أكد الوزير السابق كريم بقرادوني أنّ "أمام الرئيس الأميركي جو بايدن فُرصة تاريخية بالعودة إلى فكرة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما بحل الدولتين وحقوق الفلسطينيين بالعودة، وهو ما يدعمه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقداسة البابا فرنسيس، وما يُطالب به رئيس دولة فلسطين محمود عباس، الذي بقي مُتمسّكاً بذلك على الرغم من كل مُمارسات الاحتلال الإسرائيلي، لأن فكرة دولتين في الوقت الحاضر هي الأمر الواقع والعاقل".
وحذّر في حلقة برنامج "من بيروت" على شاشة تلفزيون فلسطين، من إعداد وتقديم الإعلامي هيثم زعيتر، بعنوان: "آليات استثمار الحراك الداعم للقضية الفلسطينية أميركياً ودولياً"، "من أنّ ما يحدث في القدس من استمرار المُخطّط الإسرائيلي للقضاء على الأقصى وكنيسة القيامة وتهويد المدينة المُقدّسة، قد يتسبّب بحرب إقليمية، لأنّه لا سلام في المنطقة من دون القدس وحلٍ عادل للقضية الفلسطينية".
ورأى أنّ "ما يحدث في القدس قد يتسبّب بحرب إقليمية، حتى لا أقول عالمية، لأنّه إذا استمر الفكر الصهيوني مع الفكر اليميني الإسرائيلي، سيستثمرون ذلك باندلاع حرب في المنطقة. وأنا أنظر إلى ما سيكون عليه موقف "إسرائيل" في الأشهر المُقبلة، اذا استمرّت بمنع المُصلّين من الوصول إلى كنائسهم وجوامعهم، وبطرح موضوع القدس كموضوع إسرائيلي مُنتهِ ولا جدل فيه، برأيي ما فعله الرئيس دونالد ترامب هو امتحان للرئيس بايدن، إذا استطاع بايدن أنْ يعود إلى فكرة الرئيس الأسبق في أميركا باراك أوباما، يعني الدولتين وحقوق الفلسطينيين بالعودة، أعتقد أنّ الأمور ستذهب باتجاه تسوية ما، والمُفاوض، وهو الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وهو الذي تجرّأ وقال مرّة: "أنا أسقطت البندقية وأنا أرفع السلام كمشروع لوضعه".
البندقية مرفوعة داخل فلسطين، ما يحدث اليوم داخل القدس والمناطق الفلسطينية وداخل العُمق الفلسطيني في الأراضي المُحتلة مُنذ العام 1948، الذين تُسميهم "إسرائيل" "العرب"، هؤلاء الفلسطينيين الذين يعيشون في مناطق 1948، تحركوا، للمرة الأولى بشكل لافت، وهو أمر يجب التوقف عنده".
واستطرد "أعتقد أن الولايات المُتحدة الأميركية شر لا بد منه، في الوقت ذاته، هي مُنحازة لـ"إسرائيل"، وأيضاً لا يُمكن حل قضية الشرق الأوسط من دون الولايات المُتحدة الأميركية.
أعتقد أنّ هناك عاملاً جديداً يجب التوقف عنده، هو عامل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي لا يُخفي أنه مُهتم بالأقليات في الشرق الأوسط، وداخل هذه الأقليات، يتوقف عند مسيحيي الشرق الأوسط، وعند التوقف عندهم يعني القدس والكنسية والمسجد، وتصوّري العودة إلى فكرة دولتين في الوقت الحاضر هي الأمر الواقع والعاقل، أما إذا رفضت "إسرائيل" ذلك واستمرّت بمشروع ترامب الذي ألغى الدولتين، وسار الرئيس بايدن بمشروع ترامب، ولم يكن هناك دولتين، في السنوات المُقبلة سيُصبح هناك دولة، هي دولة فلسطينية واحدة، اليهود والمُسلمين والمسيحيين سيتعايشون داخلها، لن تبقى "إسرائيل" كما هي، إما تبقى وتقبل بدولة فلسطينية جارة لها، إما فلسطين ستتحول كلها إلى دولة، و"إسرائيل" تُصبح جُزءاً من دولة.
