فجأة جاء الاتفاق على ملف الثروة النفطية والغاز، بعد تأخّر لسنوات عدّة، في وقت يستمر الخلاف بشأن الملفات الشائكة من الانتخابات الرئاسية والنيابية، وما يتعلق بسدود المياه، وأزمة الكهرباء والنفايات، والملفات الإدارية وغيرها، ما يزيد الأمور تعقيداً في ظل شلل يطغى على غالبية المؤسّسات الرئيسية...
ما الذي تغيّر، ولِماذا توقيت إعلان بث الحياة في مشروع العمل على استثمار ثروات لبنان من النفط والغاز في البحر، ولاحقاً في البر؟
هل دواعي ذلك، ظروف لبنانية أدّت إلى فتح "كوّة" في الجدار بين الأطراف السياسيين؟
أم هناك لفت نظر دولي، سواء أكان ذلك من دول أو شركات مهتمة بالاستثمار والاستفادة من الثروة اللبنانية؟
هل من رابط وعلاقة بتوقيع الاتفاق بين الكيان الإسرائيلي وتركيا، وجزء منه يتعلق باستيراد تركيا للغاز من الكيان الصهيوني، وبالتالي بيعه إلى الأسواق الأوروبية؟
هل ستمر الأمور على خير، خاصة أنّ إيجاد بحث السوق الأوروبية لموارد أخرى للغاز لن يرضي أكثر من طرف، وبينها روسيا، وأليس جزء من دوافع الحرب في سوريا يتعلق بشأن تصدير الغاز إلى أوروبا؟
كيف سيتعاطى الكيان الصهيوني مع هذا الملف، خاصة أنّ هناك حقولاً قد تكون مشتركة بين لبنان والمياه الإقليمية الفلسطينية المحتلة، مع اقتراب الكيان الإسرائيلي ببدء تصدير غازه في العام 2017؟
كيف ستكون المواجهة بين لبنان والكيان الصهيوني، الذي سيحاول مواصلة قضم الحقوق اللبنانية، سواء في المياه الجوفية أو من مياه الأنهر، فضلاً عن الغاز والنفط في قعر البحر؟
ما هي دوافع الحديث عن أنّ حدود لبنان غير مرسّمة، ما يعني أنّ المياه الإقليمية المقابلة للبر غير واضحة المعالم؟
هل سنكون أمام اشتباك سياسي جديد في أروقة "الأمم المتحدة" بين لبنان والكيان الصهيوني من أجل تكريس الحق اللبناني بحقوقه الطبيعية؟
لكن من المهم، هل سيستمر التوافق بشأن هذا الملف الحيوي الذي سيجني لبنان مليارات الدولارات منه تساهم بسد عجزه وبحبوحة للدولة، على أمل أنْ تنعكس إيجاباً على المواطنين، أم إنّ هذا الملف سيكون ضحية للنزاعات السياسية، كما جرى بشأن المياه وغيرها؟
"لـواء صيدا والجنوب" يستعرض الوقائع والمعطيات والوثائق المتعلّقة بملف النفط والغاز اللبناني...
***
خرج الدخان الأبيض من اللقاء بين الرئيس نبيه بري ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل بحضور وزير المالية علي حسن خليل الذي عُقِدَ في عين التينة، بالتوافق على بث الحياة في ملف النفط والغاز، بعد التوافق على أنْ يبدأ البحث في "البلوكات الثلاثة 8 و9 و10 من ضمن "البلوكات" الـ10 التي تم تحديدها في المياه الإقليمية اللبنانية.
وأعطى هذا التوافق بين عين التينة والرابية، انطباعاً بإمكانية تحويل الحلم إلى الحقيقة، لكن يبقى تجسيده على أرض الواقع، مُحاطاً بمخاطر "الشياطين" التي تكمن في التفاصيل، فتتعقّد الأمور، إلا إذا استمرّت حكمة التعاطي مع هذا الملف الثروة، الذي كان لوضعه على سكة التنفيذ معطيات محلية، وأخرى دولية، بعد تأخّر لسنوات عدّة.
