أكد الوزير والنائب السابق غازي العريضي أنّ "الشعب الفلسطيني نجح في امتحانه بوحدة موقف شاملة، من غزة إلى الضفة الغربية والأراضي المُحتلة في العام 1948، والقدس بشكل خاص، لأنها ترمز إلى سُقوط "صفقة القرن"، فهل ستنجح إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أمام الامتحان بما تقوله بأنّها مع حل الدولتين، وذلك نقيض "صفقة القرن"، ونقيض السياسة الاستيطانية التوسعية الإسرائيلية وتكريس حق الفلسطينيين على أرضهم بدولة مُستقلة وعاصمتها القدس؟".
وشدّد الوزير العريضي في حلقة برنامج "من بيروت" على شاشة تلفزيون فلسطين، من إعداد وتقديم الإعلامي هيثم زعيتر، بعنوان: "مُستقبل العلاقات الفلسطينية - الأميركية في ظل إدارة الرئيس بايدن"، على أنّ "رئيس دولة فلسطين محمود عباس قال كلاماً مُهماً، سنبقى شوكةً في عيون المُحتل، ولن نُغادر أرضنا، ونترك كُل خلافاتنا ونجتمع حول القدس، وهذه هي الثوابت التي يجب أن تلتف حولها جميع القوى الفلسطينية لتثبيت وحدتها الداخلية".
وأضاف: "لا أثق بالأميركيين، وهم أُجبروا على إعادة استئناف العلاقات مع الجانب الفلسطيني، لأن الرئيس بادين يُحاول أن يكون غير الرئيس السابق دونالد ترامب، والإدارة الأميركية قالت بالأساس بالتفاوض مع السلطة الفلسطينية، وإعادة فتح مكتب "مُنظمة التحرير الفلسطينية" في واشنطن، والقُنصلية الأميركية في القدس الشرقية، وإعادة بناء العلاقات والتواصُل وتقديم المُساعدات، وهذا قبل الحرب الإسرائيلية الأخيرة.
لكن العنوان الأساسي، الإلتزام بأمن "إسرائيل" الدولة المُتفوّقة، الإلتزام بأمنها بتقديم كل المُساعدات لها، تحت عنوان عريض "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، و"إسرائيل" تستبيح كل شيء تحت هذا العنوان.
إلى جانب الأميركي، جاء البريطاني، والجهتان نادتا بحل الدولتين، وهنا يكمن الأمر، هل تستطيع الإدارة الأميركية فرض هذا الأمر على زعيم عصابة الإرهاب بنيامين نتنياهو، الذي يُحاول الهُروب الدائم بأي وسيلة من هذا الاستحقاق؟".
وأكد أنّ "الصراع مع الاحتلال مفتوح ومُستمر، والفلسطيني أثبت في المرحلة الأخيرة تمسُكه بحقه، بأرضه، بهويته، بانتمائه للشيخ جراح ومُقدساته في المسجد الأقصى، وكل المُقدسات الإسلامية والمسيحية، وإقامة دولة مُستقلة له. إذاً هذا كله يندرج تحت الامتحان الذي تمر به الإدارة الأميركية، ونجاحه هو هدف الفلسطينيين".
واستطرد الوزير العريضي قائلاً: "الرؤية الأميركية كانت رافضة لفكرة المُؤتمر الدولي، كانت تُريد حصره بين يديها. "إسرائيل" لا تُريد مُؤتمراً دولياً، ولا تُريد حتى الأُمم المُتحدة وقراراتها، لأنها تتعامل مع الجانب الأميركي الضامن والحامي والداعم.
اليوم إذا ذهبنا في هذا الاتجاه، وتكرّس انعقاد مثل هذا المُؤتمر الدولي، ثمة شراكة دولية، ليست أميركا وحدها، بل ودول أخرى، نسبة لقرارات الشرعية الدولية، أعلى قرارات هي قرارات الأمم المُتحدة، إما أن تُحترم ويتم الالتزام بها، وإما أن تبقى "إسرائيل" دولة فالتة، دولة إرهاب ولا تعترف بحق الشعب الفلسطيني.
علينا أن نلعب كل الأوراق، مُتمسّكين بوحدتنا الأساسية، بعناصر القوة الأساسية، التي هي حقنا، والدفاع عن هذا الحق دبلوماسياً وسياسياً وأمنياً وميدانياً وسلمياً وبالمُظاهرات، والإضراب كما حصل، إضراب أبناء الداخل الفلسطيني شل كل "إسرائيل"، وهي المرّة الأولى بعد ثورة 1936، وكانت السقطة الكبرى لـ"إسرائيل"، لأنها لم تكن تتوقع وتتحسب لهذه الصورة، وهذا الواقع. سُقوط أمني، مُخابراتي، سياسي ومعنوي.
