نجحت الهبّة المقدسية ، وامتداداً الفلسطينية . كسرت القدس قيود الاحتلال . أجبرته على فكّ حواجزه ، وإخلاء الساحات ، والتراجع أمام المؤمنين الذين ينتزعون حقهم بالإرادة والصلابة والعزة والكرامة والشجاعة والقانون . قالوا للاحتلال : القدس قدسنا . والأقصى مسجدنا . وملاذنا وإيماننا ومرجعنا . والكنائس كنائسنا تعانق مساجدنا . وتتلاقى أصوات آذاننا في كل صلاة ، مع أصوات أجراسنا ، تقرع للانسانية والتسامح والمحبة ودعوة السيد الذي صلبه من يريد صلب فلسطين ، وشعبها اليوم ، وسلب أرضها واستباحة مقدساتها .
المؤمنون المقدسيون فرضوا على اسرائيل وجبروتها أن تستنفر الأعداء والأصدقاء والجيران لوقف الهبّة . للتخفيف عن إحراجها تمهيداً لإخراجها من الساحات .اعتقلت . ضربت . اعتدت . نفّست أحقادها وبثت كراهيتها ضدهم لكنها هزمت . المقدسيون كلمة واحدة . صلاة واحدة . ساحات واحدة . تجمعات موحَدة وموحِدة . أطلقوا صرختهم . صدحت أصواتهم . وصلت أصداؤها الى كل الأرض المحتلة . هبّت الضفة . هبّ القطاع . فحاصرت اسرائيل نفسها . جميل . رائع هذا الصوت الفلسطيني ومشلّع السوط الاسرائيلي !! عصى الفلسطيني فكُسِرَ العصا الاسرائيلي . اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي ، صوراً ومقالات وتعليقات . هنا خضوع وركوع وخشوع في الصلاة أمام الله والمقدسات . وهناك أهازيج وأغان وفرح وموسيقى ودبكة فلسطينية . لحن واحد . جباه مرفوعة . وجوه مكشوفة . لا تخاف كاميرات الاحتلال وأقنعته . أصحابها لا يخافون إلا عيون الله . وهم بإيمانهم منتصرون . بالحجارة والكراسي المخلّعة هاجموا دبابات وأسلحة الاسرائيليين ورجالهم . أسقطوا العلم الاسرائيلي وثبتوا علمهم ، مؤكدين رفضهم تهويد القدس ، وإصرارهم على وقف عربدة وعهر المستوطنين وقادتهم .
جهاز الأمن العام الاسرائيلي " الشاباك " أعلن : " نصب الحواجز أسهم في زيادة التوترات في القدس ويهدّد بتفجير الأوضاع . من الضروري إزالتها . المقدسيون مصممون هذه المرة على خوض المعركة مع السلطات الاسرائيلية والمستوطنين حتى النهاية . حملتهم : لم يعد لدينا شيئ نخسره " !!
ربح المقدسيون الجولة . وربح الفلسطينيون عموماً . موقف يبنى عليه ويجب أن يكرّس الوحدة في المواجهة مع الاحتلال والمعركة معه مفتوحة . ثمة استحقاقان قريبان . " مسيرة أورشليم " السنوية والتي تصادف هذا العام مع نهاية شهر رمضان المبارك . ودرجت العادة أن يمارس المستوطنون إرهابهم ، استفزازات في وجه المقدسيين . يأتون بالآلاف يعتدون . يشتمون . يسيئون الى رجال الدين من الرهبان والراهبات . تأتي المناسبة والغضب المقدسي الفلسطيني في قمته . هذه لحظة مهمة يجب الاستفادة منها في مبارزة جديدة تؤكد الإرادة الفلسطينية ذاتها ، وتعزّز الحضور وتعمّق الجذور في الأرض المقدسة .
والى جانب هذا الاستحقاق ، ثمة محطة الانتخابات . هي معركة هوية . لماذا ؟؟ لأن الفلسطينيين يريدون إجراءها في القدس بحرية . واسرائيل ترفض لأن #القدس هي يهودية " وعاصمة للدولة اليهودية ". إجراء الانتخابات الفلسطينية فيها يسقط عنها هذه الصفة. المعركة معركة إنتماء . معركة مصير دون مبالغة . ثمة انقسام في الوسط الفلسطيني للأسف حول القرار النهائي . وهذا أمر خطير . أي قرار يتخذ يجب أن يكون باتفاق الفلسطينيين . لا يجوز السماح لاسرائيل بالاستفادة من أي انقسام . ليس مطلوباً من المقدسيين أكثر مما فعلوا ويفعلون . ليس ثمة مكان للمزايدات هنا . فعلوا وحققوا إنجازاً وهم وحدهم . نعم وحدهم . عمّ الصوت الفلسطيني المقدسي العالم وكأنه لم يمر فوق عدد من الديار العربية وليس له مكان في الحضن العربي . الموقف ذاته يعتمد في معركة إجراء الانتخابات بغض النظر عن مصيرها ونتائجها .
القدس أكبر من الجميع . الهوية هوية الجميع . ورئيس عصابة اسرائيل نتانياهو لا يتمكن من تشكيل حكومة ، وهو وغيره يناشدون النواب العرب الوقوف الى جانبهم لتمرير الحكومة . مرحلة جديدة مهمة في تاريخ الصراع الفلسطيني مع الاحتلال لا يجوز تفويت أي مناسبة أو محطة يمكن الاستفادة منها والبناء عليها لحماية البيت الواحد ومقدساته !!