السبت 26 حزيران 2021 10:13 ص

الجنوبيون الهاربون إلى أبيدجان بلا عمل: تبرعات لإعادتهم!


* حسين سعد

حزم عماد (22 سنة) قبل شهر حقيبته متوجهاً إلى ساحل العاج في غرب إفريقيا، حيث عشرات ألوف اللبنانيين المغتربين، والجنوبيين تحديداً. وسافر أمين (21 سنة) إلى ليبيريا، حيث تدبر له صديقه عملاً. وترك المهندس آدم (25 سنة) شركة الاتصالات التي كان يعمل فيها بلبنان، وحط رحاله في الكونغو، بعدما تلقى عرضاً بأجر يفوق راتبه في لبنان 15 ضعفاً. وأقفل أحمد (20 سنة) صالون الحلاقة في قريته الجنوبية، وغادر إلى زمبيا، لتأمين مستقبله ودعم أسرته.

تسكع في أبيدجان
هذه النماذج غيض من فيض ألوف الشبان الجنوبيين الذين حزموا حقائبهم وغادروا إلى إفريقيا. وبينهم مئات تركوا زوجاتهم الشابات وطفلاً أو اثنين في لبنان. وهذه حال عماد حويلي، رب الأسرة التي قضت مجتمعة في حادث سير مروع في الجية قبل يومين. 
وكل شاب في الجنوب، ديار المقاومة، أصبح مشروع مهاجر، باستثناء موظفين في القطاع العام وآخرين يقبضون رواتبهم بالعملة الصعبة من أحزاب وجمعيات وشركات خاصة.

وفي الشهرين الماضيين، أصبح المشهد في أبيدجان، (عاصمة ساحل العاج التي تحتضن قرابة أربعين ألف لبناني، ومضى على وجود عائلات كثيرة منهم نحو قرن هناك)، غير مألوف أطلاقاً لأركان الجالية اللبنانية في ساحل العاج: مئات الشبان الوافدين من بلدات الجنوب إلى أبيدجان، يتسكعون في شوارع المدينة زرافات زرافات. هربوا من البطالة اللبنانية والفقر، فلم يجدوا فرص عمل هناك، ولو بالحد الأدنى لتحصيل مصاريفهم اليومية. وهذا ما دفع بعض الجمعيات اللبنانية في أبيدجان إلى رفع الصوت لاحتضانهم وتدبر سكنهم في منازل أو فنادق، في انتظار تأمين عمل ما أو مساعدات مالية لهم، لتسفيرهم إلى لبنان. ففرص العمل في أبيدجان تراجعت، وتدنت رواتب اللبنانيين الذين يزاحمهم في المدة الأخيرة السوريون الفارون من بلادهم، والهنود والباكستانيون وسواهم.

تشديد إجراءات السفر
ودفع توافد أعداد كبيرة من اللبنانيين والسوريين إلى أبيدجان في الآونة الأخيرة، السلطات العاجية إلى تشديد إجراءات السفر، حتى للأشخاص الذين يعتزمون إنشاء مؤسسات تجارية، تقل أعمارهم عن الخمسين.

ويشترط على كل مسافر أن  يحوز على كفيل عمل ودعوة من المؤسسة أوالشركة التي تنوي تشغيله. وهذا لم يكن معتمداً في السابق في هذه الدولة، التي تعد البلد الثاني لألوف اللبنانيين النافذين اقتصادياً، والذين يدعمون عائلاتهم المتعثرة والفقيرة في لبنان، خصوصاً في هذه الظروف القاسية فوق العادة.

وظن م جمعة (23 سنة)، بعدما ضاقت به فرص الحياة والعمل في لبنان، أن مغادرته إلى أبيدجان قد تكون باب الفرج، في ظل وجود كثرة من اللبنانيين هناك. بيد أن جمعة الذي ترك في لبنان زوجته وولديه، تقطعت به السبل حتى اليوم. ولم يترك مكاناً إلا وقصده للعمل بلا جدوى، بسبب الأزمة الاقتصادية التي ترهق كل دول العالم.

يقول لـ"المدن": سأنتظر بعض الوقت لإيجاد عمل يكفيني، وإرسال بضع مئات من الدولارات إلى عائلتي. وإذا لم يتحقق ذلك أعود إلى لبنان. بعدما كنت استدنت ثمن تذكرة الطائرة.

ويقول أحد المسؤولين في الشركات اللبنانية الكبرى في أبيدجان: يومياً أتلقى اتصالات من أشخاص أعرفهم، يسألون عن عمل لشبان لبنانيين قدموا مؤخراً قبل بدء إجراءات الدولة العاجية .

ويضيف: في ماركوري، وهي إحدى أكبر المناطق التي يقطنها لبنانيون، نلاحظ منذ فترة وجوه شبان جدد في المقاهي. إنهم بالعشرات. لا يعملون. ولا مانع لديهم من السكن في المخازن، إذا تدبر لهم عمل.

أبناء السبيل
ورفعت جمعية الغدير الثقافية الخيرية في ساحل العاج الصوت حيال ما يحصل لمئات من الشبان اللبناننين العالقين بين البقاء والمغادرة.

ويؤكد مسؤول الجمعية اللبنانية في ساحل العاج الشيخ غالب كجك: تزايد أعداد اللبنانيين الوافدين إلى ساحل العاج الهاربين من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في لبنان. وهذا يستدعي تحركاً لإيجاد حلول لهذه الفئة. وهذه "مسؤوليتنا الاخلاقية والشرعية" يضيف.

وقال كجك: نحن من ناحيتنا في جمعية الغدير أنشأنا صفحة إلكترونية اسمها "أبناء السبيل"، بهدف توفير المأوى والطعام والطبابة لفترة محددة، بانتظار عثورالوافدين على عمل والاستقرار، أو مساعدتهم على العودة الى لبنان في حال لم يتمكنوا من إيجاد عمل.

وختم بأن الجمعية تعمل على نفقتها وضمن إمكاناتها على إيواء من يلجأ اليها، سواء بشكل مباشر أو عبر الصفحة التي أنشأتها .

المصدر :المدن