الاثنين 12 نيسان 2021 12:19 م

رمضان صيدا: تكافل ومبادرات خير وعطاء


* حنان نداف

لا يشبه رمضان عاصمة الجنوب صيدا هذا العام غيره عن الاعوام السابقة، فالمدينة التي لطالما عرفت بأنها رمضانية بامتياز وذاع صيتها كمحجة للزائرين من مختلف المناطق اللبنانية خلال الشهر الفضيل للاستمتاع بلياليها الرمضانية الساحرة أطفأت أزمة كورونا أضواء فوانيسها وأرخت الازمة الاقتصادية والمعيشية بظلالها، الا ان ذلك لم يطفىء وهج الايمان ومبادىء ومعاني صوم الشهر الفضيل المتمثلة بالتكافل والتضامن في ما بينها وهي التي لم تقصر ابدا بنسيجها الاجتماعي ومن خلال اصحاب الايادي البيضاء لمساعدة العائلات المتعففة فيها والوقوف الى جانب الاهالي لا سيما اولئك الذين تأثروا بشكل مباشر جراء الجائحة وتراجعت قدرتهم الشرائية بفعل ارتفاع سعر صرف الدولار.

وهذا العام ومع حلول شهر رمضان المبارك تتزاحم المبادرات التكافلية في المدينة الفردية منها والجماعية والتي اتخذت اشكالا مختلفة من تأمين وجبات ساخنة او سلل غذائية وخضار ولحوم وغيرها بهدف مساعدة الشرائح الاكثر حاجة والوقوف الى جانب الاهالي في ظل هذه الظروف في وقت ينتظر فيه الصيداوي كما باقي المواطنين مبادرة انقاذية من المسؤولين تنتشله من نفق الازمة الاقتصادية والمعيشية الذي يزداد ظلمة يوما بعد يوم.

المفتي سوسان

مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان هنأ بحلول شهر رمضان المبارك، معتبرا "ان رمضان يأتي هذا العام في ظل ظروف اقتصادية صعبة"، متوجها الى التجار واصحاب المولدات والسوبرماركت بأن "رمضان هو شهر الخير والرحمة و ليس موسما للربح والتجارة والاحتكار والابتزاز"، ودعا المسؤولين الى "الوعي الى اي نقطة نسير والى اي أمر يصل اليه البلد"، مشددا على "التعاون والتكافل خلال هذا الشهر الفضيل".

وقال: "رمضان ضيف عزيز يأتي في السنة مرة وكأنه دورة تأهيلية لاحياء الضمير الديني والانساني في اعماق الانسان لان هذه العبادة بالذات يؤديها المسلم ولا احد يعرف انه صائم او غير صائم غير الله".

اضاف: "رمضان يأتي الينا في هذه الدورة وفي ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية والانسانية التي يعيشها لبنان وتعيشها صيدا ويعيشها الاخوة الفلسطينيين في المخيمات، المطلوب ان تنشط كل المؤسسات الانسانية والاجتماعية والرعائية في المساعدة. اتوجه في التمني بالطلب بالرجاء من الاخوة الميسورين، من الغني، ان ينظروا الى الفقير، ان يعطف الكبير على الصغير، على ارملة ومسكين ومريض ومحتاج وعاطل عن العمل ومن فقد جهد ماله وحصيلة عمره في المصارف. كل هؤلاء الناس، وفي رمضان شهر الخير والبركة والاحسان شهر القرآن، لا بد ان ننظر اليهم نظرة حب وعطف وعطاء من دون منة".

وتابع: "صيدا، هذه العائلة والمدينة الوفية التي ما زالت تحمل في مضمونها وفي ثقافتها واخلاقها وتربيتها عادات القرية، الناس تعرف بعضها وتتقارب من بعضها، هذه العائلة الصيداوية عودتنا دائما في كل الظروف ان تتكافل وتتضامن وتلتقي وتتكامل في ما بينها. راجعني الكثير من الشباب والابناء المتحمسين، وبإمكانياتهم الضئيلة، بأنهم يريدون ان يساعدوا وكل دفع ما يستطيع من ماله او راتبه او مدخراته ليساعد الجار في الحي، ليساعد الفقير والمحتاج والارملة المريض في مدينتنا في صيدا. مجموعات من الشباب وبمبادرة فردية جمعها معها الحماس والحب لمدينتهم".

وختم "نحن في صيدا، ومع كل الهيئات والجمعيات والمؤسسات نعمل جاهدين قدر المستطاع، الكل يعرف ان المساعدات الخارجية قد شحت وضعفت، لذلك نتوجه بنداء تمن وطلب برجاء الى الميسورين المقتدرين ان يساعدوا من مال الله".

