الأربعاء 2 نيسان 2014 06:57 ص

لقاء "فتح" و"حماس" و"الجهاد" بدعوة من الإعلامي هيثم زعيتر أفشل محاولات تشتيت الجهود وأنضج ولادة أوّل مبادرة تاريخية لتنظيم العلا


* كتب هيثم زعيتر:

اختارت القوى الفلسطينية الوطنية والإسلامية في لبنان مناسبة «يوم الأرض» للإعلان عن «المبادرة الفلسطينية»، التي تهدف إلى تحييد الوجود الفلسطيني في لبنان، وحماية العلاقات الفلسطينية – اللبنانية...
تكتسب هذه المبادرة أهمية لجهة تاريخ توقيت إعلانها لجملةٍ من المعطيات، حيث تحمل في طيّاتها الكثير من الأهداف والرسائل، وفي مقدّمها:
- الذكرى الـ 38 ليوم الأرض، وما تعنيه هذه الذكرى من تمسّك الفلسطينيين بأرضهم، وتقديم الدماء الغالية في سبيل الحفاظ عليها.
- تمسُّك اللاجئين الفلسطينيين في الشتات بحق العودة إلى وطنهم، وفقاً للقرار الدولي 194، حيث يُعتبر التمسُّك الفلسطيني بهذا الحق أحد البنود التي تواجه المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية، إذ يُطالِب المسؤولون «الصهاينة» بشطب هذا الحق، فيما تتمسّك القيادة الفلسطينية بحق عودة اللاجئين إلى وطنهم.
- رفض محاولات زج العنصر الفلسطيني في أتون الصراعات الداخلية اللبنانية، بعدما سُجِّلت أكثر من محاولة، وعملت القوى الفلسطينية بكل أطيافها على الحؤول دون تحقيق غاية المخطّطين لإدخال العنصر الفلسطيني في الصراع اللبناني الداخلي.
- تركيز بعض المنفّذين على اختيار أشخاص فلسطينيين، للمشاركة في عمليات إرهابية انتحارية، لتوريط الفلسطينيين في أعمال أمنية، وإنْ كان مَنْ نفّذوا هذه العمليات الإرهابية هم من خارج المقيمين في المخيّمات.
- سيطرة النظام السوري على يبرود، وفرار العديد من المسلحين إلى بعض المناطق اللبنانية، والخشية من دخول هؤلاء إلى المخيّمات، وهو ما يُمكن أنْ يوتّر الأجواء.
- إغفال البيان الوزاري للحكومة اللبنانية لأي إشارة إلى الحقوق المدنية والاجتماعية للفلسطينيين المقيمين في لبنان، والذي إذا ما استمرَّ فإنّه قد يُنذِر بعواقب وخيمة.
- ارتفاع لوائح أعداد المطلوبين، أو الصادرة بحقّهم مذكّرات توقيف أو بلاغات بحثٍ وتحرٍّ، وفق تقارير يُعتمد في العديد منها على «الوشاية».
- توقُّف المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية في ظل التعنُّت الإسرائيلي بعدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والمطالبة بالاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية، وهو ما يرفضه الرئيس الفلسطيني محمود عباس والقيادة الفلسطينية، ومواصلة أعمال بناء المستوطنات، وتهويد القدس، ومصادرة الأراضي، ووقف دفع المستحقات التي تجبيها سلطات الاحتلال لصالح السلطة الفلسطينية، وعدم الالتزام بإطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين، وتهديد حياة الرئيس الفلسطيني «أبو مازن»...
«اللـواء» تروي تفاصيل مراحل التحضير لإطلاق «المبادرة الفلسطينية»، وصولاً إلى الإعلان عنها، والخطوات التي تلت ذلك من أجل دخولها حيز التنفيذ...
استشعر الفلسطينيون بالخطر، في ظل المعلومات المتوافرة عن أنّ تعثّر المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية، ستكون له تداعيات على الساحة الفلسطينية، خاصةً ما يتعلق بالوجود الفلسطيني في لبنان، الذي يُعتبر أرضيةً خصبة لأي استهداف في ظل الخلافات المتشنّجة بين القوى السياسية اللبنانية، التي يسعى «المايسترو» إلى إدخال العنصر الفلسطيني في أتون هذه التجاذبات.
لذلك، بعد موجة التفجيرات الانتحارية التي شهدها لبنان، ومحاولة اللعب على الوتر المذهبي السني – الشيعي، وإدخال العنصر الفلسطيني في مواجهة «حزب الله» وحركة «أمل»، وما يستتبع ذلك من تداعيات وانعكاسات على المخيّمات والتجمّعات الفلسطينية وتماسها مع الجوار ذات الغالبية الشيعية في الضاحية الجنوبية والجنوب اللبناني، بدأت الاتصالات من أجل الوصول إلى وثيقة تهدف إلى تحييد الوجود الفلسطيني في لبنان، وتحصين العلاقات الفلسطينية – اللبنانية عبر المحافظة على المخيّمات الفلسطينية، وتحييدها باعتبار أنّ هدف الفلسطيني الرئيسي هو العيش بكرامة في لبنان، وهو قدّم كثيراً من أجل القضية الفلسطينية، بانتظار العودة التي تمثّل قضية رئيسية للاجئين، ورفض مشاريع التوطين أو التهجير أو إعادة التشتيت.
كذلك العمل على منع الفتنة المذهبية، والحؤول دون وقوع اقتتال فلسطيني – لبناني أو فلسطيني – فلسطيني، في ظل المشاريع المتعدّدة التي يسعى البعض إلى تنفيذ أجندتها لحسابات خارجية، ودعم وحدة لبنان وأمنه واستقراره وتعزيز العلاقات اللبنانية – الفلسطينية، بما يضمن للبنان تجاوز المحنة التي يمر بها، وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته بأشكالها المتعدّدة ضد العدو الصهيوني من أجل تحرير فلسطين وعودة اللاجئين إليها.