اليوم نُطالب بدولة فلسطينية مُستقلة، إذا "إسرائيل" قبلت هذا يُكسب وقتاً، لكن الحل الحقيقي النهائي، فلسطين الكُبرى وداخلها اليهود والمسيحيين والمُسلمين كما كانت تاريخياً - أي أن الفُرصة أمام بايدن بأنه يستطيع العمل للقيام بدولة فلسطينية ويحل المُشكلة بالثمن الأقل، أما إذا استمر بسياسة ترامب، فهذا يعني حرب، وهذه الحرب ستُؤدي إلى سُقوط "إسرائيل" وقيام دولة فلسطين الجديدة، يُصبح اليهود جُزءاً من فلسطين وليس فلسطين هي أرض إسرائيل".
وأضاف: "أنا مُؤمن بأنّ "إسرائيل" على نهاياتها، إما تكون هناك دولة فلسطينية تُوقف هذه النهاية، إما "إسرائيل" ذاهبة إلى نهاية، والذي لا يعرف اختيار نهايته، الآخرون يختارونها، و"إسرائيل" قادرة على أنْ تقع في فخ اليمين المُتطرّف والصهيونية المُتطرّفة، وأفضل مثال على ذلك تبدل السياسة الأميركية، التي هي في حالة إعادة نظر حالياً بسياساتها والذهاب والعودة إلى مشروع الدولتين هو ما يُدرس حالياً".
وأشار الوزير بقرادوني إلى أن "الشرق الأوسط، وعلى الرغم مما يحدث فيه من إرهاب، يبقى أولوية لدى الولايات المُتحدة الأميركية وروسيا، ولا شك في أن إحدى النقاط الرئيسية في الشرق الأوسط ستكون القضية الفلسطينية.
نحن معنيون كلبنانيين بأن نعرف أنّ حل القضية الفلسطينية يعني حل إحدى مشاكل لبنان، والتي هي في خيار كبير، إما تقبّل أنْ يتحوّل الفلسطينيون إلى مُقيمين في لبنان، وإمّا تقبّل أنْ تفتح حق العودة للفلسطينيين إلى أرضهم. وأنا أعرف تماماً أنه لا يُوجد فلسطيني يُريد أن يبقى في لبنان بدل فلسطين أو في أي مكان آخر في العالم.
هذه القمة مُهمة ليس بالشرق الأوسط، بل بالنسبة للقضية الفلسطينية وما يستتبعها من قضايا فيها قضية لبنان".
واعتبر أن "النقطة الرئيسية الجديدة في هذا البحث، أن الرئيس بوتين نفسه طرح موضوع الأقليات في المنطقة، وطرح داخل موضوع الأقليات، الأقلية المسيحية ليس في لبنان فقط، بل في سوريا والعراق ومصر، كقضية يجب الأخذ بها.
أتصور أن الرئيس بوتين سيقنع الرئيس بايدن، ويُمكن أن الرئيس الأميركي لأن مشاغله وأهدافه كثيرة في العالم، قد نرى في الغد القريب الرئيس بوتين يتحرك في المنطقة بمُوافقة أميركية لها وجه آخر هو الفاتيكان".
وشدد على أن "الفاتيكان، كدولة، لا شك لها تأثيرها الكبير على المسيحيين في العالم، وبصورة خاصة على كاثوليك الولايات المُتحدة الأميركية، اليوم لدينا رئيس كاثوليكي في الولايات المُتحدة.
برأيي تأثير قداسة البابا عليه مُباشر، وفي معلوماتي أن التواصُل بدأ بين الرئيس بايدن وقداسة البابا، للبحث فيما ستكون عليه القمة الأميركية - الروسية.
الفاتيكان سيكون واضحاً في هذا الشأن، سيأخذ ضمانات من الدولتين الكبيرتين من أجل ما يُسمى "الأقليات في المنطقة" وبصورة خاصة الأقلية المسيحية.
وفي تصوّري إنّ الرئيسين بايدن وبوتين يعرفان أهمية القدس، ويعرفان أنه لا يُمكن أن تكون القدس يهودية، لأن تهويد القدس مشروع حرب في المنطقة، في حين أن الحل من خلال القدس هو مشروع سلام في المنطقة، وبالتالي بتصوري أنه في هذه القمة سيكون الشرق الأوسط هو اهتمام أول، وستكون القدس الاهتمام الأول".
واعتبر أن "الرأي العام الأميركي الذي حمى "إسرائيل" حتى الآن بحروبها وأخطائها ينقلب من حامٍ لـ"إسرائيل" إلى مُهدّد لها.
هناك كلام من كبار الصحافيين الأميركيين، الإعلام الأميركي اليوم بشكل عام بدأ يتحول، وفي قضية القدس، الإعلام الأميركي ضد "إسرائيل" وبنيامين نتنياهو في موقفه، وكان مع الفلسطينيين، خاصة فلسطينيي الداخل، وهذا تبدل كبير واستراتيجي.
