الثلاثاء 17 أيلول 2019 17:09 م

ملتقى حوار وعطاء بلا حدود نظم ندوة حول مكافحة الفساد في القطاع العام


* جنوبيات

بدعوة من ملتقى حوار وعطاء بلا حدود وبحضور عدد من المُهتمين بمكافحة الفساد والمسؤولين الحاليين والسابقين في القطاعات العامة المالية والمصرفية والأكاديمية والناشطين في مجال مكافحة الفساد، نظّم مُلتقى حوار وعطاء بلا حدود ندوة حول مكافحة الفساد في القطاع العام في قاعة احمد ناجي فارس في بيروت : مقاربة في تطبيق قواعد الحوكمة الرشيدة ، قدّمها، بصفته الشخصية، الدكتور نزار البركوتي الخبير التونسي في شؤون الحوكمة ومكافحة الفساد ومستشار المصالح العمومية ومدير عام حقوق الإنسان والمُكلّف بمأمورية بديوان رئيس الحكومة التونسية.

بعد كلمة ترحيبية من منسق الملتقى الدكتور طلال حمود قدّم فيها الدكتور البركوتي وأشاد بالمهنية العالية التي يتعاطى بها الضيف الكريم  في شؤون الحوكمة ومكافحة الفساد في تونس خصوصاً وأنه صاحب خبرة لا تقلّ عن عشرين سنة من العمل في هذا المجال وهو حاصل على شهادات الدكتوراه والماجيستير في القانون العام والليسانس في الحقوق من كلية الحقوق والعلوم السياسية في تونس، وهو ايضا خرّيج المدرسة الوطنية للإدارة في إختصاص الإدارة العامة وحاصل على رتبة مستشار المصالح العمومية منذ سنة ١٩٩٩.

وقد كان له محطّات كبيرة في مجال العمل الحكومي وتدريب خلايا الحوكمة في مختلف المصالح العمومية التونسية وشغل عدّة مناصب في هذا الشأن. كما تعاون مع برنامج الأمم المُتحدة الإنمائي ومُنظمة التعاون والتنمية الإقتصادية ووكالة الإسكوا وهو محاضر في العديد من المنابر المحليّة والدولية للتعريف بالإصلاحات والمبادرات في مجال الحوكمة ومكافحة الفساد وله أبحاث عديدة في هذا المجال. بعد ذلك قدّم البركوتي قراءة مُستفيضة لتجربته حول مكافحة الفساد في القطاع العام خصوصاً وأنّه أصدر مؤخراً في سنة ٢٠١٨ كتاباً قيّماً يُعتبر من أهم المراجع العلمية المكتوبة باللغة العربية والمُتخصّصة في مجال مكافحة الفساد تحت عنوان مكافحة الفساد في القطاع العام: مقاربة في  تطبيق قواعد الحوكمة الرشيدة.

وقد أشار إلى أن كتابه الأخير يُعتبر من أحد اكبر التحديات الكبيرة في هذا المجال لأن الكتابة عن موضوع مكافحة الفساد تتطلب مهنية وحِرَفية عالية في مرحلة يكثر فيها الحديث عن هذه المواضيع وتختلط فيها المفاهيم وينحصر النقاش في المقاربات التقليدية التي لم تعد تنفع أمام الفساد الذي تحول الى مشروع إجرامي كبير. وأشار إلى أن الجزء الأول من كِتابه يَتكلّم عن حوكمة التشريع وتمكين مناعة القطاع العام عبر التضيّيق القانوني على الفساد وتطوير التشريعات في المواد الإدارية ومواءمة التشريعات مع المعايير الدولية معتبرا أن أكثر التشريعات القديمة التي يراد مكافحة الفساد بواسطتها اليوم، ليست قادرة على تحقيق النتيجة المتوخاة. بموازاة ذلك، أكد الدكتور البركوتي على أهمية إحلال النزاهة على القطاع العمومي وأخلقة وانسنة البيئة المهنية وأخلقة وانسنة  الحياة العامة من خلال برامج وأساليب وأدوات مبتكرة. أما الجزء الثاني من كتابه فهو يتكلّم عن تغيّير نمط الحوكمة على مستوى التصرّف العمومي، اي الإدارة العامة، والرقابة، بما في ذلك تجديد مقاربة التصرُّف العمومي والثاني، وإستحثاث البناء المؤسسي.

وقد ركّز  المحاضر على أهمية تقوية مناعة مؤسسات القطاع العام ضد الفساد عبر إيجاد القوانين الكابحة لهذه الظاهرة وعبر إشاعة الشفافية وركّز على أهمية النزاهة الذي يجب أن يتمتع بها كل مُوظّف ومسؤول في القطاع العام وعلى أهمية الشفافية وأهمية قوانين حق الحصول على المعلومات كخطوة أساسية في مجال مكافحة الفساد. كذلك أشار إلى أن الفساد يترتّب دائماً في الغرف السوداء وعبر الإحتكاك المُباشر بين المُواطن والمُوّظف في القطاع العام.

ولذلك فقد إعتبر أن الإعتماد على التقنيات الجديدة وعلى "الحكومة الإلكترونية " مُشدداً على ضرورة الإستفادة من توفير الخدمات الإلكترونية لأنها تُعتبر حاجزاً كبيراً وقائياً  لمنع حدوث عمليات الفساد. في النهاية أكّد دكتور البركوتي على أن الحرب على مكافحة الفساد يجب أن تكون تراكمية ودائمة، وان تكون بقيادة واعية وقادرة، لافتا أن القيادة في مثل هذه الجهود ليست بالضرورة لمن هم في السلطة، خصوصا وأن القضاء على هكذا ظاهرة في مجتمعاتنا تتطّلب جهداً كبيراً وعملاً دؤوباً طويل النفس لأنه من الصعب جداً القضاء نهائياً وبسرعة على هذه الضاهرة ، خصوصاً عندما تكون قد  تفشّت بشكلٍ كبير في جسم القطاع العام أو في القطاع الخاص. وأشاد الدكتور البركوتي بالمسار الجديد والمجدد الذي بدأ يتشكل من سنوات قليلة في إطار الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، ويقوده نخبة من الخبراء في المنطقة العربية بمقاربة منهجية وواعية للتعقيدات السياساتية والفنية التي تواجه هذا الملف، وأشار إلى بعض ما تم إنجازه في تونس بدعم من هؤلاء الخبراء في هذا المجال.

بعد ذلك كان هناك مداخلات مُتعددة للخبراء الماليين والمصرفيين والأكادميين الحاضرين والمُهتمين بشؤون مكافحة الفساد ركّزت على أهمية تبادل الخبرات بين الناشطين في مجال مكافحة الفساد في  كل الدول العربية، وعلى ضرورة تعميق هكذا ندوات بمزيد من النقاش والمتابعة، وأكّدوا جميعهم على أهمية إستمرار هذا التعاون في المستقبل القريب وعلى المدى البعيد  لأن ظاهرة الفساد أصبحت في لبنان وفي معظم دولنا العربية ظاهرة خطيرة جداً تتفشى في جسم القطاع العام كالسرطان،  وأن التصدي لها يستدعي إستنفار  كل الناشطين في هذا المجال وخاصة المواطنين العاديّين وجميع مؤسسات المجتمع المدني لإيجاد آليات الضغط والتدابير اللازمة لمواجهة مُمارسات المسؤولين والمُتورطين في هذه الظاهرة.

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر : جنوبيات