الخميس 27 أيار 2021 12:59 م

أهلاً بالضيف


* غازي العريضي*

في ديارنا ضيفان " كريمان ". وزيرا خارجية أميركا انتوني بلينكن وبريطانيا دومينيك راب . ينقصهما زميلهما الثالث وشريكهما في رفع شعار " حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها " أثناء الحرب الاسرائيلية على الفلسطينيين ، جان إيف لودريان وزير خارجية فرنسا . لم يأت . وهو يخوض صراعاً مع رئيس حكومة الإرهاب التي منحها الحق المذكور ، بنيامين نتانياهو لأنه في تقييم ما جرى شدّد على حل الدولتين الذي من دونه يكون الفصل العنصري في اسرائيل فهاجمه العنصري الإرهابي نتانياهو .ماذا يريد الوزيران ؟ 
1 -  العمل على تثبيت الهدنة وخفض التوتر . جيد . ماذا يفعلان عملياً وهما على أرض فلسطين يشاهدان عناصر جيش وشرطة الإرهاب الاسرائيلي يعتدون على الفلسطينيين في المسجد الأقصى ، ويشدّدون الخناق على الشيخ جراّح ، ويعتقلون المئات في أراضي ال 48  وتستمر المواجهات . أليس هذا ما أشعل الحرب الأخيرة ؟؟
2 – التأكيد على حل الدولتين . لودريان معهما . جيد جداً جداً . وهذا الحل يعني وقف الاستيطان بالكامل . إلغاء قرار طرد الفلسطينيين من الشيخ جراّح وغيرها . عدم المس بالقدس واعتبارها عاصمة أبدية موحدة للدولة اليهودية كما فعلت اسرائيل وأيدتها إدارة ترامب وإدارة بايدن . إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة . حل قضية عودة اللاجئين !! هل الوزيران " الكريمان " ملتزمان بذلك ؟؟ هل سيلبي التزامهما نتانياهو الرافض بالكامل لهذا الحل ؟؟ ولحق العودة وبشكل خاص بحق البقاء والذي يحاول الآن كسب الوقت لمسح آثار الهزيمة والعبور مجدداً الى رئاسة الحكومة ، والاستمرار في مشروعه ورهانه أن الإدارة الأميركية الحالية المطوّقة بأزمات كثيرة لن تستطيع فعل شيئ معه . فلن يكون حل ولن تكون دولتان !! 
3 – الوزير بلينكن شدّد على مساعدة السلطة الفلسطينية مالياً ، إنسانياً ، أمنياً ، وأعلن تقديم مساعدات مالية تتجاوز الثلاثماية مليون دولار منها 5.5 مليون للمساهمة في إعادة إعمار غزة . والرئيس بايدن دعا العالم الى المساهمة في هذه العملية . لكن المسؤولين الأميركيين متفقون مع نتانياهو على أن يمرّ المال من خلال السلطة الفلسطينية وليس من خلال حماس . وهنا بيت القصيد . يريدون إيقاع الفلسطينيين في فخ الفتنة والانقسام وإضعاف موقفهم وتدمير انتصارهم . وهذا أمر خطير جداً ينبغي على أبناء الأرض وأصحاب القضية الذين توحّدوا حول القدس والشيخ جراّح وغزة والقطاع وأراضي 48 وفيها ، أي حول الحقوق الفلسطينية ، أن يسقطوا هذه اللعبة المكشوفة المفضوحة وأن يبقوا على وحدتهم الضمانة الأساس لاستكمال معركتهم واستثمار إيجابيات الدعم المعنوي والإعلامي الذين نالوه في مختلف انحاء العالم . وإذا كان نتانياهو صادقاً وحريصاً على السلطة ودورها ، فلماذا لا يحوّل لها أموالها المصادرة لدى سلطة إرهابه ؟؟ من هاجم السلطة ؟؟ من وضع العراقيل في دربها ؟؟ من رفض ويرفض تطبيق الاتفاقات معها ؟؟ من حاصرها ؟؟ من اعتبر ابو مازن عائقاً أمام الحل ولم يعد شريكاً فيه ؟؟ كذلك فإن بلينكن التزم بدعم اسرائيل الكامل ضد جماعة حماس فهل بالإمكان تجاوزهم في غزة ؟؟ هذا وهم . لكن خلفيته وهدفه فتح باب المشكل بين حماس والسلطة وتفريق الشعب الفلسطيني الذي فاجأهم بهبته الواحدة . 