وثيقة القوى الإسلامية


وفي إطار نقل الأفكار لتطبيقها على أرض الواقع، طُرِحَ خلال اللقاء الدوري لـ «القوى الإسلامية» الذي عُقِدَ في مخيّم عين الحلوة (بتاريخ 24 شباط 2014)، مشروع «وثيقة تفاهم» كان عنوانها الرئيسي: «وثيقة تفاهم بين القوى الإسلامية الفلسطينية مع «حزب الله» وحركة أمل»، وشارك في اللقاء: أبو عماد الرفاعي وشكيب العينا (حركة الجهاد الإسلامي)، أبو أحمد فضل (حركة حماس)، الشيخ جمال خطاب (الحركة الإسلامية المجاهدة)، الشيخ أبو طارق السعدي والشيخ أبو شريف عقل (عصبة الأنصار الإسلامية) وعلي أصلان (حزب التحرير).
وتم خلال هذا اللقاء طرح الوثيقة التي كانت أعدّتها «حركة الجهاد الإسلامي» وتتحدّث عن سُبُل تحييد الوجود الفلسطيني في لبنان وحماية العلاقات الفلسطينية – اللبنانية كخطوة على طريق إطلاق حوار فلسطيني شامل مع الحكومة اللبنانية، لمعالجة الملف الفلسطيني في لبنان بكل جوانبه السياسية والأمنية والاجتماعية والقانونية كرزمةٍ واحدة، ريثما يتمكّن اللاجئون الفلسطينيين من العودة إلى ديارهم في فلسطين.


