الثلاثاء 15 حزيران 2021 16:54 م

معركة القرن بين أميركا والصين... بقلم الوزير غازي العريضي


* جنوبيات

كتب الوزير السابق غازي العريضي منشورا على صفحته في "فيسبوك" جاء فيه "مع انتهاء أعمال قمة الدول السبع منذ يومين صدر بيان يتحدث عن المواضيع التي نوقشت والقضايا التي تمّ التوافق عليها وأهمها " توحيد الرؤيا " في مواجهة الصين وروسيا !! ثمة قلق كبير من روسيا " الضعيفة اقتصـــادياً  القوية الخطيـــرة عسكرياً "  - تشكل خطراً وجودياً كما يقول الأميركيون - ومن "العملاق الصيني " " المارد الصيني" الحاضر في كل مكان " ومجتاح " كل الساحات وسكك التجارة والتبادل التجاري الاقتصادي المالي في كل الاتجاهات !! 

الرئيس الأميركي جو بايدن وصف المعركة بأنها بين " ديموقراطيات " " وأنظمة استبدادية " ولا ينسى أحد عدد الأنظمة الدكتاتورية الاستبداداية التي ركبّها وحماها وموّلها الأميركيون ، ومحاولات الانقلاب المعلنة المعروفة التي قاموا بها وعدد من أعضاء الحلف الأطلسي لإسقاط أنظمة وتركيب أخرى بديلة استبدادية أيضاً . وأشار بايدن الى ضرورة إيلاء قضية حقوق الانسان أولوية استثنائية وحماية الأقليات في العالم وخصوصاً في الصين !! ودعا روسيا الى " تحقيق شامل وعاجل وتقديم وإعطاء توضيحات ذات مصداقية حول استخدام أسلحة كيمائية على أراضيها ووضع حد للقمع الممنهج للمجتمع المدني ووسائل الإعلام المستقلة " !! 
معروف أن في أميركا نقاشاً مزمناً حول روسيا والصين وسؤالاً يطرح : " هل نحتوي روسيا لنذهب الى مواجهة الصين ؟؟ أم نحتوي الصين لمواجهة روسيا " ؟؟ ومع الوقت يتأكد للجميع أن ليس ثمة إمكانية لاحتواء هذه أو تلك أو لمواجهة هذه أو تلك !! 
روسيا رغم أزماتها الاقتصادية ، والتهديدات المعلنة ضدها ، والدروع الصاروخية المنتشرة على حدودها ، وانضمام دول من الاتحاد السوفياتي السابق الى الحلف الأطلسي ومحاولات العمل على إثارة مشاكل الأقليات في الداخل ، وقضية أوكرانيا وهي أولوية بالنسبة الى بايدن يريد انضمامها الى " الناتو " للمشاركة في مواجهة روسيا ، رغم كل ذلك ، روسيا طوّرت أسلحتها الاستراتيجية وتشكل قلقاً للأميركيين وعزّزت حضورها على المستوى الدولي في أكثر من مكان في العالم . 
أما الصين ، فالمشكلة معها أميركياً ليست مشكلة حقوق إنسان واحترام أقليات . هي مشكلة عقل الانسان الصيني . تعبه . نجاحه . ورؤية القيادة الصينية . هي مشكلة  " الحزام والطريق " . المشروع الدولي للصين . وأميركا تريد أن تضع حزامها حول الصين وروسيا وأن تقطع الطريق على كل منهما !! المشكلة مع الصين : التكنولوجيا التي توهّمت أميركا أن اختراعها وتفوّقها التكنولوجيين أمران دائمان الى الأبد . لم تتعلم بعد ، أن هذه التكنولوجيا ليست حكراً عليها وأن العقل لا يحدّ . ولا يصادر . والانسان لا يمكن أن يمنع من الابتكار والاختراع والإقدام واستخدام التقنيات أياً كانت جنسيته وسياسته . لا هوية للعقل !!
