الاثنين 1 آب 2016 08:57 ص |
حوار مع بطل مسلسل الفدائي الفنان وليد أبو جياب (نضال الريحاني) |
* وفاء بهاني لم يكن العمل الدرامي والمجال الفني بعيداً عن مسار الفعل المقاوم للشعب الفلسطيني، فالمعاناة تفجًر المشاعر الوطنية وتُظهر المعنى السياسي لممارسة الفن بكل الوسائل التعبيرية لمقاومة الإحتلال الغاشم وغطرسته، وبهذا يدخل التمثيل على خط المواجهة مُحملاً بمعاني الصمود والتضحية ومقدماً العديد من الصوروالقصص المثيرة، التي لا يكتفي الإنسان بمشاهدتها والإنصات إليها فحسب، وإنما الرغبة والإرتقاء إلى مستوى فعل ابطاله، إنها مجموعة من قصص وأحداث واقعية ترجمها أبطال مسلسل الفدائي، لُيظهروا للعالم معاناة الشعب الفلسطيني، ومعاناة الأسيرفي سجون الإحتلال الصهيوني. عن هذا العمل الفلسطيني الدرامي المميز وأبرز محطاته وجوانبه، كان هذا الحوار مع بطل المسلسل الفنان القدير .. "وليد أبو جيَاب " س: مسلسل الفدائي عمل درامي مميز تعرض لقضايا كثيرة، وجسًد قضايا عدة، هل لك أن تحدثنا عن ذلك. وماهي الرسائل التي تريد لها أن تُرسل عبر ما قدمتموه في هذا العمل ؟ ج: بداية اتوجه بالشكر والتحية لكل من ساهم في إنجاز هذا العمل الفلسطيني الفني الدرامي الضخم، والذي يُعتبر بجزئيه الأول والثاني أكبروأضخم عمل فني في تاريخ فلسطين وتاريخ الصراع العربي (الصهيوني) حيث لم يسبقنا أحد إلى إنجازعمل يضاهي مسلسل الفدائي،
شاهدنا المسلسل بجزئيه وكل جزء ثلاثون حلقة كاملة ومدة كل حلقة كمدة أي حلقة من مسلسل عربي يُشاهدعلى الشاشات.
وشاهدنا كذلك عمليات السطو التي تمارسها العصابات والمنظمات الصهيونية وسرقة الأراضي والبيوت والمحال التجارية التي يملكها الفلسطينيون وطردهم منها وإتباع أساليب النصب والإحتيال واسيخدام القوة المسلحة، وأظهر المسلسل المحاولات المستمرة من قبل الجماعات الصهيونية في تهويد المقدسات الاسلامية وحرمان المسلمين من آداء فرائضهم وشعائرهم فيها، كما شاهدنا أن هذا الكيان الصهيوني هو بالأساس قائم على العنصرية والتزوير حيث أنهم عكفوا على سرقة تراثنا الفلسطيني وملابسنا وأكلاتنا الشعبية ونسبوها إليهم، وأظهر للمتابعين مدى الفساد والإنحطاط الأخلاقي والكراهية التي تسود المجتمع (الصهيوني) وحجم الطمع والجشع الذي يملأ قلوبهم، وأظهر الصراع الذي يدور بين هذه الجماعات والعصابات من اجل المال ! وفي الجهة المقابلة نلاحظ أن مسلسل الفدائي قد أشار إلى مدى الترابط والتكاتف في المجتمع الفلسطيني، وكيف يعيش المواطنون كعائلة واحدة، وكذلك تشبث الفلسطيني بأرضه واستعداده للموت في سبيل ذلك. وتسليط الضوء على تصرف أهل الحارة مع اُسرة العميل وأن هذه الاسرة ليس لها أي ذنب فيما اقترفه رب الأسرة. وكشف محاولات الشاباك أبتزاز أحد الشبان كي يوافق على التخابر معهم وإلا يقوموا بفضحه عند اسرته وعائلته وحارته، وقد وجْهناالشباب من خلال تصرف الممثل ألا يقعوا في وحل العمالة وإمكانية التسامح بأي قضية إلا العمالة.
س :شاهدنا في عدة أحداث أنكم تعودون إلى مرحلة واقعية عن ما يعانيه الأسير الفلسطيني .. ج: نعم كان هناك ضرورة ملحة استدعت أن نسلِط الضوء، وندق ناقوس الخطر ، وننبه إلى معاناة الأسرى داخل السجون والمعتقلات، فلدينا عشرة آلاف أسير يقبعون خلف القضبان ويعانون الأمرين فكان لزاماً علينا أن نعرض قضيتهم بكل تفاصيلها ونظهرها للعالم الذي لا يعرف عنهم شيئا. .