اللواء ابراهيم.. رجل المهمّات الصعبة


بعد هذا اللقاء، زار الرفاعي مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم (بتاريخ 28 شباط 2014)، ووضعه في أجواء الوثيقة واستعداد القوى الفلسطينية للإعلان عنها، وتم تأكيد ضرورة تعميمها لتشمل باقي الفصائل الفلسطينية، وكذلك الجهات اللبنانية المعنية الرسمية والأمنية والحزبية.
ووعد اللواء ابراهيم بتقديم كل الدعم مع المعنيين سواء في الجانب اللبناني الرسمي والأمني والقضائي، أو الجانب الفلسطيني، بما في ذلك حركة «فتح» من أجل الإسراع في إقرار هذه الوثيقة، في ظروف صعبة ومُعقدة وحتى لا يتم الزج بالعنصر الفلسطيني في صراعات داخلية أو في التجاذب السياسي على الساحة اللبنانية.
في غضون ذلك، أعلنت حركة «حماس» عن تقديم مبادرة فلسطينية لتنظيم الوجود الفلسطيني في لبنان، وتحصين العلاقات الفلسطينية – اللبنانية، وقدّمتها إلى اللواء ابراهيم وعدد من القيادات اللبنانية.
وهنا يُسجّل للواء ابراهيم دوره رجل المهمات الصعبة، البارز وحكمته وحنكته في متابعة الملف الفلسطيني، منذ كان رئيساً لفرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب، يوم دخل إلى مخيّم عين الحلوة (في تشرين الأول 2006)، والذي كان يوم بداية نسج علاقات إيجابية بين الجهات الأمنية والرسمية اللبنانية مع الجانب الفلسطيني، بما في ذلك «القوى الإسلامية»، حيث كان لهذه الخطوة دور بارز في تحسين العلاقات اللبنانية – الفلسطينية، وفي تجنيب المخيّمات أكثر من حدث وقع على الساحة اللبنانية، بعدم دخول العنصر الفلسطيني في التجاذبات الداخلية اللبنانية.
وساهمت هذه الخطوة في انتشار الجيش اللبناني (بتاريخ 25 كانون الثاني 2007) في منطقة تعمير عين الحلوة، وتم سحب عناصر «جند الشام» من المنطقة باتجاه منطقة الطوارئ، وهو ما جنب مخيّم عين الحلوة ومنطقة التعمير وصيدا والجوار تداعيات خطيرة، في ظل المتغيرات التي طرأت على الواقع اللبناني والفلسطيني.
وجرت اتصالات بين المسؤولين الفلسطينيين، وشملت السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور وأمين سر حركة «فتح» وفصائل «منظمة التحرير الفلسطينية» في لبنان فتحي أبو العردات، وتم التأكيد على أن تتم بلورة الأفكار في ورقة واحدة.
وعرض السفير الدبور وأبو العردات ذلك على الرئيس «أبو مازن» وأعضاء المجلس الثوري لحركة «فتح» الذي عقد في رام الله في الضفة الغربية (بتاريخ 10 آذار 2014)، حيث بارك الرئيس الفلسطيني مثل هذه الخطوات التي تحصن الموقف الفلسطيني والعلاقات مع الأشقاء اللبنانيين.
في هذه الأثناء، تم التأكيد على أهمية أنْ يتم التنسيق مع المجموعات الإسلامية المتواجدة داخل مخيّم عين الحلوة، والتي لا تنضوي تحت سقف «القوى الإسلامية»، ولذلك عُقِدَتْ عدّة لقاءات بين مسؤولين في «القوى الإسلامية» والمسؤولين عن هذه المجموعات وفي مقدّمهم: أسامة شهابي، هيثم الشعبي، جمال حمد، زياد أبو النعاج، بلال بدر ورائد جوهر، وتم التأكيد على التزامهم بالقرار الفلسطيني الوطني والإسلامي.
وعقدت «القوى الإسلامية» لقاءً في مخيّم عين الحلوة (بتاريخ 14 آذار الماضي) حضره إلى المشاركين في اللقاء السابق الذي عقد (بتاريخ 24 شباط الماضي) ممثل حركة «حماس» في لبنان علي بركة، وتم دمج ورقتَيْ «الجهاد» و«حماس» في ورقة واحدة بالتفاهم مع «القوى الإسلامية» في المخيّم.
وبعد جولة لـ «حركة الجهاد الإسلامي» وحركة «حماس» ومسؤولين في قوى فلسطينية على عدد من الفاعليات الصيداوية و«حزب الله» وحركة «أمل»، تم التأكيد على ضرورة أن تشمل المبادرة كافة القوى الفلسطينية الإسلامية والوطنية بما في ذلك حركة «فتح» وفصائل «منظمة التحرير الفلسطينية».
وعُقِدَ لقاء بين اللواء ابراهيم والسفير دبور (بتاريخ 16 آذار 2014) - أي بعد عودة الأخير من رام الله؛ ثم زار رئيس المكتب السياسي لحركة «أمل» الحاج جميل حايك على رأس وفد من الحركة، السفير دبور وقيادة «فتح» في مقر سفارة دولة فلسطين في بيروت (بتاريخ 19 آذار 2014)، حيث نقل إليهم حرص الرئيس بري على إشراك جميع القوى الفلسطينية في هذه المبادرة، وفي مقدمها هذه القوى حركة «فتح».