أنا لا أريد أن أعطي رأيي فقط في هذه المسألة، أريد أن اعتمد - كما اعتمدت على الرأي العام الأميركي من خلال الإعلام - أعتمد على الرأي العام الإسرائيلي من خلال إعلامه.
الإعلام الإسرائيلي مُؤخّراً كان يَقول صراحةً كنا نعتقد أنه "بعد 70 عاماً سينسى الجيل الجديد فلسطين، وسينسى أنه فلسطيني"، وبالتالي فوجئ العسكر من جهة والإسرائيليين من جهة أخرى بأن الفلسطينيين الشباب هم الأكثر حماسةً للقضية الفلسطينية، وبالتالي فهموا أن الوقت لا يعمل لصالح "إسرائيل"، بدليل أن الفلسطيني الذي يتراوح عمره بين 15 و30 سنة هو في مُقدمة الانتفاضيين.
الجيش الإسرائيلي نفسه اليوم في حالة تساؤلات كبيرة لجهة كيفية مُعالجة موضوع الانتفاضة والحركة الوطنية الفلسطينية، وأحد الأسباب في غزة، على الرغم من كل التدمير، بقيت غزة تُطلق الصواريخ على المناطق الإسرائيلية، ولم تتوقف، وتوقفت الحرب بطلب شبيه بما حدث في لبنان في العام 2006، لأول مرة "إسرائيل" كانت تُطالب وقف إطلاق النار، وثاني مرة في غزة "إسرائيل" هي من طلبت وقف إطلاق النار.
اعتقادي الشخصي أنه يجب أن يفهم الإسرائيليون، وسيفهمون، أنهم إذا تأخروا سيدفعون الثمن، لأن الحل العسكري غير مُتوافر لديهم، 67 جديدة غير موجودة في المُستقبل، بالعكس هناك 67 فلسطينية بدأت تُجهز سواء من غزة أو من الداخل الفلسطيني المُحتل، وأعتق، بل أجزم بشكل واضح، أنه لا حل عسكري للقضية الفلسطينية، بعد 70 عاماً كل الحلول العسكرية جُربت ولم ينجح ولا حل، إذاً لا حل عسكري، الحل سياسي، والمُفاوض في هذا الحل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والموضوع الأساسي سيكون في هذا الحل حق العودة والقدس".
وألمح إلى أنه "دائماً أتطلع إلى موقف الشعوب، لكن لا بد القول إلى أنني أشعر للمرة الأولى بأن الدول العربية بدأت تتلاءم وتتلاقى وشعوبها، وهذا تبدل كبير في موازين المنطقة، ليست الشعوب الفلسطينية وحدها تُريد الحق والعدل، أصبحت حتى الدول - وهذا ليس كلاماً بل واقعياً - تُفتش عن الحل العادل، وبدليل الاجتماعات واللقاءات الأخيرة بين الدول من الأردن إلى الخليج، بدأوا يُفكرون بحل سياسي، فيه شروط، وليس حل دون قيد، والشروط هي حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، الدولة الفلسطينية والقدس".
واستطرد "لا تستطيع الاعتماد على القيادات الإسرائيلية الحالية بأنها تُفتش عن حل، برأيي ما زالت تُفتش عن الاحتلال وليس الحل.
وفي اعتقادي القريب المنظور، سيكون هناك هزيمة لـ"إسرائيل" أكثر مما حدث عام 2006 في جنوب لبنان، أكثر ما حدث البارحة في غزة".
وختم الوزير بقرادوني بكلمة إلى الفلسطينيين: "هناك أمران: اصمدوا وقاوموا.
وثبُت أن المُقاومة ضد "إسرائيل" أقوى من جيوش مُقابل جيوش، المُقاومة تغلبت على الجيش الإسرائيلي في لبنان وفي غزة، والجيش الإسرائيلي بدأ يعترف بهزائمه، و"إسرائيل" لن تُفاوض إلا إذا شعرت عن حق أنها مهزومة.
وأعتقد أن الإسرائيليين المُدركين، بدأوا يشعرون بأن الهزيمة هي المعركة القادمة على "إسرائيل".
وأدعو الفلسطينيين إلى أمر واحد أساسي التمسُك بوحدتهم الوطنية، هذا هو وطنهم وهذا هو الحل".
https://youtu.be/G4fKpwhmpXw