4 – الأميركيون والاسرائيليون يريدون بطريقة أو بأخرى : الإشراف على إعادة الإعمار للوصول الى خريطة طريق حول أنفاق حماس وطرقاتها والبنية التحتية وأسرارها . وهذا لن يحصل بالتأكيد ، ونتانياهو يريد وتحت ضغط أخصامه وضع شرط استعادة الأسرى لدى حماس قبل الشروع في إعادة الإعمار وهذا لن يحصل . واللعبة أيضاً مكشوفة . يريد تحقق انتصار هنا للتعويض عن الإنكسار هناك !! 
وإذا كان دور مصر طبيعياً وضرورياً ولا مفر منه لأسباب عديدة فإن الأميركيين والاسرائيليين يريدون تقديم أدوار الذين طبّعوا العلاقات مع اسرائيل وأصيبوا بنكسة كبيرة ، وهنا يريدون مجدداً إحياء فكرة أن التطبيع ممكن دون حل القضية الفلسطينية . الأمر الذي أسقطه الفلسطينيون بصمودهم وانتصارهم وتأكد العالم كله منه . دون حل عادل للقضية الفلسطينية لا أمن ولا استقرار في المنطقة ولا استثمار ولا إنتاج حتى في اسرائيل التي شلّت بقرار فلسطيني . 
الوزيران الضيفان " الكريمان " الواضحة كما قلت أهداف زيارتهما استقبلهما ضيف استثنائي في هذا الزمان . إنه محمد الضيف البطل الذي حاولت اسرائيل قتله 5 مرات ونجا . استشهد إبنه وإبنته وزوجته . فقد عينه . وإحدى يديه ، وأصيب إصابات بالغة في أنحاء جسمه أثرت على سمعه وعلى إحدى رجليه . هو " الشبح " كما وصفه الاسرائيليون . " والهر ب 7 أرواح " " ودفعوا ثمناً باهظاً في معاندته " . كما قالت يديعوت أحرونوت : " هدف يتمتع بقدرة هائلة على البقاء . كل مرة ينجو من الاغتيال تزداد قداسته " !! وأكد غانتس : " عملية الاغتيال المقبلة ستنجح في نهاية المطاف " . هذا ضيف الزمان الاستثنائي أوقف اسرائيل على رجل واحدة . طوّقها بالصواريخ . سيطر اسمه على شاشاتها !! فاقد بصر يرى بعيداً وأكثر من كل قادتها . وبصيرته ثاقبة وهو بعين واحدة ورجل واحدة ويد واحدة لكن بإرادة واحدة ثابتة واعية وأصابع مرفوعة ورأس مرفوع  !! أربك اسرائيل . 
وقبل وصول الضيفين ، كان احتفاء بالضيف المحلي الشبح !! كيف ؟؟ عائلة من آل الصفدي ، نزحت بفعل القصف الى إحدى المدارس ، ولدت سيدة منها طفلاً تحت القصف والإرهاب ، عمّت الزغاريد ، أسمته محمد الضيف هللّت وهتفت عالياً  : " فلــطين بلدنا. متمسكون بها .عسى يا ولدي أن يحمل وجهك خيراً لنا مثل محمد الضيف الكبير " !! 
أهلاً بضيف الزمان الصغير الجديد ،  وتحية الى الضيف البطل !! حق فلســـطين لن يموت !! الفلسطينيون ضيوف استثنائيون في هذا الزمان . 

* وزير ونائب سابق.

 

المصدر : جنوبيات