الثلاثاء 20 آب 2019 10:59 ص

في الذكرى الخمسين لإحراق المسجد الأقصى... العلماء: لتأسيس جيل جديد يحمل المفاهيم الصحيحة تجاه القدس والأقصى


* منى توتنجي

تصادف غدا الذكرى الخمسون لإحراق المسجد الأقصى المبارك، عندما أقدم اليهودي - أسترالي الجنسية - مايكل دينيس على إشعال النار عمدا في الجناح الشرقي للمسجد الأقصى المبارك القبلة الأولى للمسلمين، فأتت النيران على كامل محتويات الجناح بما في ذلك منبره التاريخي المعروف بمنبر صلاح الدين، كما هدّد الحريق قبة المسجد الأثرية المصنوعة من الفضة الخالصة.

ومن ضمن المعالم التي أتت عليها النيران، في مثل هذا اليوم من عام 1969، مسجد عمر الذي كان سقفه من الطين والجسور الخشبية، ويمثّل ذكرى دخول عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى مدينة القدس وفتحها، إضافة إلى تخريب محراب زكريا المجاور لمسجد عمر، ومقام الأربعين المجاور لمحراب زكريا، وثلاثة أروقة من أصل سبعة أروقة ممتدّة من الجنوب إلى الشمال مع الأعمدة والأقواس والزخرفة، وجزء من السقف الذي سقط على الأرض خلال الحريق، وعمودي مع القوس الحجري الكبير بينهما تحت قبة المسجد، و74 نافذة خشبية وغيرها.

كما تضرّرت أجزاء من القبة الداخلية المزخرفة والجدران الجنوبية، وتحطمت 48 نافذة في المسجد مصنوعة من الجبس والزجاج الملون، واحترقت الكثير من الزخارف والآيات القرآنية.

واستطاع أبناء الشعب الفلسطيني آنذاك إنقاذ ما تبقّى في المسجد الأقصى قبل أن تجهز عليه النيران، بعد أن هرعت مركبات الإطفاء من مدن الخليل، وبيت لحم ومناطق مختلفة من الضفة والبلديات العربية لإنقاذ الأقصى، رغم محاولات سلطات الاحتلال الإسرائيلي منعها من ذلك، وقطعها المياه عن المنطقة المحيطة بالمسجد في نفس يوم الحريق، كما تعمَّدت مركبات الإطفاء التابعة لبلدية الاحتلال بالقدس التأخّر؛ حتى لا تشارك في إطفاء الحريق.

وأثار إحراق المسجد الأقصى من قبل المتطرف مايكل، ردود فعل كبيرة عند العرب والمسلمين، حيث أدّى في اليوم التالي للحريق آلاف المسلمين صلاة الجمعة في الساحة الخارجية للمسجد الأقصى، واشتعلت المظاهرات بالمدينة المقدسة، وكان من تداعيات الحريق عقد أول مؤتمر قمة إسلامي في الرباط بالمغرب، وإنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي التي تضم في عضويتها جميع الدول الإسلامية.

أما الاحتلال وبعد إلقائه القبض على الجاني، وجد له مبرّرا وهو «الجنون»، ليسافر إلى مسقط رأسه أستراليا، بعد أن مكث فترة قصيرة في مستشفى للأمراض النفسية قرب عكا.

وتولّت لجنة إعمار المسجد الأقصى التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية إزالة آثار الحريق التي تعرّض له المسجد الأقصى وترميمه وإعادة صنع منبر صلاح الدين الأيوبي، من خلال فريقها الفني المتكامل الذي بدأ عمله مطلع عام 1970م.

الصلح

مفتي بعلبك والهرمل الشيخ خالد الصلح قال بالمناسبة: في ذكرى إحراق المسجد الأقصى الذي هو أمانة في أعناق الأمة الإسلامية والعربية إلى يوم الدين لأنه ثالث الحرمين الشريفين ليعلم القاصي والداني حجم الانتهاكات التي يتعرّض لها المسجد الأقصى منذ الواقعة الأليمة التي حصلت، عندما قام بحرقه اليهودي الأسترالي الإرهابي «دينيس مايكل» بدعم من العصابات اليهودية قبل خمسين عاما.

وأشار الصلح أن هذه المؤامرات الصهيونية التي نتعرّض لها كعرب ومسلمين ويتعرّض لها إخوتنا في القدس الشريف، باتت مكشوفة بهدف إجلاء أهل بيت المقدس عن المسجد الأقصى وطمسه وإحلال الهيكل المزعوم مكانه، على غرار ما يحدث في المسجد الإبراهيمي، منوّهاً إلى أن هذه الجريمة لا زالت عالقة في الأذهان كونها محطة موجعة ومحزنة في تاريخ العالم العربي والإسلامي والدولي على حد سواء.

