الجمعة 16 نيسان 2021 07:54 ص |
للعروبة لا للنظام |
* المحامي حسن مطر أصبت بصدمة شديدة وهلع كبير عندما فاجأني أحدهم بقوله: أنا لم أعد عربيا. قلت: دعني أحاورك غدا وليس الآن فقولك هذا يتساوى والكفر الذي يتلفظ به الجاحدون بالدين وبالإيمان. ورحت أفكر وأتساءل ما الذي يدفع مواطنا عربيا لأن يتنكر لهويته وإنتمائه ولوجوده وكينونته؟! هل هو الخلط بين الانتساب لنظام والانتماء لوطن ولهوية معينة؟! أم أنه فشل النظام العربي وسوء إدارة حكّامه!؟ أم أنها الحروب والنزاعات الداخلية القائمة بين النظام السياسي وشعبه وبين الدول العربية فيما بينها؟! أم انه التباعد بين أقوال الحاكم وأفعاله واستئثاره بالحكم والسلطة وجعلهما ميراثا محفوظا للأبناء والأحفاد، فلا تداول ولا تعددية وإنما احتكار وتسلّط؟! هل لان غالبية الأنظمة العربية تجنح نحو الاستبداد والشمولية مع شعوبها وتنتهج سياسات القمع والإقصاء والتعذيب والانتقام والاعتقال بحقهم؟! أم لأن الشعور السائد لدى المواطن العربي انه لم يحصد من نظامه إلا قهرا سياسيا واجتماعيا وحياتيا وان المستقبل السليم والأمن له ولعياله مسدود مسدود، وبأن الحرية في وطنه وقف للنظام وأهله وحاشيته وحزبه أو حتى طائفته باعتبارها صمام آمان لبقاء السلطة بيده واستمرارها وديمومتها؟! وهل لان النظام العربي بات يبتزّ مواطنيه بوسائل التخويف والاتهامات الجاهزة وتزوير إرادتهم في كل مناسبة انتخابية تحت شعار الديمقراطية الزائف؟! كاد تفكيري بهذه القضايا يفجّرني، وقد انبرى أمامي مشهد إقامة قواعد عسكرية في عدد من دولنا العربية لقوى أجنبية منها عدوّة وأخرى صديقة تحت شعار هل يتساوى العدو مع الصديق، وهل تتساوى الوصاية مع الانتداب وهل يتساوى الاحتلال مع من يمسك بعواصم بلدانك ويغدق عليها بالسلاح والعتاد اقتتالا وحروبا بين ناسها ومواطنيها من أجل أن يمسك بزمام أمورها ومصائر شعوبها؟! أليس هذا مسلك الاستعمار الغربي معنا والذي جعلنا دولا متنافرة متصارعة لا سبيل لالتقائها وتضامنها؟! أليس هو المسلك الذي أدّى إيجاد الكيان الصهيوني الإسرائيلي ليبقى سوطا وسيفا وتهديدا مسلّطا على الدول العربية يمنع أهلها من التقدّم والتطوّر والتضامن والوحدة، وجاءت أميركا بقواعدها العسكرية واحتلالاتها ومشاريعها التآمرية لتقضي على كثير من دولنا، شعوبا ورؤساء وحكومات، كما حصل في العراق وليبيا والسودان وفي دول عربية أخرى وحماية للكيان الإسرائيلي الغاصب والمحتل؟! عدت الى من اثارني لعلّي أشرح له فداحة قوله وخطورته حتى ولو انه زلّة لسان أو فشة خلق فاستأخرت الحديث معه لوقت آخر ورحت صوب من بيدهم الحل والربط في أمتنا ودولنا وأهل القرار والانجاز: يا حكام أوطاننا وبلادنا هل يرضيكم حال أمتنا ودولها وسلسلة المخاطر والتحديات التي تحيط بها وبأمنها وأمن شعوبها؟ هل يرضيكم ما تتعرّض له مصر العربية من استهدافات أجنبية لدورها وثرواتها ومياهها ونيلها العظيم وهي هبته وسيره ومجراه التاريخي؟ هل يرضيكم ما يجري في سوريا وعليها وهي قلب العروبة النابض وشعبها المقاوم من أجل العروبة وفلسطين؟ هل يرضيكم التآمر على العراق الأبيّ بمنع قيام نظام عربي فيه قوي وخالٍ من أي وجود أجنبي ومن أي تهديد واحتلال؟ عراق حر مستقل متعاون ومتضامن مع أشقائه الدول العربية. هل يرضيكم الحرب العبثية الدائرة بين المملكة السعودية واليمن الشقيقين والجارين واللذين يمثلان شعب عربي واحد وترك الخارج يلعب ألاعيبه المشبوهة بهما ليدمرهما وينهب ثرواتهما؟ هل يرضيكم ما يجري في ليبيا من شراسة دولية ضد الوطن والشعب والمؤسسات والثروات الهائلة؟ هل يرضيكم ما جرى ويجري في السودان من تقسيم وتجويع وانقلابات وتهجير؟ هل يرضيكم ما يجري في لبنان الشقيق من وضعه على حافة الزوال والاضمحلال؟ وهل يرضيكم من يذهب للعدو الوجودي للامة تطبيعا واعترافا وعلاقات تجارية وإقامة سفارات دونها العلاقات العربية - العربية؟ يا أمة العرب لا أقول شيئا من الغضب بل كثير كثير منه على الذات والشخصانيات والتحوّلات والطوائفيات والمذهبية والتبعية والاستلحاق بالأجانب دولا ومؤسسات ما أنزل الله بها من سلطان والعودة للتضامن والتعاون والتكاتف بين دولكم العربية كما تجلّى ذلك بينكم في حرب تشرين العظيمة عام ١٩٧٣ للانتقال بدولكم وشعوبكم من حالة البؤس السائدة إلى الإبداع البشري والإنساني الذي تميّزت به الأمة العربية مهد الرسالات السماوية الخالدة. ويا أصحاب العقول النيّرة والنفوس الأبيّة من الفلاسفة والأدباء ورجال الفكر والبحث والدراسات، والنخب السياسية والإعلامية والثقافية والدينية ننتظر إنتاجكم الفكري والحلول الجديدة والموضوعية لمشاكل أمتنا العربية المتراكمة من أجل النهوض بالأمة وبعث عوامل النهضة والتقدّم والحماية والدفاع عن الوجود والحياة للأمة العظيمة. ان الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم. المصدر :اللواء |