مراحل سلوك الملف
وهذا يستوجب سلسلة من الإجراءات من قِبل الدولة اللبنانية، لجهة إقرار المرسومين، في مجلس الوزراء، والذي وهو بحاجة إلى جهد، لأنّ دور الوزراء أصبح أكبر، بفعل غياب رئيس الجمهورية، على أنْ تلي ذلك المزايدة وبدء التلزيم، ووضع الآليات التنفيذية، وهو ما يستوجب تنسيقاً بين اللجنة الوزارية المختصة والمؤلّفة من الوزراء: علي حسن خليل، جبران باسيل، سمير مقبل، أرتور نظريان والمستقيل آلان حكيم، و"لجنة الأشغال العامة النيابية" برئاسة النائب محمد قباني التي أوكل إليها وضع صيغة القانون من أجل تحويله إلى اللجان المشتركة وإقراره في مجلس النوّاب.
لكن من المهم أنْ يتم حصر هذا الملف في إطاره القانوني والرسمي، خاصة أنّ هناك "هيئة إدارة قطاع البترول" المنشأة بموجب الموارد البترولية من المياه البحرية بالرقم 131.
ومن المراحل التي لا بد وأنْ يسلكها هذا الملف:
- إقرار مرسوم دفتر الشروط ومسودة، اتفاقية الاستكشاف والإنتاج.
- إقرار مرسوم تقسيم المياه البحرية إلى "بلوكات" واستقبال عروض الشركات.
- وضع إستراتيجية لتلزيم "البولكات" استناداً إلى مبدأ التلزيم التدريجي.
- التواصل مع الشركات المعنية من أجل الحصول على عروض المزايدة.
- تحضير اتفاقية مع قبرص تفضي إلى تجزئة المكامن المشتركة.
- الضغط على الولايات المتحدة الأميركية من أجل حل مسألة الحدود مع فلسطين المحتلة، والتي ستكون عقبة رئيسية مع الكيان الصهيوني.
- التعاون مع مصر وقبرص في مجال استخراج النفط والغاز.
- وضع خطة إستراتيجية للغاز لاستعماله في السوق المحلي، وإمكانية تصديره إلى الخارج عبر الأنابيب.
- ضرورة انضمام لبنان إلى مبادرة الشفافية بالصناعات الاستخراجية (من باطن الأرض).
- استقبال طلبات الشركات للمزايدة، ومن ثم تقييم العروض من قِبل "هيئة إدارة قطاع البترول" ورفعها إلى وزير الطاقة لرفعها إلى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب (علماً بأنّ 52 شركة كانت قد تقدّمت في العام 2013 من أجل البحث والتنقيب عن استخراج النفط، رفضت ملفات 6 شركات منها لعدم استيفائها الشروط المطلوبة، وتمت الموافقة على ملفات 46 شركة: 12 مؤهلة للحصول على حق التشغيل و34 كصاحبة حق غير مشغلة).
- بدء العمل من أجل وضع قانون لإنشاء الثروة السيادية.
- إتمام وضع قانون المداورة البترولية في البر.
- إطلاق ورشة وطنية لبناء قدرات الوزارات والمؤسسات المعنية في قطاع التنقيب عن النفط والغاز.
- التواصل مع القطاع الخاص اللبناني من أجل تطوير الخدمات وتنسيق العمل.
- إشراك هيئات المجتمع المدني لتكون على جهوزية لهذه النقلة النوعية.
- العمل على تطوير قطاعي التعليم الجامعي والمهني في المجال البترولي والبتروكيميائي لتوفير اليد العاملة اللبنانية للعمل مستقبلاً في هذا القطاع، وعدم انتظار البحث عن يد عاملة أجنبية، فيما هناك بطالة لشبان لبنانيين في أكثر من قطاع.
ولم يخفِ أكثر من مسؤول أجنبي خلال زيارته إلى لبنان أهمية ملف النفط والغاز، حيث أثار هؤلاء المسؤولين هذا الملف في العديد من زياراتهم، وفي طليعتهم نائب وزير الخارجية الأميركية لشؤون الطاقة أموس هوشتاين.
ومن المتوقع أنْ تكون هناك آلاف مليارات الأقدام المكعّبة من الغاز الطبيعي ومن البترول السائل، لكن يحتاج التنقيب عنها إلى عدّة سنوات، لأنّ هناك أعماقاً متفاوتة، قد تصل إلى حوالى 3 آلاف متر في عمق البحر.
كما أنّ التنقيب في البحر، والذي تم اتخاذ قرار بإطلاق عجلته، تم التوافق على أنْ يكون في المنطقة الجنوبية، وأيضاً في المنطقة المقابلة للبترون بشكل متوازٍ، خاصة أنّ الرئيس بري يصر على المباشرة بالبحث في أعماق المياه الجنوبية، لأن هناك حقول مشتركة مع فلسطين المحتلة، ويمكن أنْ يعمد الكيان الصهيوني إلى سرقتها والاستفادة منها، وهو قطع مرحلة متقدّمة في التنقيب عن النفط، وسيباشر تصديره خلال العام 2017.