كل الفلسطينيين كانوا هبّة واحدة، في كل المناطق، لكن المُفاجأة الكبرى كانت بالداخل الفلسطيني، هذا ما تسبب بشلل كامل، لأن "إسرائيل"، هذه الدولة التي تعتبر نفسها القوة الأكبر المُتفوقة في المنطقة، المُستقرة، الهادئة، الآمنة، والتي ذهبت تبني علاقات هنا وهناك، مع دول عربية وغير عربية لمُستقبل المنطقة على المُستويات كافة، سقط كل ذلك خلال ساعات".
ورأى "أنّ "إسرائيل" خسرت خسارة كبيرة في هذه الحرب، أهمها الخسارة الإعلامية على مُستوى وسائل الإعلام العالمية، ومواقع التواصُل الاجتماعي، عدد هائل من المُمثلين والفنانين والمُنتجين والمُخرجين والمُغنيين والمُوسيقيين والمُلحنين وعارضات الأزياء، كل العالم هبّت هبّة واحدة، كلمة واحدة، "فلسطين حرة"، "أنقذوا حي الشيخ جراح"، "حياة الفلسطينيين مُهمة"، شعارات استثنائية تضرب على رأس الإسرائيلي الذي يُمارس هذا الإرهاب. حصار إعلامي، معنوي وسياسي، تحول إلى إحراج كبير على المُستوى الدولي، فأعاد القضية الفلسطينية قضية أولى".
وأشار إلى أنّ "مَنْ اعتبر أنّه بذهابه في علاقات مع دولة عربية، أياً تكن الحسابات والخلفيات، وبالتالي يُستفرد بالفلسطيني، ونستطيع إكمال هذه الحياة بهذه الطريقة، والقضية الفلسطينية ليست قضية عربية، وإذا ذهبنا إلى علاقات طبيعية وأسقطنا المُبادرة العربية، الأمور تمُت، لكن كانت النتيجة أنه إذا بقيت القضية الفلسطينية من دون حل عادل، لا أمن ولا استقرار ولا سلام، القضية الفلسطينية قضية أولى على جدول الاهتمامات لدى كل مراكز القرار في العالم".
ونوّه الوزير العريضي بالموقف المصري المُتبنّي للموقف الفلسطيني، قائلاً: "قبل إعلان الهُدنة من جانب واحد من قبل "إسرائيل"، وهو إعلان هزيمة بلسان عدد كبير من الضُباط والمسؤولين الإسرائيليين الذين اعترفوا بذلك، وأدانوا نتنياهو، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مصر ستذهب إلى إعمار غزة، ورصدت مبلغاً بقيمة 500 مليون دولار أميركي، وهذا شيء مُهم بالتأكيد. الدمار والخراب يُعالج ويُعاد بناؤه، لكن موت القضية يعني أننا انتهينا، حتى لو بقيت قُصور وأبراج، هذه الحرب أسقطت البرج الإسرائيلي بالمعنى السياسي، الأمني، القانوني، الدبلوماسي، الأخلاقي، حتى بالمعنى الديني، وإلى جانب الإعمار، الموقف السياسي، فالكل معني بحل القضية الفلسطينية وإلا كل ما تقومون به لا قيمة له".
وأكد على أهمية "تثبيت الوحدة الوطنية الفلسطينية، والبناء على ما تحقق، مصر وغيرها من الدول العربية على مُستوى الأُمم المُتحدة والعلاقات السياسية والدبلوماسية والإعلامية، غير ذلك يتجدد الصراع، وهنا أهمية هذا الاستنفار أيضاً على المُستويات كافة، بغض النظر عن الترهُّل الذي أصاب الأمم المُتحدة والمُؤسسات العربية والدولية، لا بد أن يتوفر الدعم المطلوب للقضية الفلسطينية".
وأشاد بالموقف الأردني والتنسيق مع الجانب الفلسطيني "عندما أُثيرت قضية الشيخ جراح، بادر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إلى إرسال وزير الخارجية أيمن الصفدي إلى رام الله، حيث قدّم للرئيس محمود عباس الوثائق الكاملة التي تُثبت مُلكية الفلسطينيين للمنازل في الشيخ جراح، والتي جاء الإسرائيليون يُحاولون طردهم منها، واستمر في هذه الحملة وفي إثارتها على مُختلف المُستويات، من الأمم المُتحدة وصولاً إلى آخر مُنظمات تُعنى بهذا الأمر، إضافة إلى الإثارة الإعلامية له. أنا مع دعوة مَنْ ناصر القضية الفلسطينية، إلى زيارة القدس وفلسطين، وأعلم مُسبقاً أن "إسرائيل" ستمنع هذا الفريق من الدخول، ولن تسمح له، هذه مسألة مُهمة، فلنُحرج "إسرائيل" بها. ويُمكن أن يُعقد مُؤتمر إسلامي - مسيحي في الأردن أو لبنان أو مصر أو في أي مكان، كُلنا معنيون بهذه القضية، من المُمكن حشد أكبر عدد مُمكن لإلقاء الضوء على أهمية المُقدسات الإسلامية والمسيحية، وإسقاط النظرة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني.