وشدّد على أهمية المسجد الأقصى وعروبة القدس، داعياً كافة الخطباء في يوم الجمعة القادم لضرورة إبراز هذا الموضوع من خلال خطبهم وكشف الانتهاكات المحدّقة والاقتحامات المستمرة للمسجد الأقصى من ناحية ومساعي الإحتلال لمحاولة التقسيم له من ناحية أخرى.

وتابع، لا بد لنا أن نهتم بقضيتنا الأولى وهي نصرة أهالي القدس وتعزيز صمودهم في التعليم والبناء وكل المجالات، وتحمّل المسؤولية والعمل على كسر الهجمة الصهيونية بحق الأقصى والقدس وأهل فلسطين كافة لأنها أرض وقف للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.

وختم قوله بحثّ المعنيين والأكاديميين وذوي الاختصاص بتغيير المفاهيم التوعوية على مستوى الجامعات والمدارس ورياض الأطفال حتى يتم تأسيس جيل جديد على المفاهيم الصحيحة والقوية بشأن المسجد الأقصى، مطالباً القيادات العربية والإسلامية بالوقوف عند مسؤولياتهم في الدفاع عن بيت المقدس وفلسطين لمواجهة الجرائم الصهيونية واعتداءاتهم الغاشمة. سائلاً الله تعالى الفرج القريب لأهلنا في فلسطين الحبيبة.

دلي

أما مفتي حاصبيا ومرجعيون الشيخ حسن دلي قال بدوره:

ها قد انتصف قرن من الزمان وما زال حريق أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ماثلا أمام أعيننا بواسطة يهودي حاقد مدرّب من أسياده والذي كان عام ألف وتسعماية وستين ميلادية حيث التهمت النار أجزاء هامة منه وعلى وجه الخصوص منبر محرّر الأقصى المجاهد صلاح الدين الأيوبي والتي ما زالت هذه الحادثة تؤلم قلوب المسلمين حتى دنّس الصهاينة في صبيحة عيد الأضحى المبارك أرض مسجد الأقصى وذلك ضمن سلسلة اعتداءات آثمة تستهدف تهويد القدس انها النار التي لا زالت تلتهم الأقصى والقدس والمقدسيين حتى الآن.

انها حرب الاقتحامات ومصادرة أملاك أهلنا في القدس، انها حرب الاغتصاب العنصري المستمر والذي يعاني منه المقدسيون والعمل الصهيوني المستمر من أجل منع المسلمين من أداء الصلاة في المسجد الأقصى انه أولى القبلتين ومسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومعراجه إلى السموات العلا وموضع إمامته للصلاة بالأنبياء عليهم السلام.

فان استهداف الأقصى لم يمنع المسلمين من الدفاع عنه، فقد شهدت بالأمس ساحات القدس مواجهات سقط بنتيجتها جرحى من المقدسيين وعلى رأسهم مفتي تلك الديار دفاعا عن القدس والأقصى شبابا وشيبا، رجالا ونساء يتصدرن لهجمات الصهاينة بأسلحتهم وهم عزّل إلا من الإيمان والشجاعة.

الأقصى في خطر فهل من صلاح الدين؟..

الأقصى في خطر هل من معتصم؟..

الأقصى في خطر هل من عمر بن الخطاب؟..

اما آن لنا.. أن نفيق من سباتنا...

اما آن لنا أن نتخلّى عن أنانياتنا وقومياتنا ونحدّد جميعا البوصله بقلب رجل واحد باتجاه القدس والأقصى ألم تصل بعد إستغاثة تلك المقدسات الى مسامعنا أم صمّت الآذان؟! كيف يطيب العيش وأرضنا مغتصبة وأولادنا يقتلون وأعراضنا تنتهك وبيوتنا تدمّر أم ران على قلوبنا؟!..

اننا حين نجدّد الذكريات الأليمة فاننا نجدّدها من أجل شحذ الهمم وإبقاء شعلة الإيمان والجهاد قائمة والهدف هو فلسطين التي تحتضن المقدسات الإسلامية والمسيحية، المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، فتحرير الأقصى واجب علينا جميعا لإعادة الحق الى أصحابه وطرد الصهاينة المغتصبين من أرضنا...

واختتم بالقول: وإذا لم نستفيق من غفلتنا فان العدو الصهيوني قد أعدّ عدّته لحرق وتدمير جميع المقدسات وسلب ممتلكات أهلنا وطردهم.. هل من سامع؟ هل من مغيث؟! هل من قائد يفوز برضوان الله في اعداد العدّة لإستعادة القدس وفلسطين؟! وإلا الخزي والعار ستلحقنا جميعا ولا عذر لأحد بعد ذلك.

 

المصدر :اللواء