ووفقاً للقانون الدولي، فلكل دولة معترف بها في "الأمم المتحدة" 12 ميلاً – أي 22 كلم بدءاً من حدود اليابسة، من حقها أنْ تقوم باستثمارها في التنقيب عن النفط والموارد الطبيعية الأخرى وما يتجاوز هذه المساحة ملك شائع بين الدول، وعلى الدولة التي تريد الاستثمار، أنْ تعلن رسمياً رغبتها في تحديد هذه المساحة المائية وصولاً إلى حدود 200 ميل بدءاً من اليابسة، وضرورة إبلاغ الدول التي لها حدود مائية معها بذلك.
وإذا ما حصل خلاف يرفع إلى "الأمم المتحدة" للفصل به، وإذا ما وصل الأمر إلى نزاع قضائي يرفع إلى "محكمة العدل الدولية" في لاهاي.
المهم أنّ الكيان الإسرائيلي غير مُعترف به من قِبل الدول المحيطة بفلسطين المحتلة، وبالتالي فإنّ سرقته للموارد الطبيعية من غاز ونفط ومياه من عمق البحر، قرصنة يعاقب عليها القانون الدولي، من خلال الاستيلاء على المياه العذبة الجوفية والنهرية خلافاً للمعايير العالمية.
مقاومة سياسية في المحافل الدولية
وقضية التنقيب عن النفط والغاز في المنطقة الجنوبية، قد تحتاج إلى مقاومة سياسية ضد العدو الصهيوني في المحافل الدولية ومنها "الأمم المتحدة"، يتوقّع أنْ تكون شرسة، وتتطلّب:
- اللجوء إلى "الأمم المتحدة" لتثبيت حق لبنان في حدوده البرية والبحرية، وهو ما ينكره الكيان الصهيوني، الذي سيعمل على إعاقة ذلك، ومواجهة لبنان في المحافل الدولية لمنع حصول على حصته من الثروة النفطية والغازية.
- الاستفادة من أنّ لبنان ما زال في بداية الطريق، يمتلك فقط الدراسات والتقارير، الذي تظهر حقّه بهذه الثروة، لكن قد يواجهه صعوبة في تأمين الأموال لتركيب المنصات المطلوبة في البحر من أجل استخراج النفط والغاز، وسيستفيد العدو الصهيوني من هذه المعضلة، خاصة أنّ الشركات الكبرى لا تتشجّع على العمل في حقول مشتركة، منعاً لتعطل عملها واستثمارها.
- مطالبة لبنان للمجتمع الدولي مساعدته على الاستفادة من حقه في ثرواته النفطية وأيضاً المائية.
وتؤكد المصادر أنّ الرئيس بري لديه مستندات من تقارير ودراسات وخرائط ما يثبت الحق اللبناني، وأنّه سيمضي في الملف حتى النهائية:
داخلياً: بوضع القوانين المطلوبة.
دولياً: التحرّك في مواجهة الكيان الإسرائيلي والقتال للحفاظ على الحق اللبناني المكتسب لحماية مصالح لبنان الإستراتيجية.
ومن الأهمية التعامل مع الملف من منطق وطني، وليس مناطقياً أو طائفياً، فلبنان كله يستفيد من هذا المشروع الحيوي، وألا يكون هذا الملف ضحية كما جرى في مشروع الليطاني، الذي رُصِدَتْ له الأموال، ووُضِعَتْ المخطّطات والدراسات والتقارير، لكن تأجّل التنفيذ.
لا شك في أنّ هناك اهتماماً دولياً بملف الدولي اللبناني، وهو ما برز بارتفاع عدد الشركات المهتمة، على الرغم من تذمّرها من تسويف المسؤولين اللبنانيين من عدم الجدية في متابعة البحث والتنقيب لاستخراج النفط والغاز اللبناني - والذي إذا ما تم بسرعة - فإن الغاز سيوفر كثيراً على الدول الأوروبية التي سيرتفع استهلاكها في العام 2020 إلى أكثر من 22 ألف مليار قدم مكعب، وهي تسعى إلى التحرّر من الاحتكار الروسي للغاز، والبحث عن موارد أخرى بديلة.