هذه قضية فلسطينية بالكامل، لا تمييز فيها بين مُسلم ومسيحي، بين كنيسة ومسجد وخلوة وما شابه، هذه هي فلسطين وقضيتها. يجب خوض المعركة على المُستويات كافة، القانونية بالنسبة للمُلكية الدينية، لفضح نتنياهو الذي أخذ الأمور إلى حرب دينية، وهذا ما لا يرغب به أحد على الإطلاق".
ووجّه دعوة إلى "وزارة الثقافة في فلسطين، وكل المكاتب الثقافية والإعلامية والهيئات الدبلوماسية، بأنه يجب أن تكون في حالة استنفار، كل فنان كتب، كل مُمثل أو إعلامي تضامن مع فلسطين يجب الاتصال بهم، لديهم ملايين المُتابعين على مواقع التواصُل الاجتماعي، وصلت "إسرائيل" إلى مرحلة أن تضغط على هذه المواقع، واختراع بعض الأفلام الصغيرة وتستحضر بعض اللبنانيين معهم، تُعاني حالة إفلاس واختناق كامل.
هذا الاستنفار الإعلامي، الدبلوماسي، تسجيل وتوثيق كل المواقف التي صدرت على المُستوى الشخصي، أو على مُستوى الدول والمُؤسسات، الدعوات إلى مُقاطعة "إسرائيل"، إدانة "إسرائيل"، الأغاني التي صدرت، من هذا الطفل الفلسطيني وصولاً إلى آخر فنان في العالم كتب قصيدة أو كلمة أو تغريدة على موقع مُعين، أو أغنية صدرت، أو فرقة موسيقية عزفت، في فرنسا ثمة من عزف لفلسطين على الآت موسيقية أمام كل الناس.
هذا كلّه يجب أنْ يُجمَع ويُوثّق ويُصدر في كُتيّبات، ويُعمّم على وسائل الإعلام، الذهاب إلى إنتاج أفلام وثائقية سينمائية، حتى تُغطي البُعد الإنساني لما جرى، وتضحيات وصُمود الشعب الفلسطيني، هذا استثمار مُهم جداً في مُخاطبة العقل الآخر، لأننا نتحدث اليوم عن أهمية وسائل التواصُل، لكن لا نذهب لأن نكون جُزءاً من المُنخرطين في التركيز على أهمية قضيتنا فيها".
وشدّد على أنّ "القضية الفلسطينية فرضت نفسها اليوم بشكل تلقائي، دماء شُهداء فلسطين، صُمود فلسطين، هبة فلسطين، مُقدّسات فلسطين، والقانون في فلسطين، لأنه عندما تتحدث مع هذا الجيل، يتحدث عن حُرية، ديمُقراطية، عدالة، حقوق إنسان، وكُل هذا مُستباح في "إسرائيل"، ويُداس عليه من قبل الإرهاب الإسرائيلي، دبلوماسياً: سقط المنطق الإسرائيلي، سياسياً: سقطت "إسرائيل"، أمنياً: سقطت "إسرائيل"، استخدمت كل القوة والإمكانيات في حرب تموز/يوليو 2006، أعطت "إسرائيل" 33 يوماً فُرصة لتُنجز أمرها، ولم يُنجز أمرها، بل لجأوا للأمر الواقع".
وختم الوزير العريضي: "من أهم إنجازات هذه المعركة، الانتصار في معركة الوعي (الذاكرة)، هذه الذاكرة الفلسطينية لن تموت، لأن فلسطين لن تموت، لأن رجالها وأهلها مُستعدون للموت من أجلها.
هذه الذاكرة ستبقى حية، وهذه القضية ستبقى حية، وهذا الشعب سيبقى رمزاً للأحرار والحُرية في العالم.
المُهم أن يُبنى على هذا الانتصار لإكمال هذه المعركة في الاتجاه ذاته.
التحية لكُل الذين قاوموا، وصبروا، وصمدوا بأيام بشعة وسوداء، وتهديدات وحرائق، وخراب ودمار، لكن الطفل الفلسطيني المُنتشل من تحت الأنقاض كان يرفع علامة النصر في وجه "إسرائيل"، هكذا سقطت إسرائيل".
https://youtu.be/OIzwf7LY-YQ