الخميس 13 أيلول 2018 22:40 م

الرئيس السنيورة في "لقاء خاص" مع تلفزيون فلسطين بعد زيارة الفاتيكان: لمست دعماً من البابا للحفاظ على القدس عاصمة دولة فلسطين وحل الدولتين


* جنوبيات

أكد رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق فؤاد السنيورة أنّه خلال زيارة وفد "مجلس العلاقات العربية والدولية" إلى الفاتيكان "لمستُ من البابا فرنسيس الأوّل، تفهّماً وإيماناً بقضية القدس، خصوصاً أنّ للفاتيكان قيمة دينية وروحانية واعتباراً في كل أنحاء العالم، وسيكون له أثر كبير على حل قضية القدس والدفاع عنها"، مُشيراً إلى أنّه خرج بتصوّر خلال زيارته إلى الفاتيكان "هو الثبات على موقفه تجاه القدس، وهو أمر جيد، وهذا يجب ألا نستكين إليه، بل يجب أنْ تتم مُتابعته، كما يجب ألا تُؤدي بنا الاستكانة إلى موقف مُعين، هذا عالم مُتغيّر، وبالتالي أنا لا أقول عن الفاتيكان، بل أقول عن 138 دولة، التي وقفت مع فلسطين، نحن يجب أنْ نسخّر مواقفنا، وإمكاناتنا وقدراتنا في خدمة قضايانا، ويجب أنْ يكون هناك اتصال وعلاقات مُستمرة بين الدول، وبالتالي لإطلاعهم وتثبيتهم لمواقفهم تجاه قضايانا المحقة".
وفي "لقاء خاص" مع تلفزيون فلسطين أجراه الإعلامي هيثم زعيتر في بيروت، أشار الرئيس السنيورة إلى أنّ "شرح قضية القدس، وما تعنيه من أهمية، ليس فقط بكونها مدينة مُقدّسة، لكنها أيضاً المدينة التي تمثّل عاصمة فلسطين، هذا الأمر الذي أردنا أنْ نوضحه أمام البابا فرنسيس في الفاتيكان، وهو ما تم فعلاً، لكن الاجتماع الأساسي الذي جرى كان مع أمين سر الدولة ورئيس وزراء دولة الفاتيكان ومع وزير خارجيته لبحث هذه الأمور، حيث امتد على قرابة الـ90 دقيقة، جرى خلاله شرح أهمية القدس، والتمسّك بالموقف الذي اتخذه الفاتيكان، والذي يمثّل العدالة الحقيقية، والباب الحقيقي لإنهاء مشكلة الصراع العربي - الإسرائيلي، ومعالجة القضايا التي نشأت على مدى هذه الفترة، وأيضاً معالجة المشكلة التي تسعى "إسرائيل" دائماً كي تتبنّى وتخلق كل الظروف التي تُؤدي إلى المزيد من الاحتدام، والمزيد من المواجهات داخل المجتمعات العربية في مُحاولة للتفريق بين هذه الجماعات التي تمثّل المجتمع العربي بكل تنوّعاته، وهذا من ميزات هذه المجتمعات العربية، لكن هذا التنوّع أكان ذلك إسلامياً أو مسيحياً أو الفِرق الإسلامية المختلفة، تحاول دائماً أنْ تخلق هذه النزاعات، ونحن على بساطةً منّا ننصاع إلى هذه الجهود المبذولة بحيث يؤدي ذلك إلى المزيد من التشنّج، وهذا الأمر طبيعي يؤدي إلى ما شاهدناه خلال هذه الفترة الماضية من نشوء بعض المُنظمات الإرهابية مثل "داعش" وغيرها، والتي تُؤدي إلى المزيد من الاحتدام بين المكوّنات الإسلامية - الإسلامية، وبين الإسلامية - المسيحية، وبالتالي العيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين كان أيضاً من القضايا التي أثرناها مع حاضرة الفاتيكان بأهمية الحفاظ على العيش المشترك".
وشدّد رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق على "ضرورة أنْ نظهر أمام العالم بأنّنا شعب عربي يؤمن بالتنوّع ويتقبّل الآخر ويتسامح مع الآخر، ويُحاول أنْ يحتضن بعضه البعض، وأنْ نعطي هذه الصورة بأنّنا مجموعة من الناس، وليس مجموعة من القتلة، كما يُحاول أنْ يصوّرنا البعض من خلال هذه المظاهر غير الصحيحة، والتي وراءها الكثير ممَّا يسمّى المخابرات الدولية، التي تُؤدي إلى خلق مثل هذه المُنظمات الإرهابية، والتي تحاول أنْ تشوّه صورة المسلمين، وأنْ تخوّف العالم بنا، ونحن لا