والنفط والغاز ليس جديدين في لبنان وخصوصا على البر، فقد سبق واكتُشِف في منطقة القاع البقاعية موقع للنفط الخام في العام 1960، حيث حضرت شركة ألمانية ووجدت الغاز على عمق 1500 متر والبترول من دون الغاز على عمق 2300 متر، ووضعت شركة فرنسية دراسة حول الجدوى الاقتصادية لاستخراج الغاز والبترول، فتبين - آنذاك - أن التكلفة المالية للبرميل الواحد عالية جداً، ولكن الآن تغيّرت الظروف، حيث ما زالت الكلفة لاستخراج البرميل ذاتها، فيما ارتفع سعر البرميل أضعافاً مضاعفة.
كما قامت طائرات بالمسح الجوي للتنقيب عن النفط والغاز على الشاطئ الساحلي اللبناني وأيضاً في البر.
ومن أجل التنقيب على النفط في المياه والبر يجب التعاون مع شركات، أو دول لديها خبرة واسعة في مجال التنقيب وتطوير حؤول النفط.
ومن المتعارف عليه في هذا المجال، أنّ الشركات تبدأ بالتنقيب على حسابها الخاص، وتستثمر الحقول لمدة معينة بموجب عقود مع الدولة اللبنانية قد تصل إلى 20 عاماً، وفقاً لما درجت عليه الاتفاقيات في العديد من الدول.
ومن المتوقع أن يصل العمق إلى حوالى 3 آلاف متر في قعر البحر، وتُقام في مرحلة لاحقة منصات لاستخراج الغاز، ومن ثم الإنتاج والتحميل، وتصل كلفتها إلى أكثر من مليار دولار.
ووفقاً لطريقة (B.O.T) يمكن للبنان الاستفادة من ثروته وإيجاد مواد مالية، لكن مع ضرورة دراسة احتياجات السوق المحلية، خاصة أنّ لبنان بحاجة لمثل هذه الموارد ومنها للمشتقات النفطية والغاز والكهرباء، والتي أيضاً ستكون من عائداتها المواد الخام اللازمة للصناعة اللبنانية، وفي طليعتها البلاستيكية ومواد التنظيف والتعقيم، فضلاً عن تصدير الغاز إلى الخارج.
لا شك في أنّ الكيان الصهيوني هو المتضرّر الأوّل من استخراج الغاز والنفط اللبناني، ويحاول الضغط على شركات ومؤسّسات لمنعها من استمرار التعاون مع لبنان، وهو ما حصل مع المؤسّسة الفرنسية للبترول التي تواصل معها مسؤولون الكيان الصهيوني، لكن إدارة الشركة رفضت ذلك لأنها ترتبط بعقود مع لبنان، مؤكدة أن التعاون سيستمر.
كما أنّ الكيان الصهيوني يسعى باستمرار لإثارة ملف الحدود البرية للبنان، والذي كان قد تقدّم به إلى "الأمم المتحدة"، على اعتبار أن لبنان لم يبلغ المنظّمة الدولية بحدوده البرية، وهو ما تدحضه الوثائق والمستندات اللبنانية، سواء الموقّعة بين الانتدابين الفرنسي والبريطاني في العام 1923، أو لدى ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة والتوقيع على اتفاقية الهدنة (23 آذار 1949) وتشكيل "لجنة مراقبة الأمم المتحدة".
كذلك لدى وضع العلامات الزرقاء على طول حدود ما عرف بخط الانسحاب الإسرائيلي، إثر اندحار قواته عن لبنان (25 أيار 2000) والتي حرر لبنان جزءاً كبيراً من هذه الأراضي، وما زال هناك اعتراض لبناني على بعض الخروقات.
ويقوم الكيان الصهيوني بالتنقيب عن النفط والغاز منذ سنوات عدّة، بما بذلك في منطقة الجليل الفلسطيني المحتل والمنطقة المقابلة منه في البحر وصولاً إلى المياه الإقليمية.
وتُعتبر حقول "كاريش"، "لفياثان" و"تامار"، الأهم في الحدود البحرية لفلسطين المحتلة مع الحدود البحرية للبنان، حيث لا يبعد الحقل الأخير كثيراً عن الحدود البحرية اللبنانية، ويحتوي 20 ألف مليار قدم مكعب من الغاز، وقد خصصت حكومة الاحتلال الإسرائيلي مردود قطاع النفط لمواجهة الفقر في المجتمع الإسرائيلي (العدالة الاجتماعية).
وهذا يشير إلى أن المنطقة الجنوبية اللبنانية، تحتوي على كميات كبيرة من الغاز، ولذلك سيعمل الكيان الصهيوني على وضع العراقيل أمام لبنان للاستفادة من ثروته.