أميركا ، الجمهوريين والديموقراطيين تخشى الصين . أقرّ بالإجماع 195 مليار دولار للأبحاث لتحدّي نفوذ بكين !! "إنه الاستثمار الأول من نوعه في العلوم والتكنولوجيا الأميركية " كما قال تشاك شونر زعيم الإغلبية الديموقراطية في الكونغرس . " هذه فرصة نادرة لنظهر للنظام المستبد في الصين أنه حين يتعلق الأمر بأمننا القومي فنحن متّحدون " على حد تعبير مقدم المشروع السيناتور الجمهوري تود يونغ . هم مرعوبون من احتكار بكين لبعض المستلزمات التقنية المهمة . ولديهم نقص كبير في الرقائق الدقيقة الأمر الذي أثر سلباً على معامل السيارات في الولايات المتحدة وأضرّ عمليات الانتاج بها وللمعلومات فإن أميركا استقدمت 80 % من وارداتها من الأتربة النادرة عام 2019 من الصين . واستورد الاتحاد الأوروبي 98 % من حاجاته وفق احصائيات ايلول 2020 . والسؤال أمامهم اليوم : ماذا لو عمدت الصين الى منع الفريقين من الوصول الى معادن أساسية لصنع السيارات الكهربائية والتوربينات الهوائية والطائرات المسيرة وهي " المعادن الأرضية النادرة " التي يتم إنتاجها بغالبيتها الساحقة على أراضيها ؟؟
هذا واحد من أسباب المشكلة. أما المشكلة الأكبر أيضاً فهي مبادرة " الحزام والطريق " التي تقودها الصين . صدرت الدعوة من قمة السبع الى الاتفاق على بنية تحتية تنافس هذه المبادرة وستكون ميزانية لها تقدر ب " ترليونات " الدولارات !!
الصين ردّت بالقول : " ولّت الأيام التي كانت فيها مجموعة من الدول الصغيرة تقرر مصير العالم . الدول كبيرة أو صغيرة ، غنية أو فقيرة ، قوية أو ضعيفة متساوية وينبغي التعامل من خلال التشاور " !! 
القضية إذاً ، ليست قضية حقوق الانسان والأقليات . عندما يعترف الرئيس الأميركي بالعنصرية في بلاده والإرهاب الداخلي عنده فهذا لا يعني أنهم يحترمون حقوق الانسان على الإطلاق ، وعندما يتجسّسون بالتكنولوجيا على حلفائهم الأوروبيين فهم لا يحترمون الحلفاء والعلاقات معهم . أما حــــرية الإعلام ، فلم نسمع موقفاً من " السبع " أو أي  " سبع " منهم حول ما ارتكبته اسرائيل في فلسطين ضد وسائل الإعلام المحلية والأجنبية وضد حقوق الانسان . الموقف الثابت الجامع : " لاسرائيل حق الدفاع عن نفسها " !! ماذا عن حقوق الانسان الفلسطيني وأين الالتزام بحل قضيته التي فرضت نفسها قضية أولى في العالم مؤخراً ؟؟ وفي هذا المجال كان للصين انتقاد لأميركا التي تستغل ما يجري في بعض المناطق الصينية لتتحدث عن حقوق المسلمين لأن لهم مصلحة في ذلك لكنهم يسكتون عن كل التجاوزات في الأمكنة الأخرى في العالم . 
لا نسوق هذا الكلام لنبرر أي استهداف لحقوق الانسان في أي مكان . لكن مغتصبي الحقوق ليسوا هم من ينتقدون آخرين في ممارسات شبيهة . 
المشكلة مع الصين وصفها السيناتور الاميركي الجمهوري بالقول : " إن القرن الواحد والعشرين سيحدد طبيعة التنافس بين الولايات المتحدة والصين ولا يمكننا الفوز إلا في حال قدمنا المزيد لنصبح بموازاتها " !! 
هل ثمة اعتراف أوضح وأبلغ من ذلك بالمستوى الذي وصلت إليه الصين ؟؟ 
لن تنجح أميركا في فرض إرادتها على العالم . 

المصدر :جنوبيات