تحصين المبادرة؟!


وبين محاولات بعض المتضرّرين من الدخول على خط التوتير، وطرح مبادرات أخرى لمحاولة شق الصف الفلسطيني الموحد، عُقِدَ مساء السبت 22 آذار 2014) لقاء في دارة الزميل هيثم زعيتر في حارة صيدا، شارك فيه أمين سر حركة «فتح» وفصائل «منظّمة التحرير الفلسطينية» في لبنان فتحي أبو العردات وممثّل حركة «حماس» في لبنان علي بركة وممثّل «حركة الجهاد الإسلامي» في لبنان أبو عماد الرفاعي، وبالتواصل مع السفير دبور، تأكيداً على توحيد كافة المبادرات والأفكار في مبادرة واحدة تحمل عنوان «مبادرة القوى الوطنية والإسلامية في لبنان»، يتم التوافق عليها وإقرارها من قِبل مختلف القوى الفلسطينية، على أنْ يتم تقديمها إلى مختلف الجهات اللبنانية المعنية الرسمية والقضائية والأمنية والسياسية والحزبية، لتأمين أكبر دعم لها بما يضمن معالجة كافة الملفات الفلسطينية الأمنية والسياسية والاجتماعية على الساحة اللبنانية «رزمة واحدة»، وليس استمرار التعاطي مع الجانب الفلسطيني من الزاوية الأمني، خاصة في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها القضية الفلسطينية، حيث يتم استهداف قضية عودة اللاجئين، التي لا بد من أنْ تكون لها تداعيات على الساحة الفلسطينية، وبشكل خاص على مخيّم عين الحلوة، كـ«عاصمة للشتات الفلسطيني»، والذي يئن تحت واقع الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي تفاقمت بعد ازدياد توافد النازحين الفلسطينيين من سوريا إليه، وأيضاً في ظل المرحلة الحسّاسة التي يمر بها لبنان مع استهدافه من قِبل العدو الإسرائيلي والمجموعات الإرهابية مع اقتراب استحقاق الانتخابات الرئاسية اللبنانية.
واستمر اللقاء لأكثر من 4 ساعات، وتم في نهايته التوافق على دمج كل الأفكار والمقترحات في مبادرة واحدة، وتوسيع دائرة الشراكة مع مختلف مكونات المجتمع اللبناني.
وانطلاقاً من أنّ «خير البر عاجله»، تقرّر أنْ يتم عقد لقاء في مقر سفارة فلسطين صباح الإثنين (24 آذار 2014) بمشاركة ممثّلين عن فصائل «منظّمة التحرير الفلسطينية» و«تحالف القوى الفلسطينية» و«القوى الإسلامية» و«أنصار الله»، وتم اللقاء فعلاً، حيث أُجريت الاتصالات مع المعنيين لتأمين خروج ممثّلي «القوى الإسلامية» من مخيّم عين الحلوة، وبالفعل عُقِد اللقاء الذي حضره:
- سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور.
- وعن «فصائل منظّمة التحرير الفلسطينية»: فتحي أبو العردات (فتح)، علي فيصل وعدنان أبو النايف (الجبهة الديمقراطية) وصلاح اليوسف (جبهة التحرير الفلسطينية).
- وعن «تحالف القوى الفلسطينية»: أبو عماد الرفاعي (الجهاد الإسلامي) وعلي بركة (حماس).
