الدكتور طلال حمود عرض توصيات وآخر وأهم الإنجازات في مجال علاج أمراض القلب بالطرق التدخلية على ضوء مؤتمر ساو باولو:
الجزء الثاني:
١-إستمرار العمل على تطوير تقنيّات زرع الصمام الأبهر للقلب عبر التمييل Transcutaneous Aortic valve Implantation -TAVI بدون عمل جراحي كبير او مع جراحة بسيطة Minimally invasive surgery :
لقد كان لافتاً خلال المؤتمر الحالي للجمعية أللاتينيو - اميركية للطب التدخُّلي للقلب ان هذه الطريقة اصبحت اليوم من اهم واسرع العمليات. وان مخاطرها انخفضت بشكلٍ كبير واصبحت تُمثّل الحلّ الأمثل للمرضى الغير قادرين على تحمُّل العمل الجراحي إمّا بسبب تقدّمهم في السّن او لأسباب مرضية اخرى مثل الإنسداد الرئوي المزمن أو القصور الكلوي المزمن أو آثار الجلطات الدماغية وغيرها من الأمراض (اي ان مخاطر العمل الجراحي عندهم عالية جداً او غير قابلة للتنفيذ اي غير مُمكنة ابداً) .فبعد ان تأكّد الخبراء بأنّ هذه العمليات أعطت نتائج جيدة جداً عند هذا الصنف من المرضى لجأوا الى استعمال هذه التقنيات عند مرضى مصنّفين بأنّهم على درجات متوسطة من الخطر ويوماً بهد يوم تظهر دراسات تؤكّد ذلك. وقد عُرِضت في هذا المؤتمر عدة دراسات أكّدت المؤكّد وأثبتت بشكل قطعي فعالية هذه التقنيات عند المرضى الذين يُصنفون "انهم ذوي مخاطر متوسطة" او حتى "مُنخفضة" وهنا "بيت القصيد " ، اي ان هذه العمليات اصبحت الحلّ الأمثل لعلاج مرض إنسداد وبعض حالات تهريب الصمام الأبهر عند مُعظم المرضى . وتؤكد الدراسات ان اكثر من 400000 الف مريض إستفادوا من هكذا عمليات حتى تاريخ اليوم عبر كل انحاء العالم وانّ هناك توسيع كبير لأصناف المرضى وانواع واشكال امراض الصمام الأبهر التي من المُمكن علاجها من خلال هكذا عمليات والنتائج مع هكذا عمليات اصبحت توازي نتائج العمل الجراحي الكلاسيكي لا بل قد تكون هذه النتائج افضل من نتائج الجراحة على المدى القريب والمتوسط والبعيد. وهذا ما قد يُهدد عمل جرّاحي القلب الذين سوف يضطرون قطعاً لتوجيه مرضاهم نحو هكذا عمليات والتفرج على إنجازات اطباء القلب التدخّليين الذين سيأخذون من دربهم هكذا مرضى ومنذ عدة سنوات والأمر قد يكون اخطر عليهم في المستقبل القريب جداً . ونشير هنا الى أنّ المنافسة شديدة بين عملاقين كبيرين هما شركة Edwards وشركة Medtronic. لكن هناك عدة شركات اخرى اميركية ,اوروبية , صينية وهندية تتنافس وبسرعة للّحاق بالعملاقين الكبيرين اللذان كانا من اوّل واهمّ الشركات في البدء في تطوير هذه التقنيّات وتسويقها بشكل مذهل ورائع وسريع منذ اكثر من ١٥ سنة بحيث اكتسحا السوق العالمي حتى اليوم، وعلى الشركات الأخرى القيام بمجهود كبير للّحاق بهما.
