلاب الراسبين للدورة الثانية. منذ اليوم التالي لصدور النتائج، أطلقت مدارس الأونروا صفوف تعليم مكثفة لتحسين المستوى. وبالنسبة إلى نتائج الشهادة الثانوية المرتقبة، توقع البقاعي نتائج سيئة، «لكنها لن تكون أسوأ من نتائج البريفيه، بسبب غياب الترفيع الآلي في المرحلة الثانوية ووعي الطلاب الثانويين».