- وعن «القوى الإسلامية»: الشيخ عبدالله حلاق (الحركة الإسلامية المجاهدة) والشيخ أبو طارق السعدي والشيخ أبو شريف عقل (عصبة الأنصار الإسلامية).
- وعن «أنصار الله»: محمود حمد.
وتم طرح كافة وجهات النظر وصوغ المبادرة حتى خرجت في صيغتها النهائية، التي تُحاكي الهواجس والواقع الفلسطيني، وتضمّنت 19 بنداً بما يضمن مواجهة كل أشكال الفتنة التي تستهدف الإيقاع بين المسلمين، والسعي إلى وأدها، وإدانة عمليات التفجير التي تستهدف والأبرياء المدنيين على كل الأراضي اللبنانية، ووقف كل أشكال التحريض المذهبي والطائفي والإعلامي، وأن تتولّى الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية ضبط الأوضاع الأمنية في المخيّمات، وخصوصاً في مخيّم عين الحلوة، بما يضمن أمن واستقرار المخيّمات والتجمعات الفلسطينية، ورفع الغطاء عمَّن يُثبت تورّطه بأعمال أمنية من داخل المخيّمات الفلسطينية، وألا تكون المخيّمات منطلقاً لأي أعمال من شأنها المساس بالأمن اللبناني، ورفض الاستقبال أو الإيواء في المخيّمات لأي عناصر متورطة بأعمال أمنية، ورفض كل أشكال الاغتيالات وإدانتها، وكشف مرتكبيها ومحاسبتهم، ورفض الثأر والانتقام والتبرؤ من مرتكبيها، وتوفير الحماية للمدنيين والأبرياء ما أمكن ذلك.
كذلك السعي لتسوية أوضاع المطلوبين ومن يلزم من الأشخاص مع الجهات المعنية في الدولة اللبنانية، وتأمين الغطاء السياسي والقضائي والأمني من الجهات الرسمية والحزبية اللبنانية، لتنفيذ المبادرة مع التأكيد على سياسة الحياد الإيجابي، وعدم التدخل في الشأن الداخلي اللبناني، ورفض زج الفلسطينيين في التجاذبات والصراعات الداخلية اللبنانية، والتأكيد على أنّ الفلسطينيين هم صلة وصل وجمع بين جميع الأفرقاء في لبنان، ورفض كل أشكال الفرقة والانقسام والخطاب المذهبي والطائفي.
وتم التأكيد أيضاً على دعم الفلسطينيين وانحيازهم للأمن والسلم والاستقرار في لبنان، والتمني على الجهات اللبنانية المعنية بألا توفّر جهداً لحماية الشعب الفلسطيني في لبنان وقضيته من أي استهداف، وحماية حق عودة اللاجئين، الفلسطينيين وتخفيف الإجراءات على مداخل المخيّمات والمعاملة الحسنة للمارة وبخاصة النساء.
وختمت المبادرة إلى إعلان التبروء من كل عمل يخالف الاتفاق وبنوده، واعتبار القيادة السياسية الموحدة في لبنان هي المرجعية العليا والمسؤولة المباشرة سياسياً وأمنياً عن الإشراف على هذه المبادرة وتنفيذها.


المبادرة تشقُّ طريقها نحو التنفيذ

 

السفير أشرف دبور وممثّلو القوى الفلسطينية خلال إعلان المبادرة في مخيّم عين الحلوة