نريد أنْ نخاف من العالم، لكن لا نريد أنْ نُخيفه هذا أمر طبيعي علينا أنْ نعطي صورة جديدة مع لقاءاتنا مع العالم، وأنْ نتمتّع بالصبر والإرادة حتى نبني ما يُسمّى خطوة وراء خطوة تُؤدي إلى تحقيق هذا التغير، يجب أنْ تكون هناك جهود مثابرة من أكثر من طرف ومن أكثر من دولة عربية ومواقف حازمة وصامدة، فموضوع "صفقة القرن"، والشائعات التي جرى تداولها والشائعات والتشويهات الذي حاول البعض أنْ يُثيرها حول مواقف عربية من هنا وهناك، يجب أنْ يكون هناك موقف عربي وصريح، وبالتالي تتّفق إرادة الأمة على أنّه ليس هناك من أحد لديه تفويض بأنْ يتصرّف بالقدس أو القضية الفلسطينية".
أما عن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب نقل السفارة الأميركية إلى القدس والاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي ووقف مساعدات "الأونروا" وإغلاق مكتب "منظّمة التحرير الفلسطينية" في واشنطن، فأكد الرئيس السنيورة أنّ "الرئيس الأميركي يريدهم أنْ يعودوا إلى طاولة المفاوضات على أساس قاعدة الاستسلام الكامل، ونسيان الحقوق والتخلّي عن فلسطين، وهو يُحاول أنْ يُذيب ويُنهي القضية الفلسطينية، هذا الأمر يجب ألا نستهين به، وألا نقبل به، ونفهم طبيعة المرحلة التي نمر بها، ولا نستطيع أنْ نواجه هذا العالم بنفس الأساليب والأدوات التي استعملناها، وعلينا التفكير بحل هذه المشكلة، فأميركا تخلّت عن كل القواعد والقرارات انصياعاً لإسرائيل وإرضاء لقادتها والناخبين الصهاينة، وعلينا كل يوم الحديث بأنّ "إسرائيل" تُمارس التمييز العنصري، وفي القرآن والإنجيل، إذا ما استفحل الشر لا يعني أنّه يصبح خيراً، ونقل السفارة الأميركية إلى القدس عمل فيه شر كبير يجب مواجهته".
وأوضح أنّ "العلاقة بين الأزهر والفاتيكان، علاقة ضرورية وكذلك مع الكنائس الأخرى، وسنزور عواصم ومراكز دينية أساسية في العالم إسلامية ومسيحية، للتصدّي للعنجهية والجبروت الأميركي، وعلينا إظهار النتائج المترتبة على قرارات ترامب".
وعن زيارته إلى بكركي قبل السفر إلى الفاتيكان قال الرئيس السنيورة: "حرصت أنْ أزور البطريرك بشارة بطرس الراعي، الذي تربطني به علاقة قوية، وفيها كثير من الود والاحترام، وأبلغه أيضاً ما نعتزم القيام به، وكان مثمّناً كثيراً لهذه الخطوة، وقلت لهم إنّني أحمل البركة من البطريرك، وبالتالي سأسلمكم إياها وآخذ منكم البركة لأرجعها إليه، وكان اللقاء الأساسي مع أمين سر الدولة، وكان هناك موضوعان هما القدس ولبنان، والحفاظ على العيش المشترك، وبالتالي التأكيد على قضية "اتفاق الطائف" في لبنان، الذي يُحاول البعض أنْ يبتدع وسائل لمُحاولة الإلتفاف على "اتفاق الطائف"، وهو عهد قام به اللبنانيون على أساس أنْ يؤمنوا هذا العيش المشترك للتنوّع، الذي هو مصدر ثراء للأمة اللبنانية، و"اتفاق الطائف" يقول بأنّ اللبنانية سواسية مثل بعض، ولهم نفس الحقوق، وعليهم نفس الواجبات، حملت إلى الفاتيكان الشيء نفسه، وعندما عدتُ اتصلت بالبطريرك وأبلغته، وكان مثمّناً، وتعاهدنا أنْ نلتقي عمّا قريب من أجل بحث نتائج الزيارة وكيفية مُتابعتها".
وختم الرئيس السنيورة مؤكداً "بادرتُ خلال رئاسة الحكومة إلى اتخاذ خطوات، تُعتبر ركيزة أساسية في تطوير العلاقات اللبنانية الفلسطينية، فشعب فلسطين تحمّل ما لا يتحمّله أي شعب في العالم من المآسي والظلم الواقع عليه، ولدينا موقف وطني وقومي وعربي ضد التوطين، ولن يكون هناك قانون جنسية إلا بمنح الأم اللبنانية المتزوجة من فلسطيني الجنسية لأولادها".

المصدر : جنوبيات