السبت 5 حزيران 2021 13:01 م

وفـــا... علي زعرور


* علي زعرور

 

في الكتابة، قد تكون كالفراشة يجذبها هذا الضوء العابر للصفحات البيضاء، تعانق الحقيقة في لحظات العشق الكلي وتنسج إبداعاتها تاركة عبثيته القاتلة بمنأى عنها. كان الخيار بين فكره الشارد ويراعها، بين أن يمسك بها أو تمسك بالقلم.

بأدبياتها، بفرادة أسلوبها وشموليته احتلت مساحاته الخالية منذ أن هطل حبرها   على ثراه العطشى، فارتوت، وتنفّست الصعداء. كيف لا وكان الموت يظلّه، "سبحان من يحيي العظام وهي رميم".

على أرصفة منصّته كانت تبني حلمها المشبع بتفاصيلها التي فصّلت على مقاسها. هي لا تشبه أحدا. مذاق كلماتها بات مطلبا للباحثين عن التميّز في ظل التكرار القاتل الذي اجتاح صفحاته اليومية.

ابتُليت بعشقها القاتل الزاخر بالعطاء وعبَرت به إلى أمكنة ظنت أنها ملاذها اليومي.
كانت تفرد ابتسامتها المعهودة، تحاكي كل صباحاتهم حتى الغارقة بالوجع، ترمّم القلوب الخائبة بالصمت، تدبّ الأمل بأمنيات كانت طيّ الكتمان، تترك بصمتها بين حنايا الوجد ظنًّا منها أنها مسكونة بما يشبهها...
لم يتبادر إلى ذهنها أنهم مسكونون بأجساد عارية لا أرواح فيها.

لم تحفل مسيرتها بترّهات البعض الصامتة أو ضجيجهم المفتعل في لحظات غيابها. وشوشاتهم التي لا تملك شجاعة المواجهة بقيت مجرد صدى يؤرقهم.
كانت تعبر الحدود نحو آذان راقية، تسعى إلى الإرتقاء بعيدا عنهم حتى باتت معبرا وحيدا في جمهورية القلوب المعظمة.

نسيت على غير عادتها أن تظهر لهم تمردها، أن تكبّل هروبهم المتعجرف وتسجن ما يفيض من كلامهم المعسول وأكاذيبهم المضللة. لباقتها الزائدة كانت جسر تسلّقهم ورصاصتها القاتلة في حياتها اليومية، كانت ختاما لولادة تعثّرت بهم وبداية تثير ألف تساؤل لهزائمهم.

للّيلِ مذاقٌ آخر، يضجّ من خلف القلوب بأحجية عابرة، منزوعة الإرادة، تشبه من أطلقها بغتةً، ليداري كيديّة فيها كل ألوان الخريف. فيما كانت هي تداري جسدها مدثّرة برداء أبيض كنقاوة قلبها، يعتصرها مخاض ولادة من الخاصرة، كانت سيمفونيتهم بنوتاتها السامة تُحاكُ ذات وقت منقطع الأنفاس. 

رنّ جرس الهاتف...
لا صوت يعلو صوتها المتخم بالصمت.
 مجرد شيفرة من زمن الحرب، لما لا؟! فالمخاطب ربما ليس له باع في أجندتهم اليوميه، أو يبدو أنه الخصم اللدود لهم. دكاكين الوراقين لم تعد تنتج، باتت عقيمة حتى بهم، لم تجب ب"نعم" الإنهزام، قفزت فوق شاراتهم المعطلة وتركتهم رهينة أحجية لم يمتلكوا حتى شجاعة فك رموزها.

المصدر :جنوبيات