الخميس 17 حزيران 2021 08:26 ص |
كفى ذلّاً... كفى قهراً... كفى موتاً على قيد الحياة! |
* محمد لمع* ماذا دهاك يا شعب لبنان؟ من شعب لبنان العظيم، و«نيّال من له مرقد عنزة في لبنان»، و«سويسرا الشرق».. الى طوابير تقف كالأيتام على مآدب اللئام.. تقضي ساعات منتظرة دورها للحصول على البنزين، وتستجدي الدواء والكهرباء!!! الى ليرة تتآكل يوماً بعد يوم بعد ان كانت الرابعة من حيث قوتها في العالم، وكانت صورتها تعلّق على لوائح أسعار العملات بعد الدولار والجنيه الإسترليني والمارك الألماني ومراكز الصيرفة في باريس تشهد على ذلك... اليوم نستجدي البنزين والمازوت والدواء والكهرباء، وغداً سيأتي دور سلع أخرى قد يكون أولها الماء فنصبح لا ماء ولا كهرباء ولا دواء... ولا أدري كم من مصائب ستتبعها، وان نسينا فلن ننسى مئات وربما آلاف المؤسسات التجارية والصناعية والسياحية التي أقفلت أبوابها وقالت لعمالها الى البطالة درّ ومن بقي في عمله فهو في طريقه الى التخبّط والانهيار... شعب لبنان العظيم مات! وإذا كان البعض ما زال حيّاً لكنّ الضحكة فارقته الى الأبد، والبسمة عن وجهه اختفت.. ألا يتساءل اللبنانيون من أوصلهم الى هذه الحياة؟ ألم يدركوا بعد أنّ الذي أوصلهم الى هذا هو من يستميتون في سبيل الدفاع عنه؟!! أمّا القضاء فحدّث ولا حرج.. هل رأيت مذنباً أو مرتكب جرائم بحق لبنان أصبح وراء القضبان؟ كلّهم أبرياء لا أحد يقترب منهم، بل ان الولاء كل الولاء هو لهم، دولة بلا حكومة، سلطة عاجزة، ثروات وأموال منهوبة ومسروقة في المصارف وغير المصارف، هدر وسرقات بالملايين في المال العام وما من دالٍّ على سارق، وإذا أشاروا الى واحد أشاروا الى الذيل وتركوا الرأس يسرح ويمرح وعينه مفتوحة كعيون المومسات... أين فؤاد شهاب؟ أين عادل عسيران؟ أين صائب سلام؟ أين سليم الحص؟ أين كمال جنبلاط؟ أين ريمون اده؟ أين خالد شهاب؟ أين عبدالله اليافي؟ أين رشيد بيضون؟ أين كميل شمعون؟ أين شارل الحلو؟ أين شارل مالك؟ أين.. وأين وأين؟... أين النزاهة ونظافة الكف عند هؤلاء الرجالات؟؟ ألم يسمع المسؤولون وأشباه المسؤولين وهم من صنعوا الكارثة وأوصلونا الى ما وصلنا إليه، ألم يسمعوا أنين الناس ووجعهم؟ ألم يعرفوا ان شباب الوطن، وأغلى الطاقات والاختصاصات باتوا كلّهم مهاجرين في الخارج بالآلاف بعدما ناموا مذلولين على أبواب السفارات يستجدون تأشيرة من هنا وتأشيرة من هناك؟ ألا يعرفون ان مستقبل أطفالنا قد ضاع واندثر في غياهب النسيان؟ ألم يسمعوا ان كثيرين من المرضى ماتوا على أبواب المستشفيات؟ ألم يسمعوا ان هناك أطفالاً كثيرين أصابهم الجوع لفقدان حليب تنتهي صلاحيته مخزّناً في المستودعات فيرمونه على الطرقات بدل عرضه للبيع في الصيدليات والسوبرماركت بالأسعار المدعومة؟ ألا يرون عيون شيوخنا وكهولنا الدامعة التي تعيش ذلّاً فيما تبقّى لهم من حياة؟ ان شعبك يا وطني مثلك مقهور ويعيش حرقة عليك وعلى أحلام ضاعت قبل أن تتحقق!! لقد أحييت لو ناديت حياً لكن لا حياة لمن تنادي... كفى ذلاً.. كفى قهراً، كفى موتأ على قيد الحياة لشعب علّم الأبجدية للعالم، وزرع اسم لبنان على مفارق الدنى حضارة ونماء، طاف حاملاً «الكشة» وأصبح يملك الشركات والبنايات وأسهم في النهضة العمرانية لكثير من البلدان يوم كانت أراضٍ مهجورة وكثباناً من الرمال، فإذا بها تتحوّل الى ناطحات سحاب، شعب قادته حيويته للوصول الى البرلمانات والحكومات وحتى رئاسة بعض البلدان. هذا شعب حي لا يموت، فلماذا تستعجلون موته وتحكمون عليه بالفناء، والموت البطيء والنوم الطويل، وقطعتم عنه الهواء وغيّبتم عنه الحياة؟!! كفى ذلّاً.. كفى قهراً، كفى موتاً لأحياء يعيشون أمواتاً على قيد الحياة.. واذكروا قول الإمام علي كرّم الله وجهه: «قاتلت الرجال وهززت الجبال ولكن الفقر هزّني ولو كان رجلاً لقتلته» وقوله: «عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه»، واذكروا أقوال الشعراء والحكماء في ثورات الفقر والجوع والذل والمرض. أيها الأموات تحت الأرض عودوا فإن الأحياء فوق الأرض قد ماتوا.. الموت ليس أكبر مصيبة بالحياة، المصيبة الأكبر أن نعيش أمواتاً ونحن محسوبين على قيد الحياة...
* نائب رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان المصدر :اللواء |