٢-تطوير التقنيّات التدخُّلية لعلاج مشاكل الصمام التاجي للقلب ": Mitral regurgitation :
فبعد التطورات الهائلة في مجال علاج مشاكل الصمام الأبهر Aortic valve بواسطة التمييل TAVI والتي اصبحت التقنية الأولى لعلاج هكذا مرضى عندما يكونون متقدّمين في السن او غير قادرين على تحمُّل العمل الجراحي ، او حتى عندما يكون الخطر عليهم مُتوسّط او حتى ضئيل او خفيف كما في الدراسات الجديدة التي ستغيير مُستقبل علاج مرض إنسداد الصمام الأبهر في المستقبل القريب بعد ان اصبح عدد الذين استفادوا من هذه التقنية حوالي 400000 مريض عبر العالم كما ذكرنا. بعد كل ذلك إتجه الأطباء والخبراء لإعتماد ذات التقنيّات التدخّلية( من دون جراحة) لعلاج مشاكل الصمام التاجي وهو صمام مُعقّد جداً من ناحية تكوينه وطبيعته التشريحة وطريقة عمل وعلاقته بعضلة القلب الأيسر ووجوده في مكان من الصعب جداً الوصول إليه في وسط القلب وعلى خطوط التماس مع كل غُرف القلب الأخرى وخاصة وجوده على طريق عبور الدم الى البطين الأيسر الى الشريان الأبهر . ورغم كل تلك التعقيدات التشريحية والمكانية والوظيفية تتهافت اكثر من ٦٠ شركة عالمية على تطوير تقنيّات خلّاقة ومُبدعة لعلاج مشاكل تهريب هذا الصمام التاجي Mitral regurgitation والتي يؤدّي وجودها الى تدهور كبير في حالة المريض والى قصور قلبي كبير ووفيات مُبكرة في حال عدم العلاج . سوف نتكلم لاحقاً عن كل هذه التقنيات واكتفي اليوم بالقول ان حوالي 400 مريض حول العالم استفادوا من هذه التقنيّة الجديدة اي زرع صمام تاجي عبر التمييل والكثير الكثير من المرضى عبر العالم إستفادوا من الأجهزة الأخرى التي سوف نُخصص لها مقالات أُخرى. معظم هذه التقنيات الجديدة تتم عبر القسطرة او التمييل عبر المرور بالأوردة المُحيطة ومن ثم عبر إجتياز الحاجز الموجود بين الأُذين الأيمن والأيسر Transeptal access مثلاً, مع بنج خفيف او متوسط دون الحاجة لتنويم المريض بالكامل، لأنه قد لا يتحمّل ذلك في بعض الحالات بسبب حالته الحرجة او المُتقدّمة. وبعضها يعتمد على جراحة خفيفة عبر إقامة ثقب صغير في القفص الصدري ثم عبر ثَقف وإختراق قُمّة القلب Transapical access ومن ثم تمرير الصمام على سلك معدني قوي في الطريقة الاولى او دون سلك معدني عندما نَمرّ عبر قُمّة القلب. ويقوم الجراح في نهاية العملية بتسكير وتقطيب ثقب قمة القلب وثقب القفص الصدري. وعندما نَمرّ عبر الحاجز الموجود بين الأدين الأيمن والأيسر من المُمكن ترك هذه الفتحة او الثقب او تسكيرها بأجهزة خاصّة مُعدّة لذلك وهي تتكون من اسطوانتين او قرصين معدنييّن واحد صغير واحدة كبيرة موصولين بشريط صغير او روسور يُساهم في في ضغطهما على بعد وفي إلتصاق وتثبيت هذه الأقراص في الجدار في مكان الفتحة ( جهاز اسمه Amplatzer مثلاً).
