عودة إلى الأصالة والتركيز على الانفتاح في شهر الرحمة والخيرتميّز شهر رمضان هذا العام في طرابلس بعاداته وتقاليده وتراثه وجمالياته، عبر سلسلة من الأمسيات الرمضانية التي تميّزت بمزايا الشهر الفضيل وروحانياته، وشكّلت مناسبة جمعت شرائح المجتمع الطرابلسي والشمالي واللبناني، فضلا عن مشاركة هيئات دبلوماسية وسياسيين وفاعليات وهيئات نقابية وإعلامية ورجال أعمال وفنانين من محتلف المناطق اللبنانية.
{ فكان مركز العزم الثقافي بيت الفن مركزا لاستقطاب اللبنانيين والأجانب في حلّته الرمضانية التي تضمنت أعمالا تسلّط الضوء على الحقبات التاريخية التي تروي تاريخ طرابلس والمراحل الزمنية التي مرَّت عليها في زمن الفاتحين والانجازات التي تركوها من مساجد وقلاع وحصون، بالإضافة الى الفتلة المولوية والأناشيد الدينية، والسحور المميّز بمأكولات وحلويات وعصائر شعبية طرابلسية، ولم يغب عن المنظمين لهذا العمل الرمضاني باعة العصائر والكعك بأزيائهم التقليدية، في مشهد طغت عليه الأجواء الشرقية المستوحاة من التاريخ العربي والإسلامي، فكانت قبب المساجد ومداخل القلاع مجسّدة في مجسّمات وضعت في البهو الخارجي المؤدّي الى غرف اكتست بالسجاد والآرائك الشرقية وقد تحلّق حولها محبّي طاولة الزهر والبرجيس وبائع القهوة مع «منقله» و«مصباته»، ما أضفى مشهدا جماليا أبهر الزوار من لبنانيين وغربيين ومسلمين ومسيحيين.
{ وكذلك الأمر في مركز الصفدي الثقافي فقد تميّزت ليالي رمضان فيه بأنشطة مختلفة حملت هم المدينة على كتفها فكان هدفها رفع سمة التطرف عن عاصمة الشمال وإحياء تراثها الفني الحديث منذ مئة عام حتى اليوم وفق آلية تركز على التعايش والانفتاح ليس على أبنائنا فحسب بل على ثقافات العالم كلها.
{ أما دار الفتى فقد خصّصت رمضان بالعمل الديني تحت عنوان: الأسرة الرمضانية، الذي تضمن حلقات تعليمية في مختلف مساجد الأقضية الشمالية الخمسة وذلك لترشيد الأسرة وتوجيهها التوجيه الصحيح، كما تضمنت أنشطة دار الفتى أنشطة تراثية مختلفة تدل على التمسّك بأصالة هذه المدينة اللبنانية.
الشيخ بلوط
{ مسؤول الشؤون الدعوية في دار الفتوى الشخ فراس بلوط قال متحدثا عن أنشطة دار الفتى في شهر رمضان: اهتمامنا بالأنشطة الرمضانية ارتكز على أساس ديني أولا وثانيا على أساس تراثي وتقاليد رمضانية، اما لناحية التقليد والتراث فاننا قمنا بالتواصل مع الجيش اللبناني من أجل الطلقات المدفعية عند السحور وعند الإفطار وأيضا السحور، وعممنا على البلديات في كل الأقضية التي تتبع لدار الأوقاف في الكورة والبترون والضنية والمنية وقضاء طرابلس الاهتمام بزينة رمضان.
أما لناحية الجانب الديني فكان وفق آلية تضمنت توزيع الدروس وحلقات العلم على مساجد الأوقاف، ووضعنا برامج رمضانية تحت عنوان الأسرة الرمضانية، وركزنا في الدروس الوعظية على دور الأسرة وأهميته في تربية الأولاد على أخلاق الإسلام وأخلاق رمضان إضافة الى عدد من الاحتفالات التي ستقام لمناسبة فتح مكة وليلة القدر.
وأضاف الشيخ بلوط ان شهر رمضان يتميّز في حرمته وقداسته في نفوسنا وفي صلب عقيدتنا، ونؤكد على ضرورة ربط الناس بهذا الشهر الكريم كونه محطة سنوية يجب التزوّد منها بالقيم الروحية التكافلية الذي يجب أن تستمر معنا في كل أيام السنة ويجب أن نلتزم بها.
ميقاتي
{ من جهته مدير مركز العزم الثقافي بيت الفن زياد ميقاتي قال: نحن في مركز العزم والثقافي نقوم ولمناسبة شهر رمضان المبارك وفي كل عام بأنشطة مختلفة نركز فيها على الحقبة المملوكية وعلى علماء طرابلس الذين كانوا من طلاب الشرع أو الصوفيين، وأحببنا أن نطلع الجميع على الارث الثقافي والعلمي الذي تركوه لنا في الحقبات الماضية كما أردنا أن نسلّط الضوء على الآثار المملوكية التي تضم مدارس وجوامع مختلفة في طرابلس وقد صممنا نماذج للجوامع المملوكية في طرابلس في باحات بيت الفن حتى نظهر للزوار قيمة هذا الصروح التراثية.