حنقير

مؤسسات الهيئة الاسلامية للرعاية، واحدة من بين المؤسسات الرائدة في العمل الانساني والتكافلي، ليس فقط في رمضان وانما على مدار العام. وهذا العام اطلقت الرعاية مشروع رمضان الخير 2021 بعنوان "خليهم ببالك " تتوزع فعالياته على اكثر من نشاط تكافلي بهدف مساعدة اكبر قدر ممكن من العائلات المتعففة واسر الايتام.

وقال المسؤول الاعلامي في مؤسسات الرعاية غسان حنقير: "أردنا من خلال هذا المشروع ان نقول للخيرين والمساهمين ان يبقى في بالهم دائما هذه الشرائح التي هي اكثر حاجة، والذين تأثروا بشكل كبير بهذه الاوضاع المعيشية الصعبة، والهدف تأمين افطار صائم ووحدات غذائية وقسائم شرائية للعائلات المتعففة، اضافة الى مبادرة "أسعد قلب يتيم" من خلال تأمين هدية وعيدية لليتيم وكسوة العيد. كما مشروع "نعبي الخير"، الذي هو عبارة عن تعبئة قوارير الغاز للمنازل، و"رغيف الخير" لتأمين الخبز لجميع العائلات".

واشار الى "مشروع "سكر دفتر" الذي يهدف الى سداد الديون في الدكاكين والصيدليات، "وبذلك نكون نساعد اصحاب الدكاكين من جهة على الاستمرارية ومساعدة المديونين على سداد ديونهم. ولدينا ايضا مشروع " زينتي" لادخال البهجة الى قلوب الاطفال وهو عبارة عن مسابقة تنافسية لاجمل زينة رمضانية في البيوت".

وتابع: "كما أطلقنا مبادرة لتأمين أجهزة تنفس او تأمين قسط جامعي لطالب، وبذلك يكون مشروع "خليهم ببالك " يتضمن كل جوانب الوضع الاقتصادي والاجتماعي في رمضان، ونأمل بمساعدة من جميع الخيرين ولا سيما من المغتربين لان الوضع في لبنان يزداد سوءا".

حمتو

من جهته، اكد رئيس تجمع المؤسسات الاهلية في صيدا والجوار ماجد حمتو، "أن مدينة صيدا سباقة بالمبادرات التكافلية والتضامنية خصوصا في ظل هذه الاوضاع الصعبة والازمة الصحية"، وقال: "المدينة من خلال جمعياتها والايادي البيضاء فيها، لم تتأخر يوما عن مساعدة اهلها وناسها، وفي الوقت نفسه المبادرات الفردية غنية لمد يد العون".

اضاف: "في ظل هذه الاوضاع التي تزداد سوءا وتعقيدا نفكر قدر الامكان، كمؤسسات، بمشاريع لها طابع الاستدامة والاستمرارية، وصيدا فيها طاقات شابة ومتنوعة خصوصا فئة الشباب والمرأة المنتجة. فإذا تأمن لهم فرص عمل من خلال مشاريع معينة، وطبعا بلدية صيدا لم تتأخر يوما عن تقديم يد العون لنا، لذلك نحاول ان نفكر بشكل مشترك بمشاريع ومبادرات لها طابع الاستدامة، ان كان على مستوى منطقة صيدا او حتى على مستوى الاحياء".

وتابع حمتو: "هذه السنة، كما السنة الماضية، تغيب الانشطة الرمضانية التي لطالما اشتهرت بها صيدا خلال الشهر الفضيل، والسبب الجائحة والاوضاع. لكننا سنعمل قدر الامكان على تحريك العجلة الاقتصادية لصغار المنتجين لاسترداد ولو جزء بسيط من نشاطهم، لا سيما في صيدا البلد والسوق التجاري مع اتباع كل الاجراءات الوقائية وبالتعاون مع بلدية صيدا".

"مبادرات فردية"

والى جانب مبادرات مؤسسات المجتمع المدني، تنشط ايضا مبادرات من افراد ومجموعات هدفها التكافل ومساعدة الفقراء والمحتاجين، ومن بينها مبادرة "حملة تكافل وافطار صائم" التي اطلقها "الشيف" محمد عبد المنعم عبر مطبخه بهدف دعم العائلات المتعففة والمحتاجة في صيدا والجوار، ومبادرة اطلقتها مجموعة شباب صيدا بعنوان "لان الوضع صعب ويجب ان نقف الى جانب بعضنا"، وغيرها من المبادرات الفردية التي تهدف الى تأمين افطار صائم. وبذلك تقدم صيدا نفسها من جديد نموذجا يحتذى بالتكافل والتضامن في ما بينها خلال الشهر الفضيل كي لا يبقى صائم جائعا او فقير محتاجا، وللتخفيف من وطأة الازمة الاقتصادية والمعيشية قدر الامكان، ذلك ان "رمضان كريم والله أكرم".

المصدر : جنوبيات