الأربعاء 13 تموز 2016 09:38 ص

قرار أردوغان اعطاء الجنسية التركية للاجئين السوريين


مرّ اعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مطلع الشهر الجاري نيته توطين اللاجئين السوريين المتواجدين في بلاده وتقديمه قبل يومين المبررات والحجج لمشروعه هذا، مرور الكرام في لبنان وبالتحديد في الأوساط الحكومية ولدى الجهات المعنية. وكأن ما كشف عنه الرئيس التركي لا يؤكد كل الهواجس والمعلومات التي رشحت عن دوائر الأمم المتحدة قبل فترة لجهة وجود قرار دولي غير معلن بابقاء اللاجئين السوريين في البلدان التي نزحوا اليها. بعض الوزراء اللبنانيين تنبه للموضوع فأعرب عن مخاوفه في مجالسه الخاصة من دون أن يجد من الأهمية في مكان اعلاء الصوت على الطاولة الحكومية واعلان حالة الاستنفار. أما البعض الآخر فاما لم يكن متفرغا لملفات كهذه لانشغاله ببطولة أوروبا لكرة القدم، أو وجد نفسه غير معني بما يحصل في تركيا من منطلق تعاطيه مع أزمات المنطقة كأزمات منفصلة عنا لا تعنينا بشيء. واذا كان هناك من قد يبرر تعاطيه بخفة مع اعلان من هذا النوع لانصرافه لتعقب تصريحات وحركة وزير الخارجية الفرنسية في بيروت جان مارك ايرولت، فلا شك أن هذا الفريق هدر الكثير من جهوده دون مقابل يُذكر، لاسيّما مع اجماع كل من التقوا الدبلوماسي الفرنسي على استغراب زيارة مماثلة من دون مضمون تأتي لتكرس فشل فرنسا في التعاطي مع الأزمة اللبنانية، كما أن الملف الرئاسي بات مرتبطا تماما بمصير سوريا وبالتالي تم قذفه أشهرا اذا لم نقل سنوات الى الأمام.

وبالعودة للاعلان التركي، المفاجىء بالشكل والتوقيت والمضمون، ترى مصادر وزارية لبنانية مطّلعة أن اقرار أردوغان بالعمل على مشروع لتوطين 300 ألف لاجىء، "ليس الا مقدمة لاعطاء الجنسية لكل السوريين المتواجدين على الأراضي التركية، والذين يفوق عددهم الـ2.7 مليون معظمهم باتوا جزءا من المجتمع التركي الذي انخرطوا فيه منذ حوالي الـ5 سنوات"، لافتة الى أن ذلك يعني أيضا وجود "قرار دولي كبير بالابقاء على اللاجئين السوريين في لبنان والأردن كما في الدول الأخرى التي تستضيفهم، وهو ما يكشف حجم خطورة المشروع الذي يتم اعداده لسوريا الجديدة، التي ستكون على ما يبدو غير مرحّبة بمن هجروها هربا من حمام الدمّ المستمر فيها".

وتساءلت المصادر: "ماذا فعلنا في لبنان للتصدّي لمشروع التوطين هذا غير اننا حاولنا استثماره طائفيا ومذهبيا لتحقيق مكاسب سياسية آنية؟ أين خطتنا الوطنية للتصدي لأمر واقع يحاولون فرضه علينا؟ وهل يخرج غدا أحد الزعماء اللبنانيين ليقدم المبرّرات والحجج، كما فعل أردوغان للابقاء على المليون ونصف سوري المسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة على أراضينا تمهيدا لاعطائهم الجنسية اللبنانية؟"

ولا شك ان ما نحن بصدده اليوم "خطر وجودي يهدد الكيان اللبناني الذي نعرفه منذ عشرات السنوات، والمطلوب منا وقفة تاريخية تبدأ باقرار خطة وطنية للتعامل مع المستجدات على أن يليها مباشرة تشكيل وفد لبناني رفيع يجول على العواصم الدولية لابلاغ المعنيين بالقرار الحاسم لجهة رفض السير بأي مشروع من هذا النوع"، هذا ما تؤكد عليه المصادر الوزارية، معربة عن أملها بأن يكون ما أعلن عنه أردوغان مجرد قرار تركي محض أهدافه انتخابية ضيقة والا يكون مقدمة لمشروع هائل يطرق أبواب المنطقة بقوة.

في الخلاصة، قد يكون من الأجدى حاليا عدم التلهي بالموضوع الرئاسي اللبناني وبأسهم المرشحين طالما الأمور تبدو محسومة باتجاه التأجيل، والانصراف لمتابعة متأنية للتطورات المتسارعة الحاصلة في المنطقة وليس آخرها دعوة الأمم المتحدة لاجلاء المدنيين من مدينة حلب بسرعة، وهو ما يوحي بقرار دولي لافراغها من أهلها بعد افراغ أكثر من منطقة سورية بوسائل شتى، تمهيدا لتوزيع ديموغرافي وجغرافي جديد للسكان على اسس طائفية ومذهبية وعلى دويلات أو فدراليات لم تتضح معالمها النهائية بعد.

المصدر : جنوبيات