وأضاف: البرامج الثقافية في رمضان تميّزت بانها بنيت على ثلاث قواعد أساسية وهي تاريخية وثقافية ورمضاني فني الذي تناول القدود الحلبية والطرب الأصيل والعربي، وركزنا على السحور الرمضاني، واليوم تحوّل مركز العزم الثقافي في شهر رمضان المبارك الى بيت طرابلسي تقليدي تلك المنازل التي نعرفها منذ أكثر من خمسين سنة.
وتابع: الهدف من هذه الأنشطة أولا استقطاب السياحة الداخلية الى طرابلس وإعادة إحياء التراث الثقافي الطرابلسي الرمضاني الخاص بمدينة طرابلس ولإعطاء جو روحاني وثقافي في هذا الشهر الفضيل.
وقد تميّز رمضان هذا العام كونه حوّل مركز العزم الثقافي الى واحة ثقافية تراثية ومعرض رمضاني مع العلم ان السياح الذين أتوا من كل لبنان ومن خارجه انبهروا بالعادات والتقاليد القديمة التي تضمنتها أجنحة المركز ومحتوياتها. ونحن كمركز العزم الثقافي نرتكز على العمل لاحياء الارث الثقافي الطرابلسي والمحافظة عليه وفق منهجية كاملة عبر معارض كبيرة لاستقطاب فنانين كبار لإبراز هذه التحفة الفنية التراثية الرائعة.
وأخيرا أكد ميقاتي على أن «طرابلس تُعد متحفا تراثيا يجب الحفاظ عليه شكلا ومضمونا، من خلال الاهتمام بآثارها وإعادة احياء العادات والتقاليد الجميلة فيها، وإظهارها للرأي العام، وهذا ما نسعى إليه كفريق عمل، يحاول إعطاء الصورة الأجمل والأرقى لهذه المدينة وإظهار تعاليم ديننا السمح والمحب والرافض لكل صنوف التعصّب والإنغلاق على الآخر».
العلي
{ مديرة مركز الصفدي الثقافي نادين العلي قالت: في الحقيقة ان أنشطة مركز الصفدي الثقافي في رمضان تنوّعت كثيرا أولها بنشاط يحمل عنوانا: رمضان في مئة عام، وهذا العمل قام به مركز الصفدي بكل تفاصيله كانتاج وتصميم وغير ذلك وهو أعاد بذاكرة المدينة مئة عام الى الوراء مع العلم اننا نتميّز في طرابلس بتقاليد وعادات وحقبات فنية هامة أردنا هذا العام أن نسلّط الضوء عليها، وكان هذا النشاط عبارة عن ذاكرة من عام 1916 حتى 2016 وتناول المراحل الوثائقية لطرابلس وفي نفس الوقت قدّمنا فقرات ثقافية مرتبطة بالمراحل الزمنية في العقود العشر الماضية وبدانا بالقدود الحلبية أيام طرابلس الشام وقدّمنا عروضا عن الصوفية المولوية وانتقلنا الى أم كلثوم والسيد مكاوي، أم كلثوم التي غنتها امال رعد والتي تتميّز بصوتها الكلثومي، وقدّمت فرقة «أبو سليم» صلاح تيزاني «اسكتشات» فنية من وحي الشهر الكريم وشارك الفنان أحمد دوغان أيضا والطفل المميّز ستافيو هيكل، بالإضافة الى ذلك كنا نظمنا عدة أنشطة مع عدة دول مع السفارة الإسبانية والإيطالية ونظمنا أيضا نشاط عيد الموسيقى للسفارة الفرنسية ونظمنا عدة أنشطة منها سحورات وافطارات مع أطفال ميتم الشعراني.
وختمت العلي قائلة: نحن في مركز الصفدي الثقافي في كل عام نخص هذا الشهر بأنشطة مختلفة على أساس اننا نعتبر ان الثقافة هي التي تبني الأوطان، ونؤكد دائما على الانفتاج والتطوّر مواكبة للعصر الذي يتوجب علينا أن نستوعب فيه كل الثقافات الموجودة في العالم.
ونحن في مركز الصفدي الثقافي نضع استراتيجية معينة لعملنا باشراف السيدة فيوليت الصفدي ونضع نصب أعيننا عدة أهداف أولها استقطاب العدد الأكبر من المشاركين الذي يمكن أن يستفيدوا منها وحتى نظهر المدينة بأبهى حللها وانها رمز الحضارة والثقافة والرقي.
الشيخ فراس بلوط
زياد ميقاتي
نادين العلي
كورال الفيحاء وأناشيد الشهر الفضيل