تجاوزت «عاصمة الجنوب»، صيدا قطوعاً، كاد أن يحمل ما لا تحمد عقباه، إثر منع أمين عام «التنظيم الشعبي الناصري» النائب الدكتور أسامة سعد من قبل قوى الأمن الداخلي، الوصول بسيارته إلى مدخل مكان إقامة احتفال تدشين «مركز قوى الأمن الداخلي»، وسط السوق التجاري في صيدا، على الرغم من السماح لشخصيات أخرى الوصول بسياراتها إلى المكان ذاته!.
البداية كانت لدى وصول النائب سعد في السيارة التي كان يستقلها وهي من نوع CVR، عبر شارع فخر الدين، إلى الشارع الذي يفصل عن مكان إقامة الاحتفال، حيث كانت قوى الأمن الداخلي تقفله بعوائق حديدية وسيارات عائدة لها.
لدى ترجل أحد مرافقي النائب سعد، طالباً من عناصر الحاجز فتح الطريق لنائب المدينة، قُوبل ذلك برفض، ما أدى إلى حصول صراخ بينهم، حيث قام أحد عناصر قوى الأمن الداخلي بتصوير مرافق سعد، الذي ترجل من السيارة وعلا الصراخ، قبل أن يتطور الأمر إلى توتر وتلاسن بين النائب سعد وضباط من قوى الأمن الداخلي.
وأقدم أحد مناصري «التنظيم الناصري» على لكم الزجاج الخلفي لسيارة مركونة، تبين أنها تعود إلى العميد سعيد فواز، ما أدى إلى تحطمه.
ما زاد من حدة التوتر، أنه كان قد سبق منع النائب سعد قبل فترة من دخول مخفر صيدا الجديدة، خلال إدعاء إدارة «مستشفى صيدا الحكومي» على 13 موظفاً وموظفة بحجة إقفال مرفق عام.
مع تطور الأمور، أعلن عدد من المُشاركين في احتفال تدشين المبنى، انسحابهم، وفي مقدمهم الرئيس السابق لبلدية صيدا الدكتور عبد الرحمن البزري.
وتقاطر شبان من «التنظيم الناصري» إلى المكان محتجين على منع النائب سعد.
وشهدت الأسواق التجارية في المدينة، مسيرة غاضبة تقدمها النائب سعد والبزري، قبل أن يعمد مناصرون من «التنظيم الناصري» إلى إغلاق عدد من مداخل صيدا بوضع العوائق وحاويات النفايات وإشعال النيران في الإطارات المطاطية، التي تمت إزالتها بناء لطلب النائب سعد، حيث قام عناصر الإطفاء بتنظيف آثارها.
وتلقى النائب سعد سلسلة من الاتصالات المُستنكرة، واستقبل شخصيات ووفود مُتضامنة وشاجبة لما حصل.
النائب سعد
أكد النائب سعد الاستمرار في نهجه المُعارض للسلطة وفسادها وارتكاباتها، وقال: «لقد منعوا نائباً وطنياً من الوصول إلى مكان الاحتفال، لقد جئت كرمى ابن صيدا أحمد النداف «أبو محمود»، لأنه قدم شيئاً لهذا البلد وللدولة التعبانة التعيسة. مع الأسف تصرفوا بطريقة غلط، منعوا سيارتي من الدخول إلى مكان الاحتفال، في مقابل أن هناك الكثير من السيارات التي دخلت. هول جماعة زعران وطراطير، يخضعون لقرار سياسي، ويسيئون للبنان ولمجلس النواب. أنا لا أنتظر موقفاً من مجلس النواب إزاء هذا التصرف الذي تكرر للمرة الثالثة. ولأنني مُعارض يتصرفون معي بهذا الشكل. هذه السلطة الموجودة، والسلطة التي سبقتها، وهذه الحكومة فليقولوا لنا ماذا قدموا لهذا البلد غير الإفقار والموت على أبواب المُستشفيات، والبطالة، وتردي الاقتصاد، ومُستويات المعيشة، والحفر في الطرقات، وقطع الكهرباء والمياه. لقد حملونا 100 مليار دين، وصرفوا خلال 20 سنة 250 مليار، وما في شي».
وختم النائب سعد: «هول قرطة حراميي.. سراقين.. مكانهم السجون.. هول لا يُمكن لهم أن يمنعوا نائب يُمثل الشعب من أن يذهب إلى أي مكان يريده. نحن بإرادة شعبنا سنذهب وين ما بدنا. ونبشركم أنه بإرادة شعبنا سيشهد المرتكبون أياماً سوداء.. وسنسترد الأموال التي نهبوها».