س: ماهي أهم المصاعب التي كانت تواجهك أ ثناء تصوير مشاهد دورك.
ج: بالنسبة لي وجدت حيرة كبيرة جداً في التعُرف على شخصية نضال الريحاني ودراستها من جميع جوانبها والبحث فيها، فهي ليست بالشخصية السهلة أوالبسيطة فكما تعرفون هو بطل المسلسل ويقع عليه حمل وعبئ ثقيل جداً لأن أي خطأ أو تهاون قد يؤدي إلى نتائج عكسية فعكفتُ على دراسة الشخصية وتقمصِها واحتلالها والدخول فيها ما يقارب الشهر، فكانت الصعوبة والحيرة في مزايا هذه الشخصية وأبعادها فأنا لم أكن اسيراً قبل ذلك ولم أكن مطارداً أو فدائياً فكان عليََ أن أبحث جيداً في سمات هذه الشخصيات ومحاكاتها ومن ثم ترجمتها إلى أقوال وأفعال وحركات، وهذا الأمرلاينطبق على وليد فقط بل على أغلب الممثلين في العالم.
س: هل استطعت الخروج من شخصية نضال ..أي هل واجهت صعوبة في الخروج منها . ج : انا لا أعشق فلسطين، ..أنا متيَم بها.. أنا لاجئ من قرية الجورة قضاء مدينة المجدل عندما أقف على شاطئ بحرغزة عند الحدود الشمالية للقطاع أرى بلدتي الأصلية قرية الجورة كباقي القرى تملأ قلبي الحسرة والألم، كما كان جدي الذي هجًرته العصابات الصهيونية منها قصراً ورغماً عنه، كان جدي فلاحاً في الجورة وصياد سمك وقد ورثت عنه حب الأرض والزرع وحب البحر .. فلسطين هي البطن الثاني الذي أنجبني لا أتخيل حياتي بدونها وصدقاً اقول : لو لم أكن فلسطينياً لتمنيًت أن أكون فلسطينياً ، عرض عليً الكثير من الأصدقاء السفر إلى الخارج وشق طريقي الفني لكن رفضت ذلك، فأرضنا خصبة جداً بالقضايا والهموم وهي بحاجة ماسًة لي ولغيري من الفنانين .. قد أسافر يوماً لكني ساعود من جديد من حيث بدأت من فلسطين. س: ماالذي أغراك في مسلسل الفدائي. ج: الذي أغراني في مسلسل الفدائي أنه يتحدث عن معاناة شعبي وهمومه وآلامه، وكذلك معاناة الأسرى، فهذا شرف أن أكون سفيراً لوطني أنقل قضاياه للعالم أجمع وأفضح جرائم العدو بحقنا نحن الشعب الفلسطيني، فالفن وسيلة فعَالة وشكل من أشكالالمقاومة، كذلك حجم الدور وقوته يُغري أي فنان لقبوله دون تردد.
س: حدثنا عن الفدائي الذي كان حاضراً فيك وفي آدائك . س: كم كان تجسيدك عامل مساعد في تجسيد واقع أنت تعيشه، ومتعايش معه وهل إستفدت منه في التمثيل على أرض الواقع وليس باستديوهات. ج : استفدت خبرة كبيرة من خلال تمثيلي للدوروإستفدت إهتمام الجمهور الذي كان يثير حماسي للعمل وخاصة عندما كنت أراهم ينتظرون الجزء الثاني بشوق لا نظير له، ومن الفوائد أيضاً الإطلاع أكترعلى حياة المقاوم بكل تفاصيلها. س: لوحظ في الجزء الأول أن غزة لم تكن حاضرة ..وكان هناك إفراد مساحة لأحداث مدينة الخليل والأسرى، وفي الجزء الثاني تم الربط بين الخليل وغزة. كيف حصل ذلك؟
ج: في الجزء الأول صحيح كانت الأحداث كلها في الخليل والضفة، لأن مسلسل (الروح) في العام 2014 كان قد تكلًم عن العدوان على غزة وعن الحصار بشكل كبير، ففي العام الذي تلاه جاء مسلسل (الفدائي) وقد اُفردت فيه مساحة واسعة لمدينة الخليل فهي من أكثر مدن الضفة معاناة وتمثل ذلك في سرقة الأرض والبيوت والمحال والإستيطان وتقطيع أوصال المدينة، فالوضع في الخليل خطير جداً، ولا يمكن السكوت عليه أبداً فكان لزاماً علينا أن نعرض صوراً من المعاناة بعجالة، دون التقليل من شأن باقي مدننا الفلسطينية فلكل واحدة منها حكاية ، اما الجزء الثاني فكان من الضرورة أن نُرجع أحداث غزة إلى الواجهة ونتعرض للحرب الاخيرةـ ونسطر بطولات المقاومين فيها ونُظهر مدي الترابط بين الدم الفلسطيني الواحد في غزة والضفةالغربية.
