الاثنين 15 آذار 2021 12:06 م |
الليرة اللبنانيّة... من يوقف مراسم الدفن قبل فوات الأوان؟ |
* البروفيسورة ندى الملّاح البستانيّ نسمع كلّ يوم تساؤلات الناس عن الليرة اللبنانيّة، ويُتحِفنا بعض السياسيّين وخبراء "التنظير" الاقتصاديّ بآرائهم عن وضع الليرة اللبنانيّة، ونعيها والاستهزاء بها. علمًا أنّ هذه المراجع نفسها كانت تُطمئن غير المطمَئنّين وتتباهى بهذه العملة وقيمتها الوهميّة الصامدة. نعم أقول عملة وهميّة وطنيّة لوطنٍ يسعى ليكون بيتَ المواطن اللبنانيّ، هذا الشعب غير "العظيم" حاليًّا، فهو مسكين ينتظر اليوم مرّةً أُخرى معجزاتٍ منشودة من الصندوق الدوليّ، ورسملة المصارف، وغيرها... كيف نتجرّأ اليوم أن نسأل أنفسنا عن وضع الليرة في حين أنّ التركيز هو على الثلث المُعَطِّل ووزارة الداخليّة والعدل؟ وفي الوقت نفسه تعمل مكنات طبع الليرات الورقيّة على إسكات عوز جنديٍّ هنا وموظّفٍ هناك، أو حتّى تُنجد لأجلٍ قصير عمليّة استيراد بعض المستلزمات الحيويّة كالفيول وغيره. ما الّذي يمكن أن تقوم به هذه الليرة المسكينة لتواجه ضربات الدولار الأميركيّ الموجعة الآتية من شعب يتلهّف على دولارٍ طازج أو طلّابيّ أو مصرفيّ لتسديد حاجاته وهو يقطع رأسه بنفسه؟ في المقابل يأتي مصرف لبنان ليمدّ يد العون للمواطن، فيستبدل ما تبقّى لديه من فُتات الدولارات، بأوراقٍ طازجة من الليرة اللبنانيّة، تلك الّتي توصِل التضخّم إلى مستويات لا يمكن حدّها.
منذ العام ١٩٩٣، بدأت سياسة نحر الليرة اللبنانيّة والإجهاز عليها، واليوم يقترب موعد إعدامها كُليًّا، وربّما نشهد حاليًّا عمليّة تحضير دفنها إلى غير رجعة. كانت الخطّة واضحة وخبيثة، وهي التركيز على استقطاب كمّيّات هائلة من ودائع اللبنانيّين وبعض العرب من الخارج سنويًّا، من خلال إغرائهم بفوائد عالية لتغطية تثبيت سعر صرف الليرة، والعجز السنويّ للكهرباء، وإقراض ما تبقّى لمؤسسات الدولة علّها تستطيع يومًا الإستقامة والإصلاح. إنّ تقديرات الكتلة النقديّة في السوق المتعارف عليها بـ "M4" (كتلة السيولة النقديّة المجملة في السوق) هي حوالى الـ ٢٤٠ ألف مليار ليرة لبنانيّة، وفي المقابل يُصرّح مصرف لبنان أنّ احتياطاته الإلزاميّة هي حوالى الـ ١٦ مليار دولار أميركيّ، واحتياطي الذهب لديه يقدر بحوالى الـ ١٧ مليار دولار أميركيّ إلى هذه اللحظة. فنظريًّا نجد أنّ سعر صرف الليرة هو قيمة الكتلة النقديّة بالليرة مقسومًا على مجمل احتياطات مصرف لبنان، فنصل إلى سعر حوالى ٧٣٠٠ ليرة للدولار الأميركيّ الواحد.
ولكن، كما أوضحنا سابقًا، فإنّ هذا السعر هو أيضًا نظريٌّ لأنّ احتياطات مصرف لبنان، لو صدقت، فهي غير مُسَيّلة، ولا تستطيع التدخّل للَجم السوق الموازية. فالاحتياط النقديّ بالعملة الأجنبيّة لدى مصرف لبنان هو احتياط إلزاميّ، وهو ملك للمودعين ولا يحقّ لأيٍّ كان المساس به. أما بالنسبة للذهب فلغاية اليوم لا أحد يعرف مصيره الفعليّ، خصوصًا عندما يسود صمتٌ رهيب عند التباحث بهذا الموضوع.
المصدر :ليبانون 24 |