البزري
من جهته، إعتبر الدكتور عبد الرحمن البزري أن «ما حدث مع النائب سعد أمر غير مقبول، وهو إهانة لكل المدينة التي تعتبر أن نائباً مُنتخباً لها بأسلوب ديمقراطي، تعرض لخللٍ واضح في تعامل الأجهزة الأمنية التي كانت تضبط تنظيم هذا الاحتفال، وهذا الأمر كان قد تكرر في السابق لحوادث مماثلة، ونحن نقول إن على الدولة اللبنانية عموماً، والتي هي أساساً سمعتها الآن في الحضيض نتيجة لفشلها الواضح في إدارة الأمور الحياتية، التنبه الى الغضب الصيداوي الذي قد ينفجر في أي لحظة نتيجة لسوء المُعاملة التي تتلقاها المدينة، ولغياب الإنماء الواضح عنها ولإهمالها خدماتياً ووظيفياً».
الشيخ حمود
ولدى زيارة رئيس «الاتحاد العالمي لعلماء المُقاومة» الشيخ ماهر حمود، النائب سعد، أدلى بتصريح قال فيه: «الخطأ كبير بحق المدينة وأهلها، ولم تقنعنا كل المُبررات التي سمعناها، وعلى وزيرة الداخلية أن تُقدم الاعتذار عما حصل، وأن تُحاسب المسؤولين عن هذا الخطأ الجسيم، كما أننا نُؤكد أن قطع الطريق ولو لفترة محدودة لا يخدم أية قضية، بل يسيء إليها، ويبقى الموقف السياسي والشعبي والقانوني والمعنوي قوياً جداً في مُواجهة هذا الخطأ الذي يجب التراجع عنه بصورة واضحة وبما يتناسب مع حجمه».
كما أجرى الشيخ حمود للغاية نفسها اتصالاً بالدكتور البزري.
«الناصري»
وأصدر «التنظيم الشعبي الناصري» بياناً جاء فيه: «مرة جديدة تتعرض السلطة، بواسطة قوى الأمن الداخلي، للأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري النائب الدكتور أسامة سعد. فهل باتت أجهزة الدولة أدوات بيد أطراف السلطة تستخدمها لتنفيذ مآربها السياسية؟».
وأكد أن «مناضلي المعارضة، ومعهم كل فئات الشعب اللبناني المُتضررة من سياسات السلطة ومُمارساتها، والناقمة على عجز هذه السلطة وفشلها وفسادها، لا يخشون القمع، بل سيواصلون التحرك والنضال من أجل إنقاذ لبنان واللبنانيين، ومن أجل التغيير على كل الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بهدف تجاوز الأزمات الخانقة التي أوقعت لبنان فيها سلطة المُحاصصة الطائفية، وبغية الوصول بلبنان إلى بر الأمان».
مواقف
{ وأجرى المنسق العام لـ»تجمع اللجان والروابط الشعبية» معن بشور اتصالاً بالنائب سعد «مُستنكراً ومُعتبراً أن الضوابط عليه ليس تطاولاً على شخص النائب فقط، بل تطاول على جملة القيم الدستورية والشعبية والاخلاقية والوطنية والقومية التي يمثلها أسامة معروف سعد».
{ ودانت «الجماعة الإسلامية» في صيدا «الأسلوب غير اللائق في التعامل مع نائب صيدا الدكتور أسامة سعد»، مُعتبرة أن «ذلك يُعتبر إساءة لكل المدينة عندما يمنع نائبها من الوصول الى مكان الاحتفال لأي سبب كان».
{ ورأى «تيار الفجر» أن «التجاوزات الأمنية المتكررة بحق النائب سعد، خروجاً فاضحاً على القانون، وإساءة بالغة للحد الأدنى من الأخلاقيات».
قوى الأمن
وصدر عـن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ـ شعبة العلاقات العامة بيان جاء فيه: «كانت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي قد أصدرت بياناً يتعلق بتدابير السير المُتخذة خلال الافتتاح، يتضمن الطريق المُخصص لوصول الشخصيات إلى مكان الاحتفال (المُمتد على كامل شارع الأوقاف اعتباراً من محلة ساحة النجمة، مروراً بشارع أحمد محمود النداف، وصولاً حتى قصر العدل القديم)، وقد سلك النائب سعد أحد المفارق الذي اعتمد كموقف للمدعوين والذي يبعد حوالى 4 أمتار عن مكان الاحتفال، وكان مقفلاً بواسطة سيارات الشخصيات المُدعوة، وقد تمنى الضباط المُتواجدين في المكان عليه الدخول إلى مكان الاحتفال، لكنه أصر على إزاحة جميع السيارات المتوقفة على هذه الطريق، عندها حصل اعتراض وهرج ومرج من قبل مناصري النائب سعد، وأقدم أحدهم على تحطيم الزجاج الخلفي لآلية عسكرية ذات لوحة مدنية كانت مُتوقفة في المكان.
ان المديرية العامة لقوى الامن الداخلي لم تمنع أي شخص دخول هذا الاحتفال ولا سيما النائب سعد، لا بل كان محل ترحيب. في الواقع ما حصل هو أن النائب سعد سلك الطريق غير المُناسبة، وبالتالي جرى تضخيم الموضوع بصورة غير مُبررة».