ومع نهاية الاجتماع كان يتم توقيعي لكتاب «زلزال الموساد»... «العملاء في قبضة العدالة»، برعاية قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي، الذي أُقيم في «قصر الأونيسكو»، بحضور مختلف الأطياف اللبنانية الرسمية والنيابية والقضائية والأمنية والعسكرية والحزبية، والمسؤولين الأول للفصائل والقوى الفلسطينية الوطنية والإسلامية، حيث أَعلنتُ عن زف بشرى المشاركين بتوافق القوى الفلسطينية على المبادرة التي سيتم إعلانها قريباً.
وخلال كلمتي تحدّثتُ عن أهمية أنْ يتم التعاطي مع الملف الفلسطيني من كافة النواحي، وليس اقتصار الأمر على الجانب الأمني، وألا يتم التعاطي مع «القوى الفلسطينية» كجسر عبور، بل كجسر تلاقٍ، لأنّ الفلسطينيين لم ينجرّوا إلى أتون الخلافات اللبنانية الداخلية، بل ساهموا في حل العديد من الخلافات اللبنانية - اللبنانية، وبالتالي بات مطلوباً إقرار الحقوق المدنية والاجتماعية وحق التملك للفلسطينيين، وكذلك معالجة أوضاع العديد من المطلوبين من قِبل الجهات المعنية في الدولة اللبنانية.
وفي اليوم التالي - أي (الثلاثاء 25 آذار 2014)، عُقِدَ اللقاء في مخيّم عين الحلوة، وصيغت المبادرة في صورتها النهائية، وتم عقد لقاء بين ممثّلي «القوى الإسلامية» في المخيّم مع «تجمّع الشباب المسلم»، الذي يتشكّل من قوى لا تنضوي تحت السقف السياسي لفصائل «منظّمة التحرير الفلسطينية» أو «تحالف القوى الفلسطينية» أو «القوى الإسلامية»، وتم إصدار بيان في هذا الإطار برفض القتل والاغتيالات والتصفية الجسدية لأي مسلم تحت أي ذريعة، ورفض اغتيال أي شخص من المخيّمات الفلسطينية في لبنان في أي عملية أمنية أو عسكرية على الأراضي اللبنانية، وتحميل أي جهة أو طرف أو فرد يخل بالبنود السابقة وحده التبعية والمسؤولية عنها.
ووقّع مبادرة «تجمّع الشباب المسلم»: الشيخ جمال خطاب (الحركة الإسلامية المجاهدة)، الشيخ أبو شريف عقل (عصبة الأنصار الإسلامية)، شكيب العينا (الجهاد الإسلامي) وأبو أحمد فضل (حركة حماس)، كما وقّع أسامة شهابي، هيثم الشعبي، زياد أبو النعاج، بلال بدر، جمال حمد ورائد جوهر.
ويوم الجمعة (29 آذار 2014) أُعلِنَ عن «المبادرة الفلسطينية الموحّدة» في لقاء عُقِدَ في «قاعة الشهيد زياد الأطرش» في مخيّم عين الحلوة بحضور حشد سياسي فلسطيني ولبناني.
وألقيت بالمناسبة كلمات عدّة لكل من: السفير أشرف دبور، ممثّل «حركة الجهاد الإسلامي» في لبنان أبو عماد الرفاعي، أمير «الحركة الإسلامية المجاهدة» الشيخ جمال خطاب، أمين سر حركة «فتح» وفصائل «منظّمة التحرير فلسطينية» في لبنان فتحي أبو العردات، ممثّل حركة «حماس» في لبنان علي بركة، المتحدّث بإسم «عصبة الأنصار الإسلامية» الشيخ أبو شريف عقل، عضو اللجنة المركزية لـ «الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين» خالد يونس وأمين سر «لجنة المتابعة الفلسطينية» في مخيّم عين الحلوة عبد مقدح.
وبعد الإعلان عن المبادرة، قام وفد يمثّل الفصائل الفلسطينية بجولة على فاعليات مدينة صيدا، استهلت بزيارة النائب بهية الحريري، ومفتى صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان، وأمين عام «التنظيم الشعبي الناصري» الدكتور أسامة سعد، الرئيس السابق لبلدية صيدا الدكتور عبد الرحمن البزري، و«الجماعة الإسلامية» في صيدا، وسلّمهم نسخاً عن المبادرة على أن تُستكمل باقي الجولات في المرحلة اللاحقة.