الاتفاق التركي - الإسرائيلي
ويأتي تطبيع العلاقات التركية مع الكيان الصهيوني (حزيران 2016) ليحقّق استراتيجية في مرحلة دقيقة لهذا الكيان الصهيوني والانتقال إلى مرحلة جديدة، من هذه العلاقات، خاصة أن تركيا لم تعد بحاجة إلى الكيان الإسرائيلي كجسر عبور إلى الغرب، بل أن القاسم المشترك بين الطرفين، البحث عن أصدقاء جدد، والتنسيق التجاري ومنه في مجال الغاز، فضلاً عن التنسيق السياسي والتعاون الأمني والعسكري، والذي تأخر لسنوات عدة إثر اعتداء قوات الاحتلال الإسرائيلي على سفينة "مافي مرمرة" (31 أيار 20110)، ما أدى إلى استشهاد 10 مواطنين أتراك وجرح واعتقال آخرين من لبنانيين وفلسطينيين وجنسيات أخرى كانوا يتضامنون من أجل فك الحصار عن قطاع غزة.
لكن الاتفاق التركي - الإسرائيلي تستفيد منه تركيا من خلال استيراد الغاز الإسرائيلي بكلفة أقل منه من الروسي، بهدف إعادة تصديره إلى الدول الأوروبية، وأيضاً البحث عن مصادر استيراد وليس حصرها بالروسي، حيث تعتبر تركيا أهم الأسواق الاستهلاكية للغاز في الشرق الأوسط، وهي نقطة تواصل بين الشرق وأوروبا، وبهذه الاتفاقية تفتح الأسواق الأوروبية أمام الغاز الإسرائيلي، هذا علماً بأن الاتحاد الأوروبي قرر قبل أشهر عدة التقليل من الاعتماد على إمدادات الغاز الروسي.
وهذا يحتاج إلى مد خط أنابيب بين الأراضي الفلسطينية المحتلة وتركيا ويستغرق فترة طويلة واستثمارات ضخمة، لذلك سيتم البحث عن نقل الغاز عبر بواخر إلى تركيا، وهناك طروحات بأن يتم تسييل الغاز في محطتي طابا في مصر، اللتين كانتا تزوّدان الكيان الصهيوني بالغاز قبل أن يتغير الأمر، وتصبح مصر تستورده.
كما أن الكيان الصهيوني بإمكانه تصدير الغاز إلى عدد من الدول التي وقع معها اتفاقيات ومنها اليونان وقبرص اليونانية، حيث يتضح أن المصالح الاقتصادية تتغلب على الظروف السياسي، فالكيان الصهيوني يبرم اتفاقيات مع تركيا وفي الوقت ذاته مع قبرص اليونانية.
لكن هذا لا يعني بأن لبنان يجب أن يتوقف عن البحث الاستفادة من ثرواته الطبيعية، بما في ذلك المياه والنفط والغاز، لأنه من الآن وحتى استخراج النفط والغاز مع تجهيز البنى التحتية والمنصات، هناك 10 سنوات، ويمكن أن تتغير الكثير من المعطيات والمعادلات في المنطقة.
ويبقى أنّ لبنان الذي استطاعت مقاومته تحرير الأراضي من الاحتلال الإسرائيلي، ووضع قوة ردع لمواجهة اعتداءاته، سيكون قادراً على منعه من الاعتداء على المكامن البحرية وسرقة ثروته، التي بحاجة إلى نضوج سياسي، لأن العبرة هي في الأفعال والخواتيم، وتفكيك الألغام أمام مثل هذا الملف الحيوي، وعدم لجوء بعض الأطراف الداخلية إلى تعطيله، لحسابات خاصة، وأيضاً رفض الضغوط الدولية، خاصة من الولايات المتحدة الأميركية التي ستعمل على إراحة الكيان الصهيوني لأن شركة "نوبل أنيرجي" الأميركية، هي أبرز الشركات التي تنال الحصة الكبرى في أعمال التنقيب على الغاز في حقول شمال فلسطين المحتلة، وهي مع مجموع شركات نجحت في تشكيل "لوبي" ضاغط داخل الإدارة الأميركية لحماية مصالحها ووضع شروطها التي استجابت لها هذه الإدارة.
اكتشاف غاز النفط في حقل "لفياثان"
متى تبصر منصات استخراج الغاز والنفط النور في المياه الإقليمية اللبنانية؟
|