أيضا كان هناك ثمانية عشرة شخصية تنكُرية تسع شخصيات لي وتسعة لزميلي فكان هذا الأمر يحتاج إلى توفر أنواع معينة من الماسكات والوجوه لتساعدنا على التنكر وكانت غير متوفرة فاضطررنا لأن نجعل الأمر يسير بأقل الإمكانيات الموجودة وخروج الشخصية بالشكل السليم.
ج : أصبح للفنان الفلسطيني مكانة وكيان وله الإحترام من الجميع وأثبت أن باستطاعته المنافسة فنياً على المستوى العربي، وبتصوراتي جاء ذلك بعد مسلسل الفدائي بجزئيه الاول والثاني، الملايين من المشاهدين في فلسطين والعالم كانوا ينتظرون موعد الحلقة بشغف، ويتمنوْن منا المزيد، وبالتأكيد هذا الشيئ يزيد من العبئ والمسؤولية الملقاة على عاتقنا، عملنا لسنوات في المسرح دون أن يشعر أحد بما نقدم غير جمهور المسرح ،فجاء التلفازالمقاوم المتمثل بقناة الاقصى وقدمنا للعالم فأصبحنا تحت المجهروالأضواء، وباتت كل كلمة وكل فعلِ وحركة محسوبة علينا أمام العامة وهذا ماجعل المسؤولية اأكبر، أصبحنا بفضل الله معروفين على الصعيدين المحلي والعربي، وقُدمنا في لقاءات على فضائيات عربية ومحلية، واكتسبنا جمهوراً واسعاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومن الأمور التي أثرت بشكل كبير في نفسي أنني قابلت أشخاصاً يعانون من إعاقة في النطق والسمع تفاجأت بحديثهم عن المسلسل من خلال الإشارات . س: لم يكن الطريق ممهداً لكم بالورود، ومع هذا عملتم بأقل الإمكانات، هل أنت راضٍ عن ذلك وعن دورك؟
ج: لقد بٌذلت جهود كبيرة جداً لإنجاز هذا العمل الذي استغرق ما يزيد عن العام لإنجازه، وصلنا الليل بالنهار حتى استطعنا تجهيزه، وكثيرٌ منا لم يرى زوجته وأبناءه لفترة طويلة، ومنا من اُصيب واُ دخل المشفى، لكن في النهاية كتب لهذا العمل النور والنجاح ، س: كلمة الفن لها وقع عجيب على الفنان، أسألك عن رأيك في التجربة الفنية في فلسطين.
ج : كانت نظرة المجتمع للفن والفنان نظرة غريبة بعض الشيئ، ويعود ذلك لما يشاهده الناس من أفلام ومسلسلات هابطة لا ترقى إلى مستوى المشاهدة الأسرية، لأننا كمجتمع فلسطيني محافظ لم نكن منفتحين بالقدر المعقول على الفن والدراما فكان البعض يعتبرذلك ضرياً من الملهيات و مضيعة الوقت، وأن هناك أموراً أهم من ذلك، ولكن مع إنتشارالفن الملتزم ودراما المقاومة والافلام الوطنية بدأت تتغير نظرة الناس صورة كبيرة وسريعةجداً، ولم تعد النظرة السابقة لها مكان، وحلً مكانها إعجاب الناس وثناءهم وتقديرهم لما نقدمه ونعرضهُ، وكذاك على صعيد العنصر النسائي أصبح هناك قبولاً لتمثيل المرأة وخروجها على الشاشة ضمن ضوابط معينة، وكتجربة فنية حديثة أستطيع القول أننا وضعنا حجر الأساس وسرنا على أرضية صلبة، متجاوزين الصعوبات والمعوقات .
حقيقةً مسلسل الفدائي مدرسة تعلمنا منها الكثيروعلى كل المستويات العسكرية والأمنيةالإجتماعية.
ج: هذا الموقف نادراً ما تحدثتُ عنه، هههههه ..كيف وصلكم
س: هل عرض عليك عمل بعد مسلسل الفدائي
المصدر : جنوبيات |