ارتياح في المخيّمات


لقد ترك إعلان الفصائل والقوى الفلسطينية عن المبادرة، ارتياحاً في الأجواء الفلسطينية، التي تأمل بسرعة تنفيذها، وأن تلمس الخطوات الايجابية لهذا الاتفاق على أرض الواقع، وتلاقي خطوات إيجابية من الجانب الرسمي والأمني والحزبي اللبناني، بما يُساهم في تعزيز العلاقات اللبنانية – الفلسطينية.
ولمس أبناء المخيّمات بدء الجيش اللبناني تخفيف الإجراءات الأمنية التي يتخذها عند حواجزه على مداخلها، بناءً على تعهّد القوى الفلسطينية بألا تكون المخيّمات مصدراً لانطلاق أي أعمال أمنية على الساحة اللبنانية، ورفع الغطاء عن كل من يثبت تورطه في أعمال أمنية داخل المخيّمات الفلسطينية.
ويُسجّل ارتياح بالتعاطي بين المؤسّسة العسكرية وعلى رأسها العماد جان قهوجي والقوى الفلسطينية، حيث تم حل العديد من ملفات المطلوبين بإطلاق نار وبلاغات بحثٍ وتحرٍّ لدى القضاء المختص.


الرئيس بري على الخط


وأكدت مصادر متابعة أنّ رئيس المجلس النيابي ورئيس حركة «أمل» نبيه بري، كان على متابعة متواصلة بشأن المساعي الجارية لإنجاز «المبادرة الفلسطينية»، حيث أكد «ضرورة أن تكون المبادرة معبّرة عن كل الفصائل الفلسطينية الوطنية والإسلامية، وفي طليعتها حركة «فتح»، وأنْ يتم توسيع إطارها لتشمل أيضاً ليس فقط حركة «أمل» و«حزب الله»، بل الفاعليات والقوى الصيداوية، والجهات الرسمية والأمنية اللبنانية، وأن تتم ترجمة خطواتها بتوفير الإنماء والأمن، انطلاقاً من أنّ اللاجئين الفلسطينيين في لبنان هم ضيوف بانتظار تحقيق تنفيذ حق عودتهم إلى أرضهم، وبالتالي يجب أنْ يتم رفع مستوى التعامل مع الملف الفلسطيني، وإقرار الحقوق المدنية والاجتماعية، وأنْ تكون هناك مرحلة جدية تستجيب لما أقرته طاولة الحوار التي كان قد إطلاقها (بتاريخ 2 آذار 2006)، وأن تكون بنداً رئيسياً على طاولة الحوار - إذا ما استمرت - لأنّ رفع مستوى التعاطي وتحقيق مبدأ الإنماء يُساهم بتعزيز الأمن، وهو ركن أساسي لتجسيد العلاقات اللبنانية - الفلسطينية بشكلها الصحيح.


وصول الأحمد


وفي غضون ذلك، وصل إلى لبنان مساء الإثنين الماضي عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» والمشرف على الساحة الفلسطينية في لبنان عزّام الأحمد، الذي عقد سلسلة من اللقاءات مع قياديين في حركة «فتح» و«منظّمة التحرير الفلسطينية» والفصائل الفلسطينية، والتقى قيادات لبنانية لوضعها في أجواء الخطوات التي ستتّخذها القيادة الفلسطينية بالتوجّه إلى المنظمات الدولية، بعد فشل المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، والإصرار الفلسطيني على رفض تمديد فترة المفاوضات، وما جرى بحثه بشأن القضية الفلسطينية في «القمة العربية» التي عُقِدَت مؤخّراً في الكويت، وكذلك متابعة ترتيب «البيت الفتحاوي»، والعمل على اتخاذ قرارات بما يتلاءم والمرحلة.
وعُلِمَ بأنّ مدير «الصندوق القومي الفلسطيني» الدكتور رمزي خوري ومسؤول «هيئة التنظيم والإدارة» المركزي في حركة «فتح» اللواء محمد يوسف سوف يصلان إلى لبنان لمتابعة ملفات تتعلّق بالحركة والمنظّمة.

 

صورة عن مبادرة «تجمُّع الشباب المسلم» مع التواقيع

المصدر : جنوبيات