٣-تطوير تقنيات التصوير بالأشعة او بواسطة التصوير الصوتي وجعلها كلّها متقاطعة بشكل مباشر وعلى شاشة واحدة:
ما يُبهر المرء في هذا العالم الطبي المُبدع حالياً، وفي مجال تصوير القلب تحديداً ، هو تسابق الشركات العالمية الكبرى الناشطة والموجودة منذ زمان بعيد في مجال تطوير آلات التمييل او القسطرة Cardiac cathaterization lab or Machines على إستعمال آخِر ما توصّل اليه العلم في هذا المجال من ناحية نوعية الصور وتطوير برامج مُتقدّمة جداً إما لمشاهدة الشرايين بشكل افضل وإما للتأكد من انّ الروسورات المُستعملة خلال هذه العمليات فاتحة بشكل جيد او غير مضغوط عليها وذلك عبر برنامج متعدّدة مثل برنامج Stent boost او عبر تطوير برامج اخرى لرؤية ما يُمكن ان نسميه باللغة العربية "خارطة الطريق للشريان" او "شبح الشريان"او خِياله وذلك عبر تقنية تسمى Dynamic Coronary Roadmap. وهي تقنية طوّرتها اولاً شركة Philips ولحقت بها الشركات الأخرى.،وتسمح من خلال اخذ صورة أوليّة للشريان بحقن المادة المُلوِّنة من رسم خارطة ثلاثية الأبعاد لمعبر الشريان الذي نريد فتحه او توسيعه. ومن ثم وبعد تثبيت هذه الصورة على الشاشة، يقوم الطبيب بإدخال السلك المعدني الرفيع في داخل الشريان دون حقن مواد مُلونة اخرى، و فقط عبر الإرتكاز على الصورة التي يوضعها امامه هذا البرنامج . وهذه التقنيات سف يكون لها دور كبير في تسريع عمليات فتح الشرايين وتخفيف كمية المادة المُلوِّنة المُستعملة بشكل جذري وهذا ما سيخفف كثيراًمن الآثار الجانية لهذه المواد خاصة على وظيفة الكلى. إضافة الى تخفيف كمية الإشعاعات التي يتعرّض لها او يتلقاها الطبيب خلال العملية فقط من خلال إعتماده على خارطة الطريق التي توفّرها هذه الخدمة.
أما اكثر ما يلفت الإنتباه في هذا المجال فهو سعي الشركات الثلاثة الأساسية في هذا المجال وهي Philips و General electric
و Simens لتقديم خدمات تجمع فيها على ذات الشاشة الموجودة امام الطبيب صُور التمييل Coronarography وُصور التصوير الصوتية العادّية للقلب او ثُلاثية الأبعاد 3D وصور التصوير الطبقي المِحوري للقلب Cardiac and Coro Scanner وهذا ما يسمح للطبيب من خلال مُشاهدة الصُور المُباشرة للقلب والمأخوذة في ذات الوقت بإثنتين او ثلاثة من هذه التقنيّات من مُراقبة كل خطوة يقوم بها الطبيب في علاجاته لزرع روسور مثلاً او لفتح إنسداد مُزمن او لإجراء عملية زرع صمام ابهري او تاجي أو لتسكير اي ثقب او مصدر للتجلط مثل في حالات تسكير الجيب او القطعة الزائدة Left appendige التي توجد في طرف الأُذين الأيسر، والتي قد تكون مصدر جلطات دماغية عند بعض المرضى، مما يستدعي إغلاقها بكل الطرق التدخّلية المُتاحة . وهنا تتسابق الشركات العملاقة التي ذكرناها سابقاً وغيرها من الشركات لدمج كل التقنيات الثلاثة التي ذكرناها وغيرها من التقنيات الأخرى الموجودة او قد يطوّره الخبراء قريبا في هذا المجال على شاشة واحدة تَنقل وتسمح للطبيب ان يُحلّل كل المُعطيات المأخوذة بهذه التقنيّات وبشكل حيّ ومباشر وهذا ما يسمح للعمل التدخُّلي بأن يكون بدقة مُتناهية وهذا ما يُعتبر ايضاً ثورة كبيرة في هذا المجال التدخُّلي.
دكتور طلال حمود
طبيب قلب تدخلي
رئيس جمعية عطاء بلا حدود ورئيس ملتقى حوار وعطاء بلا حدود.
هاتف 03/832853